فهرس الكتاب

إرشاد الساري - باب قوله: {لا تدخلوا بيوت النبي إلا أن يؤذن لكم إلى طعام غير ناظرين إناه ولكن إذا دعيتم فادخلوا فإذا طعمتم فانتشروا ولا مستأنسين لحديث إن ذلكم كان يؤذي النبي فيستحيي منكم والله لا يستحيي من الحق وإذا سألتموهن متاعا فاسألوهن من وراء حجاب ذلكم أطهر لقلوبكم وقلوبهن وما كان لكم أن تؤذوا رسول الله ولا أن تنكحوا أزواجه من بعده أبدا إن ذلكم كان عند الله عظيما} [الأحزاب: 53] "

باب قَوْلِهِ:
{لَا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلَّا أَنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ إِلَى طَعَامٍ غَيْرَ نَاظِرِينَ إِنَاهُ وَلَكِنْ إِذَا دُعِيتُمْ فَادْخُلُوا فَإِذَا طَعِمْتُمْ فَانْتَشِرُوا وَلَا مُسْتَأْنِسِينَ لِحَدِيثٍ إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ يُؤْذِي النَّبِيَّ فَيَسْتَحْيِي مِنْكُمْ وَاللَّهُ لَا يَسْتَحْيِي مِنَ الْحَقِّ وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ وَمَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تُؤْذُوا رَسُولَ اللَّهِ وَلَا أَنْ تَنْكِحُوا أَزْوَاجَهُ مِنْ بَعْدِهِ أَبَدًا إِنَّ
ذَلِكُمْ كَانَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمًا} يُقَالُ إِنَاهُ: إِدْرَاكُهُ أَنَى يَأْنِى أَنَاةً.
{لَعَلَّ السَّاعَةَ تَكُونُ قَرِيبًا} إِذَا وَصَفْتَ صِفَةَ الْمُؤَنَّثِ قُلْتَ قَرِيبَةً، وَإِذَا جَعَلْتَهُ ظَرْفًا وَبَدَلًا وَلَمْ تُرِدِ الصِّفَةَ نَزَعْتَ الْهَاءَ مِنَ الْمُؤَنَّثِ، وَكَذَلِكَ لَفْظُهَا فِي الْوَاحِدِ وَالاِثْنَيْنِ وَالْجَمِيعِ لِلذَّكَرِ وَالأُنْثَى.

هذا ( باب) بالتنوين يذكر فيه ( قوله: {لا تدخلوا بيوت النبي إلا أن يؤذن لكم}) أي إلا مصحوبين بالإذن فهي في موضع الحال أو إلا بسبب الإذن لكم فأسقط باء السبب وقال القاضي كالزمخشري إلا وقت أن يؤذن لكم ورده أبو حيان بأن النحاة نصوا على أن المصدرية لا تقع موقع الظرف لا يجوز آتيك أن يصيح الديك وإن جاز ذلك في المصدر الصريح نحو آتيك صياح الديك ( {إلى طعام}) متعلق بيؤذن لأنه بمعنى إلا أن تدعوا إلى طعام ( {غير ناظرين إناه}) نصب على الحال فعند الزمخشري العامل فيه يؤذن وعند غيره مقدر أي ادخلوا غير ناظرين إدراكه أو وقت نضجه والمعنى لا ترقبوا الطعام ذا طبخ حتى إذا قارب الاستواء تعرضتم للدخول فإن هذا مما يكرهه الله ويذمه قال ابن كثير وهذا دليل على تحريم التطفيل وقد صنف الخطيب البغدادي كتابًا في ذم الطفيليين ذكر فيه من أخبارهم ما يطول إيراده وأمال حمزة والكسائي أناه لأنه مصدر أنى الطعام إذا أدرك ( {ولكن إذا دعيتم فادخلوا فإذا طعمتم فانتشروا}) تفرقوا واخرجوا من منزله ولا تمكثوا والآية إما تقديم أي لا تدخلوا إلى طعام إلا أن يؤذن لكم أولًا والثاني أولى لأن الأصل عدم التقديم وحينئذ فالإذن مشروط بكونه إلى طعام فلو أذن لأحد أن يدخل بيوته لغير الطعام أو لبث بعد الطعام لحاجة لا يجوز لكنا نقول الآية خطاب لقوم كانوا يتحينون طعام رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فيدخلون ويقعدون منتظرين لإدراكه فهي مخصوصة بهم وبأمثالهم فيجوز ولا يشترط التصريح بالإذن بل يكفي العلم بالرضا كما يشعر به قوله إلا أن يؤذن لكم حيث لم يبين الفاعل مع قوله أو صديقكم ( {ولا مستأنسين لحديث}) نصب عطفًا على غير أي لا تدخلوها غير ناظرين ولا مستأنسين أو حال مقدرة أي لا تدخلوا هاجمين ولا مستأنسين أو جر عطفًا على ناظرين أي غير ناظرين وغير مستأنسين واللام في لحديث للعلة أي لأجل أن يحدث بعضكم بعضًا والمعنى ولا طالبين الأنس للحديث وكانوا يجلسون بعد الطعام يتحدثون طويلًا فنهوا عنه ( {إن ذلكم}) الانتظار والاستئناس ( {كان يؤذي النبي}) لتضييق المنزل عليه وعلى أهله وإشغاله فيما لا يعنيه ( {فيستحيي منكم}) أي من إخراجكم فهو من تقدير المضاف بدليل قوله: ( {والله لا يستحيي من الحق}) أي أن إخراجكم حق فينبغي أن لا يترك حياء ولهذا نهاكم وزجركم عنه قال في الكشاف وهذا أدب أدّب الله به الثقلاء وقال السمرقندي في الآية حفظ الأدب وتعليم الرجل إذا كان ضيفًا لا يجعل نفسه ثقيلًا بل إذا كل ينبغي أن يخرج ( {وإذا سألتموهن متاعًا}) حاجة ( فاسألوهن) المتاع ( {من وراء حجاب}) أي ستر ( {ذلكم}) أي الذي شرعته لكم من الحجاب ( {أطهر لقلوبكم وقلوبهن}) من الريب لأن العين روزنة القلب فإذا لم تر العين لا يشتهي القلب فهو عند عدم الرؤية أطهر وعدم الفتنة حينئذٍ أظهر وهذه آية الحجاب وهي مما وافق تنزيلها قول عمر كما سيأتي قريبًا إن شاء الله تعالى ( {وما كان لكم}) وما صح لكم ( {أن تؤذوا رسول الله}) أن
تفعلوا شيئًا يكرهه ( {ولا أن تنكحوا أزواجه من بعده أبدًا}) [الأحزاب: 53] بعد وفاته أو فراقه تعظيمًا له وإيجابًا لحرمته.

