فهرس الكتاب

إرشاد الساري - باب إذا صام أياما من رمضان ثم سافر

باب إِذَا صَامَ أَيَّامًا مِنْ رَمَضَانَ ثُمَّ سَافَرَ.

هذا (باب) بالتنوين (إذا صام) شخص (أيامًا من رمضان ثم سافر) هل يباح له الفطر.


[ قــ :1861 ... غــ : 1944 ]
- حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ -رضي الله عنهما-: "أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- خَرَجَ إِلَى مَكَّةَ فِي رَمَضَانَ فَصَامَ، حَتَّى بَلَغَ الْكَدِيدَ أَفْطَرَ، فَأَفْطَرَ النَّاسُ".
قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: وَالْكَدِيدُ مَاءٌ بَيْنَ عُسْفَانَ وَقُدَيْدٍ.
[الحديث 1944 - أطرافه في: 1948، 2953، 4275، 4276، 4277، 4278، 4279] .

وبالسند قال: (حدّثنا عبد الله بن يوسف) التنيسي قال: (أخبرنا مالك) الإمام (عن ابن شهاب) محمد بن مسلم الزهري (عن عبيد الله) بضم العين مصغرًا (بن عبد الله بن عتبة) بن مسعود (عن ابن عباس -رضي الله عنهما-) (أن رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- خرج إلى مكة في) غزوة الفتح يوم الأربعاء بعد العصر لعشر مضين من (رمضان فصام، حتى بلغ الكديد) بفتح الكاف وكسر الدال الأولى وهو موضع بينه وبين المدينة سبع مراحل أو نحوها وبينه وبين مكة نحو مرحلتين (أفطر فأفطر الناس" معه وكان بعد العصر كما في مسلم من طريق الدراوردي عن جعفر بن محمد بن عليّ عن

أبيه عن جابر في هذا الحديث ولفظه فقيل له: إن الناس قد شق عليهم الصيام وإنما ينتظرون فيما فعلت فدعا بقدح من ماء بعد العصر ففيه أن المسافر له أن يصوم بعض رمضان ويفطر بعضه ولا يلزمه بصوم بعضه تمامه، وأنه إذا نوى السفر ليلاً فإنه يباح له الفطر لدوام العذر ولا يكره كما في المجموع، وكذا يباح له الفطر إذا كان مقيمًا ونوى ليلاً لم حدث له السفر قبل الفجر فلو حدث بعده فلا تغليبًا للحضر.

وقال الحنابلة: إن نوى الحاضر صوم يوم ثم سافر في أثنائه فله الفطر قال: في الإنصاف وهذا هو المذهب مطلقًا وعليه الأصحاب سواء كان طوعًا أو كرهًا وهو من مفردات المذهب، ولكن لا يفطر قبل خروجه وعنه لا يجوز له الفطر مطلقًا، ولو نوى الصوم في سفره فله الفطر وهذا هو المذهب مطلقًا وعليه الأصحاب وعنه لا يجوز له الفطر بالجماع لأنه لا يقوي على السفر، فعلى الأول قال أكثر الأصحاب لأن من له الأكل له الجماع، وذكر جماعة من الأصحاب أنه يفطر بنية الفطر فيقع الجماع بعد الفطر فعلى هذا لا كفارة بالجماع اهـ.

وهذا الحديث فيه التحديث والإخبار والعنعنة.
وقال القابسي أنه من مرسلات الصحابة لأن ابن عباس كان في هذه السفرة مقيمًا مع أبويه بمكة فلم يشاهد هذه القصة فكأنه سمعها من غيره من الصحابة، وأخرجه المؤلّف أيضًا في الجهاد والمغازي ومسلم في الصوم وكذا النسائي.

(قال أبو عبد الله): المؤلّف: (والكديد) بفتح الكاف (ما بين عسفان) بضم العين وسكون السين المهملتين وفتح الفاء قرية جامعة بينها وبين مكة ثمانية وأربعون ميلاً (و) بين (قديد) بضم القاف وفتح الدال الأولى مصغرًا وسقط في رواية غير المستملي قوله قال أبو عبد الله، ووقع في اليونينية نسبة سقوطه لابن عساكر فقط، وسيأتي إن شاء الله تعالى في المغازي من وجه آخر موصولاً هذا التفسير في نفس الحديث.


باب
هذا ( باب) بالتنوين بغير ترجمة للأكثر وسقط من رواية النسفيّ ومن اليونينية.


[ قــ :186 ... غــ : 1945 ]
- حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَمْزَةَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ بْنِ جَابِرٍ أَنَّ إِسْمَاعِيلَ بْنَ عُبَيْدِ اللَّهِ حَدَّثَهُ عَنْ أُمِّ الدَّرْدَاءِ عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ -رضي الله عنه- قَالَ: "خَرَجْنَا مَعَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي بَعْضِ أَسْفَارِهِ فِي يَوْمٍ حَارٍّ حَتَّى يَضَعَ الرَّجُلُ يَدَهُ عَلَى رَأْسِهِ مِنْ شِدَّةِ الْحَرِّ وَمَا فِينَا صَائِمٌ، إِلاَّ مَا كَانَ مِنَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَابْنِ رَوَاحَةَ".

وبالسند قال: ( حدّثنا عبد الله بن يوسف) ، التنيسي قال: ( حدّثنا يحيى بن حمزة) الدمشقي المتوفى سنة ثلاث وثمانين ومائة ( عن عبد الرحمن بن يزيد بن جابر) الشامي ( أن إسماعيل بن

عبيد الله)
بضم العين مصغرًا ( حدثه عن أم الدرداء) الصغرى واسمها هجيمة التابعية وليست الكبرى المسماة خيرة الصحابية وكلتاهما زوجتا أبي الدرداء ( عن أبي الدرداء) عويمر بن مالك الأنصاري الخزرجي ( -رضي الله عنه-) أنه ( قال: خرجنا مع النبي) ولابن عساكر: مع رسول الله ( -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- في بعض أسفاره) زاد مسلم من طريق سعيد بن عبد العزيز: في شهر رمضان وليس ذلك في غزوة الفتح لأن عبد الله بن رواحة المذكور في هذا الحديث أنه كان صائمًا استشهد بمؤتة قبل غزوة الفتح بلا خلاف ولا في غزوة بدر لأن أبا الدرداء لم يكن حينئذ أسلم ( في يوم حار) ولمسلم في حر شديد ( حتى يضع الرجل يده على رأسه من شدة الحر وما فينا صائم، إلا ما كان من النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وابن رواحة) عبد الله وهذا مما يؤيد أن هذه السفرة لم تكن في غزوة الفتح لأن الذين استمروا على الصيام من الصحابة كانوا جماعة، وفي هذا أنه ابن رواحة وحده.

ومطابقة هذا الحديث للترجمة من جهة أن الصوم والإفطار لو لم يكونا مباحين في السفر لما صام النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وابن رواحة وأفطر الصحابة.

ورواته كلهم شاميون إلا شيخ المؤلّف وقد دخل الشام، وأخرجه مسلم وأبو داود في الصوم.