فهرس الكتاب

إرشاد الساري - باب: هل يأخذ اللقطة ولا يدعها تضيع حتى لا يأخذها من لا يستحق

باب هَلْ يَأْخُذُ اللُّقَطَةَ وَلاَ يَدَعُهَا تَضِيعُ حَتَّى لاَ يَأْخُذَهَا مَنْ لاَ يَسْتَحِقُّ؟
هذا ( باب) بالتنوين ( هل يأخذ) الشخص ( اللقطة ولا يدعها) حال كونها ( تضيع) بتركه إياها

( حتى لا يأخذها من لا يستحق) .
قال الحافظ ابن حجر: سقطت "لا" بعد حتى في رواية ابن شبويه وأظن الواو سقطت من قبل حتى، والمعنى لا يدعها تضيع ولا يدعها حتى يأخذها من لا يستحق، وتعقبه العيني فقال: لا يحتاج إلى هذا الظن ولا إلى تقدير الواو لأن المعنى صحيح والمعنى لا يتركها ضائعة ينتهي إلى أخذها من لا يستحق، وأشار بهذه الترجمة إلى الرد على من كره اللقطة مستدلاًّ بحديث الجارود مرفوعًا عند النسائي بإسناد صحيح: ضالة المسلم حرق النار بفتح الحاء المهملة والراء وقد تسكن الراء، والمعنى أن ضالة المسلم إذا أخذها إنسان ليتملكها أدّته إلى النار وهو تشبيه بليغ حذف منه حرف التشبيه للمبالغة وهو من تشبيه المحسوس بالمحسوس، ومذهب الشافعية استحبابها لأمين وثّق بنفسه وتكره لفاسق لئلا تدعوه نفسه إلى الخيانة ولا تجب، وإن غلب على ظنه ضياع اللقطة وأمانة نفسه كما لا يجب قبول الوديعة.
وحملوا حديث الجارود على من لا يعرفها لحديث زيد بن خالد عند مسلم من آوى الضالة فهو ضال ما لم يعرفها.


[ قــ :2332 ... غــ : 2437 ]
- حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ سَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ قَالَ: سَمِعْتُ سُوَيْدَ بْنَ غَفَلَةَ قَالَ: «كُنْتُ مَعَ سَلْمَانَ بْنِ رَبِيعَةَ وَزَيْدِ بْنِ صُوحَانَ فِي غَزَاةٍ، فَوَجَدْتُ سَوْطًا، فَقَالَ لِي: أَلْقِهِ، قُلْتُ: لاَ، وَلَكِنْ إِنْ وَجَدْتُ صَاحِبَهُ وَإِلاَّ اسْتَمْتَعْتُ بِهِ.
فَلَمَّا رَجَعْنَا حَجَجْنَا، فَمَرَرْتُ بِالْمَدِينَةِ، فَسَأَلْتُ أُبَىَّ بْنَ كَعْبٍ -رضي الله عنه- فَقَالَ: وَجَدْتُ صُرَّةً عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِيهَا مِائَةُ دِينَارٍ، فَأَتَيْتُ بِهَا النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: عَرِّفْهَا حَوْلاً، فَعَرَّفْتُهَا حَوْلاً.
ثُمَّ أَتَيْتُ فَقَالَ: عَرِّفْهَا حَوْلاً، فَعَرَّفْتُهَا حَوْلاً.
ثُمَّ أَتَيْتُهُ فَقَالَ: عَرِّفْهَا حَوْلاً فَعَرَّفْتُهَا حَوْلاً.
ثُمَّ أَتَيْتُهُ الرَّابِعَةَ فَقَالَ: اعْرِفْ عِدَّتَهَا وَوِكَاءَهَا وَوِعَاءَهَا، فَإِنْ جَاءَ صَاحِبُهَا وَإِلاَّ اسْتَمْتِعْ بِهَا».