وفي حديث عكرمة عن ابن عباس مما رواه ابن أبي حاتم أن الآية نزلت في رجل همّ أن يتزوج بعض نساء النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بعده قال رجل لسفيان: أهي عائشة؟ قال قد ذكروا ذاك، وكذا قال مقاتل وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم، وذكر بسنده عن السدي أن الذي عزم على ذلك طلحة بن عبيد الله -رضي الله عنه- حتى نزل التنبيه على تحريم ذلك ( {إن ذلكم}) أي إيذاءه ونكاح نسائه ( {كان عند الله}) ذنبًا ( {عظيمًا}) وسقط لأبي ذر قوله: غير ناظرين إناه الخ وقال بعد قوله: ( إلى طعام) إلى قوله: ( إن ذلكم كان عند الله عظيمًا يقال إناه) قال أبو عبيدة أي ( إدراكه) وبلوغه ويقال ( أنى) بفتح الهمزة والنون ( يأنى) بسكون الهمزة وفتح النون ( أناة) بفتح الهمزة والنون من غير همز آخره هاء تأنيث مقصور ولابن عساكر إناء بهمزة من غير هاء تأنيث وزاد أبو ذر: فهو آن.

( {لعل الساعة تكون قريبًا}) [الأحزاب: 63] القياس أن يقول قريبة بالتاء وأجاب المؤلّف عنه بأنك ( إذا وصفت صفة المؤنث قلت قريبة) بالتاء ( وإذا جعلته ظرفًا) قال الكرماني: أي اسمًا زمانيًا وعبارة أبي عبيدة مجازه مجاز الظرف ( وبدلًا) أي عن الصفة يعني جعلته اسمًا مكان الصفة ( ولم ترد الصفة نزعت الهاء من المؤنث) فقلت قريبًا ( وكذلك لفظها) أي لفظ الكلمة المذكورة إذا لم ترد الصفة يستوي ( في) لفظها ( الواحد والاثنين والجميع للذكر والأنثى) بغير هاء وبغير جمع وبغير تثنية.
وقال في الدر الظاهر أن لعل تعلق ما يعلق التمني وقريبًا خبر كان على حذف موصوف أي شيئًا قريبًا وقيل التقدير قيام الساعة فروعيت الساعة في تأنيث تكون وروعي المضاف المحذوف في تذكير قريبًا، وقيل قريبًا أكثر استعماله استعمال الظروف فهو هنا ظرف في موضع الخبر وسقط لأبوي ذر والوقت وابن عساكر لفظ الواحد وقال العيني كابن حجر وسقط لغير أبي ذر والنسفيّ قوله: لعل الساعة الخ وصوب لأنه ساقه في غير محله لتقديمه على الأحاديث المسوقة في معنى قوله لا تدخلوا بيوت النبي إلى آخرها.


[ قــ :4530 ... غــ : 4790 ]
- حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ عَنْ يَحْيَى عَنْ حُمَيْدٍ عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: قَالَ عُمَرُ -رضي الله عنه-:.

قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ يَدْخُلُ عَلَيْكَ الْبَرُّ وَالْفَاجِرُ، فَلَوْ أَمَرْتَ أُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ بِالْحِجَابِ.
فَأَنْزَلَ اللَّهُ آيَةَ الْحِجَابِ.

وبه قال: ( حدّثنا مسدد) هو ابن مسرهد ( عن يحيى) هو ابن سعيد القطان ولأبي ذر حدّثنا يحيى ( عن حميد) الطويل ( عن أنس) -رضي الله عنه- أنه ( قال: قال عمر) بن الخطاب ( -رضي الله عنه-: قلت: يا رسول الله يدخل عليك) في بيوتك ( البر والفاجر) هو الفاسق وهو مقابل البر ( فلو أمرت أمهات المؤمنين بالحجاب فأنزل الله) تعالى ( آية الحجاب}) وهذا طرف من حديث ذكره في باب ما جاء في القبلة من كتاب الصلاة وسورة البقرة أوله: وافقت ربي في ثلاث وقد تحصل من
جملة الأخبار لعمر من الموافقات خمسة عشر تسع لفظيات وأربع معنويات واثنتان في التوراة فأما اللفظيات فمقام إبراهيم حيث قال: يا رسول الله لو اتخذت من مقام إبراهيم مصلى، فنزلت والحجاب وأسارى بدر حيث شاوره -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فيهم فقال: يا رسول الله هؤلاء أئمة الكفر فاضرب أعناقهم فهوى رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ما قاله الصديق من إطلاقهم وأخذ الفداء فنزلت {ما كان لنبي أن يكون له أسرى} [الأنفال: 67] رواه مسلم وغيره وقوله لأمهات المؤمنين: لتكففن عن رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أو ليبدلنه الله أزواجًا خيرًا منكنّ فنزلت أخرجه أبو حاتم وغيره، وقوله لما اعتزل عليه الصلاة والسلام نساءه في المشربة يا رسول الله: إن كنت طلقت نساءك فإن الله عز وجل معك وجبريل وأنا وأبو بكر والمؤمنون فأنزل الله {وإن تظاهرا عليه} الآية، وأخذه بثوب النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لما قام يصلّي على عبد الله بن أبي ومنعه من الصلاة عليه فأنزل الله {ولا تصل على أحد منهم مات أبدًا} [التوبة: 84] أخرجاه ولما نزل {إن تستغفر لهم سبعين مرة فلن يغفر الله لهم} قال عليه الصلاة والسلام: فلأزيدن على السبعين فأخذ في الاستغفار لهم فقال عمر: يا رسول الله والله لا يغفر الله لهم أبدًا استغفرت لهم أم لم تستغفر لهم، فنزلت {سواء عليهم أستغفرت لهم أم لم تستغفر لهم لن يغفر الله لهم} أخرجه في الفضائل ولما نزل قوله تعالى: {ولقد خلقنا الإنسان من سلالة من طين} إلى قوله: {أنشأناه خلقًا آخر} قال عمر: تبارك الله أحسن الخالقين رواه الواحدي في أسباب النزول.

وفي رواية فقال النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: تزيد في القرآن يا عمر فنزل جبريل بها وقال إنها تمام الآية خرجها السجاوندي في تفسيره، ولما استشاره عليه الصلاة والسلام في عائشة حين قال لها أهل الإفك ما قالوا فقال عمر: يا رسول الله من زوجكها.
قال الله تعالى، قال: أفتظن أن ربك دلس عليك فيها {سبحانك هذا بهتان عظيم} فأنزلها الله تعالى ذكره صاحب الرياض عن رجل من الأنصار.

وأما المعنويات فروى ابن السمان في الموافقة أن عمر قال لليهود: أنشدكم بالله هل تجدون وصف محمد -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- في كتابكم؟ قالوا: نعم.
قال: فما يمنعكم من اتباعه؟ قالوا: إن الله لم يبعث رسولًا إلا كان له من الملائكة كفيل وإن جبريل هو الذي يكفل محمدًا وهو عدوّنا من الملائكة وميكائيل سلمنا فلو كان هو الذي يأتيه لاتبعناه قال عمر فإني أشهد أنه ما كان ميكائيل ليعادي سلم جبريل وما كان جبريل ليسالم عدوّ ميكائيل فنزل {قل من كان عدوًا لجبريل} إلى قوله: {عدوّ للكافرين} [البقرة: 97] .

