فهرس الكتاب

إرشاد الساري - باب بيع العبيد والحيوان بالحيوان نسيئة

باب بَيْعِ الْعَبِيدِ وَالْحَيَوَانِ بِالْحَيَوَانِ نَسِيئَةً
وَاشْتَرَى ابْنُ عُمَرَ رَاحِلَةً بِأَرْبَعَةِ أَبْعِرَةٍ مَضْمُونَةٍ عَلَيْهِ يُوفِيهَا صَاحِبَهَا بِالرَّبَذَةِ.

وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: قَدْ يَكُونُ الْبَعِيرُ خَيْرًا مِنَ الْبَعِيرَيْنِ.
وَاشْتَرَى رَافِعُ بْنُ خَدِيجٍ بَعِيرًا بِبَعِيرَيْنِ فَأَعْطَاهُ أَحَدَهُمَا.

     وَقَالَ : آتِيكَ بِالآخَرِ غَدًا رَهْوًا إِنْ شَاءَ اللَّهُ.
.

     وَقَالَ  ابْنُ الْمُسَيَّبِ لاَ رِبَا فِي الْحَيَوَانِ: الْبَعِيرُ بِالْبَعِيرَيْنِ وَالشَّاةُ بِالشَّاتَيْنِ إِلَى أَجَلٍ.
.

     وَقَالَ  ابْنُ سِيرِينَ: لاَ بَأْسَ بَعِيرٌ بِبَعِيرَيْنِ نَسِيئَةً.

( باب) حكم ( بيع العبيد) أي بالعبيد نسيئة وفي نسحة بيع العبد بالإفراد ( و) بيع ( الحيوان بالحيوان نسيئة) من عطف العام على الخاص.

( واشترى ابن عمر) بن الخطاب -رضي الله عنه- فيما رواه مالك في الموطأ والشافعي عنه عن نافع وابن أبي شيبة من طريق أبي بشر عن نافع عن ابن عمر ( راحلة) هي ما أمكن ركوبه من الإبل ذكرًا أو أُنثى ( بأربعة أبعرة مضمونة) تلك الراحلة ( عليه) أي على البائع ( يوفيها صاحبها) أي يسلمها البائع إلى صاحبها الذي اشتراها منه ( بالربذة) بفتح الراء والموحدة والذال المعجمة موضع بين مكة والمدينة.
( وقال ابن عباس) -رضي الله عنهما- فيما وصله إمامنا الشافعي -رحمه الله- من طريق طاوس عنه ( قد يكون البعبر خيرًا من البعيرين) .

( واشترى رافع بن خديج) بفتح الخاء المعجمة وكسر الدال المهملة آخره جيم الأنصاري الحارثي مما وصله عبد الرزاق ( بعيرًا ببعيرين فأعطاه) أي فأعطى رافع الذي باعه ( أحدهما) أحد البعيرين ( وقال) أنا ( آتيك بـ) البعير ( الآخر غدًا) إتيانًا ( رهوًا وإن شاء الله) براء مفتوحة وهاء ساكنة فواو سهلاً بلا شدّة ولا مماطلة أو المراد أن المأتي به يكون سهل السير غير خشن وحينئذٍ فيكون نصب رهوًا على الحال.

( وقال ابن المسيب) سعيد التابعي الجليل ( لا ربًا في الحيوان) هذا وصله مالك عن ابن شهاب عنه في الموطأ وزاد أن رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إنما نهى في بيع الحيوان عن ثلاثة المضامين والملاقيح وحبل الحبلة، ووصل ابن أبي شيبة من طريق أخرى عن الزهري عنه قوله: ( البعير بالبعيرين) وسقط بالبعيرين لغير أبي ذر ( والشاة بالشاتين إلى أجل) ولفظ ابن أبي شيبة نسيئة والمعنى واحد.

( وقال ابن سيرين) محمد التابعي الكبير فيما وصله عبد الرزاق ( لا بأس بعير) ولأبي ذر: لا بأس ببعير ( ببعيرين نسيئة) زاد في غير الفرع وأصله بعد قوله ببعيرين ودرهم بدرهم والأول رفع

على رواية غير أبي ذر عليها جر، وفي بعض الروايات ودرهم بدرهمين بالتثنية وهو خطأ والصواب الإفراد كما هو في رواية أبي ذر وكذا هو بالإفراد عند عبد الرزاق وزاد فإن كان أحد البعيرين نسيئة فهو مكروه، وروى سعيد بن منصور من طريق يونس عنه أنه كان لا يرى بأسًا بالحيوان يدًا بيد والدراهم نسيئة، ويكره أن تكون الدراهم نقدًا والحيوان نسيئة ومذهب الشافعية أنه لا ربًا في الحيوان مطلقًا كما قال ابن المسيب لأنه لا يعدّ للأكل على هيئته فيجوز بيع العبد بالعبد نسيئة وبيع العبد بعبدين أو أكثر نسيئة.
وقال أبو حنيفة: لا يجوز، وقال مالك: إنما يجوز إذا اختلف الجنس.


[ قــ :2142 ... غــ : 2228 ]
- حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ ثَابِتٍ عَنْ أَنَسٍ -رضي الله عنه- قَالَ: "كَانَ فِي السَّبْيِ صَفِيَّةُ فَصَارَتْ إِلَى دَحْيَةَ الْكَلْبِيِّ، ثُمَّ صَارَتْ إِلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-".

وبه قال: ( حدّثنا سليمان بن حرب) الواشحي البصري قاضي مكة قال: ( حدّثنا حماد بن زيد) أي ابن درهم الجهضمي ( عن ثابت) الباني ( عن أنس) هو ابن مالك ( -رضي الله عنه-) أنه ( قال: كان في السبي) أي سبي خيبر ( صفية) بنت حى بن أخطب ( فصارت إلى دحية الكلبي) في رواية عبد العزيز بن صهيب عن أنس فجاء دحية فقال: أعطني يا رسول الله جارية من السبي، فقال: "اذهب فخذ جارية" فأخذ صفية فجاء رجل فقال: يا نبي الله أعطيت دحية صفية سيدة قريظة والنضير لا تصلح إلا لك.
قال: "ادعوه بها" فلما نظر إليها النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال: "خذ جارية من السبي غيرها" ( ثم صارت إلى النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) .
ولمسلم: أنه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- اشترى صفية منه بسبعة أرؤس وليس في قوله بسبعة أرؤس ما ينافي قوله في رواية عبد العزيز خذ جارية من السبي غيرها إذ ليس فيه دلالة على نفي الزيادة، وقد أورد المؤلّف هذا الحديث مختصرًا وليس فيه ما ترجم له ولعله أشار إلى نحو روايتي مسلم وعبد العزيز السابقتين.
وقال ابن بطال ينزل تبديلها بجارية غير معينة يختارها منزلة بيع جارية بجارية نسيئة.

وهذا الحديث أخرجه أيضًا في البيع قريبًا والنكاح وغزوة خيبر ومسلم والنسائي في النكاح.