فهرس الكتاب

إرشاد الساري - باب من سمى بأسماء الأنبياء

باب مَنْ سَمَّى بِأَسْمَاءِ الأَنْبِيَاءِ
وَقَالَ أَنَسٌ: قَبَّلَ النَّبِىُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِبْرَاهِيمَ، يَعْنِى ابْنَهُ.

( باب من سمى) ابنه أو غيره ( بأسماء الأنبياء) عليهم الصلاة والسلام كإبراهيم وموسى وعيسى ومحمد ( وقال أنس) فيما سبق موصولاً في الجنائز: ( قبل النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إبراهيم يعني ابنه) وهذا التعليق ثابت في رواية الكشميهني ساقط في غيرها.


[ قــ :5865 ... غــ : 6194 ]
- حَدَّثَنَا ابْنُ نُمَيْرٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بِشْرٍ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ.

قُلْتُ لاِبْنِ أَبِى أَوْفَى: رَأَيْتَ إِبْرَاهِيمَ ابْنَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: مَاتَ صَغِيرًا وَلَوْ قُضِىَ أَنْ يَكُونَ بَعْدَ مُحَمَّدٍ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- نَبِىٌّ عَاشَ ابْنُهُ وَلَكِنْ لاَ نَبِىَّ بَعْدَهُ.

وبه قال: ( حدّثنا ابن نمير) بضم النون وفتح الميم هو محمد بن عبد الله بن نمير فنسبه لجده قال: ( حدّثنا محمد بن بشر) بكسر الموحدة وسكون المعجمة العبدي قال: ( حدّثنا إسماعيل) بن أبي خالد البجلي قال: ( قلت لابن أبي أوفى) بفتح الهمزة وسكون الواو وفتح الفاء عبد الله الصحابي ابن الصحابي واسم أبي أوفى علقمة: ( رأيت إبراهيم) أي هل رأيت إبراهيم ( ابن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-؟ قال) : نعم رأيته، وعند ابن منده والإسماعيلي قال: نعم كان أشبه الناس به لكنه ( مات صغيرًا) ثم ذكر السبب فقال: ( ولو قضي) بضم القاف وكسر الضاد المعجمة ( أن يكون بعد محمد -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- نبي عاش ابنه) إبراهيم ( ولكن لا نبي بعده) لأنه خاتم النبيين، وعند ابن ماجة من حديث ابن عباس لما مات إبراهيم ابن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- صلّى عليه وقال: "إن له مرضعًا في الجنة ولو عاش لكان صديقًا نبيًّا" وفي إسناده أبو شيبة إبراهيم بن عثمان الواسطي وهو ضعيف، ومن طريقه أخرجه ابن منده في المعرفة وقال: إنه غريب، وعند أحمد وابن منده من طريق السدي عن أنس قال: إن إبراهيم قد ملأ المهد ولو بقي لكان نبيًّا لكنه لم يكن ليبقى فإن نبيكم آخر الأنبياء ومثل هذا لا يقال من قبل الرأي وقد توارد عليه جماعة من الصحابة.
وأما استنكار ابن عبد البر حديث أنس حيث قال بعد إيراده في التمهيد: لا أدري ما هذا فقد ولد لنوح غير نبي ولو لم يلد النبي الأنبياء لكان كل أحد نبيًا لأنهم من ولد نوح ولا يلزم من الحديث المذكور ما ذكره لما لا يخفى، وكأنه سلف النووي -رضي الله عنه- في قوله في تهذيب الأسماء واللغات، وأما ما روي عن بعض المتقدمين لو عاش إبراهيم لكان نبيًّا فباطل وجسارة على الكلام على المغيبات ومجازفة وهجوم على عظيم من الزلل.
قال الحافظ ابن حجر: في الإصابة وغيرها: وهو عجيب مع وروده عن ثلاثة من الصحابة وكأنه لم يظهر له وجه تأويله فأنكره، وقال في الفتح: ويحتمل أن لا يكون استحضر ذلك
عن الصحابة المذكورين فرواه عن غيرهم ممن تأخر عنهم فقال ذلك، وجوابه أن القضية الشرطية لا تستلزم الوقوع ولا يظن بالصحابي أن يهجم على مثل هذا بظنه والله أعلم.

والحديث أخرجه ابن ماجة.




[ قــ :5866 ... غــ : 6195 ]
- حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عَدِىِّ بْنِ ثَابِتٍ قَالَ: سَمِعْتُ الْبَرَاءَ قَالَ: لَمَّا مَاتَ إِبْرَاهِيمُ - عَلَيْهِ السَّلاَمُ - قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «إِنَّ لَهُ مُرْضِعًا فِى الْجَنَّةِ».