وعند القلعي أن عمر كان حريصًا على تحريم الخمر وكان يقول: اللهم بين لنا في الخمر فإنها تذهب المال والعقل فنزل {يسألونك عن الخمر والميسر} [البقرة: 219] الآية.
فتلاها عليه عليه الصلاة والسلام فلم ير فيها بيانًا فقال: اللهم بين لنا فيها بيانًا شافيًا فنزل {يا أيها الذين آمنوا لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى} [النساء: 43] فتلاها عليه، عليه الصلاة والسلام فلم ير
فيها بيانًا شافيًا فقال: اللهم بيّن لنا في الخمر بيانًا شافيًا فنزل {يا أيها الذين آمنوا إنما الخمر والميسر} [المائدة: 90] الآية.
فتلاها عليه عليه الصلاة والسلام فقال عمر عند ذلك: انتهينا يا رب انتهينا، وذكر الواحدي إنها نزلت في عمر ومعاذ ونفر من الأنصار، وعن ابن عباس أنه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أرسل غلامًا من الأنصار إلى عمر بن الخطاب وقت الظهيرة ليدعوه فدخل فرأى عمر على حالة كره عمر رؤيته عليها فقال: يا رسول الله وددت لو أن الله أمرنا ونهانا في حال الاستئذان فنزلت {يا أيها الذين آمنوا ليستأذنكم الذين ملكت أيمانكم} [النور: 58] الآية رواه أبو الفرج وصاحب الفضائل، وقال بعد قوله: فدخل عليه وكان نائمًا وقد انكشف بعض جسده فقال: اللهم حرم الدخول علينا في وقت نومنا فنزلت ولما نزل قوله تعالى: {ثلة من الأوّلين وقليل من الآخرين} [الواقعة: 13] بكى عمر وقال: يا رسول الله وقليل من الآخرين آمنا برسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وصدقناه ومن ينجو منا قليل، فأنزل الله تعالى: {ثلة من الأوّلين وثلة من الآخرين} [الواقعة: 39، 40] فدعاه رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، وقال قد أنزل الله فيما قلت.

وأما موافقته لما في التوراة فعن طارق بن شهاب جاء رجل يهودي إلى عمر بن الخطاب فقال: أرأيت قوله تعالى: {وسارعوا إلى مغفرة من رَبكُم وجنة عرضها السماوات والأرض أعدّت للمتقين} [آل عمران: 133] فأين النار؟ فقال لأصحاب النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: أجيبوه فلم يكن عندهم منها شيء فقال عمر: أرأيت النهار إذا جاء أليس يملأ السماوات والأرض؟ قال: بلى.
قال: فأين الليل؟ قال: حيث شاء الله عز وجل.
قال عمر: فالنار حيث شاء الله عز وجل.
قال اليهودي: والذي نفسك بيده يا أمير المؤمنين إنها لفي كتاب الله المنزل كما قلت أخرجه الخلعي وابن السمان في الموافقة.
وروي أن كعب الأحبار قال يومًا عند عمر بن الخطاب: ويل لملك الأرض من ملك السماء.
فقال عمر: إلا من حاسب نفسه، فقال كعب: والذي نفسي بيده إنها لتابعتها في كتاب الله عز وجل فخرّ عمر ساجدًا لله.
اهـ.

ملخصًا من مناقب عمر من الرياض وزاد بعضهم آية الصيام في حل الرفث {ونساؤكم حرث لكم} [البقرة: 223] و {لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم} [النساء: 65] إذ أفتى بقتل ونسخ الرسم لآية قد نزلت في الرجم وفي الأذان.




[ قــ :4531 ... غــ : 4791 ]
- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الرَّقَاشِيُّ، حَدَّثَنَا مُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبِي يَقُولُ، حَدَّثَنَا أَبُو مِجْلَزٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ -رضي الله عنه- قَالَ: لَمَّا تَزَوَّجَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- زَيْنَبَ ابْنَةَ جَحْشٍ، دَعَا الْقَوْمَ فَطَعِمُوا ثُمَّ جَلَسُوا يَتَحَدَّثُونَ، وَإِذَا هُوَ كَأَنَّهُ يَتَهَيَّأُ لِلْقِيَامِ، فَلَمْ يَقُومُوا، فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ قَامَ، فَلَمَّا قَامَ قَامَ مَنْ قَامَ وَقَعَدَ ثَلاَثَةُ نَفَرٍ، فَجَاءَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لِيَدْخُلَ فَإِذَا الْقَوْمُ جُلُوسٌ، ثُمَّ إِنَّهُمْ قَامُوا، فَانْطَلَقْتُ فَجِئْتُ فَأَخْبَرْتُ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنَّهُمْ قَدِ انْطَلَقُوا فَجَاءَ حَتَّى دَخَلَ، فَذَهَبْتُ أَدْخُلُ فَأَلْقَى الْحِجَابَ بَيْنِي وَبَيْنَهُ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ}
[الأحزاب: 53] الآيَةَ.
[الحديث 4791 - أطرافه في: 479، 4793، 4794، 5154، 5163، 5166، 5168، 5170، 5171، 5466، 68، 69، 671، 741] .

