فهرس الكتاب

إرشاد الساري - باب نهي النبي صلى الله عليه وسلم على التحريم إلا ما تعرف إباحته، وكذلك أمره

باب نَهْىِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَلَى التَّحْرِيمِ إِلاَّ مَا تُعْرَفُ إِبَاحَتُهُ
وَكَذَلِكَ أَمْرُهُ نَحْوَ قَوْلِهِ حِينَ أَحَلُّوا أَصِيبُوا مِنَ النِّسَاءِ.

     وَقَالَ  جَابِرٌ: وَلَمْ يَعْزِمْ عَلَيْهِمْ وَلَكِنْ أَحَلَّهُنَّ لَهُمْ،
.

     وَقَالَتْ  أُمُّ عَطِيَّةَ: نُهِينَا عَنِ اتِّبَاعِ الْجَنَازَةِ وَلَمْ يُعْزَمْ عَلَيْنَا.

( باب نهي) بسكون الهاء وإضافة باب ( النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) الصادر منه محمول ( على التحريم) وهو
حقيقة فيه وفي نسخة باب بالتنوين نهي النبي بفتح الهاء ورفع النبي على الفاعلية وفي الفرع كأصله عن الترحيم بالنون بدل على والذي شرحه العيني كالحافظ ابن حجر على على باللام ( إلا ما نعرف إباحته) بدلالة السياق عليه أو قرينة الحال أو إقامة الدليل ( وكذلك أمره) عليه الصلاة والسلام تحرم مخالفته لوجوب امتثاله ما لم يقم دليل على إرادة الندب أو غيره ( نحو قوله) عليه الصلاة والسلام ( حين أحلوا) في حجة الوداع لما أمرهم بفسخ الحج إلى العمرة وتحللوا من العمرة ( أصيبوا من النساء) أي جامعوهن ( وقال جابر) هو ابن عبد الله الأنصاري -رضي الله عنه- وسقطت الواو لأبي ذر ( ولم يعزم) أي لم يوجب -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ( عليهم) أن يجامعوهن ( ولكن أحلهن لهم) فالأمر فيه للإباحة وهذا وصله الإسماعيلي ( وقالت أم عطية) نسيبة ( نهينا) بضم النون أي نهانا النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ( عن اتباع الجنائز ولم يعزم علينا) بضم التحتية وفتح الزاي أي ولم يوجب علينا-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.

وهذا سبق موصولاً في الجنائز.


[ قــ :6973 ... غــ : 7367 ]
- حَدَّثَنَا الْمَكِّىُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ عَطَاءٌ: قَالَ جَابِرٌ: قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ:.

     وَقَالَ  مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ البُرْسانِيُّ، حَدَّثَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، أَخْبَرَنِى عَطَاءٌ، سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ فِى أُنَاسٍ مَعَهُ، قَالَ: أَهْلَلْنَا أَصْحَابَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِى الْحَجِّ خَالِصًا لَيْسَ مَعَهُ عُمْرَةٌ، قَالَ عَطَاءٌ: قَالَ جَابِرٌ: فَقَدِمَ النَّبِىُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- صُبْحَ رَابِعَةٍ مَضَتْ مِنْ ذِى الْحِجَّةِ فَلَمَّا قَدِمْنَا أَمَرَنَا النَّبِىُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنْ نَحِلَّ.

     وَقَالَ : «أَحِلُّوا وَأَصِيبُوا مِنَ النِّسَاءِ».
قَالَ عَطَاءٌ: قَالَ جَابِرٌ: وَلَمْ يَعْزِمْ عَلَيْهِمْ وَلَكِنْ أَحَلَّهُنَّ لَهُمْ فَبَلَغَهُ أَنَّا نَقُولُ لَمَّا لَمْ يَكُنْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ عَرَفَةَ إِلاَّ خَمْسٌ، أَمَرَنَا أَنْ نَحِلَّ إِلَى نِسَائِنَا فَنَأْتِى عَرَفَةَ تَقْطُرُ مَذَاكِيرُنَا الْمَذْىَ قَالَ: وَيَقُولُ جَابِرٌ بِيَدِهِ هَكَذَا، وَحَرَّكَهَا فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: «قَدْ عَلِمْتُمْ أَنِّى أَتْقَاكُمْ لِلَّهِ، وَأَصْدَقُكُمْ وَأَبَرُّكُمْ، وَلَوْلاَ هَدْيِى لَحَلَلْتُ كَمَا تَحِلُّونَ، فَحِلُّوا فَلَوِ اسْتَقْبَلْتُ مِنْ أَمْرِى مَا اسْتَدْبَرْتُ مَا أَهْدَيْتُ».
فَحَلَلْنَا وَسَمِعْنَا وَأَطَعْنَا.

وبه قال: ( حدّثنا المكي بن إبراهيم) الحنظلي البلخي الحافظ ( عن ابن جريج) عبد الملك ( قال عطاء) هو ابن أبي رباح ( قال جابر) هو ابن عبد الله.

