فهرس الكتاب

إرشاد الساري - باب الأذان قبل الفجر

باب الأَذَانِ قَبْلَ الْفَجْرِ
( باب) حكم ( الأذان قبل الفجر) هل هو مشروع أم لا وهل يكتفى به عن الذي بعد الفجر أم لا؟

[ قــ :604 ... غــ : 621 ]
- حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ قَالَ: حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ قَالَ: حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ التَّيْمِيُّ عَنْ أَبِي عُثْمَانَ النَّهْدِيِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «لاَ يَمْنَعَنَّ أَحَدَكُمْ -أَوْ أَحَدًا مِنْكُمْ- أَذَانُ بِلاَلٍ مِنْ سَحُورِهِ، فَإِنَّهُ يُؤَذِّنُ -أَوْ يُنَادِي- بِلَيْلٍ، لِيَرْجِعَ قَائِمَكُمْ، وَلِيُنَبِّهَ نَائِمَكُمْ.
وَلَيْسَ أَنْ يَقُولَ الْفَجْرُ أَوِ

الصُّبْحُ -وَقَالَ بِأَصَابِعِهِ وَرَفَعَهَا إِلَى فَوْقُ وَطَأْطَأَ إِلَى أَسْفَلُ- حَتَّى يَقُولَ هَكَذَا".
.

     وَقَالَ  زُهَيْرٌ بِسَبَّابَتَيْهِ إِحْدَاهُمَا فَوْقَ الأُخْرَى، ثُمَّ مَدَّهَا عَنْ يَمِينِهِ وَشِمَالِهِ.
[الحديث 621 - طرفاه في: 5298، 7247] .

وبالسند قال: ( حدّثنا أحمد بن يونس) نسبه لجدّه لشهرته به واسم أبيه عبد الله بن يونس بن عبد الله بن قيس التميمي اليربوعي الكوفي وصفه أحمد بشيخ الإسلام ( قال حدّثنا زهير) هو ابن معاوية الجعفي ( قال حدّثنا سليمان) بن طرخان ( التميمي) البصري ( عن أبي عثمان) عبد الرحمن ( النهدي) بفتح النون ( عن عبد الله بن مسعود) رضي الله عنه ( عن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال) : ( لا يمنعن أحدكم) نصب على المفعولية لأذان الآتي ( أو) قال ( أحدًا منكم أذان بلال من) أكل ( سحوره) بفتح السين ما يتسحر به وبضمها الفعل كالوضوءِ والوضوء وللحموي من سحره كما في الفرع وأصله ولم يذكرها الحافظ ابن حجر وقال العيني لا أعلم صحتها ( فإنه) أي بلالاً ( يؤذن - أو) قال - ( ينادي-
بليل)
، أي فيه ( ليرجع) بفتح المثناة التحتية وكسر الجيم المخففة مضارع رجع المتعدي إلى واحد كقوله تعالى: ( فإن رجعك الله) أي ليردّ ( قائمكم) المتهجد المجتهد لينام لحظة ليصبح نشيطًا أو يتسحر إن أراد الصيام ( ولينبّه) يوقظ ( نائمكم) ليتأهب للصلاة بالغسل ونحوه وبه قال أبو حنيفة ومحمد قالا: ولا بدّ من أذان آخر للصلاة لأن الأول ليس لها بل لا ذكر واحتج بعضهم لذلك أيضًا بأن أذان بلال كان نداء كما في الحديث أو ينادي لا أذانًا.
وأجيب بأن للخصم أن يقول هو أذان قبل الصبح أقره الشارع وأما كونه للصلاة أو لفرض آخر فذلك بحث آخر وأما رواية ينادي فمعارضة برواية يؤذن والترجيح معنىً لأن كل أذان نداء ولا عكس فالعمل برواية يؤذن عمل بالروايتين وجمع بين الدليلين وهو أولى من العكس إذ ليس كذلك لا يقال إن النداء قبل الفجر لم يكن بألفاظ الأذان وإنما كان تذكيرًا كما يقع للناس اليوم لأنا نقول إن هذا محدث قطعًا وقد تظاهرت الطرق على التعبير بلفظ الأذان فحمله على معناه الشرير مقدم ( وليس) أي قال عليه الصلاة والسلام وليس في رواية فليس ( أن يقول) أي يظهر ( الفجر أو الصبح) شك من الراوي والفجر اسم ليس وخبره أن يقول ( وقال) أي أشار عليه الصلاة والسلام ( بأصابعه ورفعها) ولأبي ذر ورفعهما وفيه إطلاق القول على الفعل فيهما وفي بعض الأصول بإصبعه بالإفراد وللكشميهني من غير اليونينية بإصبعيه ورفعهما ( إلى فوق) بالضم على البناء ( وطأطأ) بوزن دحرج أي خفض أصبعيه ( إلى أسفل) بضم اللام في اليونينية لا غير كفوق وقال أبو ذر إلى فوق بالجرّ والتنوين لأنه ظرف متصرف وبالضم على البناء وقطعه عن الإضافة قال في المصابيح ظاهره أن قطعه عن الإضافة مختص بحالة البناء على الضم دون حالة تنوينه وهو أمر قد ذهب إليه بعضهم ففرق بين جئت قبلاً وجئت من قبل بأنه أعرب الأول لعدم تضمين الإضافة ومعناه جئت متقدمًا وبنى الثاني لتضمنها ومعناه جئت متقدمًا على كذا والذي اختاره بعض المحققين أن التنوين عوض عن المضاف إليه وأنه لا فرق في المعنى بين ما أعرب من هذه الظروف المقطوعة وما بني منها قال وهو الحق انتهى.
فأشار عليه الصلاة والسلام إلى الفجر الكاذب المسمى عند

