فهرس الكتاب

إرشاد الساري - باب علامة المنافق

باب عَلاَمَةِ الْمُنَافِقِ
هذا ( باب علامات المنافق) جمع علامة وهي ما يستدل به على الشيء، وعدل عن التعبير بآيات المنافق المناسب للحديث المسوق هنا للعلامات موافقة لما ورد في صحيح أبي عوانة، ولفظ باب ساقط عند الأصيلي، والجمع في العلامات رواية الأربعة.
والنفاق لغة مخالفة الظاهر للباطن فإن كان في اعتقاد الإيمان فهو نفاق الكفر، وإلا فهو نفاق العمل ويدخل فيه الفعل والترك وتتفاوت مراتبه، ولفظ المنافق من باب المفاعلة وأصلها أن تكون بين اثنين لكنها هنا من باب خادع وطارق.


[ قــ :33 ... غــ : 33 ]
- حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ أَبُو الرَّبِيعِ قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ قَالَ: حَدَّثَنَا نَافِعُ بْنُ مَالِكِ بْنِ أَبِي عَامِرٍ أَبُو سُهَيْلٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «آيَةُ الْمُنَافِقِ ثَلاَثٌ: إِذَا حَدَّثَ كَذَبَ، وَإِذَا وَعَدَ أَخْلَفَ، وَإِذَا اؤْتُمِنَ خَانَ».
[الحديث 33 - أطرافه في: 2682، 2749، 6095] .


وبالسند إلى المصنف قال: ( حدّثنا سليمان أبو الربيع) بن داود الزهراني العتكي المتوفى بالبصرة سنة أربع وثلاثين ومائتين ( قال: حدّثنا إسماعيل بن جعفر) هو ابن أبي كثير الأنصاري الزرقي مولاهم المدني قارئ أهل المدينة الثقة الثبت وهو من الثامنة المتوفى ببغداد سنة ثمانين ومائة ( قال: حدّثنا نافع بن مالك بن أبي عامر أبو سهيل) الأصبحي التيمي المدني من الرابعة المتوفى بعد الأربعين ( عن أبيه) مالك جدّ إمام الأئمة المتوفى سنة اثنتي عشرة ومائة ( عن أبي هريرة) رضي الله عنه ( عن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) أنه ( قال) :
( آية المنافق) أي علامته واللام للجنس وكان القياس جمع المبتدأ الذي هو آية ليطابق الخبر الذي هو ( ثلاث) وأجيب: بأن الثلاث اسم جمع ولفظه مفرد على أن التقدير آية المنافق معدودة بالثلاث.

وقال الحافظ ابن حجر: الإفراد على إرادة الجنس أو أن العلامة إنما تحصل باجتماع الثلاث.
قال: والأوّل أليق بصنيع المؤلف ولهذا ترجم بالجمع انتهى.
وتعقبه العلامة العيني فقال: كيف يراد الجنس والتاء فيها تمنع ذلك لأن التاء فيها كالتاء في تمرة، فالآية والآي كالتمرة والتمر.
قال: وقوله إنما تحصل باجتماع الثلاث يشعر بأنه إذا وجد فيه واحد من الثلاث لا يطلق عليه منافق وليس كذلك بل يطلق عليه اسم المنافق، غير أنه إذا وجد فيه الثلاث كلها يكون منافقًا كاملاً.
وأجيب بأنه مفرد مضاف فيعم كأنه قال: آياته ثلاث.

( إذا حدّث) في كل شيء ( كذب) أي أخبر عنه بخلاف ما هو به قاصدًا للكذب ( وإذا وعد) بالخير في المستقبل ( أخلف) فلم يَفِ وهو من عطف الخاص على العامّ، لأن الوعد نوع من التحديث وكان داخلاً في قوله: وإذا حدّث ولكنه أفرده بالذكر معطوفًا تنبيهًا على زيادة قبحه.

فإن قلت: الخاص إذا عطف على العامّ لا يخرج من تحت العامّ وحينئذ تكون الآية اثنتين لا ثلاثًا.
أجيب: بأن لازم الوعد الذي هو الإخلاف الذي قد يكون فعلاً ولازم التحديث الذي هو الكذب الذي لا يكون فعلاً متغايرًا فبهذا الاعتبار كان الملزومان متغايران وخلف الوعد لا يقدح إلا إذا كان العزم عليه مقارنًا للوعد، أما لو كان عازمًا ثم عرض له مانع أو بدا له رأي فهذا لم يوجد منه صورة النفاق.
وفي حديث الطبراني ما يشهد له حيث قال: إذا وعد وهو يحدّث نفسه أنه يخلف، وكذا قال في باقي الخصال.
وإسناده لا بأس به وهو عند الترمذي وأبي داود مختصرًا بلفظ: إذا وعد الرجل أخاه ومن نيّته أن يَفِي له فلم يَفِ فلا إثم عليه وهذا في الوعد بالخير، أما الشر فيستحب إخلافه وقد يجب.

