فهرس الكتاب

إرشاد الساري - باب طول القيام في صلاة الليل

باب طُولِ الْقِيَامِ فِي صَلاَةِ اللَّيْلِ
( باب طول القيام في صلاة الليل) وللحموي، والمستملي: طول الصلاة في قيام الليل، وهي توافق حديث الباب لأنه يدل بظاهره على طول الصلاة لا على طول القيام بخصوصه، لكنه يلزم من طولها طوله على ما لا يخفى.

وللكشميهني: باب القيام في صلاة الليل.


[ قــ :1096 ... غــ : 1135 ]
- حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ أَبِي وَائِلٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ -رضي الله عنه- قَالَ "صَلَّيْتُ مَعَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لَيْلَةً، فَلَمْ يَزَلْ قَائِمًا حَتَّى هَمَمْتُ بِأَمْرِ سَوْءٍ.
قُلْنَا: وَمَا هَمَمْتَ؟ قَالَ: هَمَمْتَ أَنْ أَقْعُدَ وَأَذَرَ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-".

وبه قال: ( حدّثنا سليمان بن حرب) الواشحي، الأزدي البصري ( قال: حدّثنا شعبة) بن الحجاج ( عن الأعمش) سليمان بن مهران ( عن أبي وائل) شقيق بن سلمة الأزدي ( عن عبد الله) بن مسعود ( رضي الله عنه، قال) :
( صليت مع النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ليلة) من الليالي ( فلم يزل قائمًا حتى هممت) قصدت ( بأمر سوء) بفتح السين إضافة أمر إليه.
( قلنا: وما) ولأبي الوقت: ما ( هممت؟ قال: هممت أن أقعد) من طول قيامه ( وأذر النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) بالمعجمة أي.
أتركه، وإنما جعله سوءًا وإن كان القعود في النفل جائزًا لأن فيه ترك الأدب معه، عليه الصلاة والسلام، وصورة مخالفته.

وقد كان ابن مسعود قويًا محافظًا على الاقتداء به، -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فلولا أنه طوّل كثيرًا لم يهم بالقعود.


وقد اختلف: هل الأفضل في صلاة النفل كثرة الركوع والسجود؟ أو طول القيام؟ فقال بكل قومٌ.

فأما القائلون بالأول، فتمسكوا بنحو حديث ثوبان، عند مسلم: "أفضل الأعمال كثرة الركوع والسجود".

وتمسك القائلون بالثاني بحديث مسلم أيضًا: "أفضل الصلاة طول القنوت".

والذي يظهر أن ذلك يختلف باختلاف الأشخاص والأحوال.

ورواة هذا الحديث ما بين: بصري وواسطي وكوفي، وفيه: التحديث والعنعنة والقول، وأخرجه مسلم وابن ماجة في: الصلاة، والترمذي في: الشمائل.




[ قــ :1097 ... غــ : 1136 ]
- حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ قَالَ حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ حُصَيْنٍ عَنْ أَبِي وَائِلٍ عَنْ حُذَيْفَةَ -رضي الله عنه- "أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَانَ إِذَا قَامَ لِلتَّهَجُّدِ مِنَ اللَّيْلِ يَشُوصُ فَاهُ بِالسِّوَاكِ".

وبه قال: ( حدّثنا حفص بن عمر) بضم العين الحوضي ( قال: حدّثنا خالد بن عبد الله) بن عبد الرحمن الطحان ( عن حصين) بضم الحاء وفتح الصاد المهملتين، ابن عبد الرحمن السلمي ( عن أبي وائل) شقيق بن سلمة ( عن حذيفة) بن اليمان ( رضي الله عنه) :
( أن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كان إذا قام للتهجد) أي: قام لعادته ( من الليل، يشوص) بشين معجمة وصاد مهملة، أي: يدلك ( فاه بالسواك) .

استشكل ابن بطال هذا الحديث، حتى عدّ ذكره هنا غلطًا من ناسخ، أو: أن المؤلّف اخترمته المنية قبل تنقيحه.

وأجيب: باحتمال أنه أراد حديث حذيفة في مسلم: أنه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قرأ البقرة والنساء وآل عمران في ركعة، لكن لم يذكره لأنه ليس على شرطه، وأن رواية شوصه بالسواك هي ليلة صلّى فيها، فحكى البخاري بعضه تنبيهًا على بقيته، أو تنبيهًا بأحد حديثي حذيفة على الآخر.

وقال ابن المنير: يحتمل عندي أن يكون أشار إلى معنى الترجمة من جهة أن استعمال السواك حينئذ يدل على ما يناسبه من كمال الهيئة والتأهب للعبادة، وأخذ النفس حينئذ بما تؤخذ به في النهار، وكان ليله عليه الصلاة والسلام نهار، وهو دليل طول القيام فيه.

ويدفع أيضًا وهم من لعله يتوهم أن القيام كان خفيفًا بما ورد من حديث ابن عباس: فتوضأ وضوءًا خفيفًا.
وابن عباس إنما أراد وضوءًا رشيقًا مع كمال وإسباغ يدل على كماله.
اهـ.

وتعقبه في المصابيح فقال: أطال الخطابة ولم يكشف الخطب، والحق أحق أن يتبع.
اهـ.

وقال ابن رشيد: إنما أدخله لقوله: إذا قام للتهجد، أي: إذا قام لعادته.


وقد بينت عادته في الحديث الآخر، ولفظ التهجد مع ذلك مشعر بالسهر، ولا شك أن في السواك عونًا على دفع النوم، فهو مشعر بالاستعداد للإطالة.

قال في الفتح: وهذا أقرب هذه التوجيهات.

ورواة هذا الحديث ما بين: بصري وواسطي وكوفي، وفيه: التحديث والعنعنة والقول، وأخرجه أيضًا في السواك كما سبق في الوضوء.