فهرس الكتاب

إرشاد الساري - باب (لا يحسبن الذين يفرحون بما أتوا)

باب { لاَ يَحْسِبَنَّ الَّذِينَ يَفْرَحُونَ بِمَا أَتَوْا}
هذا ( باب) بالتنوين في قوله تعالى: ( { لاَ يَحْسِبَنَّ الَّذِينَ يَفْرَحُونَ بِمَا أَتَوْا} ) سقط باب لغير أبي ذر والخطاب للنبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- والمفعول الأوّل الذين يفرحون والثاني بمفازة.


[ قــ :4314 ... غــ : 4567 ]
- حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي زَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ -رضي الله عنه- أَنَّ رِجَالًا مِنَ الْمُنَافِقِينَ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَانَ إِذَا خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِلَى الْغَزْوِ تَخَلَّفُوا عَنْهُ وَفَرِحُوا بِمَقْعَدِهِمْ خِلاَفَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَإِذَا قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- اعْتَذَرُوا إِلَيْهِ وَحَلَفُوا وَأَحَبُّوا أَنْ يُحْمَدُوا بِمَا لَمْ يَفْعَلُوا فَنَزَلَتْ: { لاَ يَحْسِبَنَّ الَّذِينَ يَفْرَحُونَ بِمَا أَتَوْا وَيُحِبُّونَ أَن يُحْمَدُواْ بِمَا لَمْ يَفْعَلُوا} [آل عمران:188] .

وبه قال: ( حدّثنا سعيد بن أبي مريم) هو سعيد بن الحكم بن محمد بن أبي مريم الجمحي مولاهم البصري قال: ( أخبرنا) ولأبي ذر حدّثنا ( محمد بن جعفر) أي ابن أبي كثير المدني ( قال: حدّثني) بالإفراد ( زيد بن أسلم) العدوي ( عن عطاء بن يسار) بتخفيف السين المهملة ( عن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- أن رجالًا من المنافقين على عهد رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كان إذا خرج رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إلى الغزو.
وتخلفوا عنه وفرحوا بمقعدهم)
مصدر ميميّ أي بقعودهم ( خلاف رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فإذا قدم رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) من غزوه إلى المدينة ( اعتذوا إليه) عن تخلفهم ( وحلفوا وأحبوا أن يحمدوا بما لم يفعلوا فنزلت) آية ( { لا تحسبن الذين يفرحون بما أتوا} ) بما فعلوا من التدليس ( { ويحبون أن يحمدوا بما لم يفعلوا} ) وسقط من قوله: ( بما أتوا) إلى آخره في رواية غير أبي ذر وقالوا بعد ( يفرحون) الآية.

وهذا الحديث أخرجه مسلم في التوبة.




[ قــ :4315 ... غــ : 4568 ]
- حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى، أَخْبَرَنَا هِشَامٌ أَنَّ ابْنَ جُرَيْجٍ، أَخْبَرَهُمْ عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ أَنَّ عَلْقَمَةَ بْنَ وَقَّاصٍ أَخْبَرَهُ أَنَّ مَرْوَانَ قَالَ لِبَوَّابِهِ: اذْهَبْ يَا رَافِعُ إِلَى ابْنِ عَبَّاسٍ فَقُلْ: لَئِنْ كَانَ كُلُّ امْرِئٍ فَرِحَ بِمَا أُوتِيَ وَأَحَبَّ أَنْ يُحْمَدَ بِمَا لَمْ يَفْعَلْ مُعَذَّبًا لَنُعَذَّبَنَّ أَجْمَعُونَ فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: وَمَا لَكُمْ وَلِهَذِهِ؟ إِنَّمَا دَعَا النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَهُودَ فَسَأَلَهُمْ عَنْ شَيْءٍ فَكَتَمُوهُ إِيَّاهُ وَأَخْبَرُوهُ بِغَيْرِهِ فَأَرَوْهُ أَنْ قَدِ اسْتَحْمَدُوا إِلَيْهِ بِمَا أَخْبَرُوهُ عَنْهُ فِيمَا سَأَلَهُمْ وَفَرِحُوا بِمَا أُوتُوا مِنْ كِتْمَانِهِمْ ثُمَّ قَرَأَ ابْنُ عَبَّاسٍ: { وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ} [آل عمران: 187] كَذَلِكَ حَتَّى قَوْلِهِ: { يَفْرَحُونَ بِمَا أَتَوْا وَيُحِبُّونَ أَنْ يُحْمَدُوا بِمَا لَمْ يَفْعَلُوا} .
تَابَعَهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ.