وبه قال: ( حدّثنا محمد بن عبد الله الرقاشي) بفتح الراء والقاف المشدّدة وبعد الألف معجمة فتحتية نسبة لرقاش بنت ضبيعة قال: ( حدّثنا معتمر بن سليمان قال سمعت أبي) سليمان بن طرخان ( يقول: حدّثنا أبو مجلز) بكسر الميم وسكون الجيم وبعد اللام المفتوحة زاي لاحق بن حميد ( عن أنس بن مالك رضي الله عنه) أنه ( قال: لما تزوج رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- زينب ابنة جحش) سنة ثلاث أو خمس أو غير ذلك ولأبي ذر بنت بإسقاط الألف ( دعا القوم فطعموا ثم جلسوا يتحدثون) فأطالوا الجلوس ( وإذا هو) عليه الصلاة والسلام ( كأنه يتهيّأ للقيام) ليفطنوا لمراده فيقوموا لقيامه ( فلم يقوموا) وكان عليه الصلاة والسلام يستحي أن يقول لهم قوموا ( فلما رأى ذلك قام) لكي يقوموا ويخرجوا ( فلما قام من قام وقعد ثلاثة نفر) لم يسموا يتحدثون في البيت وخرج عليه الصلاة والسلام ( فجاء النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ليدخل) على زينب ( فإذا القوم جلوس) في بيتها فرجع عليه الصلاة والسلام ( ثم أنهم قاموا) فخرجوا ( فانطلقت فجئت فأخبرت النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أنهم قد انطلقوا فجاء) عليه الصلاة والسلام ( حتى دخل فذهبت أدخل فألقى الحجاب) أي الستر ( بيني وبينه فأنزل الله) تعالى ( { يا أيها الذين آمنوا لا تدخلوا بيوت النبي} الآية) [الأحزاب: 53] بعد خروج القوم.




[ قــ :453 ... غــ : 479 ]
- حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ أَبِي قِلاَبَةَ، قَالَ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ: أَنَا أَعْلَمُ النَّاسِ بِهَذِهِ الآيَةِ آيَةِ الْحِجَابِ: لَمَّا أُهْدِيَتْ زَيْنَبُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَانَتْ مَعَهُ فِي الْبَيْتِ، صَنَعَ طَعَامًا وَدَعَا الْقَوْمَ، فَقَعَدُوا يَتَحَدَّثُونَ، فَجَعَلَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَخْرُجُ ثُمَّ يَرْجِعُ، وَهُمْ قُعُودٌ يَتَحَدَّثُونَ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلاَّ أَنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ إِلَى طَعَامٍ غَيْرَ نَاظِرِينَ إِنَاهُ} -إِلَى قَوْلِهِ- { مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ} فَضُرِبَ الْحِجَابُ، وَقَامَ الْقَوْمُ.

وبه قال: ( حدّثنا سليمان بن حرب) الواشحي قاضي مكة قال: ( حدّثنا حماد بن زيد) اسم جده درهم ( عن أيوب) السختياني ( عن أبي قلابة) بكسر القاف عبد الله الجرمي أنه قال: ( قال أنس بن مالك) -رضي الله عنه- ( أنا أعلم الناس بهذه الآية آية الحجاب) بخفض آية الحجاب بدلًا من سابقتها ( لما أهديت زينب بنت جحش -رضي الله عنها-) وزفت ( إلى رسول الله) ولأبي ذر إلى النبي ( -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) وسقط لغير أبي ذر بنت جحش -رضي الله عنها- ( كانت معه في البيت صنع طعامًا ودعا القوم فقعد ويتحدثون) بعد أن أكلوا ( فجعل النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يخرج) لكي يخرجوا ( ثم يرجع) لبيت زينب ( وهم قعود يتحدثون فأنزل الله تعالى) قبل خروجهم ( { يا أيها الذين آمنوا لا تدخلوا بيوت النبي إلا أن يؤذن لكم إلى طعام غير ناظرين إناه} -إلى قوله- { من وراء حجاب} ) وسقط لأبي ذر { إلى
طعام غير ناظرين إناه}
( فضرب الحجاب) بضم الضاد مبنيًّا للمفعول ( وقام القوم) .




