فهرس الكتاب

إرشاد الساري - باب: إذا خير أحدهما صاحبه بعد البيع فقد وجب البيع

باب إِذَا خَيَّرَ أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ بَعْدَ الْبَيْعِ فَقَدْ وَجَبَ الْبَيْعُ
هذا ( باب) بالتنوين ( إذا خير أحدهما) أي أحد المتبايعين ( صاحبه بعد البيع) وقبل التفرق ( وجب البيع) أي لزم وإن لم يتفرقا.


[ قــ :2028 ... غــ : 2112 ]
- حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ -رضي الله عنهما- عَنْ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنَّهُ قَالَ: «إِذَا تَبَايَعَ الرَّجُلاَنِ فَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِالْخِيَارِ مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا وَكَانَا جَمِيعًا، أَوْ يُخَيِّرُ أَحَدُهُمَا الآخَرَ، فَتَبَايَعَا عَلَى ذَلِكَ فَقَدْ وَجَبَ الْبَيْعُ، وَإِنْ تَفَرَّقَا بَعْدَ أَنْ يَتَبَايَعَا وَلَمْ يَتْرُكْ وَاحِدٌ مِنْهُمَا الْبَيْعَ فَقَدْ وَجَبَ الْبَيْعُ».

وبه قال: ( حدّثنا قتيبة) بن سعيد قال: ( حدّثنا الليث) بن سعد الإمام ( عن نافع عن ابن عمر -رضي الله عنهما- عن رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أنه قال) :
( إذا تبايع الرجلان فكل واحد منهما) محكوم له ( بالخيار) في المجلس ( ما لم يتفرقا) فإذا تفرقا انقطع الخيار ( وكانا جميعًا) تأكيد لسابقه والجملة حالية من الضمير في يتفرقا أي وقد كانا جميعًا، وهذا كما قال الخطابي أوضح شيء في ثبوت خيار المجلس وهو مبطل لكل تأويل مخالف لظاهر الحديث، وكذا قوله في آخره وإن تفرقا بعد أن يتبايعا فيه البيان الواضح أن التفرق بالبدن هو القاطع للخيار ولو كان معناه التفرق بالقول لخلا الحديث عن فائدة اهـ.

وقد حمله ابن عمر راوي الحديث على التفرق بالأبدان كما مر وكذا أبو برزة الأسلمي ولا يعرف لهما مخالف بين الصحابة.
نعم خالف في ذلك إبراهيم النخعي فروى سعيد بن منصور عنه

إذا وجبت الصفقة فلا خيار وبذلك قال المالكية إلا ابن حبيب والحنفية كلهم.

( أو يخير أحدهما الآخر) فينقطع الخيار أيضًا وقوله: أو يخير بكسر ما قبل آخره مرفوع كما في الفرع وغيره، وقال في الفتح وجمع العدّة بالجزم عطفًا على المجزوم السابق وهو لم يتفرقا، وتعقب بأن أو فيه ليست للعطف بل بمعنى إلا أي إلا أن أو بمعنى إلى أي إلى أن يخير فهو نصب بأن مضمرة، وفي بعض الأصول وخير بإسقاط الألف والفعل بلفظ الماضي ( فتبايعا على ذلك) قيل إنه من عطف المجمل على المفصل فلا تغاير بينه وبين ما قبله إلا بالإجمال والتفصيل ( فقد وجب البيع) الفاء للسببية والترتيب على سابقه أي فإذا كان المتبايع على ذلك فقد لزم البيع وانبرم وبطل الخيار ( وإن تفرقا بعد أن يتبايعا) بلفظ المضارع ( ولم يترك واحد منهما البيع) أي لم يفسخه ( فقد وجب البيع) بعد التفرق وهو ظاهر جدًا في انفساخ البيع بفسخ أحدهما.

وهذا الحديث أخرجه مسلم في البيوع والنسائي فيه وفي الشروط، وأخرجه ابن ماجة في التجارات.