فهرس الكتاب

إرشاد الساري - باب: حد المريض أن يشهد الجماعة

باب حَدِّ الْمَرِيضِ أَنْ يَشْهَدَ الْجَمَاعَةَ
( باب) بيان ( حد المريض) بالحاء المهملة أي ما يحدّ للمريض ( أن يشهد الجماعة) حتى إذا جاوز ذلك الحد لم يشرع له شهودها.

وقال ابن بطال وغيره: معنى الحدّ هنا الحدة، كقول عمر في أبي بكر: كنت أداري منه بعض الحد، أي الحدة، والمراد الحض على شهودها.
وقال ابن قرقول، مما عزاه للقابسي: باب جد بالجيم، أي اجتهاد المريض لشهود الجماعة.


[ قــ :644 ... غــ : 664 ]
- حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ: حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ عَنْ إِبْرَاهِيمَ قَالَ الأَسْوَدُ: قَالَ: "كُنَّا عِنْدَ عَائِشَةَ -رضي الله عنها- فَذَكَرْنَا الْمُوَاظَبَةَ عَلَى الصَّلاَةِ وَالتَّعْظِيمَ لَهَا قَالَتْ: لَمَّا مَرِضَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مَرَضَهُ الَّذِي مَاتَ فِيهِ فَحَضَرَتِ الصَّلاَةُ فَأُذِّنَ، فَقَالَ: مُرُوا أَبَا بَكْرٍ فَلْيُصَلِّ بِالنَّاسِ، فَقِيلَ لَهُ: إِنَّ أَبَا بَكْرٍ رَجُلٌ أَسِيفٌ إِذَا قَامَ فِي مَقَامِكَ لَمْ يَسْتَطِعْ أَنْ يُصَلِّيَ بِالنَّاسِ.
وَأَعَادَ، فَأَعَادُوا لَهُ، فَأَعَادَ الثَّالِثَةَ فَقَالَ: إِنَّكُنَّ صَوَاحِبُ يُوسُفَ، مُرُوا أَبَا بَكْرٍ فَلْيُصَلِّ بِالنَّاسِ.
فَخَرَجَ

أَبُو بَكْرٍ فَصَلَّى، فَوَجَدَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مِنْ نَفْسِهِ خِفَّةً، فَخَرَجَ يُهَادَى بَيْنَ رَجُلَيْنِ، كَأَنِّي أَنْظُرُ رِجْلَيْهِ تَِخُطَّانِ مِنَ الْوَجَعِ، فَأَرَادَ أَبُو بَكْرٍ أَنْ يَتَأَخَّرَ، فَأَوْمَأَ إِلَيْهِ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنْ مَكَانَكَ، ثُمَّ أُتِيَ بِهِ حَتَّى جَلَسَ إِلَى جَنْبِهِ".
قِيلَ لِلأَعْمَشِ: وَكَانَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يُصَلِّي وَأَبُو بَكْرٍ يُصَلِّي بِصَلاَتِهِ، وَالنَّاسُ يُصَلُّونَ بِصَلاَةِ أَبِي بَكْرٍ؟ فَقَالَ بِرَأْسِهِ: نَعَمْ.
رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ عَنْ شُعْبَةَ عَنِ الأَعْمَشِ بَعْضَهُ.
وَزَادَ أَبُو مُعَاوِيَةَ: جَلَسَ عَنْ يَسَارِ أَبِي بَكْرٍ، فَكَانَ أَبُو بَكْرٍ يُصَلِّي قَائِمًا.