[ قــ :4533 ... غــ : 4793 ]
- حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ صُهَيْبٍ عَنْ أَنَسٍ -رضي الله عنه- قَالَ: بُنِيَ عَلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِزَيْنَبَ ابْنَةِ جَحْشٍ بِخُبْزٍ وَلَحْمٍ، فَأُرْسِلْتُ عَلَى الطَّعَامِ دَاعِيًا فَيَجِيءُ قَوْمٌ فَيَأْكُلُونَ وَيَخْرُجُونَ ثُمَّ يَجِيءُ قَوْمٌ فَيَأْكُلُونَ وَيَخْرُجُونَ، فَدَعَوْتُ حَتَّى مَا أَجِدُ أَحَدًا أَدْعُو، فَقُلْتُ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ مَا أَجِدُ أَحَدًا أَدْعُوهُ، قَالَ: ارْفَعُوا طَعَامَكُمْ وَبَقِيَ ثَلاَثَةُ رَهْطٍ يَتَحَدَّثُونَ فِي الْبَيْتِ، فَخَرَجَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَانْطَلَقَ إِلَى حُجْرَةِ عَائِشَةَ فَقَالَ: «السَّلاَمُ عَلَيْكُمْ، أَهْلَ الْبَيْتِ وَرَحْمَةُ اللَّهِ».
فَقَالَتْ: وَعَلَيْكَ السَّلاَمُ وَرَحْمَةُ اللَّهِ، كَيْفَ وَجَدْتَ أَهْلَكَ، بَارَكَ اللَّهُ لَكَ.
فَتَقَرَّى حُجَرَ نِسَائِهِ كُلِّهِنَّ، يَقُولُ لَهُنَّ كَمَا يَقُولُ لِعَائِشَةَ، وَيَقُلْنَ لَهُ كَمَا قَالَتْ عَائِشَةُ.
ثُمَّ رَجَعَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَإِذَا ثَلاَثَةُ رَهْطٍ فِي الْبَيْتِ يَتَحَدَّثُونَ وَكَانَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- شَدِيدَ الْحَيَاءِ فَخَرَجَ مُنْطَلِقًا نَحْوَ حُجْرَةِ عَائِشَةَ، فَمَا أَدْرِي آخْبَرْتُهُ أَوْ أُخْبِرَ أَنَّ الْقَوْمَ خَرَجُوا، فَرَجَعَ حَتَّى إِذَا وَضَعَ رِجْلَهُ فِي أُسْكُفَّةِ الْبَابِ دَاخِلَةً وَأُخْرَى خَارِجَةً أَرْخَى السِّتْرَ بَيْنِي وَبَيْنَهُ، وَأُنْزِلَتْ آيَةُ الْحِجَابِ.

وبه قال: (حدّثنا أبو معمر) بميمين مفتوحتين بينهما عين مهملة ساكنة عبد الله بن عمرو المقعد قال: (حدّثنا عبد الوارث) بن سعيد التنوري البصري قال: (حدّثنا عبد العزيز بن صهيب) البناني البصري (عن أنس -رضي الله عنه-) أنه (قال: بني) بضم الموحدة وكسر النون أي دخل (على النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بزينب ابنة) ولأبي ذر بنت (جحش بخبز ولحم فأرسلت) بضم الهمزة وكسر السين وسكون اللام مبنيًّا للمفعول أي أرسلني النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- (على الطعام) حال كوني (داعيًا) القوم للأكل منه (فيجيء قوم فيأكلون ويخرجون ثم يجيء قوم فيأكلون ويخرجون فدعوت) القوم (حتى ما أجد أحدًا أدعو) بحذف ضمير المفعول (فقلت: يا نبي الله ما أجد أحدًا أدعوه) بإثبات ضمير النصب ولأبوي ذر والوقت أدعو بحذفه (قال) عليه الصلاة والسلام ولابن عساكر فقال:
(ارفعوا طعامكم) ولأبي ذر والأصيلي فارفعوا بالفاء (وبقي ثلاثة رهط) لم يسموا (يتحدثون في البيت فخرج النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) ليخرجوا (فانطلق إلى حجرة عائشة) -رضي الله عنها- (فقال: السلام عليكم أهل البيت ورحمة الله) وفي نسخة أبي ذر: رحمت الله بالتاء المجرورة كالتالية (فقالت) عائشة (وعليك السلام) وسقط لأبي ذر السلام (ورحمة الله.
كيف وجدت أهلك) تريد زينب (بارك الله لك.
فتقرى) بفتح الفوقية والقاف والراء المشددة مقصورًا من غير همز أي تتبع (حجر نسائه كلهن) بالجر تأكيد لنسائه (يقول لهن كما يقول لعائشة ويقلن) ولأبي ذر فيقلن الله كما قالت عائشة) -رضي الله عنه- قالت عائشة:
(ثم رجع النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فإذا ثلاثة رهط في البيت يتحدثون وكان النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- شديد الحياء) ولذا لم يواجههم بالأمر بالخروج بل تشاغل بالسلام على أمهات المؤمنين ليفطنوا لمراده (فخرج منطلقًا نحو حجرة عائشة) ففطنوا لمراده فخرجوا (فما أدري آخبرته) بمد الهمزة في الفرع كأصله (أو أخبر)
بضم الهمزة مبنيًا للمفعول والشك من أنس (أن القوم خرجوا فرجع) عليه الصلاة والسلام (حتى إذا وضع رجله) الشريفة (في أسكفة الباب) بضم الهمزة وسكون المهملة وضم الكاف وتشديد الفاء مفتوحة العتبة التي يوطأ عليها (داخلة) وفي نسخة داخله بهاء الضمير للباب (وأخرى خارجة) ولأبي ذر والأخرى بالتعريف خارجة بضمير الباب (أرخى الستر بيني وبينه وأنزلت آية الحجاب) بعد قيام القوم.