( و) الثالثة من الخصال ( إذا ائتمن) على صيغة المجهول من الائتمان أمانة ( خان) بأن تصرف فيها على خلاف الشرع.
ووجه الاقتصار على هذا الثلاث أنها منبّهة على ما عداها إذ أصل عمل الديانة منحصر في ثلاث: القول والفعل والنية، فنبّه على فساد القول بالكذب، وعلى فساد الفعل بالخيانة، وعلى فساد النيّة بالخلف، وحينئذ فلا يعارض هذا الحديث بما وقع في الآتي بلفظ: أربع من كنّ فيه، وفيه: وإذا عاهد غدر إذ هو معنى قوله: وإذا ائتمن خان لأن الغدر خيانة.


فإن قلت: إذا وجدت هذه الخصال في مسلم فهل يكون منافقًا؟ أجيب: بأنها خصال نفاق لا نفاق فهو على سبيل المجاز أو المراد نفاق العمل لا نفاق الكفر أو مراده من اتصف بها وكانت له ديدنًا وعادة، ويدل عليه التعبير بإذا المفيدة لتكرار الفعل أو هو محمول على من غلبت عليه هذه الخصال وتهاون بها واستخف بأمرها، فإن من كان كذلك كان فاسد الاعتقاد غالبًا أو مراده الإنذار والتحذير عن ارتكاب هذه الخصال، وأن الظاهر غير مراد أو الحديث وارد في رجل معين وكان منافقًا ولم يصرح عليه الصلاة والسلام به على عادته الشريفة في كونه لا يواجههم بصريح القول بل يشير إشارة كقوله: ما بال أقوام ونحوه، أو المراد المنافقون الذين كانوا في الزمن النبوي.
ورجال إسناد هذا الحديث كلهم مدنيون إلا أبا الربيع، وفيهم تابعي عن تابعي، وفيه التحديث والعنعنة، وأخرجه المؤلف أيضًا في الوصايا والشهادات والأدب، ومسلم في الإيمان والترمذي والنسائي.




[ قــ :34 ... غــ : 34 ]
- [سَبَأ]
مكية، وقيل: إلا { ويرى الذين أُوتوا العلم} [سبأ: 56] الآية وآيها خمس وخمسون، ولأبي ذر: سورة سبأ.

( بسم الله الرحمن الرحيم) سقطت البسملة لغير أبي ذر كلفظ سورة.

( يقال { معاجزين} ) بألف بعد العين وهي قراءة غير ابن كثير وأبي عمرو أي ( مسابقين) كي يفوتونا قاله أبو عبيدة.

( { بمعجزين} ) في قوله في العنكبوت: { وما أنتم بمعجزين} [العنكبوت: ] ( بفائتين) أخرج ابن أبي حاتم بإسناد صحيح عن عبد الله بن الزبير نحوه ( { معاجزين} ) بالألف أي ( مغالبين) كذا وقع لغير أبي ذر وسقط له ( { معاجزيّ} ) بالألف وسقوط النون مشدد التحتية أي ( مسابقيّ) كذا لأبوي الوقت وذر وابن عساكر وسقط لكريمة والأصيلي ( { سبقوا} ) أي في قوله في الأنفال: { ولا تحسبن الذين كفروا سبقوا} [الأنفال: 59] أي ( فأتوا) أنهم ( { لا يعجزون} ) أي ( لا يفوتون) قاله أبو عبيدة في المجاز.

( { يسبقونا} ) في قوله تعالى: { أم حسب الذين يعملون السيئات أن يسبقونا} [العنكبوت: 4] أي ( يعجزونا) بسكون العين ( قوله) ولأبي ذر وقوله ( { بمعجزين} ) بالقصر وهي قراءة أبي عمرو وابن كثير أي ( بفائتين ومعنى { معاجزين} ) بالألف ( مغالبين) كذا وقع مكررًا وسقط لغير أبي ذر ( يريد كل واحد منهما أن يظهر عجز صاحبه) يريد أنه من باب المفاعلة بين اثنين.

( { معشار} ) في قوله تعالى: { وما بلغوا معشار ما آتيناهم} [سبأ: 45] معناه ( عُشر) بنى مفعال من لفظ العشر كالمرباع ولا ثالث لهما من ألفاظ العدد فلا يقال مسداس ولا مخماس.

( الأُكل) بضم الكاف في قوله تعالى: { ذواتى أُكل خمط} [سبأ: 16] هو ( الثمر) ولأبي ذر يقال الأكل الثمرة قال أبو عبيدة: الأكل الجنى بفتح الجيم مقصورًا وهو بمعنى الثمرة.

( { باعد} ) بالألف وكسر العين في قوله تعالى: { فقالوا ربنا باعد بين أسفارنا} [سبأ: 19] ( وبعّد) بدون ألف وتشديد العين وهذه قراءة أبي عمرو وابن كثير وهشام ( واحد) في المعنى إذ كل منهما فعل طلب ومعنى الآية أنهم لما بطروا نعمة ربهم وسألوا انتعالها جازاهم جزاء مَن كفر نِعمه إلى أن صاروا مثلًا فقيل تفرّقوا أيادي سبأ كما قال تعالى: { فجعلناهم أحاديث} [سبأ: 19] .