حَدَّثَنَا ابْنُ مُقَاتِلٍ، أَخْبَرَنَا الْحَجَّاجُ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، أَخْبَرَنِي ابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، أَنَّهُ أَخْبَرَهُ أَنَّ مَرْوَانَ بِهَذَا.

وبه قال: ( حدّثني) بالإفراد ( إبراهيم بن موسى) أبو إسحاق الرازي الفراء قال: ( أخبرنا هشام) هو ابن يوسف الصنعاني ( أن ابن جريج) عبد الملك بن عبد العزيز ( أخبرهم عن ابن أبي مليكة) عبد الله وفي الفرع قال أخبرني بالإفراد ابن أبي مليكة ( إن علقمة بن وقاص) الليثي من أجل التابعين بل قيل إن له صحبة ( أخبره أن مروان) بن الحكم بن أبي العاص وكان يومئذٍ أميرًا على المدينة من قبل معاوية ثم ولي الخلافة ( قال لبوّابه) لما كان عنده أبو سعيد وزيد بن ثابت ورافع بن خديج وقال: يا أبا سعيد أرأيت قول الله تعالى: { لا تحسبن الذين يفرحون} الآية.

فقال إن هذا ليس من ذلك إنما ذاك أن ناسًا من المنافقين وفيه فإن كان لهم نصر وفتح حلفوا لهم على سرورهم بذلك ليحمدوهم على فرحهم وسرورهم رواه ابن مردويه فكأن مروان توقف في ذلك وأراد زيادة الاستظهار فقال لبوّابه ( اذهب يا رافع إلى ابن عباس فقل) له ( لئن كان كل امرئ بما أوتي) بضم الهمزة وكسر الفوقية أي أعطى ( وأحب أن يحمد) بضم أوّله مبنيًا للمفعول ( بما لم يفعل معذبًا) نصب خبر كان ( لنعذبن) بفتح الذال المعجمة المشدّدة ( أجمعون) بالواو لأن كلنا يفرح بما أوتي ويحب أن يحمد بما لم يفعل، وفي رواية حجاج بن محمد: أجمعين على الأصل.

( فقال ابن عباس) منكرًا عليهم السؤال عن ذلك ( وما لكم) ولأبي ذر: ما لكم بإسقاط الواو، ولأبي الوقت: ما لهم بالهاء بدل الكاف ( ولهذه) أي وللسؤال عن هذه المسألة ( إنما دعا النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يهود) ولأبي ذر يهود بالتنوين ( فسألهم عن شيء) قيل عن صفته عندهم بإيضاح ( فكتموه إياه وأخبروه) وفي الفرع فأخبروه ( بغيره) أي بصفته عليه الصلاة والسلام في الجملة ( فأروه) بفتح الهمزة والراء ( أن قد استحمدوا إليه) بفتح الفوقية مبنيًا للفاعل أي طلبوا أن يحمدهم قال في الأساس استحمد الله إلى خلقه بإحسانه إليهم وإنعامه عليهم ( بما أخبروه عنه) على الإجمال ( فبما سألهم وفرحوا بما أوتوا) بضم الهمزة وسكون الواو وضم التاء الفوقية أي أعطوا، ولأبي ذر عن المستملي والكشميهني: بما أتوا بفتح الهمزة والفوقية من غير واو أي بما جاؤوا به ( من كتمانهم) بكسر الكاف للعلم ( ثم قرأ ابن عباس) -رضي الله عنهما- ( { وإذ أخذ الله ميثاق الذين أوتوا الكتاب} ) أي العلماء ( كذلك حتى قوله { يفرحون بما أوتوا} ) بضم الهمزة ولأبي ذر عن المستملي والكشميهني بما أتوا بلفظ القرآن أي جاؤوا ( { ويحبون أن يحمدوا بما لم يفعلوا} ) من الوفاء بالميثاق وإظهار الحق والإخبار بالصدق.

( تابعه) أي تابع هشام بن يوسف ( عبد الرزاق) على روايته إياه ( عن ابن جريج) عبد الملك فيما وصله الإسماعيلي قال: ( حدّثنا ابن مقاتل) محمد المروزي قال: ( أخبرنا) ولأبي ذر: حدّثنا ( الحجاج) بن محمد المصيصي الأعور ( عن ابن جريج) عبد الملك بن عبد العزيز أنه قال: ( أخبرني) بالإفراد ( ابن أبي مليكة) عبد الله ( عن حميد بن عبد الرحمن بن عوف أنه أخبره أن مروان) بن الحكم ( بهذا) الحديث ولم يورد متنه ولفظ مسلم أن مروان قال لبوّابه: اذهب يا رافع إلى ابن عباس فقل له، فذكر نحو حديث هشام عن ابن جريج السابق.