فهرس الكتاب

إرشاد الساري - باب {وإن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه يحاسبكم به الله، فيغفر لمن يشاء ويعذب من يشاء، والله على كل شيء قدير} [البقرة: 284]

باب { وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ فَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} [البقرة: 284]
هذا ( باب) بالتنوين ( { وإن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه} ) من السوء فيها ( { يحاسبكم به الله} ) يوم القيامة ( { فيغفر لمن يشاء} ) مغفرته ( { ويعذب من يشاء} ) تعذيبه ويغفر ويعذب مجزومان عطفًا على الجزاء المجزوم ورفعهما ابن عامر وعاصم خبر مبتدأ محذوف أي فهو يغفر ( { والله على كل شيء قدير} ) [البقرة: 284] فيقدر على الإحياء والمحاسبة.
وسقط قوله: { يحاسبكم} إلى آخر الآية لأبي ذر وقال بعد { أو تخفوه} الآية، ولما نزلت هذه الآية اشتدّ ذلك على الصحابة رضي الله تعالى عنهم وخافوا منها ومن محاسبة الله لهم على جليل الأعمال وحقيرها.


[ قــ :4294 ... غــ : 4545 ]
- حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ حَدَّثَنَا النُّفَيْلِيُّ، حَدَّثَنَا مِسْكِينٌ عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ خَالِدٍ الْحَذَّاءِ عَنْ مَرْوَانَ الأَصْفَرِ، عَنْ رَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَهْوَ ابْنُ عُمَرَ أَنَّهَا قَدْ نُسِخَتْ { وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ} الآيَةَ.
[الحديث 4545 - طرفه في: 4546] .

وبه قال: ( حدّثنا محمد) غير منسوب فقيل هو ابن يحيى الذهلي قاله الكلاباذي، وقيل ابن إبراهيم البوشنجي قاله الحاكم وقيل ابن إدريس الرازي قال: ( حدّثنا النفيلي) بضم النون وفتح
الفاء وسكون التحتية عبد الله بن محمد بن علي بن نفيل قال: ( حدّثنا مسكين) بكسر الميم وسكون السين المهملة ابن بكير الحراني وليس له ولا للنفيلي في البخاري إلا هذا الحديث ( عن شعبة) بن الحجاج العتكي مولاهم ( عن خالد الحذاء) بالحاء المهملة والذال المعجمة المشدّدة ممدودًا ابن مهران أبي المنازل بفتح الميم وكسر الزاي البصري ( عن مروان الأصفر) أبي خليفة البصري قيل اسم أبيه خاقان وقيل سالم ( عن رجل من أصحاب النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وهو ابن عمر) بن الخطاب رضي الله تعالى عنهما ( أنها قد نسخت) بضم النون مبنيًا للمفعول وسقط لفظ أنها لأبي ذر ( { وإن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه} الآية) نسختها الآية التي بعدها كما قال في التي بعد.

وعند الإمام أحمد من حديث أبي هريرة: لما نزلت { وإن تبدوا ما في أنفسكم} الآية اشتد ذلك على الصحابة فأتوا رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ثم جثوا على المركب وقالوا: يا رسول الله كلفنا من الأعمال ما نطيق الصلاة والصيام والجهاد، وقد أنزل عليك هذه الآية ولا نطيقها فقال رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "أتريدون أن تقولوا كما قال أهل الكتابين من قبلكم سمعنا وعصينا بل قولوا سمعنا وأطعنا غفرانك ربنا وإليك المصير" فلما قرأها القوم وذلت بها ألسنتهم أنزل الله في أثرها: { آمن الرسول بما أنزل إليه من ربه والمؤمنون} إلى { وإليك المصير} [البقرة: 285] فلما فعلوا ذلك نسخها الله تعالى فأنزل { لا يكلف الله نفسًا إلا وسعها} [البقرة: 286] إلى آخرها.

ورواه مسلم منفردًا به ولفظه: فلما فعلوا ذلك نسخها الله تعالى فأنزل الله: { لا يكلف الله نفسًا إلا وسعها لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا} قال: نعم { ربنا ولا تحمل علينا إصرًا كما حملته على الذين من قبلنا} قال: نعم { ربنا ولا تحملنا ما لا طاقة لنا به} قال: نعم { واعف عنا واغفر لنا وارحمنا أنت مولانا فانصرنا على القوم الكافرين} [البقرة: 286] قال: نعم.