حَدَّثَنَا عَبْدَانُ قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبِي عَنْ شُعْبَةَ عَنْ سَلَمَةَ بِهَذَا، قَالَ: "فَلَقِيتُهُ بَعْدُ بِمَكَّةَ فَقَالَ: لاَ أَدْرِي أَثَلاَثَةَ أَحْوَالٍ أَوْ حَوْلاً وَاحِدًا".

وبه قال: ( حدّثنا سليمان بن حرب) الواشحي بمعجمة ثم مهملة قال: ( حدّثنا شعبة) ابن الحجاج ( عن سلمة بن كهيل) بالتصغير الحضرمي أبي يحيى الكوفي أنه ( قال: سمعت سويد بن غفلة) بتصغير سويد وفتح الغين المعجمة والفاء واللام من غفلة الجعفي المخضرم التابعي الكبير ( قال: كنت مع سلمان بن ربيعة) بفتح السين وسكون اللام ابن يزيد بن عمرو الباهلي يقال له صحبة وكان يلي الخيول أيام عمر وهو أول من استقضي على الكوفة ( وزيد بن صوحان) بضم الصاد المهملة وسكون الواو وبالحاء المهملة العبدي التابعي الكبير المخضرم ( في غزاة) زاد أحمد من طريق سفيان عن سلمة حتى إذا كنّا بالعذيب وهو بضم العين المهملة وفتح الذال المعجمة آخره موحدة موضع أو هو بين الجار وينبع أو وادٍ بظاهر الكوفة ( فوجدت سوطًا فقال لي) أحدهما ولأبي ذر: فقالا لي أي سلمان وزيد ( ألقه) قال ابن غفلة ( قلت لا) ألقيه ( ولكن) ولأبي ذر: ولكني ( إن وجدت صاحبه) دفعته إليه ( وإلا استمتعت به، فلما رجعنا حججنا فمررت بالمدينة فسألت أُبي بن كعب رضي الله تعالى عنه) عن

حكم التقاط السوط.
( فقال: وجدت صرة على عهد النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فيها مائة دينار) استدلّ به لأبي حنيفة في تفرقته بين قليل اللقطة وكثيرها فيعرّف الكثير سنة والقليل أيامًا، وحدّ القليل عنده ما لا يوجب القطع وهو ما دون العشرة ( فأتيت بها النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فقال) :
( عرّفها حولاً فعرفتها حولاً) أي فلم أجد من يعرفها ( ثم أتيت) النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ( فقال) عليه الصلاة والسلام ( عرفها حولاً فعرفتها حولاً) أي فلم أجد من يعرفها ( ثم أتيته) عليه الصلاة والسلام ( فقال) عليه الصلاة والسلام ( عرفها حولاً فعرفتها حولاً) أي فلم أجد من يعرفها ( ثم أتيته الرابعة) أي بعد أن عرفتها ثلاثًا ( فقال اعرف عدتها ووكاءها ووعاءها فإن جاء صاحبها) فأدّها إليه ( وإلا) بأن لم يجيء ( استمتع بها) بدون فاء.
قال ابن مالك: في هذه الرواية حذف جواب إن الأولى وحذف شرط إن الثانية وحذف الفاء من جوابها، والأصل فإن جاء صاحبها أخذها أو نحو ذلك وإن لا يجيء فاستمتع بها.

وبه قال: ( حدّثنا عبدان) واسمه عبد الله ( قال: أخبرني) بالإفراد ( أبي) عثمان بن جبلة بفتح الجيم والموحدة الأزدي البصري ( عن شعبة) بن الحجاج ( عن سلمة) هو ابن كهيل ( بهذا) الحديث المذكور.

( قال) شعبة بن الحجاج ( فلقيته) أي سلمة بن كهيل كما صرّح به مسلم ( بعد) بالبناء على الضم حال كونه ( بمكة فقال) سلمة ( لا أدري) قال سويد ( أثلاثة أحوال أو) قال ( حولاً واحدًا) وقد مرّ ما في هذه المسألة من البحث وأن الشك يوجب سقوط المشكوك فيه وهو الثلاثة فيجب العمل بالجزم وهو التعريف سنة واحدة في أول اللقطة.