فهرس الكتاب

إرشاد الساري - باب قول الله تعالى: {ليس لك من الأمر شيء} [آل عمران: 128]

باب قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: { لَيْسَ لَكَ مِنَ الأَمْرِ شَىْءٌ} [آل عمران: 128]
( باب في قول الله تعالى: { ليس لك من الأمر شيء} [آل عمران: 128] ) اسم ليس شيء والخبر لك ومن الأمر حال من شيء لأنه صفة مقدمة أو يتوب عليهم عطف على ليقطع طرفًا من الذين كفروا أو يكبتهم وليس لك من الأمر شيء اعتراض بين المعطوف والمعطوف عليه.


[ قــ :6953 ... غــ : 7346 ]
- حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ سَالِمٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِىَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ فِى صَلاَةِ الْفَجْرِ رَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ الرُّكُوعِ قَالَ: «اللَّهُمَّ رَبَّنَا وَلَكَ الْحَمْدُ فِى الأَخِيرَةِ».
ثُمَّ قَالَ: «اللَّهُمَّ الْعَنْ فُلاَنًا وَفُلاَنًا».
فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: { لَيْسَ لَكَ مِنَ الأَمْرِ شَىْءٌ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ أَوْ يُعَذِّبَهُمْ فَإِنَّهُمْ ظَالِمُونَ} [آل عمران: 128] .

وبه قال: ( حدّثنا أحمد بن محمد) السمسار المروزي قال: ( أخبرنا عبد الله) بن المبارك المروزي قال: ( أخبرنا معمر) بفتح الميمين بينهما عين مهملة ساكنة ابن راشد ( عن الزهري) محمد بن مسلم بن شهاب ( عن سالم) مولى ابن عمر ( عن ابن عمر) بن الخطاب -رضي الله عنهما- ( أنه سمع النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يقول في صلاة الفجر) حال كونه ( رفع) ولأبي ذر ورفع ( رأسه من الركوع قال) : قال في الكواكب فإن قلت: أين مقول يقول؟ وأجاب: بأن جعله كالفعل اللازم أي يفعل القول ويحققه أو هو محذوف اهـ.

وأجاب في الفتح باحتمال أن يكون بمعنى قائلاً ولفظ قال: المذكور زائد، ويؤيده أنه وقع في تفسير سورة آل عمران من رواية حبان بن موسى بلفظ: أنه سمع رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- من الركوع في الركعة الأخيرة من صلاة الفجر يقول: "اللهم" وتعقبه العيني بأنه احتمال لا يمنع السؤال لأنه وإن كان حالاً فلا بدّ له من مقول ودعواه زيادة قال غير صحيحة لأنه واقع في محله.

( اللهم ربنا ولك الحمد) بإثبات الواو ( في) الركعة ( الأخيرة) ولأبي ذر الآخرة بإسقاط التحتية وقوله في الكواكب وتبعه في اللامع فإن قلت: ما وجه التخصيص بالآخرة وله الحمد في الدنيا أيضًا؟ قلت: نعيم الآخرة أشرف فالحمد عليه هو الحمد حقيقة، أو المراد بالآخرة العاقبة أي مآل كل الحمود إليك تعقبه في الفتح بأنه ظن أن قوله في الآخرة متعلق بالجملة وأنه بقية الذكر قاله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- في الاعتدال وليس هو من كلامه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، بل هو من كلام ابن عمر -رضي الله عنهما- قال ثم ينظر في جمعه الحمد على حمود ( ثم قال: اللهم العن فلانًا وفلانًا) بالتكرار مرتين يريد
صفوان بن أمية وسهيل بن عمير والحارث بن هشام، وقول الكرماني فلانًا وفلانًا يعني رعلاً وذكوان وهم منه، وإنما المراد ناس بأعيانهم كما ذكر لا القبائل ( فأنزل الله عز وجل: { ليس لك من الأمر شيء أو يتوب عليهم} ) أي إن الله مالك أمرهم فإما أن يهلكهم أو يهزمهم أو يتوب عليهم إن أسلموا ( { أو يعذبهم} ) إن أصرّوا على الكفر ليس لك من أمرهم شيء إنما أنت عبد مبعوث لإنذارهم ومجاهدتهم وعن الفراء أو بمعنى حتى وعن ابن عيسى إلا أن قولك لألزمنك أو تعطيني حقي أي ليس لك من أمرهم شيء إلا أن يتوب عليهم فتفرح بحالهم أو يعذبهم فتتشفى فيهم، وقيل: أراد أن يدعو جمليهم فنهاه الله تعالى لعلمه أن فيهم من يؤمن ( { فإنهم ظالمون} [آل عمران: 128] ) مستحقون للتعذيب.

قال ابن بطال دخول هذه الترجمة في كتاب الاعتصام من جهة دعائه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- على المذكورين لكونهم لم يذعنوا للإيمان ليعتصموا به من اللعنة، والحديث سبق في تفسير سورة آل عمران، ومطابقته لما ترجم له هنا واضحة