فهرس الكتاب

إرشاد الساري - باب إتيان اليهود النبي صلى الله عليه وسلم، حين قدم المدينة

باب إِتْيَانِ الْيَهُودِ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حِينَ قَدِمَ الْمَدِينَةَ هَادُوا: صَارُوا يَهُودًا.
.
وَأَمَّا .

     قَوْلُهُ  هُدْنَا: تُبْنَا.
هَائِدٌ: تَائِبٌ
( باب إتيان اليهود النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حين قدم المدينة هادوا) في قوله تعالى: { ومن الذين هادوا} [المائدة: 41] أي ( صاروا يهود) ولأبي ذر يهودا بالصرف ( وأما قوله هدنا) فمعناه ( تبنا) وسقط قوله من رواية أبي ذر ( هايد) أي ( تايب) كذا في اليونينية وفي غيرها بالهمز فيهما.


[ قــ :3757 ... غــ : 3941 ]
- حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا قُرَّةُ عَنْ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «لَوْ آمَنَ بِي عَشَرَةٌ مِنَ الْيَهُودِ لآمَنَ بِي الْيَهُودُ».

وبه قال: ( حدّثنا مسلم بن إبراهيم) الفراهيدي قال: ( حدّثنا قرة) بضم القاف وتشديد الراء المفتوحة ابن خالد السدوسي وفي الناصرية حدّثنا فروة بالفاء والراء والواو وفي هامشها في النسخ المعتمدة قرة يعني بالقاف ( عن محمد) هو ابن سيرين -رضي الله عنه- ( عن أبي هريرة) رضي الله تعالى عنه ( عن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) أنه ( قال) :
( لو آمن بي عشرة من اليهود) معينين ( لآمن بي اليهود) كلهم وعند الإسماعيلي لم يبق يهودي إلا أسلم، وزاد أبو سعد في شرف المصطفى -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال كعب -رضي الله عنه-: هم الذين سماهم في سورة المائدة.

وقال الكرماني فإن قلت: ما وجه صحة هذه الملازمة وقد آمن به من اليهود عشرة وأكثر منها
أضعافًا مضاعفة ولم يؤمن الجميع؟ وأجاب: بأن لو للمضيّ فمعناه لو آمن في الزمان الماضي كقبل قدومه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- المدينة أو عقب قدومه مثلاً عشرة لتابعهم الكل لكن لم يؤمنوا حينئذٍ فلم يتابعهم الكل.

وقال في فتح الباري: والذي يظهر أنهم الذين كانوا حينئذٍ رؤساء ومن عداهم تبعًا لهم فلم يسلم منهم إلا القليل كعبد الله بن سلام -رضي الله عنه-، وكان من المشهورين بالرئاسة في اليهود عند قدوم النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- من بني النضير أبو ياسر بن أخطب وأخوه حيي بن أخطب، وكعب بن الأشرف، ورافع بن أبي الحقيق.
ومن بني قينقاع عبد الله بن حنيف، وفنحاص، ورفاعة بن زيد.
ومن قريظة: الزبير بن باطيا، وكعب بن أسد، وشمويل بن زيد فهؤلاء لم يثبت إسلام واحد منهم، وإن كل واحد منهم رئيسًا في اليهود لو أسلم تبعه جماعة منهم.




[ قــ :3758 ... غــ : 394 ]
- حَدَّثَنِي أَحْمَدُ -أَوْ مُحَمَّدُ- بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ الْغُدَانِيُّ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ أُسَامَةَ أَخْبَرَنَا أَبُو عُمَيْسٍ عَنْ قَيْسِ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ طَارِقِ بْنِ شِهَابٍ عَنْ أَبِي مُوسَى -رضي الله عنه- قَالَ: «دَخَلَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الْمَدِينَةَ وَإِذَا أُنَاسٌ مِنَ الْيَهُودِ يُعَظِّمُونَ عَاشُورَاءَ وَيَصُومُونَهُ، فَقَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: نَحْنُ أَحَقُّ بِصَوْمِهِ.
فَأَمَرَ بِصَوْمِهِ».

