فهرس الكتاب

إرشاد الساري - باب من جر ثوبه من الخيلاء

باب مَنْ جَرَّ ثَوْبَهُ مِنَ الْخُيَلاَءِ
( باب من جر ثوبه من الخيلاء) أي لأجلها فمن تعليلية.


[ قــ :5475 ... غــ : 5788 ]
- حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ أَبِى الزِّنَادِ عَنِ الأَعْرَجِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «لاَ يَنْظُرُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِلَى مَنْ جَرَّ إِزَارَهُ بَطَرًا».

وبه قال: ( حدّثنا عبد الله بن يوسف) التنيسي قال: ( أخبرنا مالك) الإمام ( عن أبي الزناد) عبد الله بن ذكوان ( عن الأعرج) عبد الرحمن بن هرمز ( عن أبي هريرة) -رضي الله عنه- ( أن رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال) :
( لا ينظر الله) نظر رحمة ( يوم القيامة إلى من جر إزاره) أو قميصه أو نحوهما ( بطرًا) بموحدة وطاء مهملة مفتوحتين مصدر أي تكبرًا وبكسر الطاء فالنصب على الحال.




[ قــ :5476 ... غــ : 5789 ]
- حَدَّثَنَا آدَمُ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ زِيَادٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ:
قَالَ النَّبِىُّ أَوْ قَالَ أَبُو الْقَاسِمِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «بَيْنَمَا رَجُلٌ يَمْشِى فِى حُلَّةٍ تُعْجِبُهُ نَفْسُهُ مُرَجِّلٌ جُمَّتَهُ إِذْ خَسَفَ اللَّهُ بِهِ فَهْوَ يَتَجَلَّلُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ».

وبه قال: ( حدّثنا آدم) بن أبي إياس قال: ( حدّثنا شعبة) بن الحجاج قال: ( حدّثنا محمد بن زياد) القرشي الجمحي مولاهم ( قال: سمعت أبا هريرة) -رضي الله عنه- ( يقول: قال النبي) ولأبي ذر رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ( أو قال أبو القاسم -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) قال الحافظ ابن حجر الشك من آدم شيخ البخاري.

( بينما) بالميم ( رجل) جزم الكلاباذي بأنه قارون وكذا قاله الجوهري في صحاحه وذكر السهيلي في مبهمات القرآن في سور الصافات عن الطبراني أن قائل ابنوا له بنيانًا اسمه الهيزن رجل من أعراب فارس قال وهو الذي جاء في الحديث بينما رجل ( يمشي في حلة) إزار ورداء ( تعجبه نفسه) وإعجاب المرء بنفسه كما قال القرطبي هو ملاحظته لها بعين الكمال مع نسيان نعمة الله فإن احتقر غيره مع ذلك فهو الكبر المذموم ( مرجل) بكسر الجيم المشددة مسرح ( جمته) بضم الجيم وتشدد الميم مجتمع شعر رأسه المتدلي منها إلى المنكبين فأكثر وهو أكبر من الوفرة ( إذ خسف الله به فهو يتجلجل) بجيمين مفتوحتين ولامين أولاهما ساكنة أي يتحرك أو يسوخ في الأرض مع اضطراب شديد ويندفع من شق إلى شق ( إلى يوم القيامة) .
وعند الحارث بن أبي أسامة من حديث ابن عباس وأبي هريرة بسند ضعيف جدًّا عن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ( من لبس ثوبًا جديدًا فاختال فيه خسف به من شفير جهنم فيتجلجل فيها لأن قارون لبس حلة فاختال فيها فخسف به الأرض فهو يتجلجل فيها إلى يوم القيامة) .
وفي تاريخ الطبري عن قتادة قال: ذكر لنا أنه يخسف بقارون كل يوم قامة وأنه يتجلجل فيها لا يبلغ قعرها إلى يوم القيامة، والحاصل أن هذا حكاية عن وقوعه في الأمم السابقة.
وفي مسلم من طريق أبي رافع عن أبي هريرة زيادة ممن كان قبلكم وكذا أخرجه المؤلّف في ذكر بني إسرائيل، وأما ما أخرجه أبو يعلى من طريق كريب قال: كنت أقود ابن عباس فقال: حدّثني العباس قال: بينما أنا مع رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إذ أقبل رجل يتبختر بين ثوبين الحديث فهو ظاهر في أنه وقع في زمنه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فسنده ضعيف، ولئن سلمنا ثبوته فيحتمل التعدد.
وحكى القاضي عياض أنه روي يتجلل بجيم واحدة ولام ثقيلة وهو بمعنى يتغطى أي تغطية الأرض اهـ.

والذي في الفرع يتجلل كما حكاه عياض وفي هامشه يتجلجل بجيمين ولامين من غير خط الأصل وقد ذكر في فتح الباري نكتة لطيفة وهي أن مقتضى هذا الحديث أن الأرض لا تأكل جسد هذا الرجل فيمكن أن يلغز به فيقال كافر لا يبلى جسده بعد الموت.

