فهرس الكتاب

إرشاد الساري - باب إذا لم يجد ماء ولا ترابا

باب إِذَا لَمْ يَجِدْ مَاءً وَلاَ تُرَابًا
( باب إذا لم يجد ماء) للطهارة ( ولا ترابًا) للتيمم بأن كان في سفينة لا يصل إلى الماء أو مسجونًا
بكنيف نجسة أرضه وجداره هل يصلي أم لا.


[ قــ :333 ... غــ : 336 ]
- حَدَّثَنَا زَكَرِيَّاءُ بْنُ يَحْيَى قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا اسْتَعَارَتْ مِنْ أَسْمَاءَ قِلاَدَةً فَهَلَكَتْ، فَبَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- رَجُلاً، فَوَجَدَهَا فَأَدْرَكَتْهُمُ الصَّلاَةُ وَلَيْسَ مَعَهُمْ مَاءٌ فَصَلَّوْا، فَشَكَوْا ذَلِكَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَأَنْزَلَ اللَّهُ آيَةَ التَّيَمُّمِ.
فَقَالَ أُسَيْدُ بْنُ حُضَيْرٍ لِعَائِشَةَ جَزَاكِ اللَّهُ خَيْرًا، فَوَاللَّهِ مَا نَزَلَ بِكِ أَمْرٌ تَكْرَهِينَهُ إِلاَّ جَعَلَ اللَّهُ ذَلِكِ لَكِ وَلِلْمُسْلِمِينَ فِيهِ خَيْرًا.

وبالسند قال: ( حدّثنا زكريا بن يحيى) هو ابن صالح اللؤلؤي البلخي، المتوفى سنة ثلاثين
ومائتين كما مال إليه الغساني والكلاباذي، أو هو زكريا بن يحيى بن عمر الطائي الكوفي أبو السكين
بضم المهملة وفتح الكاف المتوفى سنة إحدى وخمسين ومائتين ( قال: حدّثنا عبد الله بن نمير) بضم
النون الكوفي ( قال: حدّثنا هشام بن عروة عن أبيه) عروة بن الزبير ( عن عائشة) رضي الله عنها.

( أنها استعارت من) أختها ( أسماء) ذات النطاقين ( قلادة) بكسر القاف ( فهلكت) أي ضاعت
( فبعث رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- رجلاً) هو أسيد بن حضير ( فوجدها) أي القلادة ولا منافاة بينه وبين قوله في
الرواية السابقة، فأصبنا العقد تحت البعير لأن لفظ أصبنا عام شامل لعائشة وللرجل، فإذا وجد
الرجل بعد رجوعه صدق قوله أصبنا أو أن النبي -صى الله عليه وسلم- هو الذي وجده بعد ما بعث، ( فأدركتهم
الصلاة وليس معهم ماء فصلّوا)
أي بغير وضوء كما صرح به مسلم كالبخاري في سورة النساء في
فضل عائشة، واستدل به على أن فاقد الطهورين يصلي على حاله وهو وجه المطابقة بين الترجمة
والحديث، فكأن المصنف نزل فقد مشروعية التيمم منزلة فقد التراب بعد مشروعية التيمم فكأنه
يقول: حكمهم في عدم المطهر الذي هو الماء خاصة كحكمنا في عدم المطهرين الماء والتراب، ففيه
دليل على وجوب الصلاة لفاقد الطهورين لأنهم صلوا معتقدين وجوب ذلك، ولو كانت الصلاة

حينئذ ممنوعة لأنكر عليهم الشارع عليه الصلاة والسلام، وبهذا قال الشافعي وأحمد وجمهور المحدثين
وأكثر أصحاب مالك، لكن اختلفوا في وجوب الإعادة فنص الشافعي في الجديد على وجوبها إذا
وجد أحد الطهورين، وصححه أكثر أصحابه محتجين بأنه عذر نادر فلم تسقط الإعادة، وفي القديم
أقوال: أحدها: يندب له الفعل، والثاني يحرم ويعيد وجوبًا عليهما، والثالث يجب ولا يعيد، حكاه
في أصل الروضة، واختاره في شرح المهذب لأنه أذى وظيفة الوقت، وإنما يجب القضاء بأمر جديد
ولم يثبت فيه شيء وهو المشهور عن أحمد، وبه قال المزني وسحنون وابن المنذر ولحديث الباب، إذ لو
كانت واجبة لبينها لهم النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، إذ لا يجوز تأخير البيان عن وقت الحاجة.
وأجيب: بأن الإعادة
ليست على الفور، ويجوز تأخير البيان إلى وقت الحاجة، وقال مالك وأبو حنيفة، تحرم الصلاة لكونه
محدثًا وتجب الإعادة، لكن الذي شهره الشيخ خليل من المالكية سقوط الأداء في الوقت وسقوط
قضائها بعد خروجه.

( فشكوا ذلك) بفتح الكاف المخففة ( إلى رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فأنزل الله) عز وجل ( آية التيمم) { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ} آية المائدة إلى آخرها.
( فقال أسيد بن حضير
لعائشة)
رضي الله عنها: ( جزاك الله خيرًاً فوالله ما نزل بك أمر تكرهينه إلا جعل الله ذلك لك
وللمسلمين فيه خيرًا)
بكسر الكاف فيهما خطابًا للمؤنث، لكنه ضبب على ذلك في الفرع ونسبه
لرواية أبي ذر وابن عساكر.

ورواة هذا الحديث ما بين كوفي ومدني وفيه التحديث والعنعنة.