وبالسند قال ( حدّثنا عمر بن حفص) بضم العين ولغير الأصيلي زيادة ابن غياث ( قال: حدّثني) بالإفراد، وللأربعة حدّثنا ( أبي) حفص بن غياث بن طلق، بفتح الطاء وسكون اللام ( قال: حدّثنا الأعمش) سليمان بن مهران ( عن إبراهيم) النخعي ( قال الأسود) ابن يزيد بن قيس النخعي المخضرم الكبير ( كنّا) ولأبوي ذر والوقت: عن إبراهيم عن الأسود قال: كنا فقال: الثانية ثابتة مع عن ساقطة مع قال الأسود كنا ( عند) أم المؤمنين ( عائشة: رضي الله عنها، فذكرنا المواظبة على الصلاة والتعظيم لها) بالنصب عطفًا على المواظبة ( قالت) عائشة: ( لما مرض رسول الله) ولأبوي ذر والوقت وابن عساكر: النبي ( -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، مرضه الذي مات فيه) واشتد وجعه، وكان في بيت عائشة رضي الله عنها، ( فحضرت الصلاة) أي وقتها ( فأذن) بالصلاة بالفاء وضم الهمزة مبنيًّا للمفعول من التأذين وللأصيلي: وأذن، قال ابن حجر: وهو أوجه.
قال العيني: لم يبين وجه الأوجهية بل الفاء أوجه على ما لا يخفى، انتهى.
فليتأمل.
وفي الفرع وأصله عن الأصيلي: فأوذن بالفاء وبعد الهمزة المضمومة واو وتخفيف المعجمة، وفي باب: الرجل يأتم بالإمام جاء بلال يؤذن بالصلاة فاستفيد منه تسمية المبهم، وأن معنى أذن أعلم.
قلت وهو يؤيد رواية فأوذن السابقة.

تنبيه:
قال في المغني: لما، يكون جوابها فعلاً ماضيًا اتفاقًا نحو: { فَلَمَّا نَجَّاكُمْ إِلَى الْبَرِّ أَعْرَضْتُمْ} [الإسراء: 67] .
وجملة اسمية مقرونة بإذا الفجائية نحو: { فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ إِذَا هُمْ يُشْرِكُونَ} [العنكبوت: 65] أو بالفاء عند ابن مالك نحو: { فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ فَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ} [لقمان: 32] .
وفعلاً مضارعًا عند ابن عصفور نحو: { فَلَمَّا ذَهَبَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ الرَّوْعُ وَجَاءَتْهُ الْبُشْرَى يُجَادِلُنَا} [هود: 74] .
وهو مؤوّل: يجادلنا.
وقيل في آية الفاء: إن الجواب محذوف، أي انقسموا قسمين، فمنهم مقتصد.
وفي آية المضارع.
إن الجواب جاءته البشرى على زيادة الواو، أو محذوف، أي: أقبل يجادلنا.
قال ابن الدماميني: ولم يذكر في الحديث هنا بعد لما فعلاً ماضيًا مجردًا من الفاء يصلح جوابًا للماء، بل كلها بالفاء.
اهـ.

قلت يحتمل أن يكون الجواب محذوفًا تقديره: لما مرض عليه الصلاة والسلام، واشتد مرضه فحضرت الصلاة، فأذن أراد عليه الصلاة والسلام استخلاف أبي بكر في الصلاة ( فقال) لمن حضره ( مروا) بضمتين بوزن كلوا من غير همز تخفيفًا ( أبا بكر) الصديق رضي الله عنه ( فليصلِّ بالناس)