( وقال مجاهد) : فيما وصله الفريابي فبقوله تعالى: ( { لا يعزب} ) أي ( لا يغيب) { عنه مثقال ذرة} [سبأ: 3] .

( { العرم} ) في قوله تعالى: { فأعرضوا فأرسلنا عليهم سيل العرم} [سبأ: 16] هو ( السدّ) بضم السين وفتحها وتشديد الدال المهملتين الذي يحبس الماء بنته بلقيس وذلك أنهم كانوا يقتتلون على ماء واديهم فمرت به فسدّ، ولأبي ذر عن المستملي والكشميهني سيل العرم السدّ وله عن الحموي الشديد بشين معجمة بوزن عظيم السيل ( ماء أحمر أرسله في السدّ) ولأبي ذر أرسله الله في السدّ بفتح سين السد فيهما في اليونينية ( فشقه وهدمه وحفر الوادي فارتفعتا عن الجنبين) بفتح الجيم والموحدة بينهما نون ساكنة، ولأبي ذر عن الحموي بفتح الجنبتين بفتح الجيم والنون والموحدة
والفوقية وسكون التحتية وفي نسخة نسبها في الفتح للأكثرين الجنتين بتشديد النون بغير موحدة تثنية جنة.

قال الكرماني: فإن قلت: القياس أن يقال ارتفعت الجنتان عن الماء.
وأجاب: بأن المراد من الارتفاع الانتقال والزوال يعني ارتفع اسم الجنة عنهما فتقديره ارتفعت الجنتان عن كونهما جنة.
قال في الكشاف وتبعه في الأنوار وتسمية البدل جنتين على سبيل المشاكلة.

( وغاب عنهما) عن الجنتين ( الماء فيبستا) لطغيانهم وكفرهم وإعراضهم عن الشكر ( ولم يكن الماء الأحمر من السد) وللمستملي من السيل.
( ولكن) ولأبي ذر ولكنه ( كان عذابًا أرسله الله عليهم من حيث شاء) قاله مجاهد فيما وصله الفريابي.

( وقال عمرو بن شرحبيل) : بفتح العين وسكون الميم وشرحبيل بضم الشين المعجمة وفتح الراء وسكون الحاء المهملة بعدها موحدة مكسورة فتحتية ساكنة فلام الهمداني الكوفي فيما وصله سعيد بن منصور ( { العرم} المسناة) بضم الميم وفتح السين المهملة وتشديد النون وضبطه في اليونينية بضم الميم والهاء من غير ضبط على السين ولا نقط على الهاء وفي آل ملك المسناة بضم الميم وسكون السين ونقط الهاء وضبط في أصل الأصيلي كما قال في الفتح المسناة بفتح الميم وسكون المهملة ( بلحن أهل اليمن) بسكون الحاء في الفرع، وقال في المصابيح بفتحها أي بلغتهم وكانت هذه المسناة تحبس على ثلاثة أبواب بعضها فوق بعض ومن دونها بركة ضخمة فيها اثنا عشر مخرجًا على عدّة أنهارهم يفتحونها إذا احتاجوا إلى الماء وإذا استغنوا سدّوها، فإذا جاء المطر اجتمع إليه ماء أودية اليمن فاحتبس السيل من وراء السد فتأمر بلقيس بالباب الأعلى فيفتح فيجري ماؤه في البركة فكانوا يستقون من الأول ثم من الثاني ثم من الثالث الأسفل فلا ينفد الماء حتى يثوب الماء من السنة المقبلة فكانت تقسمه بينهم على ذلك فبقوا على ذلك بعدها مدة فلما طغوا وكفروا سلّط الله عليهم جرذًا يسمى الخُلْد فثقب السدّ من أسفله فغرّق الماء جنانهم وخرب أرضهم.

( وقال غيره) : غير ابن شرحبيل ( { العرم} ) هو ( الوادي) الذي فيه الماء وهذا أخرجه ابن أبي حاتم من طريق عثمان بن عطاء عن أبيه.

( السابغات) في قوله تعالى: { أن اعمل سابغات} [سبأ: 11] هي ( الدروع) الكوامل واسعات طِوالًا تسحب في الأرض.
ذكر الصفة ويعلم منها الموصوف.

( وقال مجاهد) في قوله تعالى: ( { وهل يجازى} ) أي ( يعاقب) يقال في العقوبة يجازى وفي المثوبة يجزي.
قال الفراء المؤمن يجزى ولا يجازى أي يجزى الثواب بعمله ولا يكافأ بسيئاته كذا نقل.

( { أعظكم بواحدة} ) أي ( بطاعة الله) قاله مجاهد فيما وصله الفريابي.

( { مثنى وفرادى} ) أي ( واحد واثنين) فإن الازدحام يشوّش الخاطر والمعروف في تفسير مثله
التكرير أي واحد واحد واثنين اثنين.

( { التناوش} ) هو ( الرد من الآخرة إلى الدنيا) .
قال:
تمنى أن يؤوب إلى دناه ... وليس إلى تناوشها سبيل
( { وبين ما يشتهون} ) أي ( من مال أو ولد أو زهرة) في الدنيا أو إيمان أو نجاة به.