العرب بذنب السرحان وهو الضوء المستطيل من العلو إلى السفل وهو من الليل فلا يدخل به وقت الصبح ويجوز فيه التسحر وأشار إلى الصادق بقوله ( حتى يقول) أي يظهر الفجر ( هكذا.
وقال زهير)
الجعفي في تفسير معنى هكذا أي أشار ( بسبابتيه) اللتين تليان الإبهام سميتا بذلك لأنهما يشار بهما عند السب ( إحداهما فوق الأخرى، ثم مدّهما) كذا للأربعة بالتثنية ولغيرهم مدها ( عن يمينه وشماله) كأنه جمع بين أصبعيه ثم فرّقهما ليحكي صفة الفجر الصادف لأنه يطلع معترضًا ثم يعمّ الأفق ذاهبًا يمينًا وشمالاً.

ورواة هذا الحديث الخمسة أولهم كوفيان والآخران بصريان وفيه التحديث والقول والعنعنة ورواية تابعي عن تابعي سليمان وأبو عثمان وأخرجه المؤلّف أيضًا في الطلاق وفي خبر الواحد ومسلم وأبو داود والنسائي في الصوم وابن ماجة في الصلاة.

622 و623 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو أُسَامَةَ قَالَ: عُبَيْدُ اللَّهِ حَدَّثَنَا عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ عَائِشَةَ، وَعَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ.
ح.

وَحَدَّثَنِي يُوسُفُ بْنُ عِيسَى الْمَرْوَزِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا الْفَضْلُ قَالَ: حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ عَائِشَةَ عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنَّهُ قَالَ: «إِنَّ بِلاَلاً يُؤَذِّنُ بِلَيْلٍ، فَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يُؤَذِّنَ ابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ».
[الحديث 622 - أطرافه في: 1919] .

وبه قال ( حدّثنا) ولأبوي ذر والوقت حدّثني ( إسحاق) بن إبراهيم بن راهويه الحنظلي كما جزم به المزي فيما حكاه الحافظ ابن حجر وارتضاه أو هو إسحاق بن منصور الكوسج أو إسحاق بن نصر السعدي وكل ثقة على شرط المؤلّف فلا قدح في ذلك ( قال أخبرنا أبو أسامة) حماد بن أسامة ( قال عبيد الله) بضم العين وفتح الموحدة ابن عمر بن حفص بن عاصم بن عمر بن الخطاب العمري المدني ( حدّثنا) وللأصيلي أخبرنا أي قال أبو أسامة حدّثنا عبيد الله ( عن القاسم بن محمد) هو ابن أبي بكر الصديق ( عن) أم المؤمنين ( عائشة) رضي الله عنها ( وعن نافع) مولى ابن عمر عطف على عن القاسم ( عن ابن عمر) بن الخطاب ( أن رسول الله) ولأبي ذر أن النبي ( -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال ح) للتحويل وكشطت من الفرع وليست في اليونينية قال المؤلّف:
( وحدّثني) بالإفراد ( يوسف بن عيسى المروزي) وسقط المروزي عند الأربعة ( قال حدّثنا الفضل) ولأبي ذر الفضل بن موسى وللأصيلي يعني ابن موسى ( قال حدّثنا عبيد الله بن عمر) العمري ( عن القاسم بن محمد) هو ابن أبي بكر الصديق ( عن عائشة) رضي الله عنهم ( عن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أنه) سقط أنه للأصيلي ( قال) :

( إن بلالاً يؤذن بليل فكلوا واشربوا حتى) أي إلى أن ( يؤذن) وللكشميهني حتى ينادي ( ابن أم مكتوم) هو ابن خال خديجة بنت خويلد وزاد المؤلّف في الصيام، فإنه لا يؤذن حتى يطلع الفجر.

قال القاسم: لم يكن بين أذانهما إلاّ أن يرقى ذا وينزل ذا.