فهرس الكتاب

إرشاد الساري - باب ما جاء في الثوم الني والبصل والكراث

باب مَا جَاءَ فِي الثُّومِ النَّىِّء وَالْبَصَلِ وَالْكُرَّاثِ
وَقَوْلِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «مَنْ أَكَلَ الثُّومَ أَوِ الْبَصَلَ مِنَ الْجُوعِ أَوْ غَيْرِهِ فَلاَ يَقْرَبَنَّ مَسْجِدَنَا».

( باب ما جاء في) أكل ( الثوم النيء) بنون مكسورة فمثناة تحتية فهمزة ممدودة، وقد تدغم، وهو مجرور، صفة لسابقه المضموم المثلثة، أي غير النضيج ( و) ما جاء في أكل ( البصل والكراث) بضم الكاف وتشديد الراء آخره مثلثة.

( وقول النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) بجرّ لام القول عطفًا على المجرور السابق، ومقول قوله عليه الصلاة والسلام ( من أكل الثوم أو البصل) أي: النيء ( من الجوع، أو غيره) كالأكل للتشهّي، والتأدّم بالخبز ( فلا يقربن مسجدنا) بنون التأكيد المشددة.

وليس هذا لفظ حديث، بل هو من تفقه المصنف، وتجويزه لذكر الحديث بالمعنى.

والتقييد: بالجوع أو غيره، مأخوذ من كلام الصحابي في بعض طرق حديث جابر، المروي في مسلم، ولفظه: نهى رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عن أكل البصل والكراث، فغلبتنا الحاجة، فأكلنا منه ... الحديث.
والحاجة تشمل الجوع وغيره.

وأصرح منه ما في حديث أبي سعيد: ثم بعد أن فتحت خيبر فوقعنا في هذه البقلة والناس جياع ... الحديث.


[ قــ :828 ... غــ : 853 ]
- حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ قَالَ: حَدَّثَنِي نَافِعٌ عَنِ ابْنِ عُمَرَ -رضي الله عنهما- "أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ فِي غَزْوَةِ خَيْبَرَ: مَنْ أَكَلَ مِنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ -يَعْنِي الثُّومَ- فَلاَ يَقْرَبَنَّ مَسْجِدَنَا".
[الحديث 853 - أطرافه في: 4215، 4217، 4218، 5521، 5522] .

وبالسند إلى البخاري رحمه الله قال: ( حدّثنا مسدد) هو ابن مسرهد ( قال: حدّثنا يحيى) بن سعيد القطان ( عن عبيد الله) بضم العين، ابن عمر العمري ( قال: حدّثني) بالإفراد ( نافع) مولى ابن عمر ( عن ابن عمر) بن الخطاب ( رضي الله عنهما، أن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال، في غزوة خيبر) سنة سبع من الهجرة:

( من أكل من هذه الشجرة) ( يعني الثوم) يحتمل أن يكون القائل: يعني، هو عبيد الله العمري، كما قاله الحافظ ابن حجر رحمه الله ( فلا يقربن مسجدنا) بنون التأكيد المشددة أي: المكان الذي أعدّه ليصلّي فيه مدة إقامته بخيبر، أو المراد بالمسجد: الجنس، والإضافة إلى المسلمين ويدل له رواية أحمد عن يحيى القطان فيه بلفظ: فلا يقربن المساجد: وحكم رحبة المسجد حكمه لأنها منه، ولذا كان عليه الصلاة والسلام إذا وجد ريحها في المسجد أمر بإخراج مَن وجدت منه إلى البقيع، كما ثبت في مسلم عن عمر رضي الله عنه، ويلحق بالثوم كل ذي ريح كريه.

وألحق بعضهم به من بفيه بخر، أو لجرحه رائحة، وكالمجذوم والأبرص، وأصحاب الصنائع الكريهة: كالسماك، وتاجر الكتان، والغزل.

وعورض بأن آكل الثوم أدخل على نفسه باختياره هذا المانع، بخلاف: الأبخر والمجذوم، فكيف يلحق المضطر بالمختار.
اهـ.

