فهرس الكتاب

إرشاد الساري - باب الصلاة في مسجد السوق

باب الصَّلاَةِ فِي مَسْجِدِ السُّوقِ وَصَلَّى ابْنُ عَوْنٍ فِي مَسْجِدٍ فِي دَارٍ يُغْلَقُ عَلَيْهِمُ الْبَاب
( باب) جواز ( الصلاة في مسجد السوق) فلا دلالة في حديث: إن الأسواق شرّ البقاع وإن المساجد خير البقاع المروي عند البزار لعدم صحة إسناده، ولو صح لم يمنع وضع المسجد في السوق لأن بقعة المسجد حينئذ تكون بقعة خير ومسجد بالإفراد، وللأصيلي وابن عساكر مساجد السوق.

( وصلّى ابن عون) بفتح العين المهملة وسكون الواو وآخره نون عبد الله ( في مسجد في دار يغلق عليهم الباب) أي على ابن عون ومن معه وليس في هذا ذكر السوق فالله أعلم بوجه المطابقة.


[ قــ :467 ... غــ : 477 ]
- حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «صَلاَةُ الْجَمِيعِ تَزِيدُ عَلَى صَلاَتِهِ فِي بَيْتِهِ وَصَلاَتِهِ فِي سُوقِهِ خَمْسًا وَعِشْرِينَ دَرَجَةً، فَإِنَّ أَحَدَكُمْ إِذَا تَوَضَّأَ فَأَحْسَنَ، وَأَتَى الْمَسْجِدَ لاَ يُرِيدُ إِلاَّ الصَّلاَةَ لَمْ يَخْطُ خُطْوَةً إِلاَّ رَفَعَهُ اللَّهُ بِهَا دَرَجَةً، وَحَطَّ عَنْهُ خَطِيئَةً، حَتَّى يَدْخُلَ الْمَسْجِدَ.
وَإِذَا دَخَلَ الْمَسْجِدَ كَانَ فِي صَلاَةٍ مَا كَانَتْ

تَحْبِسُهُ، وَتُصَلِّي -يَعْنِي عَلَيْهِ- الْمَلاَئِكَةُ مَا دَامَ فِي مَجْلِسِهِ الَّذِي يُصَلِّي فِيهِ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لَهُ، اللَّهُمَّ ارْحَمْهُ، مَا لَمْ يُحْدِثْ فِيهِ».

وبه قال: ( حدّثنا مسدد) هو ابن مسرهد ( قال: حدثنا أبو معاوية) محمد بن حازم الضرير ( عن الأعمش) سليمان بن مهران ( عن أبي صالح) ذكوان ( عن أبي هريرة) رضي الله عنه ( عن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال) :
( صلاة الجميع) بياء بعد الميم المكسورة وفى رواية صلاة الجماعة ( تزيد على صلاته) أي الشخص المنفرد ( في بيته و) على ( صلاته) بانفراده ( في سوقه خمسًا وعشرين درجة) نصب على التمييز وخمسًا مفعول تزيد نحو قولك: زدت عليه خمسًا وسرّ الأعداد لا يوقف عليه إلا بنور النبوّة، وسيأتي إن شاء الله تعالى وجه المناسبة في التخصيص بعدد الخمس والعشرين في باب فضل الجماعة مع مباحث أخرى.
( فإن أحدكم إذا توضأ فأحسن) الوضوء بإسباغه ورعاية سُننه وآدابه وأسقط المفعول لدلالة السياق عليه.
نعم ألحق في الفرع لا في أصله وضوءه بعد فأحسن، ويشبه أن يكون بغير خط كاتب الأصل، وللكشميهني في غير اليونينية بأن أحدكم بالموحدة بدل الفاء للسببية أو للمصاحبة أي تزيد بخمس وعشرين درجة مع فضائل أخرى هي رفع الدرجات وصلاة الملائكة ونحوهما.
( وأتى المسجد) حال كونه ( لا يريد إلاّ الصلاة) أو ما في معناها كاعتكاف ونحوه، واقتصر على الصلاة للأغلبية ( لم يخط خطوة) بفتح الخاء ( إلاّ رفعه الله بها درجة) سقط لفظ الجلالة للأصيلي ( وحطّ عنه خطيئة) نصب فيهما على التمييز، وللأصيلي وحطّ عنه بها، وله وللكشميهني أو حط والواو أشمل ( حتى يدخل المسجد) فالمشي إلى الجماعة يستلزم احتساب الأجْر بالخطوات والتنصّل عن الخطيئات، ومن توقَّى عن دركات الهلكات فقد ترقى إلى منجاة الدرجات ( وإذا دخل المسجد كان في) ثواب ( صلاة ما كانت) بتاء التأنيث، ولأبي ذرّ: ما كان ( تحبسه) الصلاة أي مدّة دوام ذلك وحذف الفاعل للعلم به ( وتصلّي يعني عليه الملائكة ما دام في مجلسه الذي يصلّي فيه) أي تستغفر وتطلب له الرحمة قائلين: ( اللهم اغفر له اللهم ارحمه) وسقط عند أبوي ذر والوقت والأصيلي وابن عساكر لفظ يعني ولفظ عليه عند ابن عساكر في نسخة، وثبت عنه في أخرى ( ما لم يؤذ) المصلّي الملائكة ( يحدث) من الإحداث بكسر الهمزة وبضم أول المضارعين مجزومين، واللاحق بدل من سابقه، ولأبي ذر وابن عساكر في نسخة، وأبي الوقت يحدث بالرفع على الاستئناف، وللكشميهني ما لم يؤذ بحدث فيه بلفظ الجار والمجرور متعلق بيؤذ، وفي نسخة ما لم يحدث فيه بإسقاط يؤذ أي ما لم يأتِ بناقض للوضوء.