بتسكين اللام الأولى وابن عساكر: فليصلّي بكسرها وإثبات الياء المفتوحة بعد الثانية، والفاء عاطفة أي: فقولوا له قولي فليصل، وقد خرج بهذا الأمر أن يكون من قاعدة الأمر بالأمر بالفعل، فإن الصحيح في ذلك أنه ليس أمرًا بالفعل ( فقيل له) أي قالت عائشة له عليه الصلاة والسلام: ( إن أبا بكر رجل أسيف) بهمزة مفتوحة وسين مهملة مكسورة بوزن فعيل، بمعنى فاعل من الأسف، أي؛ شديد الحزن رقيق القلب سريع البكاء ( إذا قام مقامك) ولغير الأربعة: إذا قام في مقامك ( لم يستطع أن يصلّي بالناس) وفي رواية مالك عن هشام عنها قالت: قلت: إن أبا بكر إذا قام في مقامك لم يسمع الناس من البكاء، فمر عمر ( وأعاد) عليه الصلاة والسلام ( فأعادوا) أي عائشة ومن معها في البيت.
نعم وقع في حديث أبي موسى فعادت، ولابن عساكر فعاودت ( له) عليه الصلاة والسلام تلك المقالة: إن أبا بكر رجل أسيف، ( فأعاده) عليه الصلاة والسلام المرة ( الثالثة) من مقالته: مروا أبا بكر فليصل بالناس ( فقال) فيه حذف بيّنه مالك في روايته الآتية إن شاء الله تعالى، ولفظه: فقالت عائشة: فقلت لحفصة قولي له: إن أبا بكر إذا قام مقامك لا يسمع الناس من البكاء، فأمر عمر، فليصلّ بالناس.
ففعلت حفصة، فقال رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-:
مه ( إنكن صواحب يوسف) الصديق، أي مثلهن في إظهار خلاف ما في الباطن.
فإن عائشة أظهرت أن سبب إرادتها صرف الإمامة عن الصديق لكونه لا يسمع المأمومين القراءة لبكائه، ومرادها زيادة على ذلك، وهو أن لا يتشاءم الناس به، وهذا مثل زليخا، استدعت النسوة وأظهرت لهنّ الإكرام بالضيافة، وغرضها أن ينظرن إلى حُسْن يوسف ويعذرنها في محبته، فعبر بالجمع في قوله: إنكن، والمراد عائشة فقط.
وفي قوله: صواحب، والمراد زليخا كذلك ( مروا أبا بكر فليصل بالناس) بسكون اللام الأولى.
وللأصيلي وابن عساكر: فليصلّي بكسرها وياء مفتوحة بعد الثانية، وللكشميهني: للناس باللام بدل الموحدة.

وفي رواية موسى بن أبي عائشة الآتية إن شاء الله تعالى: فأتى بلال إلى أبي بكر فقال له: إن رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يأمرك أن تصلي بالناس، فقال أبو بكر، وكان رجلاً رقيقًا يا عمر، صلً بالناس.
فقال له عمر: أنت أحق بذلك مني ( فخرج أبو بكر) رضي الله عنه ( فصلى) بالفاء وفتح اللام، ولأبوي ذر والوقت: يصلي، بالمثناة التحتية بدل الفاء وكسر اللام، وظاهره أنه شرع فيها، فلما دخل فيها ( فوجد النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- من نفسه خفة) في تلك الصلاة نفسها، لكن في رواية موسى بن أبي عائشة: فصلّى أبو بكر تلك الأيام، ثم إن رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وجد من نفسه خفة ( فخرج يهادى) بضم أوله مبنيًّا للمفعول، أي: يمشي ( بين رجلين) العباس وعلي، أو بين أسامة بن زيد والفضل بن عباس، معتمدًا عليهما متمايلاً في مشيه من شدة الضعف ( كأني أنظر رجليه) ولابن عساكر: إلى رجليه ( يخطّان الأرض) أي: يجرهما عليها غير معتمد عليهما ( من الوجع) وسقط لفظ الأرض من رواية الكشميهني، وعند ابن ماجة وغيره من حديث ابن عباس، بإسناد حسن، فلما أحس الناس به
سبّحوا ( فأراد أبو بكر) رضي الله عنه ( أن يتأخر فأومأ إليه النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) لضعف صوته أو لأن مخاطبة