وزاد مسلم من رواية ابن نمير عن عبيد الله: حتى ذهب ريحها.
وسمى الثوم بالشجرة، والشجرة ما كان على ساق له وما لا ساق له يسمى نجمًا.
كما أن اسم كلٍّ منهما قد يطلق على الآخر، ونطق أفصح الفصحاء من أقوى الدلائل.




[ قــ :89 ... غــ : 854 ]
- حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي عَطَاءٌ قَالَ: سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- «مَنْ أَكَلَ مِنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ -يُرِيدُ الثُّومَ- فَلاَ يَغْشَانَا فِي مَسَاجِدِنَا».
قُلْتُ: مَا يَعْنِي بِهِ؟ قَالَ: مَا أُرَاهُ يَعْنِي إِلاَّ نِيئَهُ.
.

     وَقَالَ  مَخْلَدُ بْنُ يَزِيدَ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ: إِلاَّ نَتْنَهُ.
[الحديث 854 - أطرافه في: 855، 545، 7359] .

وبه قال: ( حدّثنا عبد الله بن محمد) أي: ابن اليمان الجعفي المسندي المتوفى سنة تسع وعشرين ومائتين ( قال: حدّثنا أبو عاصم) الضحاك بن مخلد النبيل، شيخ المؤلّف، وربما روى عنه بواسطة كما هنا ( قال: أخبرنا ابن جريج) عبد الملك ( قال: أخبرني) بالإفراد ( عطاء) هو ابن أبي رباح ( قال: سمعت جابر بن عبد الله) الأنصاري ( قال: قال النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) :
( من كل من هذه الشجرة) ( يريد الثوم) يحتمل أن يكون الذي فسر هو ابن جريج كما قاله الحافظ ابن حجر، رحمه الله تعالى.
( فلا يغشانا) بألف بعد الشين المعجمة إجراء للمعتل مجرى الصحيح، كقوله:
إذا العجوز غضبت فطلق ... ولا ترضاها ولا تملق
أو الألف من إشباع فتحية يغشنا، أو خبر بمعنى النهي، أي: فلا يأتنا ( في مساجدنا) وللحموي والمستملي: مسجدنا، بالإفراد.


قال عطاء ( قلت) لجابر: ( ما يعني به) أي: بالثوم أنضيجًا أم نيًّا؟ ( قال) جابر: ( ما أراه) بضم الهمزة أي: ما أظنه عليه الصلاة والسلام ( يعني) أي يقصد ( إلا نيئه) بكسر النون مع الهمزة والمد، كما في الفرع وأصله وجزم الكرماني بأن السائل عطاء.
والمسؤول جابر، وتبعه البرماوي، والعيني.
وقال الحافظ ابن حجر: أظن السائل ابن جريج والمسؤول عطاء.
وفي مصنف عبد الرزاق ما يرشد إلى ذلك.
اهـ.

ومقتضى قوله: إلا نيئه، أنه لا يكره المطبوخ.
وفي حديث عليّ، المروي عند أبي داود، قال: نهى عن أكل الثوم إلا مطبوخًا.
وفي حديث معاوية بن قرة، عن أبيه أنه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- نهى عن هاتين الشجرتين، وقال: "من أكلهما فلا يقربن مسجدنا".
وقال: "إن كنتم لا بدّ آكليهما فأميتوهما طبخًا".

( وقال مخلد بن يزيد) بفتح الميم وسكون الخاء المعجمة ويزيد من الزيادة، والحراني المتوفى سنة ثلاث وتسعين ومائة، يروي ( عن ابن جريج) عبد الملك: ( إلا نتنه) بفتح النون وسكون المثناة الفوقية بعدها نون أخرى.
أي: قال بدل نيئه، نتنه.
وهو الرائحة الكريهة.

ونقل ابن التين عن مالك أنه قال: الفجل إن كان يظهر ريحه فهو كالثوم، وقيده القاضي عياض بالجشاء: ونص في الطبراني الصغير، في حديث أبي الزبير عن جابر: على الفجل، لكن في إسناده يحيى بن راشد وهو ضعيف.

