فهرس الكتاب

إرشاد الساري - باب ذكر العلم والفتيا في المسجد

باب ذِكْرِ الْعِلْمِ وَالْفُتْيَا فِي الْمَسْجِد
هذا ( باب) جواز ( ذكر العلم والفتيا في المسجد) وإن أدّت المباحثة في ذلك إلى رفع الصوت وسقط لفظ الباب للأصيلي.


[ قــ :132 ... غــ : 133 ]
- حَدَّثَنِي قُتَيْبَةُ قَالَ: حَدَّثَنَا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا نَافِعٌ مَوْلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّ رَجُلاً قَامَ فِي الْمَسْجِدِ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مِنْ أَيْنَ تَأْمُرُنَا أَنْ نُهِلَّ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «يُهِلُّ أَهْلُ الْمَدِينَةِ مِنْ ذِي الْحُلَيْفَةِ، وَيُهِلُّ أَهْلُ
الشَّأْمِ مِنَ الْجُحْفَةِ، وَيُهِلُّ أَهْلُ نَجْدٍ مِنْ قَرْنٍ».
.

     وَقَالَ  ابْنُ عُمَرَ: وَيَزْعُمُونَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «وَيُهِلُّ أَهْلُ الْيَمَنِ مِنْ يَلَمْلَمَ.
وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ يَقُولُ: لَمْ أَفْقَهْ هَذِهِ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.
[الحديث 133 - أطرافه في: 1522، 1525، 1527، 1528، 7344] .

وبالسند إلى المؤلف قال: ( حدّثنا) بالجمع وفي رواية المستملي حدّثني ( قتيبة) ولغير أبوي ذر والوقت وابن عساكر بن سعيد بكسر العين ( قال: حدَّثنا الليث بن سعد) إمام المصريين ( قال: حدّثنا نافع) هو ابن سرجس بفتح المهملة وسكون الراء وكسر الجيم آخره سين مهملة وهو ( مولى عبد الله بن عمر بن الخطاب) المتوفى بالمدينة سنة سبع عشرة ومائة وفي رواية ابن عساكر بإسقاط لفظة ابن الخطاب ( عن عبد الله بن عمر) بن الخطاب رضي الله عنهما.


( أن رجلاً قام في المسجد) النبوي ولم يعرف اسم الرجل ( فقال: يا رسول الله من أين تأمرنا أن نهل) ؟ أي بالإهلال وهو رفع الصوت بالتلبية في الحج والمراد به هنا الإحرام مع التلبية والسؤال عن موضع الإحرام وهو الميقات المكاني.
( فقال رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: يهل) بضم الياء أي يحرم ( أهل المدينة من ذي الحليفة) بضم المهملة وفتح اللام، ( ويهل أهل الشام من الجحفة) بضم الجيم وسكون المهملة، ( ويهل أهل نجد) وهو ما ارتفع من أرض تهامة إلى أرض العراق ( من قرن) بفتح القاف وسكون الراء وهو جبل مدوّر أملس كأنه هضبة مطل على عرفات، وقوله ويهل في الكل على صورة الخبر في الظاهر، والظاهر أن المراد منه الأمر فالتقدير ليهل.
( وقال ابن عمر) رضي الله عنهما بواو العطف على لفظ عن عبد الله بن عمر عطفًا من جهة المعنى كأنه قال: قال نافع، قال ابن عمر وسقط الواو للأصيلي وابن عساكر.
وقال: ( ويزعمون) عطف على مقدر وهو قال رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ذلك ولا بدّ من هذا التقدير لأن هذه الواو لا تدخل بين القول ومقوله ( أن رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال: ويهل أهل اليمن من يلملم) بفتح المثناة التحتية وفتح اللامين جبل من جبال تهامة على مرحلتين من مكة.

( وكان ابن عمر) رضي الله عنهما ( يقول لم أفقه) أي لم أفهم ( هذه) أي الأخيرة ( من رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) وهذا من شدة تحرّيه وورعه، وأطلق الزعم على القول المحقق لأنه لا يريد من هؤلاء الزاعمين إلا أهل الحجة والعلم بالسُّنَّة، ومحُال أن يقولوا ذلك بآرائهم لأن هذا ليس مما يقال بالرأي وتأتي بقية مباحث الحديث إن شاء الله تعالى في الحج وبالله المستعان.