ورواة هذا الحديث ما بين بصري ومدني وكوفي، وفيه التحديث والعنعنة ورواية تابعي عن تابعي، وأخرجه المؤلّف أيضًا في باب الجماعة، ومسلم وأبو داود والترمذي وابن ماجة في الصلاة.


باب تَشْبِيكِ الأَصَابِعِ فِي الْمَسْجِدِ وَغَيْرِهِ
( باب) جواز ( تشبيك الأصابع في المسجد وغيره) .

478 و 479 - حَدَّثَنَا حَامِدُ بْنُ عُمَرَ عَنْ بِشْرٍ حَدَّثَنَا عَاصِمٌ حَدَّثَنَا وَاقِدٌ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ عُمَرَ -أَوِ ابْنِ عَمْرٍو- "شَبَّكَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَصَابِعَه".
[الحديث 479 - طرفه في: 480] .


وبه قال: ( حدّثنا حامد بن عمر) بضم العين البكراوي، المتوفّى بنيسابور أوّل سنة ثلاث وثلاثين ومائتين ( عن بشر) بكسر الموحدة وسكون المعجمة ابن المفضل الرقاشي: كان يصوم يومًا ويفطر يومًا ويصلّي كل يوم أربعمائة ركعة، وتوفي سنة تسع وثمانين ومائة ( قال: حدّثنا عاصم) هو ابن محمد بن زيد بن عبد الله بن عمر بن الخطاب العمري المدني ( قال: حدّثنا) أخي ( واقد) بالقاف ابن محمد ( عن أبيه) محمد بن زيد ( عن ابن عمر) بن الخطاب ( أو ابن عمرو) هو ابن العاص رضي الله عنه والشك من واقد ( قال) :
( شبك النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أصابعه) ولابن عساكر شبك أصابعه.

[ قــ :467 ... غــ : 480 ]
- حدثنا وقال عَاصِمُ بْنُ عَلِيٍّ حَدَّثَنَا عَاصِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ سَمِعْتُ هَذَا الْحَدِيثَ مِنْ أَبِي فَلَمْ أَحْفَظْهُ، فَقَوَّمَهُ لِي وَاقِدٌ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: سَمِعْتُ أَبِي وَهُوَ يَقُولُ: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- «يَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرٍو، كَيْفَ بِكَ إِذَا بَقِيتَ فِي حُثَالَةٍ مِنَ النَّاسِ ... بِهَذَا».

قال البخاري رحمه الله: ( وقال عاصم بن علي) هو ابن عاصم بن صهيب الواسطي شيخ المؤلّف، وتوفي سنة إحدى وعشرين ومائتين مما وصله إبراهيم الحربي في غريب الحديث له ( حدّثنا عاصم بن محمد) هو ابن زيد قال ( سمعت هذا الحديث من أبي) محمد بن زيد ( فلم أحفظه فقوّمه لي) أخي ( واقد عن أبيه) محمد بن زيد ( قال سمعت أبي وهو يقول) :
( قال عبد الله) بن عمرو بن العاص رضي الله عنهم ( قال رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يا عبد الله بن عمرو) بفتح العين: ( كيف بك إذا بقيت في حثالة من الناس) بضم الحاء المهملة وتخفيف المثلثة ( يهذا) أي بما سبق، وزاد الحميدي في الجمع بين الصحيحين نقلاً عن ابن مسعود: قد مرجت عهودهم وأمانتهم واختلفوا فصاروا هكذا وشبك بين أصابعه، وإنما شبك -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بين أصابعه ليمثل لهم هيئة اختلاطهم من باب تصوير المعقول بصورة المحسوس.

وهذا الحديث ساقط في أكثر الروايات، ولم يذكره الإسماعيلي ولا أبو نعيم في مستخرجيهما، وإنما وجد بخط البرزالي، وذكر أبو مسعود في الأطراف له أنه رآه في كتاب ابن رميح عن الفربري عن حماد بن شاكر عن البخاري، وفي اليونينية سقوطه للأصيلي فقط.
ورواته ما بين بصري ومدني وفيه التحديث والعنعنة.