فهرس الكتاب

إرشاد الساري - باب موكل الربا لقول الله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وذروا ما بقي من الربا إن كنتم مؤمنين، فإن لم تفعلوا فأذنوا بحرب من الله ورسوله وإن تبتم فلكم رءوس أموالكم لا تظلمون ولا تظلمون وإن كان ذو عسرة فنظرة إلى ميسرة وأن تصدقوا خير لكم إن كنتم تعلمون. واتقوا يوما ترجعون فيه إلى الله ثم توفى كل نفس ما كسبت وهم لا يظلمون} قال ابن عباس: «هذه آخر آية نزلت على النبي صلى الله عليه وسلم»

باب مُوكِلِ الرِّبَا
لِقَوْلِهِ عز وجل: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} [البقرة: 278] إِلَى قَوْلِهِ: { وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ} .

قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: هَذِهِ آخِرُ آيَةٍ نَزَلَتْ عَلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.

(باب) بيان إثم (موكل الربا) بضم الميم وكسر الكاف اسم فاعل أي مطعمه (لقوله) ولأبي الوقت لقول الله (تعالى: { يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وذروا} ) واتركوا ({ ما بقي من الربا إن كنتم مؤمنين} ) بقلوبكم فإن دليله امتثال ما أمرتم به وروي أنه كان لثقيف مال على بعض قريش فطالبوهم عند المحل بالمال والربا فنزلت { فإن لم تفعلوا فأذنوا بحرب من الله ورسوله} أي فاعلموا بها { وإن تبتم} من الارتباء واعتقاد حلّه { فلكم رؤوس أموالكم لا تظلمون} بالزيادة { ولا تظلمون} بالمطل والنقصان { وإن كان ذو عسرة} وإن وقع غريم ذو عسرة { فنظرة} فالحكم نظرة أو فعليكم نظرة أو فلتكن نظرة وهي الإنظار { إلى ميسرة} يسار { وإن تصدقوا} { خير لكم} أكثر ثوابًا من الإنظار أو خير مما تأخذون لمضاعفة ثوابه { إن كنتم تعلمون} ما فيه من الذكر الجميل والأجر الجزيل { واتقوا يومًا ترجعون فيه إلى الله} يوم القيامة أو يوم الموت فتأهبوا لمصيركم إليه { ثم توفى كل نفس ما كسبت} أي جزاء ما عملت من خير أو شر { وهم لا يظلمون} [البقرة: 278 - 281] ينقص ثواب أو تضعيف عقاب، ولفظ رواية ابن عساكر بعد قوله: { وذروا ما بقي من الربا} (إلى قوله: { وهم لا يظلمون} ) ولأبوي ذر والوقت إلى { ما كسبت وهم لا يظلمون} (قال ابن عباس) مما وصله المؤلّف في التفسير من طريق الشعبي عنه: (هذه) الآية من { (واتقوا يومًا ترجعون فيه إلى الله} (آخر آية نزلت على النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-).


[ قــ :2002 ... غــ : 2086 ]
- حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ عَوْنِ بْنِ أَبِي جُحَيْفَةَ قَالَ: "رَأَيْتُ أَبِي اشْتَرَى عَبْدًا حَجَّامًا، فَسَأَلْتُهُ، فَقَالَ: نَهَى النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَنْ ثَمَنِ الْكَلْبِ وَثَمَنِ الدَّمِ، وَنَهَى عَنِ الْوَاشِمَةِ وَالْمَوْشُومَةِ، وَآكِلِ الرِّبَا وَمُوكِلِهِ، وَلَعَنَ الْمُصَوِّرَ".
[الحديث 2086 - أطرافهفي: 2238، 5347، 5945، 5962] .

وبه قال: (حدّثنا أبو الوليد) هشام بن عبد الملك الطيالسي قال: (حدّثنا شعبة) بن الحجاج (عن عون بن أبي جحيفة) بضم الجيم وفتح الحاء مصغرًا وفي آخر أبواب الطلاق من رواية آدم عن شعبة حدّثنا عون (قال: رأيت أبي) أبا جحيفة وهب بن عبد الله (اشترى عبدًا حجّامًا) لم يسم زاد

المؤلّف في آخر البيع من وجه آخر عن شعبة فأمر بمحاجمه فكسرت زاد في نسخة الصغاني فأمر بمحاجمه فكسرت كما في البيع (فسألته) عن ذلك أي عن كسر المحاجم وهي الآلة التي يحجم بها (فقال):
(نهى النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عن ثمن الكلب) ولو معلّمًا لنجاسته فلا يصح بيعه كخنزير وميتة ونحوهما، وجوّز أبو حنيفة بيع الكلاب وأكل ثمنها وأنها تضمن بالقيمة عند الإتلاف وعن مالك روايتان، وقال الحنابلة: لا يجوز بيعه مطلقًا (وثمن الدم) أي أجرة الحجامة وأطلق عليه الثمن تجوّزًا، وقد احتجم -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وأعطى الحجام أجره ولو كان حرامًا لم يعطه كما ثبت في الصحيحين، فالنهي عنه للتنزيه لخبثه من جهة كونه عوضًا في مقابلة مخامرة النجاسة ويطرد ذلك في كل ما يشبهه من كناس وغيره.

(ونهى) عليه الصلاة والسلام نهي تحريم (عن الواشمة) الفاعلة للوشم (والموشومة) أي عن فعلهما والوشم أن يغرز الجلد بإبرة ثم يحشى بكحل أو نيل فيزرقّ أثره أو يخضر، ولفظ نهى ساقط لابن عساكر، وإنما نهى عن الوشم لما فيه من تغيير خلق الله تعالى.
قال في الروضة: لو شق موضعًا في بدنه وجعل فيه دمًا أو وشم يده أو غيرها فإنه ينجس عند الغرز وفي تعليق الفرّاء أنه يُزال الوشم بالعلاج فإن كان لا يمكن إلا بالجرح لا جرح ولا إثم عليه بعد، (و) نهى عليه الصلاة والسلام أيضًا عن فعل (أكل الربا و) عن فعل (موكله) لأنهما شريكان في الفعل (ولعن المصوّر) للحيوان لا الشجر فإن الفتنة فيه أعظم وهو حرام بالإجماع.

وهذا الحديث أخرجه أيضًا في البيوع والطلاق واللباس وهو من أفراده.