وقد وقع حديث جابر هذا مقدمًا على سابقه في بعض الأصول، وعلى أولهما في فرع اليونينية، كهي، علامة التقديم والتأخير، ورمز أبي ذر وعليه شرح العيني.

ورواة حديث جابر هذا ما بين بخاري وبصري ومكّي وشيخ المؤلّف المسندي من أفراده، وفيه التحديث والإخبار والسماع والقول، وأخرجه مسلم والنسائي: في الصلاة، والترمذي في الأطعمة.




[ قــ :830 ... غــ : 855 ]
- حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُفَيْرٍ قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ عَنْ يُونُسَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ زَعَمَ عَطَاءٌ أَنَّ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ زَعَمَ أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "مَنْ أَكَلَ ثُومًا أَوْ بَصَلاً فَلْيَعْتَزِلْنَا -أَوْ قَالَ- فَلْيَعْتَزِلْ مَسْجِدَنَا، وَلْيَقْعُدْ فِي بَيْتِهِ.
وَأَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أُتِيَ بِقِدْرٍ فِيهِ خَضِرَاتٌ مِنْ بُقُولٍ فَوَجَدَ لَهَا رِيحًا، فَسَأَلَ، فَأُخْبِرَ بِمَا فِيهَا مِنَ الْبُقُولِ قَالَ: قَرِّبُوهَا -إِلَى بَعْضِ أَصْحَابِهِ كَانَ مَعَهُ- فَلَمَّا رَآهُ كَرِهَ أَكْلَهَا قَالَ: كُلْ، فَإِنِّي أُنَاجِي مَنْ لاَ تُنَاجِي".

وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ عَنْ ابْنُ وَهْبٍ "أُتِيَ بِبَدْرٍ" قَالَ ابنُ وَهبٍ: يَعْنِي طَبَقًا فِيهِ خُضَرَاتٌ.

وَلَمْ يَذْكُرِ اللَّيْثُ وَأَبُو صَفْوَانَ عَنْ يُونُسَ قِصَّةَ الْقِدْرِ، فَلاَ أَدْرِي هُوَ مِنْ قَوْلِ الزُّهْرِيِّ أَوْ فِي الْحَدِيثِ.

وبه قال: ( حدّثنا سعيد بن عفير) هو سعيد بن كثير بن عفير، بضم العين المهملة وفتح الفاء، المصري ( قال: حدّثنا ابن وهب) عبد الله المصري أيضًا ( عن يونس) بن يزيد ( عن ابن شهاب)

الزهري ( زعم عطاء) هو ابن أبي رباح أي: قال: لأن المراد بالزعم هنا القول المحقق وللأصيلي: عن عطاء ( أن جابر بن عبد الله) الأنصاري ( زعم أن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال) ( من أكل ثومًا أو بصلاً فليعتزلنا) ( أو قال: فليعتزل) ولابن عساكر أو فليعتزل ( مسجدنا) شك من الزهري - ( وليقعد) بواو العطف، ولأبي ذر: أو ليقعد ( في بيته) .
بالشك.
وهو أخص من الاعتزال لأنه أعمّ من أن يكون في البيت أو غيره.

وبه قال المؤلّف ( و) حدّثنا سعيد بن عفير بإسناده ( أن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) أي: لما قَدِمَ المدينة من مكة، ونزل في بيت أبي أيوب الأنصاري ( أتي) من عند أبي أيوب ( بقدر) بضم الهمزة وكسر القاف، ما يطبخ فيه الطعام ( فيه خضرات) بفتح الخاء وكسر الضاد المعجمتين، ولأبي ذر، وعزاها القاضي عياض وابن قرقول للأصيلي: خضرات، بضم الخاء وفتح الضاد، جمع خضرة ( من بقول) أي مطبوخة، ( فوجد لها ريحًا) لأن الرائحة لم تمت منها بالطبخ، فكأنها نيئة ( فسأل، فأخبر) بضم الهمزة مبنيًّا للمفعول، أي أُخبر النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ( بما فيها) أي القدر ( من البقول فقال) وفي رواية قال:
( قربوها) أي القدر أو الخضرات أو البقول مشيرًا ( إلى بعض أصحابه كان معه) ، هو أبو أيوب الأنصاري.

