فهرس الكتاب

إرشاد الساري - باب: هل يؤذن أو يقيم إذا جمع بين المغرب والعشاء؟

باب هَلْ يُؤَذِّنُ أَوْ يُقِيمُ، إِذَا جَمَعَ بَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ؟
هذا ( باب) بالتنوين ( هل يؤذن) المصلي ( أو يقيم) من غير أذان، أو معه ( إذا جمع بين المغرب والعشاء) وبين الظهر والعصر، في السفر الطويل.


[ قــ :1071 ... غــ : 1109 ]
- حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ قَالَ: أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ: أَخْبَرَنِي سَالِمٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ -رضي الله عنهما- قَالَ: "رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِذَا أَعْجَلَهُ السَّيْرُ فِي السَّفَرِ يُؤَخِّرُ صَلاَةَ الْمَغْرِبِ حَتَّى يَجْمَعَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْعِشَاءِ.
قَالَ سَالِمٌ: وَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ يَفْعَلُهُ إِذَا أَعْجَلَهُ السَّيْرُ، وَيُقِيمُ الْمَغْرِبَ فَيُصَلِّيهَا ثَلاَثًا ثُمَّ يُسَلِّمُ، ثُمَّ قَلَّمَا يَلْبَثُ حَتَّى يُقِيمَ الْعِشَاءَ فَيُصَلِّيهَا رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ يُسَلِّمُ، وَلاَ يُسَبِّحُ بَيْنَهَا بِرَكْعَةٍ وَلاَ بَعْدَ الْعِشَاءِ بِسَجْدَةٍ حَتَّى يَقُومَ مِنْ جَوْفِ اللَّيْلِ".

وبالسند قال: ( حدّثنا أبو اليمان) الحكم بن نافع ( قال: أخبرنا شعيب) هو: ابن أبي حمزة ( عن) ابن شهاب ( الزهري قال: أخبرني) بالإفراد ( سالم من) أبيه ( عبد الله بن عمر، رضي الله عنهما، قال) :
( رأيت رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، إذا أعجله) استحثه ( السير في السفر) الطويل ( يؤخر صلاة المغرب) أي إلى أن يغيب الشفق، كما رواه مسلم، كالمؤلّف في: الجهاد، ولعبد الرزاق عن نافع، فأخر المغرب بعد ذهاب الشفق حتى ذهب هوي من الليل ( حتى يجمع بينها وبين) صلاة ( العشاء) .

( قال سالم) بالسند المذكور: ( وكان عبد الله يفعله) أي التأخير والجمع بين الصلاتين، ولأبوي ذر، والوقت: وكان عبد الله بن عمر رضي الله عنهما يفعله ( إذا أعجله) استحثه ( السير ويقيم) ولأبي ذر: يقيم بإسقاط الواو ( المغرب) .

يحتمل الإقامة وحدها، أو يريد ما تقام به الصلاة من أذان وإقامة، وليس المراد نفس الأذان.

وعن نافع عن ابن عمر: عند الدارقطني: فنزل فأقام الصلاة، وكان لا ينادي بشيء من الصلاة في السفر.


( فيصلّيها) أي: المغرب ( ثلاثًا ثم يسلم) منها ( ثم قلما يلبث) أي: ثم قل مدة لبثه، وذلك اللبث لقضاء بعض حوائجه مما هو ضروري، كما وقع في الجمع بمزدلفة في إناخة الرواحل ( حتى يقيم العشاء فيصلّيها ركعتين ثم يسلم) منها ( ولا يسبح) ولا ينتفل ( بينها) ولأبوي ذر، والوقت، والأصيلي: بينهما، أي بين المغرب والعشاء ( بركعة) من إطلاق الجزء على الكل ( ولا) يسبح أيضًا ( بعد) صلاة ( العشاء بسجدة) أي: بركعتين، كما في قوله: بركعة ( حتى) إلى أن ( يقوم من جوف الليل) يتهجد.

وروى ابن أبي شيبة عن نافع عن ابن عمر: أنه كان لا يتطوع في السفر قبل الصلاة ولا بعدها، وكان يصلّي من الليل.

وفي حديث حفص بن عاصم السابق في باب: من لم يتطوع في السفر دبر الصلوات، قال: سافر ابن عمر، فقال: صحبت النبي، -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فلم أره يسبح في السفر ... وهو شامل لرواتب الفرائض وغيرها.

قال النووي: لعل النبي، -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، كان يصلّي الرواتب في رحله ولا يراه ابن عمر، أو لعله تركها بعض الأوقات لبيان الجواز.
انتهى.

وإذا قلنا بمشروعية الرواتب فيه، وهو مذهبنا، فإن جمع الظهر والعصر قدم سنة الظهر التي قبلها، وله تأخيرها، سواء جمع تقديمًا أو تأخيرًا، وتوسيطها إن جمع تأخيرًا سواء قدم الظهر أو العصر، وأخر سنتها التي بعدها، وله توسيطها إن جمع تأخيرًا وقدم الظهر، وأخر عنهما سنة العصر، وله توسيطها وتقديمها إن جمع تأخيرًا سواء قدم الظهر أو العصر، وإذا جمع المغرب والعشاء أخر سنتيهما مرتبة: سنة المغرب، ثم سنة العشاء، ثم الوتر.
وله توسيط سنة المغرب إن جمع تأخيرًا وقدم المغرب، وتوسيط سنة العشاء إن جمع تأخيرًا وقدم العشاء، وما سوى ذلك ممنوع.
قاله في شرح الروض.




[ قــ :107 ... غــ : 1110 ]
- حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ حَدَّثَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ حَدَّثَنَا حَرْبٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى قَالَ: حَدَّثَنِي حَفْصُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَنَسٍ أَنَّ أَنَسًا -رضي الله عنه- حَدَّثَهُ: "أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَانَ يَجْمَعُ بَيْنَ هَاتَيْنِ الصَّلاَتَيْنِ فِي السَّفَرِ، يَعْنِي الْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ".

وبه قال: ( حدّثنا) بالجمع ولابن عساكر: حدّثني ( إسحاق) هو: ابن راهويه، كما جزم به أبو نعيم، أو إسحاق بن منصور الكوسج، كما قاله أبو علي الجياني ( قال: حدّثنا) ولأبوي ذر والوقت والأصيلي: أخبرنا ( عبد الصمد) التنوري، ولأبي ذر: عبد الصمد بن عبد الوارث ( قال: حدّثنا حرب) بالمهملة المفتوحة وإسكان الراء آخره موحدة، ابن شداد اليشكري ( قال: حدّثنا يحيى) بن أبي كثير ( قال: حدّثني) بالإفراد ( حفص بن عبيد الله) بضم العين ( ابن أنس أن أنسًا رضي الله عنه حدثه) :

( أن رسول الله، -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، كان يجمع بين هاتين الصلاتين في السفر، يعني المغرب والعشاء) يحتمل جمع التقديم والتأخير.

وأورد المؤلّف هذا الحديث مفسرًا بحديث ابن عمر السابق، لأن في حديث أنس إجمالاً، والمفسر بالفتح تابع للمفسر بالكسر.

ورواة هذا الحديث الستة ما بين بصري ويماني ومروزي.