فهرس الكتاب

إرشاد الساري - باب غسل ما يصيب من فرج المرأة

باب غَسْلِ مَا يُصِيبُ مِنْ رطوبة فَرْجِ الْمَرْأَةِ
( باب غسل ما يصيب) الرجل ( من رطوبة فرج المرأة) .



[ قــ :288 ... غــ : 292 ]
- حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ قال: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ عَنِ الْحُسَيْنِ قَالَ يَحْيَى: وَأَخْبَرَنِي أَبُو سَلَمَةَ أَنَّ عَطَاءَ بْنَ يَسَارٍ أَخْبَرَهُ أَنَّ زَيْدَ بْنَ خَالِدٍ الْجُهَنِيَّ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ سَأَلَ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ فَقَالَ: أَرَأَيْتَ إِذَا جَامَعَ الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ فَلَمْ يُمْنِ؟ قَالَ عُثْمَانُ: "يَتَوَضَّأُ كَمَا يَتَوَضَّأُ لِلصَّلاَةِ وَيَغْسِلُ ذَكَرَهُ".
قَالَ عُثْمَانُ: سَمِعْتُهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.
فَسَأَلْتُ عَنْ ذَلِكَ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ وَالزُّبَيْرَ بْنَ الْعَوَّامِ وَطَلْحَةَ بْنَ عُبَيْدِ اللَّهِ وَأُبَىَّ بْنَ كَعْبٍ -رضي الله عنهم- فَأَمَرُوهُ بِذَلِكَ.
قَالَ يَحْيَى: وَأَخْبَرَنِي أَبُو سَلَمَةَ أَنَّ عُرْوَةَ بْنَ الزُّبَيْرِ أَخْبَرَهُ أَنَّ أَبَا أَيُّوبَ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ سَمِعَ ذَلِكَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.

وبه قال: ( حدّثنا أبو معمر) بفتح الميمين عبد الله بن عمرو ( قال: حدّثنا عبد الوارث) بن سعيد ( عن الحسين) بن ذكوان ولأبي ذر زيادة المعلم قال الحسين ( قال: يحيى) بن أبي كثير، ولفظة قال الأولى تحذف في الخط اصطلاحًا كما حذفت هنا.
( وأخبرني أبو سلمة) بن عبد الرحمن بن عوف بالإفراد وأتى بالواو إشعارًا بأنه حدّثه بغير ذلك أيضًا، وأن هذا من جملته فالعطف على مقدر ( أن عطاء بن يسار) بالمثناة التحتية والسين المهملة.
( أخبره أن زيد بن خالد الجهني) بضم الجيم وفتح الهاء وبالنون نسبة إلى جهينة بن زيد ( أخبره) .


( أنه سأل عثمان بن عفان) رضي الله عنه مستفتيًا له ( فقال أرأيت) ولأبي ذر والأصيلي قال له أرأيت أي أخبرني ( إذا جامع الرجل امرأته) أي أو أمته ( فلم يمنِ) بضم أوله وسكون الميم أي لم ينزل المني ( قال عثمان) رضي الله عنه: ( يتوضأ كما يتوضأ للصلاة ويغسل ذكره) مما أصابه من رطوبة فرج المرأة من غير غسل ( قال) ولأبوي الوقت وذر وابن عساكر والأصيلي وقال ( عثمان) رضي الله عنه ( سمعته) أي الذي أفتي به من الوضوء وغسل الذكر ( من رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) قال زيد بن خالد المذكور ( فسألت عن ذلك) الذي أفتاني به عثمان ( عليّ بن أبي طالب والزبير بن العوام وطلحة بن عبيد الله وأُبي بن كعب رضي الله عنهم فأمروه بذلك) أي بغسل الذكر والوضوء، وللإسماعيلي فقالوا مثل ذلك عن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فصرّح بالرفع بخلاف الذي أورده المؤلف هنا، لكن قال الإسماعيلي، لم يقل ذلك غير الحماني وليس هو من شرط هذا الكتاب، نعم روي عن عثمان وعلي وأُبيّ أنهم أفتوا بخلافه، ومن ثم قال ابن المديني: إن حديث زيد شاذ، وقال أحمد فيه علة.

وأجيت: بأن كونهم أفتوا بخلافه لا يقدح في صحة الحديث، فكم من حديث منسوخ وهو صحيح فلا منافاة بينهما انتهى.
فقد كانت الفتيا في أول الإسلام كذلك ثم جاءت السُّنّة بوجوب الغسل ثم أجمعوا عليه بعد ذلك، وعلله الطحاوي بأنه مفسد للصوم وموجب للحد والمهر وإن لم ينزل فكذلك الغسل انتهى.
والضمير المرفوع في قوله فأمروه للصحابة الأربعة المذكورين والمنصوب للمجامع الذي يدل عليه قوله ولا إذا جامع الرجل امرأته، وإذا تقرر هذا فليتأمل قوله في فتح الباري فأمروه أن فيه التفاتًا لأن الأصل أن يقول فأمروني انتهى.