وهذا الحديث أخرجه مسلم في اللباس أيضًا.




[ قــ :5477 ... غــ : 5790 ]
- حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُفَيْرٍ، قَالَ: حَدَّثَنِى اللَّيْثُ قَالَ: حَدَّثَنِى عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ خَالِدٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ أَبَاهُ حَدَّثَهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «بَيْنَا رَجُلٌ يَجُرُّ إِزَارَهُ خُسِفَ بِهِ فَهُوَ يَتَجَلَّلُ فِى الأَرْضِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ».

تَابَعَهُ يُونُسُ، عَنِ الزُّهْرِىِّ وَلَمْ يَرْفَعْهُ شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ.

وبه قال: ( حدّثنا سعيد بن عفير) هو سعيد بن كثير بن عفير بضم العين المهملة وفتح الفاء الحافظ ( قال: حدّثني) بالإفراد ( الليث) بن سعد الإمام ( قال: حدّثني) بالإفراد أيضًا ( عبد الرحمن بن خالد) أمير مصر ( عن ابن شهاب) محمد بن مسلم الزهري ( عن سالم بن عبد الله أن أباه) عبد الله بن عمر بن الخطاب ( حدّثه أن رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال) :
( بينا) بغير ميم ( رجل يجر إزاره) من الخيلاء ( خسف) بضم الخاء المعجمة وكسر السين المهملة ولأبي ذر عن الكشميهني إذ خسف ( به فهو يتجلجل) بجيمين ولامين ( في الأرض إلى يوم القيامة) وحكي أن في بعض الروايات يتخلخل بخاءين معجمتين قال في الفتح وهو تصحيف.
وسبق الحديث في ذكر بني إسرائيل ( تابعه) أي تابع عبد الرحمن بن خالد ( يونس) بن يزيد الأيلي ( عن الزهري) محمد بن مسلم وسبق موصولاً في أواخر ذكر بني إسرائيل ( ولم يرفعه) أي الحديث إلى النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ( شعيب) هو ابن أبي حمزة عن الزهري ( عن أبي هريرة) وهذه وصلها الإسماعيلي من طريق أبي اليمان عن ثمامة بلفظ جرّ إزاره مسبلاً من الخيلاء، ولأبي ذر وأبي الوقت وابن عساكر والأصيلي: عن الزهري وهي واضحة.

حَدَّثَنِى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ، أَخْبَرَنَا أَبِى عَنْ عَمِّهِ، جَرِيرِ بْنِ زَيْدٍ قَالَ: كُنْتُ مَعَ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَلَى بَابِ دَارِهِ فَقَالَ: سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ سَمِعَ النَّبِىَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- نَحْوَهُ.

وبه قال: ( حدّثني) بالإفراد ( عبد الله بن محمد) أبو جعفر الجعفي البخاري المسندي قال: ( حدّثنا وهب بن جرير) هو أبو العباس الأزدي البصري الحافظ قال: ( أخبرنا) ولأبي ذر: حدّثنا ( أبي) جرير بن حازم بن زيد الأزدي ( عن عمه جرير بن زيد) أبي سلمة البصري ( قال: كنت مع سالم بن عبد الله بن عمر على باب داره فقال) : بالفاء ولأبي ذر وقال بالواو ( سمعت أبا هريرة) -رضي الله عنه- وهو ( سمع النبي-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- نحوه) أي نحو الحديث السابق وليس لجرير بن زيد في البخاري سوى هذا الحديث وقد خالف فيه الزهري وغيره فإن الزهري يقول عن سالم بن عبد الله عن أبيه عن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال المزي في أطرافه وهو المحفوظ اهـ.

وتعقبه الحافظ ابن حجر في النكت بأن قوله المحفوظ يقتضي أن تكون الرواية شاذة وليس كذلك فإن البخاري رجح عنده أنه عن سالم على الوجهين عن أبيه وعن أبي هريرة فالقرينة المرجحة لروايته عن أبيه إذ الزهري أحفظ وأعرف بحديث سالم من جرير والقرينة المرجحة لرواية جرير بن زيد القصة التي وقعت في روايته وخلت عنها رواية الزهري فقد قالوا إن الخبر إذا كانت فيه لرواية قصة دلّ ذلك على أنه ضبط.




