فهرس الكتاب

إرشاد الساري - باب شفاعة النبي صلى الله عليه وسلم في زوج بريرة

باب شَفَاعَةِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي زَوْجِ بَرِيرَةَ
( باب شفاعة النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- في زوج بريرة) لترجع إلى عصمته.


[ قــ :4998 ... غــ : 5283 ]
- حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ حَدَّثَنَا خَالِدٌ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ زَوْجَ بَرِيرَةَ كَانَ عَبْدًا يُقَالُ لَهُ مُغِيثٌ، كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَيْهِ يَطُوفُ خَلْفَهَا يَبْكِي وَدُمُوعُهُ تَسِيلُ عَلَى لِحْيَتِهِ،
فَقَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لِعَبَّاسٍ: «يَا عَبَّاسُ أَلاَ تَعْجَبُ مِنْ حُبِّ مُغِيثٍ بَرِيرَةَ، وَمِنْ بُغْضِ بَرِيرَةَ مُغِيثًا».
فَقَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «لَوْ رَاجَعْتِيهِ».
قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، تَأْمُرُنِي قَالَ: «إِنَّمَا أَنَا أَشْفَعُ».
قَالَتْ: لاَ حَاجَةَ لِي فِيهِ.

وبه قال: ( حدّثنا) ولأبي ذر: حدّثني بالإفراد ( محمد) هو ابن سلام البيكندي قال: ( أخبرنا عبد الوهاب) بن عبد المجيد الثقفي قال: ( حدّثنا خالد) الحذاء ( عن عكرمة) مولى ابن عباس ( عن ابن عباس) -رضي الله عنهما- ( أن زوج بريرة كان عبدًا يقال له مغيث كأني أنظر إليه يطوف خلفها يبكي ودموعه تسيل على لحيته) يترضاها لتختاره ( فقال النبي-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لعباس) عمه:
( يا عباس ألا تعجب من حب مغيث بريرة ومن بغض بريرة مغيثًا) لأن الغالب أن المحب لا يكون إلا حبيبًا.
وعند سعيد بن منصور أن العباس كان كلم النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أن يطلب إليها في ذلك، وفي مسند الإمام أحمد أن مغيثًا توسل بالعباس في سؤال النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- في ذلك، وظاهره أن قصة بريرة كانت متأخرة في السنة التاسعة أو العاشرة لأن العباس إنما سكن المدينة بعد رجوعهم من غزوة الطائف وذلك أواخر سنة ثمان، ويدل له أيضًا قول ابن عباس أنه شاهد ذلك وهو إنما قدم المدينة مع أبويه وهذا يردّ قول من قال إنها كانت قبل الإفك، وجوّز الشيخ تقي الدين السبكي أن بريرة كانت تخدم عائشة قبل شرائها أو اشترتها وأخّرت عتقها إلى ما بعد الفتح أو دام حزن زوجها عليها مدة طويلة أو حصل لها الفسخ وطلب أن تردّه بعقد جديد ( فقال النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) لها ( لو راجعتيه) بمثناة تحتية بعد الفوقية في الفرع مصححًا عليها وقال الحافظ ابن حجر، وتبعه العيني بمثناة واحدة قال: ووقع في رواية ابن ماجة لو راجعتيه بإثبات تحتية ساكنة بعد المثناة وهي لغة ضعيفة، وتعقبه العيني فقال: إن صحّ هذا في الرواية فهي لغة فصيحة لأنها صادرة من أفصح الخلق انتهى.
والذي في اليونينية بحذف التحتية مصححًا عليه.

( قالت) : ولابن عساكر فقالت: ( يا رسول الله، تأمرني) بذلك؟ ( قال) : لا ( إنما أنا أشفع) فيه لا على سبيل الحتم فلا يجب عليك وسقط لابن عساكر لفظ أنا ( قالت) : ولأبي ذر فقالت ( لا) ولأبي ذر وابن عساكر: فلا ( حاجة لي فيه) .

