فهرس الكتاب

إرشاد الساري - باب العمل في العشر الأواخر من رمضان

باب الْعَمَلِ فِي الْعَشْرِ الأَوَاخِرِ مِنْ رَمَضَانَ
( باب) الاجتهاد في ( العمل في العشر الأواخر من) وللحموي والمستملي: في ( رمضان) .


[ قــ :1941 ... غــ : 2024 ]
- حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ أَبِي يَعْفُورٍ عَنْ أَبِي الضُّحَى عَنْ مَسْرُوقٍ عَنْ عَائِشَةَ -رضي الله عنها- قَالَتْ: "كَانَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِذَا دَخَلَ الْعَشْرُ شَدَّ مِئْزَرَهُ، وَأَحْيَا لَيْلَهُ، وَأَيْقَظَ أَهْلَهُ".

وبالسند قال: ( حدّثنا علي بن عبد الله) المديني قال: ( حدّثنا سفيان) بن عيينة ( عن أبي يعفور) بفتح المثناة التحتية وسكون العين المهملة وضم الفاء آخره راء منصرفًا عبد الرحمن بن عبيد البكائي العامري ( عن أبي الضحى) مسلم بن صبيح مصغر صبح ( عن مسروق) هو ابن الأجدع ( عن عائشة

-رضي الله عنها- قالت)
: ( كان النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إذا دخل العشر) أي الأخير كما صرح به حديث علي عند ابن أبي شيبة من رمضان ( شد مئزره) بكسر الميم وسكون الهمزة أي إزاره، ولمسلم جدّ وشد المئزر قيل هو كناية عن شدة جده واجتهاده في العبادة كما يقال: فلان يشد وسطه ويسعى في كذا وهذا فيه نظر فإنها قالت: جد وشد المئزر فعطفت شد المئزر على الجد والعطف يقتضي التغاير، والصحيح أن المراد به اعتزاله للنساء وبذلك فسره السلف والأئمة المتقدمون، وجزم به عبد الرزاق عن الثوري واستشهد بقول الشاعر:
قوم إذا حاربوا شدّوا مآزرهم ... عن النساء ولو باتت بأطهار
ويحتمل أن يراد الاعتزال والتشمير معًا فلا ينافي شد المئزر حقيقة، وقد كان عليه الصلاة والسلام يصيب من أهله في العشرين من رمضان، ثم يعتزل النساء ويتفرغ لطلب ليلة القدر في العشر الأواخر.
وعند ابن أبي عاصم بإسناد مقارب عن عائشة كان رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إذا كان رمضان قام ونام، فإذا دخل العشر شد المئزر واجتنب النساء.
وفي حديث أنس عند الطبراني كان -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إذا دخل العشر الأواخر من رمضان طوى فراشه واعتزل النساء.

( وأحيا ليله) ، استغرقه بالسهر في الصلاة وغيرها أو أحيا معظمه لقولها في الصحيح: ما علمته قام ليلة حتى الصباح.
وقوله: أحيا ليله من باب الاستعارة شبه القيام فيه بالحياة في حصول الانتفاع التام أي أحيا ليله بالطاعة أو أحيا نفسه بالسهر فيه لأن النوم أخو الموت، وأضافه إلى الليل اتساعًا لأن النائم إذا حيى باليقظة حيى ليله بحياته وهو نحو قوله لا تجعلوا بيوتكم قبورًا أي لا تناموا فتكونوا كالأموات فتكون بيوتكم كالقبور ( وأيقظ أهله) أي للصلاة والعبادة.

وهذا الحديث أخرجه مسلم أيضًا في الصوم وأبو داود في الصلاة وكذا النسائي وأخرجه ابن ماجة في الصوم.