( قال أبو عبد الله) المؤلّف ( وقال محمد بن بكر) بفتح الموحدة وسكون الكاف ( البرساني) بضم الموحدة وسكون الراء وبالسين المهملة وبعد الألف نون مكسورة نسبة إلى برسان بطن من الأزد وثبت البرساني لأبي ذر وسقطت لغيره ( حدّثنا ابن جريج) عبد الملك ولأبي ذر عن ابن جريج أنه قال: ( أخبرني) بالإفراد ( عطاء) هو ابن أبي رباح قال ( سمعت جابر بن عبد الله) الأنصاري -رضي الله عنهما- ( في أناس معه) كان القياس أن يقول معي لكنه التفات ( قال: أهللنا أصحاب رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- في الحج) أصحاب بالنصب على الاختصاص ( خالصًا ليس معه عمرة) هو محمول على ما كانوا ابتدؤوا به ثم أذن لهم بإدخال العمرة على الحج وفسخ الحج إلى العمرة فصاروا على ثلاثة أنحاء كما قالت عائشة -رضي الله عنها- منا من أهل بجج ومنا من أهل بعمرة
ومنا من جمع ( قال عطاء) بالسند السابق ( قال جابر فقدم النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) مكة ( صبح رابعة مضت من ذي الحجة فلما قدمنا أمرنا النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) بفتح راء أمرنا ( أن نحل) بفتح النون وكسر الحاء المهملة أي بالإحلال ( وقال) :
( أحلوا) من إحرامكم ( وأصيبوا من النساء) أذن في الجماع ( قال عطاء) بالسند السابق ( قال جابر) -رضي الله عنه- ( ولم يعزم عليهم) أي يوجب عليهم جماعهن ( ولكن أحلهن لهم فبلغه) -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ( إنا نقول لما) بالتشديد ( لم يكن بيننا وبين عرفة إلا خمس) من الليالي أوّلها ليلة الأحد وآخرها ليلة الخميس لأن توجههم من مكة كان عشية الأربعاء فباتوا ليلة الخميس بمنى ودخلوا عرفة يوم الخميس ( أمرنا أن نحل إلى نسائنا فنأتي عرفة نقطر مذاكيرنا) جمع ذكر على غير قياس ( المذي) بالذال المعجمة الساكنة، ولأبي ذر عن المستملي: المني ( قال) عطاء بالسند السابق ( ويقول جابر بيده هكذا وحركها) أي أمالها قال الكرماني هذه الإشارة لكيفية التقطير ( فقام رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) زاد حماد بن زيد خطيبًا ( فقال: قد علمتم أني أتقاكم لله وأصدقكم وأبركم ولولا هديي لحللت كما تحلون) بفتح الفوقية وكسر الحاء المهملة ( فحلوا) بكسر الحاء أمر من حل ( فلو استقبلت من أمري ما استدبرت) أي لو علمت في أول الأمر ما علمت آخر أو هو جواز العمرة في أشهر الحج ( ما أهديت.
فحللنا وسمعنا وأطعنا)
.

ومطابقة الحديث للترجمة من حيث إن أمره عليه الصلاة والسلام بإصابة النساء لم يكن على الوجوب ولهذا قال لم يعزم عليهم ولكن أحلهن لهم.

وسبق الحديث بالحج.




[ قــ :6974 ... غــ : 7368 ]
- حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ، عَنِ الْحُسَيْنِ، عَنِ ابْنِ بُرَيْدَةَ، حَدَّثَنِى عَبْدُ اللَّهِ الْمُزَنِىُّ عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «صَلُّوا قَبْلَ صَلاَةِ الْمَغْرِبِ» قَالَ فِى الثَّالِثَةِ: لِمَنْ شَاءَ كَرَاهِيَةَ أَنْ يَتَّخِذَهَا النَّاسُ سُنَّةً.

وبه قال: ( حدّثنا أبو معمر) بفتح الميمين عبد الله بن عمرو المقعد البصري قال: ( حدّثنا عبد الوارث) بن سعيد ( عن الحسين) بضم الحاء ابن ذكوان المعلم ( عن ابن بريدة) بضم الموحدة وفتح الراء عبيد الله الأسلمي قاضي مروانه قال: ( حدّثني) بالإفراد ( عبد الله) بن مغفل بالغين المعجمة المفتوحة والفاء المفتوحة المشددة ( المزني) -رضي الله عنه- ( عن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) أنه ( قال) :
( صلوا قبل صلاة المغرب.
قال في الثالثة لمن شاء كراهية)
أي لأجل كراهية ( أن يتخذها الناس سُنّة) طريقة لازمة لا يجوز تركها وفيه إشارة إلى أن الأمر حقيقة في الوجوب فلذلك أردفه بما يدل على التخيير بين الفعل والترك فكان ذلك صارفًا للحمل على الوجوب.

وهذا الباب بعد الباب التالي لهذا ويليه باب كراهية الخلاف.

والحديث سبق في الصلاة في باب كم بين الأذان والإقامة.