وبه قال: ( حدّثنا سليمان بن حرب) الواشحي قاضي مكة قال: ( أخبرنا شعبة) بن الحجاج ( عن عدي بن ثابت) الأنصاري أنه ( قال: سمعت البراء) بن عازب -رضي الله عنه- ( قال: لما مات إبراهيم عليه السلام قال رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) :
( إن له مرضعًا) بضم الميم وكسر الضاد المعجمة تتم إرضاعه ( في الجنة) لأنه لما مات كان ابن ستة عشر شهرًا رواه ابن منده أو ثمانية عشر شهرًا رواه أحمد في مسنده عن عائشة، وقيل عاش سبعين يومًا حكاه البيهقي وكانت وفاته في ربيع الأول، وقيل في رمضان، وقيل في ذي الحجة، وهذا القول الثالث باطل على القول بأنه مات سنة عشر لأن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كان في حجة الوداع إلا إن كان مات في آخر ذي الحجة وعلى القول بأنه عاش سبعين يومًا يكون مات سنة ثمان والله أعلم.

والحديث سبق في الجنائز.




[ قــ :5867 ... غــ : 6196 ]
- حَدَّثَنَا آدَمُ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ حُصَيْنِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِى الْجَعْدِ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الأَنْصَارِىِّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «سَمُّوا بِاسْمِى، وَلاَ تَكْتَنُوا بِكُنْيَتِى، فَإِنَّمَا أَنَا قَاسِمٌ أَقْسِمُ بَيْنَكُمْ».
وَرَوَاهُ أَنَسٌ عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.

وبه قال: ( حدّثنا آدم) بن أبي إياس قال: ( حدّثنا شعبة) بن الحجاج ( عن حصين بن عبد الرحمن) بضم الحاء وفتح الصاد المهملتين السلمي أبي الهذيل الكوفي ( عن سالم بن أبي الجعد) بفتح الجيم وسكون العين المهملة الأشجعي مولاهم الكوفي ( عن جابر بن عبد الله الأنصاري) -رضي الله عنه- وسقط قوله ابن عبد الله الأنصاري لأبي ذر أنه ( قال: قال رسول الله) ولأبي ذر النبي ( -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) :
( سموا باسمي) محمد أو أحمد ( ولا تكتنوا) بسكون الكاف بعدها فوقية مفتوحة ولأبي ذر: ولا تكنوا بفتح الكاف بعدها نون مفتوحة مشددة ( بكنيتي) أبي القاسم، ولأبي ذر عن الكشميهني بكنوتي بالواو بدل الياء ومعناهما واحد ( فإنما أنا قاسم أقسم بينكم) مال الله أي وغيري ليس بهذه المنزلة فالكنية إنما تكون سبب وصف صحيح في المكني به والحصر هنا ليس بحصر مطلق بل بالحصر المقيد.

ومباحث الحديث سبقت قريبًا في باب قول النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: سموا باسمي.

( ورواه) أي الحديث ( أنس عن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) فيما وصله في البيوع وفي صفة النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- من طريق حميد عن أنس بلفظ: ( سموا اسمي ولا تكتنوا بكنيتي) .




[ قــ :5868 ... غــ : 6197 ]
- حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، حَدَّثَنَا أَبُو حَصِينٍ، عَنْ أَبِى صَالِحٍ، عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «سَمُّوا بِاسْمِى، وَلاَ تَكْتَنُوا بِكُنْيَتِى، وَمَنْ رَآنِى فِى الْمَنَامِ فَقَدْ رَآنِى، فَإِنَّ الشَّيْطَانَ لاَ يَتَمَثَّلُ صُورَتِى، وَمَنْ كَذَبَ عَلَىَّ مُتَعَمِّدًا، فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ».

وبه قال: ( حدّثنا موسى بن إسماعيل) أبو موسى التبوذكي قال: ( حدّثنا أبو عوانة) الوضاح بن عبد الله اليشكري قال: ( حدّثنا أبو حصين) بفتح الحاء وكسر الصاد المهملتين بعدها تحتية ساكنة فنون عثمان بن عاصم الأسدي الكوفي ( عن أبي صالح) ذكوان السمان ( عن أبي هريرة -رضي الله عنه- عن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) أنه ( قال) :
( سموا) أبناءكم ( باسمي ولا تكتنوا) بسكون الكاف، ولأبي ذر ولا تكنوا بفتح الكاف بعدها نون مشددة وأصله تتكنوا فحذفت إحدى التاءين ( بكنيتي) ولأبي ذر عن الكشميهني بكنوتي بالواو ( ومن رآني) أي رأى مثال صورتي ( في المنام فقد رآني) قال في شرح المشكاة: الشرط والجزاء اتحدا فدل على التناهي في المبالغة أي من رآني فقد رأى حقيقتي على كمالها لا شبهة ولا ارتياب فيما رأى.
وقال غيره: فقد رآني ليس بجزاء الشرط حقيقة بل لازمه نحو: فليستبشر فإنه قد رآني والحق أن ما يراه مثال حقيقة روحه المقدسة التي هي محل النبوّة وما يراه من الشكل ليس هو روح النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ولا شخصه بل هو مثال له على التحقيق ( فإن الشيطان لا يتمثل) لا يتصوّر ( صورتي) هذا كالتتميم للمعنى والتعليل للحكم، ولأبي ذر عن الكشميهني في صورتي.