[ قــ :4534 ... غــ : 4794 ]
- حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورٍ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بَكْرٍ السَّهْمِيُّ، حَدَّثَنَا حُمَيْدٌ عَنْ أَنَسٍ -رضي الله عنه- قَالَ: أَوْلَمَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حِينَ بَنَى بِزَيْنَبَ ابْنَةِ جَحْشٍ فَأَشْبَعَ النَّاسَ خُبْزًا وَلَحْمًا ثُمَّ خَرَجَ إِلَى حُجَرِ أُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ كَمَا كَانَ يَصْنَعُ صَبِيحَةَ بِنَائِهِ فَيُسَلِّمُ عَلَيْهِنَّ وَيَدْعُو لَهُنَّ، وَيُسَلِّمْنَ عَلَيْهِ وَيَدْعُونَ لَهُ.
فَلَمَّا رَجَعَ إِلَى بَيْتِهِ رَأَى رَجُلَيْنِ جَرَى بِهِمَا الْحَدِيثُ، فَلَمَّا رَآهُمَا رَجَعَ عَنْ بَيْتِهِ، فَلَمَّا رَأَى الرَّجُلاَنِ نَبِيَّ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- رَجَعَ عَنْ بَيْتِهِ وَثَبَا مُسْرِعَيْنِ، فَمَا أَدْرِي أَنَا أَخْبَرْتُهُ بِخُرُوجِهِمَا أَمْ أُخْبِرَ، فَرَجَعَ حَتَّى دَخَلَ الْبَيْتَ وَأَرْخَى السِّتْرَ بَيْنِي وَبَيْنَهُ، وَأُنْزِلَتْ آيَةُ الْحِجَابِ.

     وَقَالَ  ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ: أَخْبَرَنَا يَحْيَى، حَدَّثَنِي حُمَيْدٌ سَمِعَ أَنَسًا عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.

وبه قال: ( حدّثنا إسحاق بن منصور) المروزي قال: ( أخبرنا عبد الله بن بكر) بفتح الموحدة وسون الكاف ( السهمي) الباهلي البصري قال: ( حدّثنا حميد) الطويل ( عن أنس -رضي الله عنه-) أنه ( قال: أولم رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حين بنى بزينب ابنة) ولأبي ذر بنت ( جحش فأشبع الناس خبزًا ولحمًا ثم خرج) عليه الصلاة والسلام والقوم جالسون يتحدثون بعد أن أكلوا ( إلى حجر أمهات المؤمنين كما كان يصنع) عليه الصلاة والسلام ( صبيحة بنائه) أي صباحًا بعد ليلة الزفاف ( فيسلم عليهن ويدعو لهن ويسلمن عليه ويدعون له) ولأبي ذر فيسلم عليهن ويسلمن عليه ويدعو لهن ويدعون له ( فلما رجع إلى بيته رأى رجلين جرى بهما الحديث) في السابق فإذا ثلاثة.
وأجاب البرماوي كالكرماني بأن مفهوم العدد لا اعتبار له والمحادثة كانت بينهما والثالث ساكن، وقال في الفتح: كان أحد الثلاثة فطن لمراد الرسول فخرج وبقي الاثنان ( فلما رآهما رجع عن بيته فلما رأى الرجلان نبي الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- رجع عن بيته) وفهما مراده ( وثبا مسرعين) قال أنس: ( فما أدري أنا أخبرته بخروجهما أم أخبر فرجع) عليه الصلاة والسلام ( حتى دخل البيت وأرخى الستر بيني وبينه وأنزلت آية الحجاب) ظاهره كالسابق نزول الآية بعد قيام القوم إلا الثانية فقبله فأول بأنها نزلت حال قيامهم أي أنزلها الله وقد قاموا.

( وقال ابن أبي مريم) هو سعيد بن محمد بين الحكم بن أبي مريم المصري ولأبي ذر إبراهيم ابن أبي مريم شيخ المؤلّف وذكر إبراهيم غلط فاحش ( أخبرنا يحيى) بن أيوب الغافقي المصري قال: ( حدّثني) بالإفراد ( حميد) الطويل أنه ( سمع أنسًا) -رضي الله عنه- ( عن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) صرح حميد بالسماع من أنس فعنعنته غير مؤثرة.