كما فعل ( { بأشياعهم} ) أي ( بأمثالهم) من كفرة الأمم الدارجة فلم يقبل منهم الإيمان حين اليأس.

( وقال ابن عباس) : مما تقدم في أحاديث الأنبياء ( كالجواب) بغير تحتية ولأبي ذر كالجوابي بإثباتها أي ( كالجوبة من الأرض) بفتح الجيم وسكون الواو أي الموضع المطمئن منها هذا لا يستقيم لأن الجوابي جمع جابية كضاربة وضوارب فعينه موحدة فهو مخالف للجوبة من حيث إن عينه واو فلم يرد أن اشتقاقهما واحد والجابية الحوض العظيم سميت بذلك لأنه يجبى إليها الماء أي يجتمع قيل كان يقعد على الجفنة الواحدة ألف رجل يأكلون منها.

( الخمط) هو ( الأراك) أي الشجر الذي يستاك بقضبانه ( والأثل) هو ( الطرفاء) قاله ابن عباس فيما وصله ابن أبي حاتم ( العرم) أي ( الشديد) من العرامة وهي الشراسة والصعوبة وقد مرّ.



[ قــ :34 ... غــ : 34 ]
- [سَبَأ]
مكية، وقيل: إلا { ويرى الذين أُوتوا العلم} [سبأ: 56] الآية وآيها خمس وخمسون، ولأبي ذر: سورة سبأ.

( بسم الله الرحمن الرحيم) سقطت البسملة لغير أبي ذر كلفظ سورة.

( يقال { معاجزين} ) بألف بعد العين وهي قراءة غير ابن كثير وأبي عمرو أي ( مسابقين) كي يفوتونا قاله أبو عبيدة.

( { بمعجزين} ) في قوله في العنكبوت: { وما أنتم بمعجزين} [العنكبوت: ] ( بفائتين) أخرج ابن أبي حاتم بإسناد صحيح عن عبد الله بن الزبير نحوه ( { معاجزين} ) بالألف أي ( مغالبين) كذا وقع لغير أبي ذر وسقط له ( { معاجزيّ} ) بالألف وسقوط النون مشدد التحتية أي ( مسابقيّ) كذا لأبوي الوقت وذر وابن عساكر وسقط لكريمة والأصيلي ( { سبقوا} ) أي في قوله في الأنفال: { ولا تحسبن الذين كفروا سبقوا} [الأنفال: 59] أي ( فأتوا) أنهم ( { لا يعجزون} ) أي ( لا يفوتون) قاله أبو عبيدة في المجاز.

( { يسبقونا} ) في قوله تعالى: { أم حسب الذين يعملون السيئات أن يسبقونا} [العنكبوت: 4] أي ( يعجزونا) بسكون العين ( قوله) ولأبي ذر وقوله ( { بمعجزين} ) بالقصر وهي قراءة أبي عمرو وابن كثير أي ( بفائتين ومعنى { معاجزين} ) بالألف ( مغالبين) كذا وقع مكررًا وسقط لغير أبي ذر ( يريد كل واحد منهما أن يظهر عجز صاحبه) يريد أنه من باب المفاعلة بين اثنين.

( { معشار} ) في قوله تعالى: { وما بلغوا معشار ما آتيناهم} [سبأ: 45] معناه ( عُشر) بنى مفعال من لفظ العشر كالمرباع ولا ثالث لهما من ألفاظ العدد فلا يقال مسداس ولا مخماس.

( الأُكل) بضم الكاف في قوله تعالى: { ذواتى أُكل خمط} [سبأ: 16] هو ( الثمر) ولأبي ذر يقال الأكل الثمرة قال أبو عبيدة: الأكل الجنى بفتح الجيم مقصورًا وهو بمعنى الثمرة.

( { باعد} ) بالألف وكسر العين في قوله تعالى: { فقالوا ربنا باعد بين أسفارنا} [سبأ: 19] ( وبعّد) بدون ألف وتشديد العين وهذه قراءة أبي عمرو وابن كثير وهشام ( واحد) في المعنى إذ كل منهما فعل طلب ومعنى الآية أنهم لما بطروا نعمة ربهم وسألوا انتعالها جازاهم جزاء مَن كفر نِعمه إلى أن صاروا مثلًا فقيل تفرّقوا أيادي سبأ كما قال تعالى: { فجعلناهم أحاديث} [سبأ: 19] .

( وقال مجاهد) : فيما وصله الفريابي فبقوله تعالى: ( { لا يعزب} ) أي ( لا يغيب) { عنه مثقال ذرة} [سبأ: 3] .

( { العرم} ) في قوله تعالى: { فأعرضوا فأرسلنا عليهم سيل العرم} [سبأ: 16] هو ( السدّ) بضم السين وفتحها وتشديد الدال المهملتين الذي يحبس الماء بنته بلقيس وذلك أنهم كانوا يقتتلون على ماء واديهم فمرت به فسدّ، ولأبي ذر عن المستملي والكشميهني سيل العرم السدّ وله عن الحموي الشديد بشين معجمة بوزن عظيم السيل ( ماء أحمر أرسله في السدّ) ولأبي ذر أرسله الله في السدّ بفتح سين السد فيهما في اليونينية ( فشقه وهدمه وحفر الوادي فارتفعتا عن الجنبين) بفتح الجيم والموحدة بينهما نون ساكنة، ولأبي ذر عن الحموي بفتح الجنبتين بفتح الجيم والنون والموحدة
والفوقية وسكون التحتية وفي نسخة نسبها في الفتح للأكثرين الجنتين بتشديد النون بغير موحدة تثنية جنة.

