فهرس الكتاب

إرشاد الساري - باب: لا يرث المسلم الكافر ولا الكافر المسلم

باب لاَ يَرِثُ الْمُسْلِمُ الْكَافِرَ
وَلاَ الْكَافِرُ الْمُسْلِمَ وَإِذَا أَسْلَمَ قَبْلَ أَنْ يُقْسَمَ الْمِيرَاثُ فَلاَ مِيرَاثَ لَهُ.

هذا ( باب) بالتنوين يذكر فيه قوله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: ( لا يرث المسلم الكافر ولا الكافر المسلم وإذا أسلم) الكافر ( قبل أن يقسم الميراث) المخلف عن أبيه أو أخيه ( فلا ميراث له) لأن الاعتبار بوقت الموت لا بوقت القسمة عند الجمهور.


[ قــ :6412 ... غــ : 6764 ]
- حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عَلِىِّ بْنِ حُسَيْنٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ عُثْمَانَ، عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ - رضى الله عنهما - أَنَّ النَّبِىَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «لاَ يَرِثُ الْمُسْلِمُ الْكَافِرَ، وَلاَ الْكَافِرُ الْمُسْلِمَ».

وبه قال: ( حدّثنا أبو عاصم) الضحاك بن مخلد النبيل ( عن ابن جريج) عبد الملك بن عبد العزيز ( عن ابن شهاب) محمد بن مسلم الزهري ( عن علي بن حسين) المشهور بزين العابدين ( عن عمر) بضم العين ( ابن عثمان) بن عفان القرشي العدوي، ولأبي ذر عن عمرو بفتح العين بدل عمر ضمها وكلاهما ولد لعثمان واتفق الرواة عن الزهري أن عمرو بن عثمان بفتح العين وسكون الميم إلا أن مالكًا وحده قال عمر بضم أوله وفتح الميم ( عن أسامة بن زيد -رضي الله عنهما- أن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال) :
( لا يرث المسلم الكافر) وذهب معاذ بن جبل ومعاوية وسعيد بن المسيب ومسروق إلى أنه يرث منه لقوله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "الإسلام يعلو ولا يعلى عليه" وحجة الجمهور هذا الحديث الصحيح.
وأجابوا عن حديث: الإسلام يعلو بأن معناه فضل الإِسلام وليس فيه تعرض للإِرث فلا يترك
النص الصريح لذلك ( ولا) يرث ( الكافر المسلم) إجماعًا ولا يرث نحو مرتد كيهودي تنصّر أحدًا إذ ليس بينه وبين أحد موالاة في الدين لأنه ترك دينًا يقر عليه ولا يقر على دينه الذي انتقل إليه، ولا يورث لذلك كزنديق وهو من لا يتدين بدين فلا يرث ولا يورث لذلك، وأما المسلم من المرتد فقال مالك والشافعي: لا يرث المسلم المرتد، وقال أبو حنيفة والثوري: يرثه، لكن قال أبو حنيفة: ما اكتسبه في ردته لبيت المال وما اكتسبه في الإسلام فهو لورثته المسلمين، وأما الكافران فيتوارثان وإن اختلفت ملتهما كيهودي ونصراني أو مجوسي أو وثني، لأن الملل في البطلان كالملة الواحدة ومن به رق ولو مدبرًا أو مكاتبًا فلا يرث ولا يورث لنقصه ولأنه لو ورث الملك واللازم باطل إلا مبعضًا فيورث ما ملكه بحريته لتمام ملكه عليه ولا شيء لسيده منه لاستيفاء حقه مما اكتسبه بالرقية ولا يرث قاتل من مقتوله وإن لم يضمن بقتله لحديث: ليس للقاتل شيء أي من الميراث.
رواه الترمذي بسند صحيح، ولأن الإرث للموالاة والقاتل قطعها ومن فقد وقف ماله حتى تقوم بيّنة بموته أو يحكم بموته قاض بعد مضي مدة من ولادته لا يعيش فوقها ظنًّا فيعطى ماله من يرثه حينئذ.

والحديث سبق في المغازي والله أعلم.