فهرس الكتاب

إرشاد الساري - باب القائف

باب الْقَائِفِ
( باب) حكم ( القائف) بالقاف وآخره فاء وهو الذي يعرف الشبه ويميز الأثر.


[ قــ :6417 ... غــ : 6770 ]
- حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- دَخَلَ عَلَىَّ مَسْرُورًا تَبْرُقُ أَسَارِيرُ وَجْهِهِ فَقَالَ: «أَلَمْ تَرَىْ أَنَّ مُجَزِّزًا نَظَرَ آنِفًا إِلَى زَيْدِ بْنِ حَارِثَةَ وَأُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ فَقَالَ: إِنَّ هَذِهِ الأَقْدَامَ بَعْضُهَا مِنْ بَعْضٍ».

وبه قال: ( حدّثنا قتيبة بن سعيد) أبو رجاء قال: ( حدّثنا الليث) بن سعد إمام المصريين ( عن ابن شهاب) محمد الزهري ( عن عروة) بن الزبير ( عن عائشة -رضي الله عنها-) أنها ( قالت: إن رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- دخل عليّ) بتشديد الياء البيت حال كونه ( مسرورًا) حال كونه ( تبرق) تضيء وتستنير من السرور ( أسارير وجهه) وهي الخطوط التي في الجبهة واحدها سر وسرر وجمعها أسرار وأسرة وجمع الجمع أسارير ( فقال) -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-:
( ألم تري) حرف جزم ومعه همزة التقرير وتري مجزوم به بحذف النون والرؤية علمية وسدت إن في قوله ( أن مجززًا) مسدّ مفعوليها ولذا فتحت أن ومجززًا بضم الميم وفتح الجيم وكسر الزاي الأولى المشددة وتفتح اسم إن وسمي مجززًا لأنه كان يجز ناصية الأسير في زمن الجاهلية ويطلقه وهو ابن الأعور بن جعدة المدلجي ( نظر آنفًا) خبر إن وآنفًا بالمدّ ويقصر زمان أي الساعة ( إلى زيد بن حارثة وأسامة بن زيد فقال: إن هذه الأقدام عضها من) ولأبي ذر عن الحموي والمستملي لمن ( بعض) أي لكائنة من بعض أو مخلوقة من بعض كقوله تعالى: { بعضكم من بعض} [النساء: 25] أي مخلوقون من بعض وسبب سروره عليه الصلاة والسلام أن الجاهلية كانت تقدح في نسب أسامة لكونه أسود شديد السواد لكون أمه كانت سوداء وزيد أبيض من القطن، فلما قال مجزز ما قال مع اختلاف اللون سر -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بذلك لكونه كافأ لهم عن الطعن فيه لاعتقادهم ذلك.

والحديث أخرجه مسلم في النكاح وأبو داود في الطلاق والترمذي في الولاء والنسائي في الطلاق.




[ قــ :6418 ... غــ : 6771 ]
- حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ الزُّهْرِىِّ، عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: دَخَلَ عَلَىَّ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ذَاتَ يَوْمٍ وَهْوَ مَسْرُورٌ فَقَالَ: «يَا عَائِشَةُ أَلَمْ تَرَىْ أَنَّ مُجَزِّزًا الْمُدْلِجِىَّ دَخَلَ فَرَأَى أُسَامَةَ وَزَيْدًا وَعَلَيْهِمَا قَطِيفَةٌ قَدْ غَطَّيَا رُءُوسَهُمَا وَبَدَتْ أَقْدَامُهُمَا؟ فَقَالَ: إِنَّ هَذِهِ الأَقْدَامَ بَعْضُهَا مِنْ بَعْضٍ».

وبه قال: ( حدّثنا قتيبة بن سعيد) قال: ( حدّثنا سفيان) بن عيينة ( عن الزهري) محمد بن مسلم ( عن عروة) بن الزبير ( عن عائشة) -رضي الله عنها- أنها ( قالت: دخل عليّ رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ذات يوم) أي يومًا البيت وهو من إضافة المسمى إلى اسمه أو ذات مقحم ( وهو مسرور فقال) :
( يا) ولأبي ذر: أي ( عائشة ألم تري أن مجززًا المدلجي) بضم الميم وسكون الدال المهملة وكسر اللام والجيم بعدها تحتية نسبة إلى مدلج بن مرّة بن عبد مناف بن كنانة وكانت القيافة فيهم، وفي بني أسد والعرب تعترف لهم بذلك وليس ذلك خاصًّا بهم على الصحيح، فرُوِيَ أن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- كان فائقًا وقد كان قرشيًّا لا مدلجيًّا ولا أسديًّا ( دخل عليّ) بتشديد الياء وسقط لغير أبي ذر عليّ ( فرأى أسامة) زاد أبو ذر: ابن زيد ( وزيدًا) أي ابن حارثة ( وعليهما قطيفة) أي كساء ( قد غطيا رؤوسهما) بها ( وبدت أقدامهما) أي ظهرت ( فقال: إن هذه الأقدام بعضها) كائنة أو مخلوقة ( من بعض) .

وفي الحديث العمل بالقافة لتقريره -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وهو مذهب مالك والشافعي وأحمد.
وقال الحنفية: الحكم بها باطل لأنها حدس، وذلك لا يجوز في الشريعة، وليس في حديث الباب حجة في إثبات الحكم بها لأن أسامة كان قد ثبت نسبه قبل ذلك فلم يحتج الشارع في إثبات ذلك إلى قول احد، وإنما تعجب من إصابه مجزز.

ووجه إدخال هذا الحديث في كتاب الفرائض الردّ على من زعم أن القائف لا يعتبر بقوله فإن من اعتبر قوله فعمل به لزم منه حصول التوارث بين الملحق والملحق به.