استدلّ في فتح الباري لكونه أبا أيوب بحديث مسلم، في قصة نزوله عليه الصلاة والسلام عليه، قال: وكان يقدم للنبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- طعامًا، فإذا جيء به إليه، أي بعد أن يأكل النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- منه، سأل عن موضع أصابع النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فصنع ذلك مرة، فقيل له: لم يأكل، وكان الطعام فيه ثوم، فقال: أحرام هو يا رسول الله؟ قال: "لا، ولكن أكرهه" اهـ.

أو هو وغيره حديث أم أيوب المروي عند ابني خزيمة وحبان.
قالت: نزل علينا رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فتكلفنا له طعامًا فيه بعض البقول ... الحديث.
وفيه: قال: كلوا، فإني لست كأحد منكم، فهذا أمر بالأكل للجماعة.

( فلما رآه) أي فلما رأى النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أبا أيوب أو غيره ( كره أكلها قال) ولأبي ذر والأصيلي فقال:
( كل فإني أناجي مَن لا تناجي) أي من الملائكة.
وعند ابني خزيمة وحبان، من وجه آخر: أن رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أرسل إليه بطعام من خضرة فيه بصل أو كراث، فلم ير فيه أثر رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فأبى أن يأكل.
فقال له: ما منعك أن تأكل؟ فقال: لم أر أثر يدك قال: أستحيي من ملائكة الله، وليس بمحرم.
وعندهما أيضًا: إني أخاف أن أُوذي صاحبيّ.

ورواة هذا الحديث ما بين مصري بالميم ومكّي ومدني، وفيه التحديث والعنعنة، وأخرجه البخاري في الاعتصام، ومسلم في الصلاة، وأبو داود في الأطعمة، والنسائي في الوليمة.

( وقال أحمد بن صالح) المصري، شيخ المؤلّف من أفراده، يروي ( عن ابن وهب) عبد الله: ( أتي) بضم الهمزة ( ببدر) بفتح الموحدة وسكون الدال آخره راء، فخالف سعيد ابن عفير شيخه المذكور في لفظة قدر بالقاف فقط، وشاركه في سائر الحديث عن ابن وهب بإسناده المذكور.

وقد رواه المؤلّف في الاعتصام: ( قال ابن وهب) في تفسير بدر: ( يعني طبقًا) شبّهه بالبدر، وهو القمر عند كماله لاستدارته ( فيه خضرات) أي من بقول، وظاهره أن البقول كانت فيه نيئة، لكن لا مانع من كونها كانت مطبوخة.

وقد رجح جماعة من الشرّاح رواية أحمد بن صالح هذه، لكن ابن وهب فسر البدر بالطبق، فدل على أنه حدث به كذلك.
والذي يظهر أن رواية القدر أصح لما تقدم من حديث أبي أيوب وأم أيوب جميعًا، فإن فيه التصريح بالطعام.

( ولم يذكر الليث) بن سعد فيما وصله الذهلي في الزهريات ( وأبو صفوان) عبد الله بن سعيد الأموي، فيما وصله المؤلّف: في الأطعمة، عن علي بن المديني عنه، ( عن يونس) بن يزيد عن عطاء عن جابر ( قصة القدر) بل اقتصر على الحديث الأوّل.

قال المؤلّف أو شيخه: سعيد بن عفير، أو ابن وهب، وبالأوّل جزم ابن حجر رحمه الله.
( فلا أدري هو من قول الزهري) مدرجًا ( أو) هو مروي ( في الحديث) المذكور.