وبه قال: ( حدّثني) بالإفراد ولأبي ذر قال: حدّثنا ( أحمد أو محمد بن عبيد الله) بالشك في اسمه وذكره في التاريخ فقال أحمد: من غير شك وعبيد بضم العين مصغرًا، وفي أصل ابن الحطية عبد الله بفتح العين مكبرًا وقال في الهامش: من اليونينية الصواب عبيد الله مصغرًا.
قال الحافظ أبو ذر: وهي رواية أبي الهيثم، وفي باب أحمد ذكره الحفاظ أبو نصر وابن طاهر وابن عبد الواحد، وفي باب عبيد الله ذكره جميعهم ( الغداليّ) بضم الغين المعجمة وتخفيف الدال المهملة المفتوحة، واسم جده سهيل بضم السين مصغرًا ابن صخر البصريّ، وقيل النيسابوري المتوفى سنة أربع وعشرين ومائتين قال: ( حدّثنا حماد بن أسامة) أبو أسامة القرشي مولاهم الكوفي قال: ( أخبرنا أبو عميس) بضم العين المهملة وبعد التحتية الساكنة سين مهملة عتبة بضم العين وسكون الفوقية وفتح الموحدة ابن عبد الله بن عتبة بن عبد الله بن مسعود الهذلي المسعودي الكوفيّ ( عن قيس بن مسلم) الجدلي بفتح الجيم الكوفي العابد ( عن طارق بن شهاب) الأحمسي ( عن أبي موسى) عبد الله بن قيس الأشعري ( -رضي الله عنه-) أنه ( قال: دخل) ولأبي ذر عن الكشميهني قدم ( النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- المدينة) في الهجرة ( وإذا أناس من اليهود يعظمون) يوم ( عاشوراء ويصومونه) لشرع سابق ( فقال النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) :
( نحن أحق بصومه) من اليهود ( فأمر) الناس ( بصومه) .




[ قــ :3759 ... غــ : 3943 ]
- حَدَّثَنَا زِيَادُ بْنُ أَيُّوبَ حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ حَدَّثَنَا أَبُو بِشْرٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ -رضي الله عنهما- قَالَ: "لَمَّا قَدِمَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الْمَدِينَةَ وَجَدَ الْيَهُودَ يَصُومُونَ عَاشُورَاءَ، فَسُئِلُوا عَنْ ذَلِكَ فَقَالُوا: هَذَا الْيَوْمُ الَّذِي أَظْفَرَ اللَّهُ فِيهِ مُوسَى وَبَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى فِرْعَوْنَ، وَنَحْنُ نَصُومُهُ
تَعْظِيمًا لَهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: نَحْنُ أَوْلَى بِمُوسَى مِنْكُمْ.
ثُمَّ أَمَرَ بِصَوْمِهِ».

وبه قال: ( حدّثنا) ولأبى ذر حدّثني بالإفراد ( زياد بن أيوب) أبو هاشم الطوسي دلوية بفتح الدال المهملة وضم اللام وتخفيف التحتية قال: ( حدّثنا هشيم) بضم الهاء مصغرًا ابن بشر الواسطي قال: ( حدّثنا) ولأبي ذر: أخبرنا ( أبو بشر) بكسر الموحدة وسكون المعجمة جعفر بن أبي وحشية إياس البصري ( عن سعيد بن جبير عن ابن عباس -رضي الله عنهما-) أنه ( قال: لما قدم النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- المدينة) وأقام بها إلى يوم عاشوراء من السنة الثانية ( وجد اليهود يصومون يوم عاشوراء فسئلوا) بضم السين وكسر الهمزة ( عن ذلك) الصوم ( فقالوا: هذا هو اليوم) هذا ظاهر ما في الفرع فإنه خرج بعد قوله هذا وكتب بالهامش هو مرقومًا عليه علامة أبي ذر والذي في اليونينية ظاهره أن هو بدل من قوله هذا لأنه جعل التخريجة فوق هذا ( الذي أظهر الله فيه موسى) عليه الصلاة والسلام بالهاء بعد الظاء في الفرع والذي في أصله أظفر الله بالفاء بدل الهاء ( وبني إسرائيل على فرعون) في كتاب الصوم هذا يوم نجى الله عز وجل بني إسرائيل من عدوّهم فصامه موسى عليه الصلاة والسلام وزاد مسلم شكرًا لله عز وجل ( ونحن نصومه تعظيمًا له) أي لموسى عليه الصلاة والسلام ( فقال رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) :
( نحن أولى بموسى منكم ثم أمر) ولأبي ذر عن الحموي والمستملي وأمر وفي كتاب الصيام فصامه وأمر ( بصومه) .

