فهرس الكتاب

إرشاد الساري - باب قوله: {أياما معدودات فمن كان منكم مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر، وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين، فمن تطوع خيرا

باب قَوْلِهِ: { أَيَّامًا مَعْدُودَاتٍ فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ فَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ} .

     وَقَالَ  عَطَاءٌ: يُفْطِرُ مِنَ الْمَرَضِ كُلِّهِ كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى.

     وَقَالَ  الْحَسَنُ وَإِبْرَاهِيمُ فِي الْمُرْضِعِ وَالْحَامِلِ إِذَا خَافَتَا عَلَى أَنْفُسِهِمَا أَوْ وَلَدِهِمَا تُفْطِرَانِ ثُمَّ تَقْضِيَانِ.
وَأَمَّا الشَّيْخُ الْكَبِيرُ إِذَا لَمْ يُطِقِ الصِّيَامَ فَقَدْ أَطْعَمَ أَنَسٌ بَعْدَ مَا كَبِرَ عَامًا أَوْ عَامَيْنِ كُلَّ يَوْمٍ مِسْكِينًا خُبْزًا وَلَحْمًا وَأَفْطَرَ.
قِرَاءَةُ الْعَامَّةِ يُطِيقُونَهُ وَهْوَ أَكْثَرُ
(باب قوله) عز وجل وسقط ذلك لغير أبي ذر ({ أيامًا معدودات} ) أي مؤقتات بعدد معلوم ونصب أيامًا بعامل مقدر أي صوموا أيامًا، وهذا النصب إما على الظرفية أو المفعول به اتساعًا وقيل نصب بكتب إما على الظرف أو المفعول به، وردّه أبو حيان فقال: أما النصب على الظرفية فإنه محل للفعل والكتابة ليست واقعة في الأيام لكن متعلقها هو الواقع في الأيام وأما على المفعول اتساعًا فإن ذلك مبني على كونه ظرفًا لكتب وتقدم أنه خطأ ومعدودات صفة والمراد به رمضان أو ما وجب صومه قبل وجوبه ونسخ به وهو عاشوراء كما مر ({ فمن كان منكم مريضًا} ) مرضًا يضره الصوم ويشق عليه معه ({ أو على سفر} ) في موضع نصب عطفًا على خبر كان وأو للتنويع ({ فعدّة} ) أي فعليه صوم عدّة أيام المرض أو السفر ({ من أيام أخر} ) إن أفطر فحذف الشرط والمضاف والمضاف إليه للعلم به ({ وعلى الذين يطيقونه} ) إن أفطروا ({ فدية طعام مسكين} ) نصف صاع من بر أو صاع من غيره ثم نسخ ذلك ({ فمن تطوّع خيرًا} ) فزاد في الفدية ({ فهو} ) أي فالتطوّع ({ خير له} ) وله في محل رفع صفة لخير فيتعلق بمحذوف أي خير كائن له ({ وأن تصوموا} ) أيها المطيقون وأن مصدرية أي صومكم وهو مرفوع بالابتداء خبره ({ خير لكم} ) من الفدية وتطوّع الخير ({ وإن كنتم تعلمون} ) (البقرة: 184] شرط حذف جوابه تقديره اخترتموه أو معناه إن كنتم من أهل العلم أو التدبر علمتم أن الصوم خير لكم.

(وقال عطاء): هو ابن أبي رباح فيما وصله عبد الرزاق (يفطر من المرض كله كما قال الله تعالى) والذي عليه الجمهور أنه يباح الفطر لمرض يضر معه الصوم ضررًا يبيح التيمم وإن طرأ على الصوم ويقض.

(وقال الحسن) البصري فيما وصله عبد بن حميد (وإبراهيم) النخعي فيما وصله عبد بن حميد أيضًا (في المرضع والحامل) بالواو ولأبي ذر: أو الحامل (إذا خافتا على أنفسهما أو ولدهما
تفطران) ولو كان في المرضع من غيرها (ثم تقضيان).
ويجب مع ذلك الفدية في الخوف على الولد أخذًا من آية (وعلى الذين يطيقونه فدية) قال ابن عباس: إنها نسخت إلا في حق الحامل والمرضع.
رواه البيهقي عنه لا في الخوف على المس كالمريض فلا فدية عليه.

(وأما الشيخ الكبير إذا لم يطق الصيام) فإنه يفطر وتجب عليه الفدية دون القضاء (فقد أطعم أنس بعد ما كبر) بكسر الموحدة وشق عليه الصوم وكان حينئذٍ في عشرة المائة (عامًا أو عامين) بالشك من الراوي (كل يوم مسكينًا خبرًا ولحمًا وأفطر) وهذا رواه عبد بن حميد من طريق النضر بن أنس عن أنس لكن الواجب لكل يوم فات صومه مد وهو رطل وثلث، وبالكيل المصري نصف قدح من جنس الفطرة فلا يجزئ نحو دقيق وسويق ومثل الكبير المريض الذي لا يطيق الصوم ولا يرجى برؤه للآية السابقة على القول بأنها لم تنسخ أصلًا (قراءة العامة يطيقونه) بكسر الطاء وسكون التحتية من أطاق يطيق كأقام يقيم (وهو أكثر).


[ قــ :4258 ... غــ : 4505 ]
- حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ أَخْبَرَنَا رَوْحٌ، حَدَّثَنَا زَكَرِيَّاءُ بْنُ إِسْحَاقَ حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ، عَنْ عَطَاءٍ سَمِعَ ابْنَ عَبَّاسٍ، يَقْرَأُ وَعَلَى الَّذِينَ يُطَوَّقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: لَيْسَتْ بِمَنْسُوخَةٍ هُوَ الشَّيْخُ الْكَبِيرُ وَالْمَرْأَةُ الْكَبِيرَةُ، لاَ يَسْتَطِيعَانِ أَنْ يَصُومَا فَلْيُطْعِمَانِ مَكَانَ كُلِّ يَوْمٍ مِسْكِينًا.

وبه قال: (حدّثني) بالإفراد (إسحاق) هو ابن راهويه قال: (أخبرنا روح) بفتح الراء وبعد الواو الساكنة حاء مهملة ابن عبادة قال: (حدّثنا زكريا بن إسحاق) المكي قال: (حدّثنا عمرو بن دينار عن عطاء) هو ابن أبي رباح المكي (سمع) ولأبي الوقت أنه سمع (ابن عباس) -رضي الله عنهما- (يقرأ) ولأبي ذر عن الحموي والمستملي يقول: (وعلى الذين يطوّقونه) بفتح الطاء مخففة وواو مشددة مبنيًا للمفعول من طوّق بفتح أوّله بوزن قطع.
قال مجاهد: يتحملونه.
وعن عمرو بن دينار فيما رواه النسائي من طريق ابن أبي نجيح يكلفونه أي يكلفون إطاقته، وفي نسخة يطوقونه فلا يطيقونه ({ فدية طعام مسكين} قال ابن عباس: ليست بمنسوخة هو الشيخ الكبير والمرأة الكبيرة لا يستطيعان أن يصوما فليطعمان) كذا في اليونينية باللام وسقطت من الفرع كغيره (مكان كل يوم) أفطراه (مسكينًا) وفيه دليل للشافعي ومن وافقه أن الشيخ الكبير ومن ذكر معه إذا شق عليه الصوم فأفطر فعليه الفدية خلافًا لمالك ومن وافقه، ومن أفطر لكبر ثم قوي على القضاء بعد يقضي ويطعم عند الشافعي وأحمد، وقال الكوفيون: لا إطعام.