وفي هذا الحديث جواز الشفاعة من الحاكم عند الخصم في خصمه إذا ظهر حقه وإشارته عليه بالصلح أو الترك وحب المسلم للمسلمة وإن أفرط فيه ما لم يأت محرمًا وغير ذلك من فرائد الفوائد حتى قيل إنها تزيد على الأربعمائة.


باب
هذا ( باب) بالتنوين من غير ترجمة.


[ قــ :4999 ... غــ : 584 ]
- حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَجَاءٍ أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ عَنِ الْحَكَمِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنِ الأَسْوَدِ أن
عَائِشَةَ أَرَادَتْ أَنْ تَشْتَرِيَ بَرِيرَةَ فَأَبَى مَوَالِيهَا إِلاَّ أَنْ يَشْتَرِطُوا الْوَلاَءَ، فَذَكَرَتْ لِلنَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: «اشْتَرِيهَا وَأَعْتِقِيهَا، فَإِنَّمَا الْوَلاَءُ لِمَنْ أَعْتَقَ».
وَأُتِىَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِلَحْمٍ، فَقِيلَ: إِنَّ هَذَا مَا تُصُدِّقَ عَلَى بَرِيرَةَ، فَقَالَ: «هُوَ لَهَا صَدَقَةٌ وَلَنَا هَدِيَّةٌ».

وبه قال: ( حدّثنا عبد الله بن رجاء) الغداني البصري قال: ( أخبرنا شعبة) بن الحجاج ( عن الحكم) بفتحتين ابن عتيبة بضم العين المهملة وفتح الفوقية وسكون التحتية بعدها موحدة ( عن إبراهيم) النخعي ( عن الأسود) بن يزيد ( أن عائشة) -رضي الله عنها- ( أرادت أن تشتري بريرة فأبى مواليها) ملاكها الذين باعوها ( إلا أن يشترطوا الولاء) عليها لهم ( فذكرت) عائشة ( للنبي) ولأبي ذر وابن عساكر فذكرت ذلك للنبي ( -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فقال) لها: ( اشتريها وأعتقيها فإنما الولاء) على العتيق ( لمن أعتق) لا لمن اشترط شرطًا ليس في كتاب الله ( وأتي النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) بضم همزة أُتي ( بلحم فقيل) له عليه الصلاة والسلام: ( إن هذا ما تصدق على) بضم الفوقية والصاد ولأبي ذر تصدق به على ( بريرة فقال) عليه الصلاة والسلام: ( هو لها) لبريرة ( صدقة ولنا هدية) حيث أهدته لنا.

وهذا الحديث صورته صورة الإرسال حيث قال الأسود: إن عائشة، لكن المؤلّف في كفارة الإيمان ذكره عن سليمان بن حرب عن شعبة فقال: فيه عن الأسود عن عائشة.

حَدَّثَنَا آدَمُ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ وَزَادَ فَخُيِّرَتْ مِنْ زَوْجِهَا.

وبه قال: ( حدّثنا آدم) بن إياس قال: ( حدّثنا شعبة) بسنده السابق ( وزاد) فقال: ( فخيرت) بضم الخاء وكسر التحتية المشددة ( من زوجها) كذا أورده مختصرًا لم يذكر لفظه وذكره في الزكاة عن آدم بهذا الإسناد فلم يذكر هذه أي قوله فخيرت من زوجها، وأخرجه البيهقي من وجه آخر عن آدم شيخ البخاري فيه فجعل ذلك من قول إبراهيم ولفظه في آخره قال الحكم، وقال إبراهيم: وكان زوجها حرًّا فخيرت من زوجها.
قال في الفتح، بعد سياقه لما مرّ: فظهر أن هذه الزيادة مدرجة وحذفها في الزكاة لذلك، وإنما أوردها هنا مشيرًا إلى أن أصل التخيير في قصة بريرة ثابت من طريق أخرى.