فهرس الكتاب

إرشاد الساري - باب سنة الأضحية

كتاب الأضاحي
( كتاب الأضاحي) بفتح الهمزة جمع أضحية بضمها وتكسر مع تخفيف الياء وتشديدها وتحذف فتفتح الضاد وتكسر اسم لما يذبح من النعم تقربًا إلى الله تعالى من يوم العيد إلى آخر أيام التشريق.
قال عياض: سميت بذلك لأنها تفعل في الضحى وهو ارتفاع النهار فسميت بزمن فعلها.


باب سُنَّةِ الأُضْحِيَّةِ.
.

     وَقَالَ  ابْنُ عُمَرَ: هِيَ سُنَّةٌ وَمَعْرُوفٌ
( باب سنّة الأضحية) من إضافة الصفة إلى الموصوف، ولابن عساكر في نسخة الأضحية سنّة.
( وقال ابن عمر) -رضي الله عنهما- فيما وصله حماد بن سلمة في مصنفه بسند جيد: ( هي سنّة ومعروف) بين الناس إذا رأوه لا ينكرونه والجمهور أنها سنّة مؤكدة على الكفاية، وفي وجه للشافعية أنها من فروض الكفاية، وقال صاحب الهداية من السادة الحنفية: واجبة على كل مسلم مقيم موسر في يوم الأضحى عن نفسه وعن ولده الصغار، أما الوجوب فقول أبي حنيفة ومحمد وزفر والحسن إحدى الروايتين عن أبي يوسف، وقال الشيخ خليل من المالكية: المشهور أنها سنّة، وقال المرداوي من الحنابلة: وتسن التضحية لمسلم ولو مكاتبًا بإذن سيده إلا النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فكانت واجبة عليه.
قال ابن حجر: وأقرب ما يتمسك به للوجوب حديث أبي هريرة رفعه: "من وجد سعة فلم يضحّ فلا يعبرنّ مصلانا" أخرجه ابن ماجة ورجاله ثقات لكنه اختلف في رفعه ووقفه والموقوف أشبه بالصواب قاله الطحاوي وغيره ومع ذلك فليس صريحًا في الإيجاب.

وفي حديث مخنف بن سليم رفعه: "على كل أهل بيت أضحية" أخرجه أحمد والأربعة بسند قوي ولا حجة فيه لأن الصيغة ليست صريحة في الوجوب المطلق وقد ذكر معها العتيرة وليست واجبة عند من قال بوجوب الأضحية، وحديث ابن عباس: كتب عليّ النحر ولم يكتب عليكم" المروي عند أحمد وأبي يعلى والطبراني والدارقطني الدال على أن الوجوب من الخصائص النبوية ضعيف وتساهل الحاكم فصححه.


[ قــ :5249 ... غــ : 5545 ]
- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ زُبَيْدٍ الأيَامِيِّ عَنِ الشَّعْبِيِّ عَنِ الْبَرَاءِ -رضي الله عنه- قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «إِنَّ أَوَّلَ مَا نَبْدَأُ بِهِ فِي يَوْمِنَا هَذَا أَنْ نُصَلِّيَ، ثُمَّ نَرْجِعَ فَنَنْحَرَ، مَنْ فَعَلَهُ فَقَدْ أَصَابَ سُنَّتَنَا، وَمَنْ ذَبَحَ قَبْلُ فَإِنَّمَا هُوَ لَحْمٌ قَدَّمَهُ لأَهْلِهِ لَيْسَ مِنَ النُّسُكِ فِي شَيْءٍ».
فَقَامَ أَبُو بُرْدَةَ بْنُ نِيَارٍ وَقَدْ ذَبَحَ فَقَالَ: إِنَّ عِنْدِي جَذَعَةً فَقَالَ: «اذْبَحْهَا وَلَنْ تَجْزِيَ عَنْ أَحَدٍ بَعْدَكَ».
قَالَ مُطَرِّفٌ عَنْ عَامِرٍ عَنِ الْبَرَاءِ قَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «مَنْ ذَبَحَ بَعْدَ الصَّلاَةِ تَمَّ نُسُكُهُ، وَأَصَابَ سُنَّةَ الْمُسْلِمِينَ».

