فهرس الكتاب

إرشاد الساري - باب النجش، ومن قال: «لا يجوز ذلك البيع»

باب النَّجْشِ.
وَمَنْ قَالَ: لاَ يَجُوزُ ذَلِكَ الْبَيْعُ
وَقَالَ ابْنُ أَبِي أَوْفَى: "النَّاجِشُ آكِلُ رِبًا خَائِنٌ".
وَهْوَ خِدَاعٌ بَاطِلٌ لاَ يَحِلُّ.

قَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- "الْخَدِيعَةُ فِي النَّارِ، وَمَنْ عَمِلَ عَمَلاً لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا فَهْوَ رَدٌّ".

( باب النجش) بفتح النون وسكون الجيم وفتحها وهو في اللغة تنفير الصيد واستثارته من مكانه ليصاد يقال: نجشت الصيد أنجشه بالضم نجشًا وفي الشرع أن يزيد في ثمن السلعة من غير رغبة ليوقع غيره فيها وقيد الإمام وغيره ذلك بالزيادة على ما يساويه المبيع، وقضيته أنه لو زاد عند نقص القيمة ولا رغبة له جاز وكلام الأصحاب يخالفه ولا خيار للمشتري لتفريطه حيث لم يتأمل ولم يراجع أهل الخبرة ويقع النجش أيضًا بمواطأة الناجش البائع فيشتركان في الإثم ويقع بغير علم البائع فيختص بذلك الناجش وقد يختص به البائع كأن يقول: أعطيت في المبيع كذا والحال بخلافه أو أنه اشتراه أكثر مما اشتراه ليوقع غيره ولا خيار للمشتري.

( و) باب ( من قال: لا يجوز ذلك البيع) الذي وقع بالنجش وهو مشهور مذهب الحنابلة إذا كان بمواطأة البائع أو صنعه، والمشهور عند المالكية في مثل ذلك ثبوت الخيار، والأصح عند الشافعية وهو قول الحنفية صحة البيع مع الإثم والتحريم في جميع المناهي شرطه العلم بها إلا في النجش لأنه خديعة وتحريم الخديعة واضح لكل أحد وإن لم يعلم هذا الحديث بخصوصه بخلاف البيع على بيع أخيه إنما يعرف من الخبر الوارد فيه فلا يعرفه من لا يعرف الخبر.
قال الرافعي: ولك أن تقول هو إضرار معلوم من العمومات والوجه تخصيص المعصية بمن عرف التحريم بعموم أو خصوص وأقرّه عليه النووي وهو ظاهر بل نقل البيهقي عن الشافعي أن النجش كغيره من المناهي.


( وقال ابن أبي أوفى) عبد الله في حديث أورده المؤلّف في الشهادات في باب قوله تعالى: { إن الذين يشترون بعهد الله وأيمانهم ثمنًا قليلاً} [آل عمران: 77] ( الناجش أكل ربًا) أي كآكله، ولأبي ذر عن الحموي والمستملي: آكل الربا بالتعريف ( خائن) لكونه غاشًّا وهو خبر بعد خبر.
قال المؤلّف: ( وهو خداع) بكسر الخاء المعجمة أي مخادعة ( باطل) غير حق ( لا يحل) فعله وهذا قاله المؤلّف تفقهًا وليس من كلام عبد الله بن أبي أوفى.

( قال النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الخديعة) أي صاحبها ( في النار) رواه ابن عدي في كامله.
وقال -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فيما وصله المؤلّف في كتاب الصلح من حديث عائشة -رضي الله عنها-: ( ومن عمل عملاً) بكسر الميم في الأول وفتحها في الثاني ( ليس عليه أمرنا فهو ردّ) أي مردود عليه فلا يقبل منه.


[ قــ :2058 ... غــ : 2142 ]
- حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ حَدَّثَنَا مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ -رضي الله عنهما- قَالَ: "نَهَى النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَنِ النَّجْشِ".
[الحديث 2142 - طرفه في: 6963] .

وبه قال: ( حدّثنا عبد الله بن مسلمة) القعنبي قال: ( حدّثنا مالك) الإمام ( عن نافع عن ابن عمر -رضي الله عنهما-) أنه ( قال: نهى النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عن النجش) بسكون الجيم وفتحها.

وهذا الحديث أخرجه أيضًا في ترك الحيل، ومسلم والنسائي في البيوع وابن ماجة في التجارات.