وفي متن الفرع كأصله بعد قوله: وقال أحمد بن صالح، بعد حديث يونس، عن ابن شهاب، وهو يثبت قول يونس: هذا لفظه، وعليه علامة السقوط عند أبوي ذر والوقت، والأصيلي وابن عساكر، وبالهامش مكتوب: ظع.
عن ابن شهاب ثبتت، وبالهامش أيضًا بقية قوله: وقال أحمد بن صالح إلى آخر قوله: أو في الحديث خرج له من آخر قوله ابن صالح.
وقال تلو ذلك: هذا المكتوب جميعه في هامش اليونينية في هذا الموضع وليس عليه رقم.
اهـ.

وقد ثبت أيضًا في الفرع: كهو، قوله: وقال أحمد بن صالح إلى آخر قوله: أو في الحديث في الهامش بعد قوله: وقال مخلد بن يزيد عن ابن جريج، إلا نتنه.
وقال في آخره: هذا مكتوب في اليونينية في المتن في هذا الوضع، ومكتوب إلى جانبه: يؤخر إلى بعد قوله: من لا تناجي عند: هـ.
ص.
ش.
ظ.
صحـ.

وسيأتي بعد مكتوبًا في هذه النسخة على ما ذكر: أنه عند أصحاب هذه العلامات فليعلم.
اهـ.




[ قــ :83 ... غــ : 856 ]
- حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ قَالَ: "سَأَلَ رَجُلٌ أَنَسًا: مَا سَمِعْتَ نَبِيَّ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ فِي الثُّومِ؟ فَقَالَ: قَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «مَنْ أَكَلَ مِنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ فَلاَ يَقْرَبْنَا -أَوْ- لاَ يُصَلِّيَنَّ مَعَنَا».
[الحديث 856 - طرفه في: 5451] .


وبالسند إلى المؤلّف قال: (حدّثنا أبو معمر) عبد الله، المقعد البصري (قال: حدّثنا عبد الوارث بن سعيد العنبري البصري (عن عبد العزيز) بن صهيب البناني البصري (قال: سأل رجل)، قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: لم أعرف اسمه (أنسًا) ولأبي ذر والأصيلي: أنس بن مالك: (ما سمعت نبي الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يقول في الثوم) بفتح تاء سمعت على الخطاب، وما استفهامية، ولأبي ذر: يذكر، وللأصيلي وأبي الوقت: يقول في الثوم؟ (فقال) أنس (قال النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-):
(من أكل من هذه الشجرة) أي الثوم (فلا يقربنا) بفتح الراء والموحدة وبنون التأكيد المشددة (ولا يصلّين معنا) عطف عليه بنون التأكيد المشددة أيضًا، وعين معنا تسكن وتفتح، أي: مصاحبًا لنا.
وليس فيه تقييد النهي بالمسجد.

فيستدل بعمومه على إلحاق حكم الجامع بالمساجد، كمصلي العيد، والجنائز، ومكان الوليمة.

لكن قد علّل المنع في الحديث بترك أدّى الملائكة، وترك أدّى المسلمين.
فإن كان كلٌّ منهما جزء علة اختص النهي بالمساجد، وما في معناها وهذا هو الأظهر.
وإلاَّ فيعمّ النهي كل مجمع.
كالأسواق، ويؤيد هذا البحث قوله في حديث أبي سعيد عند مسلم: "من أكل من هذه الشجرة شيئًا فلا يقربنا في المسجد".

قال ابن العربي ذكر الصفة في الحكم يدل على التعليل بها، ومن ثم رد على الماوردي حيث قال: لو أن جماعة مسجد أكلوا كلهم ما له رائحة كريهة لم يمنعوا منه، بخلاف ما إذا أكل بعضهم، لأن المنع لم يختص بهم، بل بهم وبالملائكة.
وعلى هذا يتناول المنع من تناول شيئًا من ذلك.
ودخل المسجد مطلقًا، وإن كان وحده، قاله في فتح الباري.

ورواة هذا الحديث كلهم بصريون، وفيه التحديث والعنعنة والسؤال والقول، وأخرجه البخاري أيضًا في الأطعمة، ومسلم في الصلاة.