[ قــ :5478 ... غــ : 5791 ]
- حَدَّثَنَا مَطَرُ بْنُ الْفَضْلِ، حَدَّثَنَا شَبَابَةُ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ: لَقِيتُ مُحَارِبَ بْنَ دِثَارٍ
عَلَى فَرَسٍ وَهْوَ يَأْتِى مَكَانَهُ الَّذِى يَقْضِى فِيهِ فَسَأَلْتُهُ عَنْ هَذَا الْحَدِيثِ فَحَدَّثَنِى فَقَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ - رضى الله عنهما - يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «مَنْ جَرَّ ثَوْبَهُ مَخِيلَةً، لَمْ يَنْظُرِ اللَّهُ إِلَيْهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ».
فَقُلْتُ لِمُحَارِبٍ: أَذَكَرَ إِزَارَهُ قَالَ: مَا خَصَّ إِزَارًا وَلاَ قَمِيصًا.
تَابَعَهُ جَبَلَةُ بْنُ سُحَيْمٍ، وَزَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ، وَزَيْدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.
.

     وَقَالَ  اللَّيْثُ عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ مِثْلَهُ.
وَتَابَعَهُ مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ، وَعُمَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ، وَقُدَامَةُ بْنُ مُوسَى عَنْ سَالِمٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «مَنْ جَرَّ ثَوْبَهُ خُيَلاءَ».

وبه قال: ( حدّثنا) بالجمع، ولأبي ذر: بالإفراد ( مطر بن الفضل) المروزي قال: ( حدّثنا شبابة) بتخفيف الموحدتين أوله معجمة ابن سوار الفزاري قال: ( حدّثنا شعبة) بن الحجاج ( قال: لقيت محارب بن دثار) بالمثلثة المخففة بعد المهملة وبعد الألف راء حال كونه راكبًا ( على فرس وهو يأتي مكانه الذي يقضي) يحكم ( فيه) بين الناس بالكوفة وكان قاضيها ( فسألته عن هذا الحديث فحدّثني) بالإفراد ( فقال) بالفاء قبل القاف وسقطت لأبي ذر ( سمعت عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما-) سقط عبد الله لأبي ذر ( يقول: قال رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) :
( من جر ثوبه مخيلة) بفتح الميم وكسر الخاء المعجمة وسكون التحتية أي كبرًا وعجبًا ولأبوي الوقت وذر من مخيلة ( لم ينظر الله إليه) أي لا يرحمه فالنظر إذا أضيف إلى الله كان مجازًا وإذا أضيف إلى المخلوق كان كناية وقال الحافظ الزين العراقي عبر عن المعنى الكائن عند النظر لأن من نظر إلى متواضع رحمه ومن نظر إلى متكبر مقته فالرحمة والمقت مسببًا عن النظر ( يوم القيامة) فيه الإشارة إلى أن يوم القيامة محل الرحمة المستمرة بخلاف رحمة الدنيا فإنها قد تنقطع بما يتجدد من الحوادث قال شعبة ( فقلت لمحارب أذكر) عبد الله بن عمر في حديثه ( إزاره؟ قال: ما خص) عبد الله ( إزارًا ولا قميصًا) بل عبّر بالثوب الشامل للإزار والقميص وغيرهما.
وفي حديث عبد الله بن عمر عن أبيه من طريق سالم عند أبي داود والنسائي عن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال: "الإسبال في الإزار والقميص والعمامة" الحديث.
وقد جرت عاد العرب بإرخاء العذباء فما زاد على العادة في ذلك فهو من الإسبال، وكذا تطويل الأكمام إذا مسّت الأرض وقد حدث للناس اصطلاح بتطويلها للتمييز ومهما كان من ذلك للخيلاء أو وصل إلى جر الذيل الممنوع فحرام ( تابعه) أي تابع محارب بن دثار على التعبير بالإزار ( جبلة بن سحيم) بفتح الجيم والموحدة وسحيم بضم السين وفتح الحاء المهملتين مصغرًا مما وصله النسائي ( وزيد بن أسلم) مما وصله مسلم ( وزيد بن عبد الله) بن عمر بن الخطاب مما لم يقف عليه الحافظ ابن حجر موصولاً ( عن ابن عمر) -رضي الله عنهما- ( عن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) ولفظ النسائي من جر ثوبًا من ثيابه من مخيلة فإن الله لا ينظر إليه ولم يسق مسلم لفظه.

( وقال الليث) بن سعد الإمام مما وصله مسلم ( عن نافع عن ابن عمر) -رضي الله عنهما-
( مثله) مثل الحديث المذكور ولم يذكر مسلم لفظه بل قال مثل حديث مالك وذكره النسائي بلفظ الثوب وسقط لأبي ذر قوله عن ابن عمر ( وتابعه) أي وتابع نافعًا في روايته بلفظ الثوب ( موسى بن عقبة) الأسدي فيما وصله في أول أبواب اللباس ( وعمر بن محمد) أي ابن زيد بن عبد الله بن عمر مما وصله مسلم ( وقدامة بن موسى) بن عمر بن قدامة الجمحي المدني التابعي الصغير مما وصله أبو عوانة ( عن سالم عن ابن عمر) -رضي الله عنهما- ( عن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: من جر ثوبه خيلاء) وثبت قوله خيلاء في رواية أبي ذر عن الكشميهني.