من يكون في الصلاة بالإيماء أولى من النطق، وسقط لفظ النبي في رواية الأصيلي ( أن مكانك) نصب بتقدير الجزم، والهمزة مفتوحة والنون مخففة ( ثم أتي به) عليه الصلاة والسلام ( حتى جلس إلى جنبه) أي جنب أبي بكر الأيسر، كما سيأتي إن شاء الله تعالى في رواية الأعمش، وفي رواية موسى بن أبي عائشة: فقال أجلساني إلى جنبه فأجلساه ( فقيل للأعمش) سليمان بن مهران بالفاء قبل القاف، ولغير أبوي ذر والوقت وابن عساكر: قيل للأعمش ( وكان) بالواو، وللأربعة: فكان ( النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يصلّي، وأبو بكر يصلّي بصلاته، والناس يصلون بصلاة أبي بكر) أي بصوته الدالّ على فعل النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، لا أنهم مقتدون بصلاته، لئلا يلزم الاقتداء بمأموم.
ويأتي البحث فيه إن شاء الله تعالى، ولأبوي ذر والأصيلي وابن عساكر: والناس يصلون بصلاة أبي بكر ( فقال) الأعمش ( برأسه: نعم) فإن قلت: ظاهر قوله فقيل للأعمش إلخ، إنه منقطع لأن الأعمش لم يسنده، أجيب بأن في رواية أبي معاوية عنه ذكر ذلك متصلاً بالحديث، وكذا في رواية موسى بن أبي عائشة، وغيرها قاله في الفتح ( رواه) وفي رواية: ورواه أي الحديث المذكور ( أبو داود) الطيالسي مما وصله البزار ( عن شعبة عن الأعمش) سليمان بن مهران ( بعضه) نصب بدل من ضمير رواه، ولفظ البزار: كان رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- المقدم بين يدي أبي بكر.
كذا رواه مختصرًا.

( وزاد معاوية) محمد بن حازم الضرير في روايته عن الأعمش، مما وصله المؤلّف في باب: الرجل يأتم بالإمام ويأتم الناس بالمأموم، عن قتيبة عنه ( جلس) -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ( عن يسار أبي بكر) رضي الله عنه ( فكان) وفي رواية وكان ( أبو بكر يصلّي) حال كونه ( قائمًا) وعند ابن المنذر من رواية مسلم بن إبراهيم عن شعيب: أن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- صلّى خلف أبي بكر.

وعند الترمذي، والنسائي، وابن خزيمة، من رواية شعبة عن نعيم بن أبي هند عن شقيق، أن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- صلّى خلف أبي بكر.

فمن العلماء من رجح أن أبا بكر كان مأمومًا، لأن أبا معاوية أحفظ لحديث الأعمش من غيره، واستدلّ الطبري بهذا على أن للإمام أن يقطع الاقتداء به، ويقتدي هو بغيره من غير أن يقطع الصلاة، وعلى جواز إنشاء القدوة في أثناء الصلاة، وعلى جواز تقدّم إحرام المأموم على الإمام بناءً على أن أبا بكر كان دخل في الصلاة، ثم قطع القدوة، وائتمّ برسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.

ومنهم من رجح أنه كان إمامًا لقول أبي بكر، الآتي في باب: من دخل ليؤم الناس ما كان لابن أبي قحافة أن يتقدم بين يدي رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، وقد جزم بذلك الضياء، وابن ناصر، وقال أنه صحّ، وثبت أنه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- صلّى خلف أبي بكر مقتديًا به في مرضه الذي مات فيه، ولا ينكر هذا إلاّ جاهل انتهى.

وقد ثبت في صحيح مسلم أنه صلّى خلف عبد الرحمن بن عوف في غزوة تبوك صلاة الفجر.

وكان -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قد خرج لحاجته، فقدّم الناس عبد الرحمن فصلّى بهم.
فأدرك -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إحدى الركعتين، فصلّى

مع الناس الركعة الأخيرة.
فلما سلم عبد الرحمن قام النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يتم صلاته، فأفزع ذلك المسلمين، فأكثروا التسبيح.
فلما قضى -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- صلاته، أقبل عليهم ثم قال: أحسنتم.
أو قال: قد أصبتم.
يغبطهم أن يصلوا لوقتها.

ورواه أبو داود بنحوه أيضًا.
وقد روى الدارقطني، من طريق المغيرة بن شعبة رضي الله عنه، أن رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال: ما مات نبي حتى يؤمه رجل من قومه.