وبه قال: ( حدّثنا) بصيغة الجمع ولأبي ذر: حدّثني ( محمد بن بشار) العبدي اللقب ببندار قال: ( حدّثنا غندر) محمد بن جعفر البصري قال: ( حدّثنا شعبة) بن الحجاج ( عن زبيد الأيامي) بهمزة قبل التحتية المخففة ولأبي ذر وابن عساكر اليامي بإسقاط الهمزة ( عن الشعبي) عامر بن شراحيل ( عن البراء) بن عازب ( -رضي الله عنه-) أنه ( قال: قال النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) يوم عيد الأضحى:
( إن أول ما نبدأ به في يومنا هذا نصلي) صلاة العيد بحذف أن قبل نصلي.
قال في الكواكب: هو نحو تسمع بالمعيدي خير من أن تراه في تقدير أن أو تنزيل الفعل منزلة المصدر انتهى.
وفي رواية أبي ذر: أن نصلي فلا يحتاج إلى تقدير ( ثم نرجع) من المصلى إلى المنزل ( فننحر) ما من شأنه أن ينحر ونذبح ما من شأنه أن يذبح من الأضحية ( من فعله) أي تأخير النحر عن الصلاة ( فقد أصاب سنتنا) طريقتنا ( ومن ذبح) أضحيته ( قبل) أي قبل الصلاة ( فإنما هو) أي المذبوح ( لحم قدمه لأهله ليس من النسك في شيء) أي ليس من العبادة فلا ثواب فيها بل هي لحم ينتفع به أهله ( فقام أبو بردة) بضم الموحدة وسكون الراء هانئ ( بن نيار) بكسر النون وتخفيف التحتية البلوي ( وقد ذبح) قبل الصلاة ( فقال) يا رسول الله ( إن عندي جذعة) من المعز ( فقال) -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: ( اذبحها ولن تجزي) بفتح الفوقية بدون همز ( عن أحد بعدك) أي وإنما يجزئ الثني والثنية من المعز وهو ما دخل في السنة الثالثة والطاعن في الثانية هو الجذع والجذعة، ويجزئ الضأن منه.
وروى أحمد حديث: ضحّوا بالجذع من الضأن فإنه جائز ولابن ماجة نحوه.
واختلف القائلون بإجزاء الجذع من الضأن وهم الجمهور في سنه فقيل ما أكمل سنة ودخل في الثانية وهو الأصح عند الشافعية والأشهر عند أهل اللغة، وقيل: نصف سنة وهو قول الحنفية والحنابلة، وقيل: سبعة أشهر حكاه صاحب الهداية من الحنفية عن الزعفراني، وقيل: ستة أو سبعة حكاه الترمذي عن وكيع وإجزاء جذع المعز خصوصية لأبي بردة.
نعم وردت الرخصة لغيره عقبة بن عامر وغيره كما سيأتي إن شاء الله تعالى قريبًا.

( قال مطرف) هو ابن طريف بالطاء المهملة المفتوحة آخره فاء بوزن عظيم الحارثي بالمثلثة مما
سبق موصولًا في العيدين ويأتي إن شاء الله تعالى ( عن عامر) الشعبي ( عن البراء) بن عازب -رضي الله عنه- ( قال النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) :
( من ذبح بعد الصلاة) أي صلاة العيد ( تمّ نسكه وأصاب سنة المسلمين) طريقتهم.




[ قــ :550 ... غــ : 5546 ]
- حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ مُحَمَّدٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ -رضي الله عنه- قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «مَنْ ذَبَحَ قَبْلَ الصَّلاَةِ، فَإِنَّمَا ذَبَحَ لِنَفْسِهِ، وَمَنْ ذَبَحَ بَعْدَ الصَّلاَةِ فَقَدْ تَمَّ نُسُكُهُ وَأَصَابَ سُنَّةَ الْمُسْلِمِينَ».

وبه قال: ( حدّثنا مسدد) يعني ابن مسرهد قال: ( حدّثنا إسماعيل) ابن علية ( عن أيوب) السختياني ( عن محمد) يعني ابن سيرين ( عن أنس بن مالك -رضي الله عنه-) أنه ( قال: قال النبي) -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.

( من ذبح قبل الصلاة) أي قبل مضي وقت صلاة العيد وما يتعلق بها من الخطبة وإلاّ فوقت الصلاة إلى الزوال ( فإنما ذبح) أضحيته ولأبي ذر وابن عساكر يذبح ( لنفسه) لحمًا يأكل لا ثواب له فيه ( ومن ذبح بعد الصلاة فقد تم نسكه وأصاب سنة المسلمين) .

وهذا الحديث قد سبق في صلاة العيدين.