وبقية المباحث المتعلقة بهذا تأتي إن شاء الله تعالى بعون الله وقوته في كتاب التعبير: وقوله: ومن رآني الخ حديث آخر جمعه مع سابقه ولاحقه بالإسناد السابق ( ومن) ولأبي ذر فمن بالفاء بدل الواو ( كذب عليّ متعمدًا فليتبوأ مقعده) أي فليتخذ موضعًا لمقامه ( من النار) وتقدّم في كتاب العلم شيء من مباحثه والله الموفق.




[ قــ :5869 ... غــ : 6198 ]
- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلاَءِ، حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ بُرَيْدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِى بُرْدَةَ، عَنْ أَبِى بُرْدَةَ، عَنْ أَبِى مُوسَى قَالَ: وُلِدَ لِى غُلاَمٌ فَأَتَيْتُ بِهِ النَّبِىَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَسَمَّاهُ إِبْرَاهِيمَ فَحَنَّكَهُ بِتَمْرَةٍ، وَدَعَا لَهُ بِالْبَرَكَةِ وَدَفَعَهُ إِلَىَّ.
وَكَانَ أَكْبَرَ وَلَدِ أَبِى مُوسَى.

وبه قال: ( حدّثنا محمد بن العلاء) بن دكين أبو كريب الهمداني الكوفي قال: ( حدّثنا أبو أسامة) حماد بن أسامة ( عن بريد بن عبد الله) بضم الموحدة وفتح الراء وبعد التحتية الساكنة دال
مهملة ( ابن أبي بردة عن) جدّه ( أبي بردة) بضم الموحدة وسكون الراء عامر وقيل الحارث ( عن أبي موسى) عبد الله بن قيس الأشعري -رضي الله عنه- أنه ( قال: ولد لي غلام فأتيت به النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فسماه إبراهيم فحنكه) أي دلك سقف فمه ( بتمرة) بعد أن مضغها عقب تسميته إبراهيم كاسم خليل الله ( ودعا له بالبركة ودفعه إليّ) بتشديد التحتية ( وكان) إبراهيم هذا ( أكبر ولد أبي موسى) قال في الفتح: وهذا يشعر بأن أبا موسى كني قبل أن يولد له وإلاّ فلو كان الأمر على ذلك لكني بابنه إبراهيم المذكور ولم ينقل أنه كان يكنى أبا إبراهيم، والحديث مرّ في العقيقة.




[ قــ :5870 ... غــ : 6199 ]
- حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ، حَدَّثَنَا زَائِدَةُ، حَدَّثَنَا زِيَادُ بْنُ عِلاَقَةَ سَمِعْتُ الْمُغِيرَةَ بْنَ شُعْبَةَ قَالَ: انْكَسَفَتِ الشَّمْسُ يَوْمَ مَاتَ إِبْرَاهِيمُ.
رَوَاهُ أَبُو بَكْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.

وبه قال: ( حدّثنا أبو الوليد) هشام بن عبد الملك الطيالسي قال: ( حدّثنا زائدة حدّثنا زياد بن علاقة) بكسر العين المهملة وتخفيف اللام وبالقاف الثعلبي قال: ( سمعت المغيرة بن شعبة) الثقفي شهد الحديبية وولي الكوفة غير مرة -رضي الله عنه- ( قال: انكسفت الشمس يوم مات إبراهيم) ابن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- سنة عشر كما جزم به الواقدي وقال: يوم الثلاثاء لعشر خلون من ربيع الأول ( رواه) أي هذا الحديث ( أبو بكرة) نفيع ( عن النبي-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) فيما سبق موصولاً في الكسوف لكن ليس فيه يوم مات إبراهيم، وفي هذه الأحاديث جواز التسمية بأسماء الأنبياء، وقد ثبت عن سعيد بن المسيب أنه قال: أحب الأسماء إلى الله تعالى أسماء الأنبياء.