ورواة حديث الباب كوفيون، وفيه رواية الابن عن الأب، والتحديث والعنعنة والقول، وأخرجه المؤلّف أيضًا في الصلاة، وكذا مسلم والنسائي وابن ماجة.




[ قــ :645 ... غــ : 665 ]
- حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى قَالَ: أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ يُوسُفَ عَنْ مَعْمَرٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ: أَخْبَرَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: قَالَتْ عَائِشَةُ: "لَمَّا ثَقُلَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَاشْتَدَّ وَجَعُهُ اسْتَأْذَنَ أَزْوَاجَهُ أَنْ يُمَرَّضَ فِي بَيْتِي فَأَذِنَّ لَهُ.
فَخَرَجَ بَيْنَ رَجُلَيْنِ تَخُطُّ رِجْلاَهُ الأَرْضَ، وَكَانَ بَيْنَ الْعَبَّاسِ وَرَجُلٍ آخَرَ".

قَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ: فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لاِبْنِ عَبَّاسٍ مَا قَالَتْ عَائِشَةُ، فَقَالَ لِي: وَهَلْ تَدْرِي مَنِ الرَّجُلُ الَّذِي لَمْ تُسَمِّ عَائِشَةُ؟ قُلْتُ: لاَ.
قَالَ: هُوَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ.

وبه قال ( حدّثنا إبراهيم بن موسى) بن يزيد بن زاذان التيمي الرازي ( قال: أخبرنا) وللأصيلي: أخبرني، ولأبي ذر: حدّثنا ( هشام بن يوسف) الصنعاني ( عن معمر) بفتح الميمين وسكون العين المهملة بينهما ابن راشد البصري، ( عن الزهري) محمد بن مسلم بن شهاب ( قال: أخبرني) بالإفراد ( عبيد الله بن عبد الله) بضم العين الأولى مصغرًا وفتح الثانية، ابن عتبة بن مسعود، أحد الفقهاء السبعة ( قال: قالت) أم المؤمنين ( عائشة:) رضي الله عنها ( لما ثقل النبي) بفتح المثلثة وضم القاف أي ركضت أعضاؤه عن خفة الحركات وفي رواية لما ثقل رسول الله ( -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- واشتد وجعه، استأذن أزواجه) أي طلب منهن الإذن ( أن يمرّض في بيتي فأَذِنّ) رضي الله عنهنّ ( له) عليه الصلاة والسلام بفتح الهمزة وكسر الذال المعجمة وتشديد نون جماعة النسوة ( فخرج بين رجلين تخطّ رجلاه الأرض، وكان) بالواو، وللأصيلي: فكان ( بين العباس) ولأبوي الوقت وذر، بين عباس ( ورجل) وللأربعة: وبين رجل ( آخر) لم تسمِّه.

( قال عبيد الله بن عبد الله) بن عتبة الذكور ( فذكرت ذلك لابن عباس) ولابن عساكر: فذكرت لابن عباس ( ما قالت عائشة) رضي الله عنها ( فقال لي: وهل تدري من الرجل الذي لم تسمِّ عائشة؟ قلت: لا.
قال: هو عليّ بن أبي طالب)
رضي الله عنه.
زاد الإسماعيلي من رواية عبد الرزاق عن معمر: ولكن عائشة لا تطيب نفسًا له بخير، ولابن إسحاق في المغازي عن الزهري: ولكنها لا تقدر أن تذكره بخير.


ورواة هذا الحديث الستة ما بين رازي ويماني وبصري ومدني، وفيه رواية تابعي عن تابعي، وفيه التحديث والإخبار والعنعنة والقول.

وأخرجه المؤلّف أيضًا في باب: الغسل والوضوء من المخضب والخشب والحجارة والصلاة والطب والمغازي والهبة والخمس وذكر استئذان أزواجه، ومسلم والنسائي وابن ماجة.