قال الكرماني: فإن قلت: القياس أن يقال ارتفعت الجنتان عن الماء.
وأجاب: بأن المراد من الارتفاع الانتقال والزوال يعني ارتفع اسم الجنة عنهما فتقديره ارتفعت الجنتان عن كونهما جنة.
قال في الكشاف وتبعه في الأنوار وتسمية البدل جنتين على سبيل المشاكلة.

( وغاب عنهما) عن الجنتين ( الماء فيبستا) لطغيانهم وكفرهم وإعراضهم عن الشكر ( ولم يكن الماء الأحمر من السد) وللمستملي من السيل.
( ولكن) ولأبي ذر ولكنه ( كان عذابًا أرسله الله عليهم من حيث شاء) قاله مجاهد فيما وصله الفريابي.

( وقال عمرو بن شرحبيل) : بفتح العين وسكون الميم وشرحبيل بضم الشين المعجمة وفتح الراء وسكون الحاء المهملة بعدها موحدة مكسورة فتحتية ساكنة فلام الهمداني الكوفي فيما وصله سعيد بن منصور ( { العرم} المسناة) بضم الميم وفتح السين المهملة وتشديد النون وضبطه في اليونينية بضم الميم والهاء من غير ضبط على السين ولا نقط على الهاء وفي آل ملك المسناة بضم الميم وسكون السين ونقط الهاء وضبط في أصل الأصيلي كما قال في الفتح المسناة بفتح الميم وسكون المهملة ( بلحن أهل اليمن) بسكون الحاء في الفرع، وقال في المصابيح بفتحها أي بلغتهم وكانت هذه المسناة تحبس على ثلاثة أبواب بعضها فوق بعض ومن دونها بركة ضخمة فيها اثنا عشر مخرجًا على عدّة أنهارهم يفتحونها إذا احتاجوا إلى الماء وإذا استغنوا سدّوها، فإذا جاء المطر اجتمع إليه ماء أودية اليمن فاحتبس السيل من وراء السد فتأمر بلقيس بالباب الأعلى فيفتح فيجري ماؤه في البركة فكانوا يستقون من الأول ثم من الثاني ثم من الثالث الأسفل فلا ينفد الماء حتى يثوب الماء من السنة المقبلة فكانت تقسمه بينهم على ذلك فبقوا على ذلك بعدها مدة فلما طغوا وكفروا سلّط الله عليهم جرذًا يسمى الخُلْد فثقب السدّ من أسفله فغرّق الماء جنانهم وخرب أرضهم.

( وقال غيره) : غير ابن شرحبيل ( { العرم} ) هو ( الوادي) الذي فيه الماء وهذا أخرجه ابن أبي حاتم من طريق عثمان بن عطاء عن أبيه.

( السابغات) في قوله تعالى: { أن اعمل سابغات} [سبأ: 11] هي ( الدروع) الكوامل واسعات طِوالًا تسحب في الأرض.
ذكر الصفة ويعلم منها الموصوف.

( وقال مجاهد) في قوله تعالى: ( { وهل يجازى} ) أي ( يعاقب) يقال في العقوبة يجازى وفي المثوبة يجزي.
قال الفراء المؤمن يجزى ولا يجازى أي يجزى الثواب بعمله ولا يكافأ بسيئاته كذا نقل.

( { أعظكم بواحدة} ) أي ( بطاعة الله) قاله مجاهد فيما وصله الفريابي.

( { مثنى وفرادى} ) أي ( واحد واثنين) فإن الازدحام يشوّش الخاطر والمعروف في تفسير مثله
التكرير أي واحد واحد واثنين اثنين.

( { التناوش} ) هو ( الرد من الآخرة إلى الدنيا) .
قال:
تمنى أن يؤوب إلى دناه ... وليس إلى تناوشها سبيل
( { وبين ما يشتهون} ) أي ( من مال أو ولد أو زهرة) في الدنيا أو إيمان أو نجاة به.

كما فعل ( { بأشياعهم} ) أي ( بأمثالهم) من كفرة الأمم الدارجة فلم يقبل منهم الإيمان حين اليأس.

( وقال ابن عباس) : مما تقدم في أحاديث الأنبياء ( كالجواب) بغير تحتية ولأبي ذر كالجوابي بإثباتها أي ( كالجوبة من الأرض) بفتح الجيم وسكون الواو أي الموضع المطمئن منها هذا لا يستقيم لأن الجوابي جمع جابية كضاربة وضوارب فعينه موحدة فهو مخالف للجوبة من حيث إن عينه واو فلم يرد أن اشتقاقهما واحد والجابية الحوض العظيم سميت بذلك لأنه يجبى إليها الماء أي يجتمع قيل كان يقعد على الجفنة الواحدة ألف رجل يأكلون منها.