( قال يحيى) بن أبي كثير: ( وأخبرني أبو سلمة) بالإفراد وهو معطوف على الإسناد الأول وليس معلمًا ولأبي ذر بإسقاط قال يحيى كما في الفتح وغيره: وهو في الفرع مضبب عليه مع علامة الإسقاط للأصيلي وابن عساكر ( أن عروة بن الزبير أخبره أن أبا أيوب) الأنصاري ( أخبره أنه سمع ذلك) أي غسل الذكر والوضوء ( من رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) .
انتقد الدارقطني هذا بأن أبا أيوب لم يسمعه من رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، وإنما سمعه من أُبيّ بن كعب كما في رواية هشام عن أبيه عن أبي أيوب عن أُبي بن كعب الآتية قريبًا إن شاء الله تعالى.

وأجيب: بأن الحديث روي من وجه آخر عند الدارمي وابن ماجة عن أبي أيوب عن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وهو مثبت مقدم على المنفي، وبأن أبا سلمة بن عبد الرحمن بن عوف أكبر قدرًا وسنًا وعلمًا من هشام بن عروة انتهى.
ورواة إسناد هذا الحديث ستة وفيه التحديث والإخبار والعنعنة وأخرجه مسلم.




[ قــ :89 ... غــ : 93 ]
- حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قال: حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبِي قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو أَيُّوبَ قَالَ: أَخْبَرَنِي أُبَىُّ بْنُ كَعْبٍ أَنَّهُ قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِذَا جَامَعَ الرَّجُلُ الْمَرْأَةَ فَلَمْ يُنْزِلْ؟ قَالَ: «يَغْسِلُ

مَا مَسَّ الْمَرْأَةَ مِنْهُ ثُمَّ يَتَوَضَّأُ وَيُصَلِّي».
قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: الْغَسْلُ أَحْوَطُ، وَذَاكَ الآخيرُ، وَإِنَّمَا بَيَّنَّا لاِخْتِلاَفِهِمْ.

وبه قال: ( حدّثنا مسدد) هو ابن مسرهد بالمهملتين فيهما ( قال: حدّثنا يحيى) القطان ( عن هشام بن عروة قال: أخبرني أبي) عروة بن الزبير ( قال: أخبرني أبو أيوب) خالد بن زيد الأنصاري ( قال: أخبرني) بالإفراد في الثلاثة ( أُبي بن كعب أنه قال) :
( يا رسول الله) في الرواية السابقة أن أبا أيوب سمعه من رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بلا واسطة، وذلك لاختلاف الحديثين لفظًا ومعنى، وإن توافقا في بعض فيكون سمعه من النبي-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مرة ومن أُبي مرة، فذكره أي أُبيًّا للتقوية أو لغرض غيره ( إذا جامع الرجل المرأة) ولغير أبوي ذر والوقت والأصيلي وابن عساكر امرأته ( فلم ينزل) في السابقة فلم يمن وهما بمعنى واحد.
( قال) عليه الصلاة والسلام: ( يغسل ما مس المرأة منه) أي يغسل الرجل المذكور العضو الذي مس رطوبة فرج المرأة من أعضائه وهو من إطلاق اللازم وإرادة الملزوم، ففي مس ضمير وهو فاعله يعود إلى كلمة ما وموضعها نصب مفعولاً ليغسل ( ثم يتوضأ) وضوءه للصلاة، كما زاد فيه عبد الرزاق عن الثوري عن هشام، وفيه التصريح بتأخير الوضوء عن غسل ما يصيبه من المرأة ( ويصلي) وأصرح في الدلالة على ترك الغسل من الحديث السابق.
والحديث سداسي الإسناد وفيه رواية صحابي عن صحابي والتحديث والإخبار بالإفراد والعنعنة.

( قال أبو عبد الله) أي المؤلف وقائل ذلك هو الراوي عنه: ( الغسل) بضم الغين أي الاغتسال من الإيلاج وإن لم ينزل، وفي الفرع الغسل بفتح الغين وليس إلا ( أحوط) أي أكثر احتياطًا في أمر الدين من الاكتفاء بغسل الفرج، والوضوء المذكور في الحديث السابق وفتوى من ذكر من الصحابة أي على تقدير عدم ثبوت الناسخ وظهور الترجيح، ( وذاك الأخير) بالمثناة من غير مد، ولغير أبي ذر الآخر بالمد من غير مثناة أي آخر الأمرين من فعل الشارع، وهو يشير إلى أن حديث الباب غير منسوخ بل ناسخ لما قبله، وضبطه البدر الدماميني كابن التين والآخر بفتح الخاء أي ذاك الوجه الآخر أو الحديث الآخر الدال على عدم الغسل ( إنما) ولابن عساكر وإنما بالواو والأليق حذفها وهو يناسب رواية فتح خاء الآخر ( بينا) وللأصيلي بيناه ( لاختلافهم) أي إنما ذكرناه لأجل بيان اختلاف الصحابة في الوجوب وعدمه ولاختلاف المحدثين في صحته وعدمها، ولكريمة وابن عساكر: وإنما بينا اختلافهم، وفي نسخة الصغاني: إنما بينا الحديث الآخر لاختلافهم والماء أنقى.
وقال البدر الدماميني كالسفاقسي: فيه جنوح لمذهب داود، وتعقب هذا القول البرماوي بأنه إنما يكون ميلاً لمذهب داود إذا فتحت خاء آخر أما بالكسر فيكون جزمًا بالنسخ والجمهور على إيجاب الغسل بالتقاء الختانين وهو الصواب.
ولما فرغ المؤلف....