فهرس الكتاب

إرشاد الساري - باب التلبية والتكبير غداة النحر، حين يرمي الجمرة، والارتداف في السير

باب التَّلْبِيَةِ وَالتَّكْبِيرِ غَدَاةَ النَّحْرِ حِينَ يَرْمِي الْجَمْرَةَ، وَالاِرْتِدَافِ فِي السَّيْرِ
( باب التلبية والتكبير غداة النحر حين يرمي الجمرة) الكبرى، ولأبي ذر عن الكشميهني: حتى قال في الفتح وهو أصوب ( والارتداف) بالجر عطفًا على المجرور السابق وهو الركوب خلف الراكب ( في السير) من المزدلفة إلى منى.


[ قــ :1614 ... غــ : 1685 ]
- حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ الضَّحَّاكُ بْنُ مَخْلَدٍ أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ عَنْ عَطَاءٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ -رضي الله عنهما- "أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَرْدَفَ الْفَضْلَ، فَأَخْبَرَ الْفَضْلُ أَنَّهُ لَمْ يَزَلْ يُلَبِّي حَتَّى رَمَى الْجَمْرَةَ".

وبالسند قال: ( حدّثنا أبو عاصم الضحاك بن مخلد) بفتح الميم واللام بينهما معجمة ساكنة النبيل البصري قال: ( أخبرنا ابن جريج) عبد الملك بن عبد العزيز الأموي ( عن عطاء) هو ابن أبي رباح ( عن ابن عباس) عبد الله ( -رضي الله عنهما- أن النبي) .
ولأبي الوقت أن رسول الله ( -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أردف الفضل) بن العباس من المزدلفة إلى منى ( فأخبر الفضل) أخاه عبد الله ( أنه) عليه الصلاة والسلام ( لم يزل يلبي حتى رمى الجمرة) الكبرى وهي جمرة العقبة.

1686 و 1687 - حَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ حَدَّثَنَا أَبِي عَنْ يُونُسَ الأَيْلِيِّ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ -رضي الله عنهما- "أَنَّ أُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ -رضي الله عنهما- كَانَ رِدْفَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مِنْ عَرَفَةَ إِلَى الْمُزْدَلِفَةِ، ثُمَّ أَرْدَفَ الْفَضْلَ مِنَ الْمُزْدَلِفَةِ إِلَى مِنًى، قَالَ فَكِلاَهُمَا قَالاَ: لَمْ يَزَلِ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يُلَبِّي حَتَّى رَمَى جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ".

وبه قال ( حدّثنا زهير بن حرب) بفتح الحاء المهملة وسكون الراء آخره موحدة النسائي بالنون والسين المهملة قال: ( حدّثنا وهب بن جرير) بفتح الجيم قال: ( حدّثنا أبي) جرير بن حازم بن زيد

البصري ( عن يونس) بن يزيد ( الأيلي عن الزهري) محمد بن مسلم بن شهاب ( عن عبيد الله بن عبد الله) بتصغير عبد الأول ابن عتبة بن مسعود أحد الفقهاء السبعة ( عن ابن عباس) عبد الله ( -رضي الله عنهما-) : ( أن أسامة بن زيد) الحب ( -رضي الله عنهما- كان ردف النبي) بكسر الراء وسكون الدال، ولأبي ذر: ( ردف رسول الله "-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-" من عرفة إلى المزدلفة، ثم أردف) -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ( الفضل) بن عباس ( من المزدلفة إلى منى) ( قال) عبد الله بن عباس ( فكلاهما) أي الفضل وأسامة ( قالا:) وللأربعة قال: ( لم يزل النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يلبي) أي في أوقات حجته ( حتى رمى جمرة العقبة) غداة النحر أي عند رمي أوّل حصاة من حصيات جمرة العقبة وهذا مذهب الحنفية والشافعية، ونقل البرماوي والحافظ ابن حجر أن مذهب الإمام أحمد -رحمه الله- لا يقطعها حتى يرميها فيكون الحديث مستندًا له، والذي رأيته في تنقيح المقنع وعليه الفتوى عند الحنابلة ما نصه: ويقطع التلبية مع رمي أوّل حصاة منها، فلعل ما نقله البرماوي وصاحب الفتح قول له أيضًا وهو قول بعض الشافعية، واستدلوا له بحديث ابن عباس عن الفضل عند ابن خزيمة قال: أفضت مع النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- من عرفات فلم يزل يلبي حتى رمى جمرة العقبة يكبر مع كل حصاة ثم قطع التلبية مع آخر حصاة.
قال ابن خزيمة: هذا حديث صحيح مفسر لما أبهم من الروايات الأخرى، وأن المراد بقوله: حتى رمى جمرة العقبة أي حتى أتم رميها اهـ.

وذهب الإمام مالك إلى أنه إذا راح إلى مصلّى عرفة قال ابن القاسم وذلك بعد الزوال وراح يريد الصلاة، ويى في حديثي الباب ذكر التكبير المترجم له.
نعم روى البيهقي عن عبد الله بن سخبرة قال: غدوت مع عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- من منى إلى عرفة وكان رجلاً آدم له ضفيرتان عليه مسحة أهل البادية وكان يلبي فاجتمع عليه الغوغاء فقالوا: يا أعرابي إن هذا ليس يوم تلبية إنما هو التكبير، فالتفت إليّ فقال: جهل الناس أم نسوا والذي بعث محمدًا بالحق لقد خرجت معه من منى إلى عرفة فما ترك التلبية حتى رمى الجمرة إلا أن يخلطها بتكبير أو تهليل، فيحتمل أن البخاري أشار في الترجمة لهذا تشحيذًا لذهن الطالب وحثًا له على البحث.


تنبيه
وقع في هذا الحديث عند مسلم من رواية إبراهيم بن عقبة عن كريب أن أسامة بن زيد انطلق من المزدلفة في سباق قريش على رجليه، ومقتضاه أن يكون قوله هنا لم يزل النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يلبي مرسلاً لأنه لم يحضر ذلك، لكن أجيب: باحتمال أن يكون رجع إلى النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وصحبه إلى الجمرة والله أعلم.

وفي سند هذا الحديث تابعي عن تابعي وثلاثة من الصحابة.