( الخمط) هو ( الأراك) أي الشجر الذي يستاك بقضبانه ( والأثل) هو ( الطرفاء) قاله ابن عباس فيما وصله ابن أبي حاتم ( العرم) أي ( الشديد) من العرامة وهي الشراسة والصعوبة وقد مرّ.



[ قــ :34 ... غــ : 34 ]
- حَدَّثَنَا قَبِيصَةُ بْنُ عُقْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُرَّةَ عَنْ مَسْرُوقٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «أَرْبَعٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ كَانَ مُنَافِقًا خَالِصًا، وَمَنْ كَانَتْ فِيهِ خَصْلَةٌ مِنْهُنَّ كَانَتْ فِيهِ خَصْلَةٌ مِنَ النِّفَاقِ حَتَّى يَدَعَهَا: إِذَا اؤْتُمِنَ خَانَ، وَإِذَا حَدَّثَ كَذَبَ، وَإِذَا عَاهَدَ غَدَرَ، وَإِذَا خَاصَمَ فَجَرَ».
تَابَعَهُ شُعْبَةُ عَنِ الأَعْمَشِ.
[الحديث 34 - طرفاه في: 459، 3178] .

وبه قال المؤلف: ( حدّثنا قبيصة) بفتح القاف وكسر الموحدة وسكون المثناة التحتية وفتح المهملة ( ابن عقبة) بضم المهملة وسكون القاف وفتح الموحدة ابن محمد أبو عامر السوائي الكوفي المختلف في توثيقه من جهة كونه سمع من سفيان الثوري صغيرًا، فلم يضبط فهو حجة إلا فيما رواه عنه، لكن احتجاج البخاري به في غير موضع كافٍ.
وقول أحمد إنه ثقة لا بأس به لكن كثير الغلط معارض بقول أبي حاتم لم أرَ من المحدّثين من يحفظ ويأتي بالحديث على لفظ واحد ولا يغيره سوى قبيصة وأبي نعيم اهـ.
وتوفي في المحرم سنة ثلاث عشرة.
وقال النووي: سنة خمس عشرة ومائتين.

( قال: حدّثنا سفيان) بتثليث سينه ابن سعيد بن منصور أبو عبد الله الثوري أحد أصحاب المذاهب الستة المتبوعة، المتوفى سنة ستين ومائة بالبصرة متواريًا من سلطانها وكان يدلس ( عن الأعمش) سليمان ( عن عبد الله بن مرة) بضم الميم وتشديد الراء الهمداني بسكون الميم الكوفي التابعي الخارفي بالخاء المعجمة وبالراء والفاء، المتوفى سنة مائة ( عن مسروق) يعني ابن الأجدع بالجيم والمهملتين ابن مالك الهمداني الكوفي الحضرمي المتفق على جلالته، المتوفى سنة ثلاث أو اثنتين وستين ( عن عبد الله بن عمرو) يعني ابن العاصي رضي الله عنهما ( أن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال) :
( أربع) أي أربع خصال أو خصال أربع مبتدأ خبره ( من كنّ فيه كان منافقًا خالصًا) أي في هذه الخصال فقط لا في غيرها أو شديد الشبه بالمنافقين، ووصفه بالخلوص يؤيد قول من قال: إن المراد بالنفاق العملي لا الإيماني أو النفاق العرفي لا الشرعي، لأن الخلوص بهذين المعنيين لا يستلزم

الكفر الملقي في الدرك الأسفل من النار.
( ومن كانت فيه خصلة منهن كانت) وللأصيلي في نسخة كان ( فيه خصلة من النفاق حتى يدعها) حتى يتركها ( إذا ائتمن) شيئاً ( خان) فيه ( وإذا حدّث كذب) في كل ما حدّث به ( وإذا عاهد) عهدًا ( غدر) أي ترك الوفاء بما عاهد عليه ( وإذا خاصم فجر) في خصومته أي مال عن الحق وقال الباطل، وقد تحصل من الحديثين خمس خصال الثلاثة السابقة في الأوّل والغدر فى المعاهدة والفجور في الخصومة فهي متغايرة باعتبار تغاير الأوصاف واللوازم، ووجه الحصر فيها أن إظهار خلاف ما في الباطن إما في الماليات وهو ما إذا ائتمن، وإما في غيرها وهو إما في حالة الكدورة فهو إذا خاصم، وإما في حالة الصفاء فهو إما مؤكد باليمين فهو إذا عاهد أو لا فهو إما بالنظر إلى المستقبل فهو إذا وعد، وإما بالنظر إلى الحال فهو إذا حدّث، لكن هذه الخمسة في الحقيقة ترجع إلى الثلاث لأن الغدر في العهد منطوٍ تحت الخيانة في الأمانة، والفجور في الخصومة داخل تحت الكذب في الحديث.
ورجال هذا الحديث كلهم كوفيون إلا الصحابي على أنه قد دخل الكوفة أيضًا، وفيه ثلاثة من التابعين يروي بعضهم عن بعض والتحديث والعنعنة، وأخرجه المؤلف أيضًا في الجزية، ومسلم في الإيمان وأصحاب السنن.