[ قــ :4535 ... غــ : 4795 ]
- حَدَّثَنِي زَكَرِيَّا بْنُ يَحْيَى، حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ -رضي الله عنها- قَالَتْ خَرَجَتْ سَوْدَةُ بَعْدَ مَا ضُرِبَ الْحِجَابُ لِحَاجَتِهَا، وَكَانَتِ امْرَأَةً جَسِيمَةً لاَ تَخْفَى عَلَى مَنْ يَعْرِفُهَا، فَرَآهَا عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ فَقَالَ: يَا سَوْدَةُ أَمَا وَاللَّهِ مَا تَخْفَيْنَ عَلَيْنَا، فَانْظُرِي كَيْفَ تَخْرُجِينَ.
قَالَتْ: فَانْكَفَأَتْ رَاجِعَةً وَرَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي بَيْتِي، وَإِنَّهُ لَيَتَعَشَّى وَفِي يَدِهِ عَرْقٌ، فَدَخَلَتْ فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي خَرَجْتُ لِبَعْضِ حَاجَتِي، فَقَالَ لِي عُمَرُ كَذَا وَكَذَا: قَالَتْ: فَأَوْحَى اللَّهُ إِلَيْهِ، ثُمَّ رُفِعَ عَنْهُ وَإِنَّ الْعَرْقَ فِي يَدِهِ مَا وَضَعَهُ فَقَالَ: «إِنَّهُ قَدْ أُذِنَ لَكُنَّ أَنْ تَخْرُجْنَ لِحَاجَتِكُنَّ».

وبه قال: ( حدّثني) بالإفراد، ولأبي ذر: حدّثنا ( زكريا بن يحيى) بن صالح البلخي الحافظ قال: ( حدّثنا أبو أسامة) حماد بن أسامة ( عن هشام عن أبيه) عروة بن الزبير ( عن عائشة -رضي الله عنها-) أنها ( قالت: خرجت سودة) بنت زمعة أم المؤمنين -رضي الله عنها- ( بعد ما ضرب الحجاب لحاجتها) بضم الضاد المعجمة مبنيًّا للمفعول ( وكانت امرأة جسيمة لا تخفى على من يعرفها فرآها عمر بن الخطاب) -رضي الله عنه- ( فقال: يا سودة أما) بفتح الهمزة وتخفيف الميم وبعدها ألف حرف استفتاح ولأبي ذر أم بحذف الألف ( والله ما تخفين علينا فانظر كيف تخرجين) ولعله قصد المبالغة في احتجاب أمهات المؤمنين بحيث لا يبدين أشخاصهن أصلًا ولو كن مستترات ( قالت: فانكفأت) بالهمزة أي انقلبت حال كونها ( راجعة ورسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- في بيتي وأنه) بالواو ولأبي ذر فإنه ( ليتعشى وفي يده) ولأبوي ذر والوقت في يده بإسقاط الواو ( عرق) بفتح العين وسكون الراء ثم قاف العظم الذي عليه اللحم ( فدخلت فقالت: يا رسول الله إني خرجت لبعض حاجتي فقال لي عمر كذا وكذا قالت) : أي عائشة ( فأوحى الله إليه) ولأبي ذر فأوحي إليه بضم الهمزة مبنيًّا للمفعول ( ثم رفع عنه) ما كان فيه من الشدة بسبب نزول الوحّي ( وإن العرق) بفتح العين وسكون الراء ( في يده ما وضعه) والجملة حالية ( فقال: إنه) أي أن الشأن ( قد أذن) بضم الهمزة مبنيًّا للمفعول ( لكنّ أن تخرجن لحاجتكن) دفعًا للمشقة ورفعًا للحرج، وفيه تنبيه على أن المراد بالحجاب التستر حتى لا يبدو من جسدهن شيء لا حجب أشخاصهن في البيوت والمراد بالحاجة البراز كما وقع في الوضوء من تفسير هشام بن عروة وقال الكرماني وتبعه البرماوي فإن قلت: قال ها هنا أنه كان بعد ما ضرب الحجاب، وقال في كتاب الوضوء في باب خروج النساء إلى البراز أنه قبل الحجاب قلت لعله وقع مرتين اهـ.

ومراده أن خروج سودة للبراز وقول عمر لها ما ذكر وقع مرتين لا وقوع الحجاب، وقول الحافظ ابن حجر عقب جواب الكرماني، قلت: بل المراد بالحجاب الأول غير الحجاب الثاني وذكره العيني وأقره فيه نظر إذ ليس في الحديث ما يدل لذلك بل ولا أعلم أحدًا قال بتعدّد الحجاب.
نعم يحتمل أن يكون مراده الحجاب الثاني بالنظر لإرادة عمر -رضي الله عنه- أن يحتجبن في البيوت فلا يبدين أشخاصهن فوقع الإذن لهن في الخروج لحاجتهن دفعًا للمشقة كما صرح هو به في الفتح وليس المراد نزول الحجاب مرتين على نوعين، وأما قوله أيضًا تقدم في كتاب الطهارة
من طريق هشام بن عروة عن أبيه ما يخالف ظاهر رواية الزهري هذه عن عروة يعني رواية هذا الباب فليس كذلك فإن رواية هذا الباب إنما هي من طريق هشام بن عروة عن أبيه والسابقة المصرحة بالقبلية من طريق الزهري عن عروة فلعلّه سبق قلم.

ومطابقة الحديث للترجمة في قوله بعد ما ضرب الحجاب.