ومباحث هذا سبقت في كتاب الصوم.




[ قــ :3760 ... غــ : 3944 ]
- حَدَّثَنَا عَبْدَانُ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ عَنْ يُونُسَ عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ: أَخْبَرَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ -رضي الله عنهما- "أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَانَ يَسْدِلُ شَعْرَهُ، وَكَانَ الْمُشْرِكُونَ يَفْرُقُونَ رُءُوسَهُمْ وَكَانَ أَهْلُ الْكِتَابِ يَسْدِلُونَ رُءُوسَهُمْ، وَكَانَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يُحِبُّ مُوَافَقَةَ أَهْلِ الْكِتَابِ فِيمَا لَمْ يُؤْمَرْ فِيهِ بِشَىْءٍ، ثُمَّ فَرَقَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- رَأْسَهُ".

وبه قال: ( حدّثنا عبدان) لقب عبد الله بن عثمان بن جبلة بن أبي رواد ميمون المروزي البصري الأصل قال: ( حدّثنا) ولأبي ذر أخبرنا ( عبد الله) بن المبارك المروزي ( عن يونس) بن يزيد الأيلي ( عن الزهري) محمد بن مسلم بن شهاب أنه ( قال: أخبرني) بالإفراد ( عبيد الله) مصغرًا ( ابن عبد الله بن عتبة) بن مسعود - رضي الله تعالى عنه - ( عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-) سقط لأبي ذر لفظ عبد الله ( أن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كان يسدل شعره) بفتح التحتية وسكون السين وكسر الدال المهملتين أي يترك شعر ناصيته على جبينه الشريف -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ( وكان المشركون يفرقون رؤوسهم) بفتح التحتية وسكون الفاء وضم الراء وقد تكسر أي يلقون شعر رأسهم إلى جانبيه ولا يتركون منه شيئًا على جبهتهم ( وكان أهل الكتاب يسدلون رؤوسهم) بكسر الدال مع فتح أوله ( وكان النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يحب موافقة أهل الكتاب فيما لم يؤمر فيه بشيء) لأن ذلك أقرب إلى الحق من المشركين عبدة
الأوثان ( ثم فرق النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- رأسه) أي ألقى شعره إلى جانبي رأسه ولم يترك منه شيئًا على جبهته.

وسبق هذا الحديث في صفته -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.




[ قــ :3761 ... غــ : 3945 ]
- حَدَّثَنِي زِيَادُ بْنُ أَيُّوبَ حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ أَخْبَرَنَا أَبُو بِشْرٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ -رضي الله عنهما- قَالَ: "هُمْ أَهْلُ الْكِتَابِ جَزَّءُوهُ أَجْزَاءً، فَآمَنُوا بِبَعْضِهِ وَكَفَرُوا بِبَعْضِهِ".
[الحديث 3945 - طرفاه في: 4705، 4706] .

وبه قال: ( حدّثني) بالإفراد ولأبي ذر حدّثنا ( زياد بن أيوب) دلوية الطوسي قال: ( حدّثنا) بالجمع ولأبي ذر حدّثني ( هشيم) هو ابن بشر قال: ( أخبرنا أبو بشر) جعفر بن أبي وحشية ( عن سعيد بن جبير عن ابن عباس - رضي الله تعالى عنهما -) أنه ( قال: هم أهل الكتاب) قال: العيني لما ذكر في الحديث السابق أهل الكتاب قال: قال ابن عباس -رضي الله عنهما-: هم أهل الكتاب الذين ( جزؤوه) أي القرآن ( أجزاء فآمنوا ببعضه وكفروا ببعضه) زاد أبو ذر عن الكشميهني يعني قول الله تعالى: { الذين جعلوا القرآن عضين} [الحجر: 91] أي أجزاء جمع عضة وأصلها عضوة فعلة من عضى الشاة إذا جعلها أعضاء حيث قالوا: بعنادهم بعضه حق موافق للتوراة والإنجيل وبعضه باطل مخالف لهما فاقتسموه إلى حق وباطل وعضوه.