ثم قال المؤلف ( تابعه) أي تابع سفيان الثوري ( شعبة) بن الحجاج في رواية هذا الحديث ( عن الأعمش) وقد وصل المؤلف هذه المتابعة في كتاب المظالم، ومراده بالمتابعة هنا كون الحديث مرويًّا من طريق أخرى عن الأعمش، والمتابعة هنا ناقصة لكونها ذكرت في وسط الإسناد لا في أوّله.

ولما ذكر المؤلف كتاب الإيمان الجامع لبيان باب السلام من الإسلام وأردفه بخمسة أبواب استطرادًا لما فيها من المناسبة وضمنها علامات النفاق رجع إلى ذكر علامات الإيمان فقال:


[ قــ :34 ... غــ : 34 ]
- [سَبَأ]
مكية، وقيل: إلا { ويرى الذين أُوتوا العلم} [سبأ: 56] الآية وآيها خمس وخمسون، ولأبي ذر: سورة سبأ.

( بسم الله الرحمن الرحيم) سقطت البسملة لغير أبي ذر كلفظ سورة.

( يقال { معاجزين} ) بألف بعد العين وهي قراءة غير ابن كثير وأبي عمرو أي ( مسابقين) كي يفوتونا قاله أبو عبيدة.

( { بمعجزين} ) في قوله في العنكبوت: { وما أنتم بمعجزين} [العنكبوت: ] ( بفائتين) أخرج ابن أبي حاتم بإسناد صحيح عن عبد الله بن الزبير نحوه ( { معاجزين} ) بالألف أي ( مغالبين) كذا وقع لغير أبي ذر وسقط له ( { معاجزيّ} ) بالألف وسقوط النون مشدد التحتية أي ( مسابقيّ) كذا لأبوي الوقت وذر وابن عساكر وسقط لكريمة والأصيلي ( { سبقوا} ) أي في قوله في الأنفال: { ولا تحسبن الذين كفروا سبقوا} [الأنفال: 59] أي ( فأتوا) أنهم ( { لا يعجزون} ) أي ( لا يفوتون) قاله أبو عبيدة في المجاز.

( { يسبقونا} ) في قوله تعالى: { أم حسب الذين يعملون السيئات أن يسبقونا} [العنكبوت: 4] أي ( يعجزونا) بسكون العين ( قوله) ولأبي ذر وقوله ( { بمعجزين} ) بالقصر وهي قراءة أبي عمرو وابن كثير أي ( بفائتين ومعنى { معاجزين} ) بالألف ( مغالبين) كذا وقع مكررًا وسقط لغير أبي ذر ( يريد كل واحد منهما أن يظهر عجز صاحبه) يريد أنه من باب المفاعلة بين اثنين.

( { معشار} ) في قوله تعالى: { وما بلغوا معشار ما آتيناهم} [سبأ: 45] معناه ( عُشر) بنى مفعال من لفظ العشر كالمرباع ولا ثالث لهما من ألفاظ العدد فلا يقال مسداس ولا مخماس.

( الأُكل) بضم الكاف في قوله تعالى: { ذواتى أُكل خمط} [سبأ: 16] هو ( الثمر) ولأبي ذر يقال الأكل الثمرة قال أبو عبيدة: الأكل الجنى بفتح الجيم مقصورًا وهو بمعنى الثمرة.

( { باعد} ) بالألف وكسر العين في قوله تعالى: { فقالوا ربنا باعد بين أسفارنا} [سبأ: 19] ( وبعّد) بدون ألف وتشديد العين وهذه قراءة أبي عمرو وابن كثير وهشام ( واحد) في المعنى إذ كل منهما فعل طلب ومعنى الآية أنهم لما بطروا نعمة ربهم وسألوا انتعالها جازاهم جزاء مَن كفر نِعمه إلى أن صاروا مثلًا فقيل تفرّقوا أيادي سبأ كما قال تعالى: { فجعلناهم أحاديث} [سبأ: 19] .

( وقال مجاهد) : فيما وصله الفريابي فبقوله تعالى: ( { لا يعزب} ) أي ( لا يغيب) { عنه مثقال ذرة} [سبأ: 3] .

( { العرم} ) في قوله تعالى: { فأعرضوا فأرسلنا عليهم سيل العرم} [سبأ: 16] هو ( السدّ) بضم السين وفتحها وتشديد الدال المهملتين الذي يحبس الماء بنته بلقيس وذلك أنهم كانوا يقتتلون على ماء واديهم فمرت به فسدّ، ولأبي ذر عن المستملي والكشميهني سيل العرم السدّ وله عن الحموي الشديد بشين معجمة بوزن عظيم السيل ( ماء أحمر أرسله في السدّ) ولأبي ذر أرسله الله في السدّ بفتح سين السد فيهما في اليونينية ( فشقه وهدمه وحفر الوادي فارتفعتا عن الجنبين) بفتح الجيم والموحدة بينهما نون ساكنة، ولأبي ذر عن الحموي بفتح الجنبتين بفتح الجيم والنون والموحدة
والفوقية وسكون التحتية وفي نسخة نسبها في الفتح للأكثرين الجنتين بتشديد النون بغير موحدة تثنية جنة.

قال الكرماني: فإن قلت: القياس أن يقال ارتفعت الجنتان عن الماء.
وأجاب: بأن المراد من الارتفاع الانتقال والزوال يعني ارتفع اسم الجنة عنهما فتقديره ارتفعت الجنتان عن كونهما جنة.
قال في الكشاف وتبعه في الأنوار وتسمية البدل جنتين على سبيل المشاكلة.

( وغاب عنهما) عن الجنتين ( الماء فيبستا) لطغيانهم وكفرهم وإعراضهم عن الشكر ( ولم يكن الماء الأحمر من السد) وللمستملي من السيل.
( ولكن) ولأبي ذر ولكنه ( كان عذابًا أرسله الله عليهم من حيث شاء) قاله مجاهد فيما وصله الفريابي.

( وقال عمرو بن شرحبيل) : بفتح العين وسكون الميم وشرحبيل بضم الشين المعجمة وفتح الراء وسكون الحاء المهملة بعدها موحدة مكسورة فتحتية ساكنة فلام الهمداني الكوفي فيما وصله سعيد بن منصور ( { العرم} المسناة) بضم الميم وفتح السين المهملة وتشديد النون وضبطه في اليونينية بضم الميم والهاء من غير ضبط على السين ولا نقط على الهاء وفي آل ملك المسناة بضم الميم وسكون السين ونقط الهاء وضبط في أصل الأصيلي كما قال في الفتح المسناة بفتح الميم وسكون المهملة ( بلحن أهل اليمن) بسكون الحاء في الفرع، وقال في المصابيح بفتحها أي بلغتهم وكانت هذه المسناة تحبس على ثلاثة أبواب بعضها فوق بعض ومن دونها بركة ضخمة فيها اثنا عشر مخرجًا على عدّة أنهارهم يفتحونها إذا احتاجوا إلى الماء وإذا استغنوا سدّوها، فإذا جاء المطر اجتمع إليه ماء أودية اليمن فاحتبس السيل من وراء السد فتأمر بلقيس بالباب الأعلى فيفتح فيجري ماؤه في البركة فكانوا يستقون من الأول ثم من الثاني ثم من الثالث الأسفل فلا ينفد الماء حتى يثوب الماء من السنة المقبلة فكانت تقسمه بينهم على ذلك فبقوا على ذلك بعدها مدة فلما طغوا وكفروا سلّط الله عليهم جرذًا يسمى الخُلْد فثقب السدّ من أسفله فغرّق الماء جنانهم وخرب أرضهم.

( وقال غيره) : غير ابن شرحبيل ( { العرم} ) هو ( الوادي) الذي فيه الماء وهذا أخرجه ابن أبي حاتم من طريق عثمان بن عطاء عن أبيه.

( السابغات) في قوله تعالى: { أن اعمل سابغات} [سبأ: 11] هي ( الدروع) الكوامل واسعات طِوالًا تسحب في الأرض.
ذكر الصفة ويعلم منها الموصوف.

( وقال مجاهد) في قوله تعالى: ( { وهل يجازى} ) أي ( يعاقب) يقال في العقوبة يجازى وفي المثوبة يجزي.
قال الفراء المؤمن يجزى ولا يجازى أي يجزى الثواب بعمله ولا يكافأ بسيئاته كذا نقل.

( { أعظكم بواحدة} ) أي ( بطاعة الله) قاله مجاهد فيما وصله الفريابي.

( { مثنى وفرادى} ) أي ( واحد واثنين) فإن الازدحام يشوّش الخاطر والمعروف في تفسير مثله
التكرير أي واحد واحد واثنين اثنين.

( { التناوش} ) هو ( الرد من الآخرة إلى الدنيا) .
قال:
تمنى أن يؤوب إلى دناه ... وليس إلى تناوشها سبيل
( { وبين ما يشتهون} ) أي ( من مال أو ولد أو زهرة) في الدنيا أو إيمان أو نجاة به.

كما فعل ( { بأشياعهم} ) أي ( بأمثالهم) من كفرة الأمم الدارجة فلم يقبل منهم الإيمان حين اليأس.

( وقال ابن عباس) : مما تقدم في أحاديث الأنبياء ( كالجواب) بغير تحتية ولأبي ذر كالجوابي بإثباتها أي ( كالجوبة من الأرض) بفتح الجيم وسكون الواو أي الموضع المطمئن منها هذا لا يستقيم لأن الجوابي جمع جابية كضاربة وضوارب فعينه موحدة فهو مخالف للجوبة من حيث إن عينه واو فلم يرد أن اشتقاقهما واحد والجابية الحوض العظيم سميت بذلك لأنه يجبى إليها الماء أي يجتمع قيل كان يقعد على الجفنة الواحدة ألف رجل يأكلون منها.

( الخمط) هو ( الأراك) أي الشجر الذي يستاك بقضبانه ( والأثل) هو ( الطرفاء) قاله ابن عباس فيما وصله ابن أبي حاتم ( العرم) أي ( الشديد) من العرامة وهي الشراسة والصعوبة وقد مرّ.