فهرس الكتاب

إرشاد الساري - باب قوله تعالى {إذ قالت الملائكة يا مريم إن الله يبشرك بكلمة منه اسمه المسيح عيسى ابن مريم} [آل عمران: 45] "

باب قَوْلِهِ تَعَالَى: { إِذْ قَالَتِ الْمَلاَئِكَةُ يَا مَرْيَمُ} -إِلَى قَوْلِهِ- { فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ} [آل عمران: 45 - 48] .
{ يُبَشِّرُكِ} : وَيَبْشُرُكِ وَاحِدٌ.
{ وَجِيهًا} : شَرِيفًا.
.

     وَقَالَ  إِبْرَاهِيمُ الْمَسِيحُ: الصِّدِّيقُ.
.

     وَقَالَ  مُجَاهِدٌ الْكَهْلُ: الْحَلِيمُ.
وَالأَكْمَهُ: مَنْ يُبْصِرُ بِالنَّهَارِ وَلاَ يُبْصِرُ بِاللَّيْلِ.
.

     وَقَالَ  غَيْرُهُ: مَنْ يُولَدُ أَعْمَى.

( باب قول الله تعالى) : سقط التبويب لأبي ذر فقول رفع وهو واضح ( { إذ قالت الملائكة} ) جبريل { يا مريم إن الله يبشرك بكلمة منه} [آل عمران: 45] هو عيسى لوجوده بها وهو قول كن فهو من باب إطلاق السبب على المسبب { اسمه المسيح} مبتدأ أو خبر { عيسى} بدل أو عطف بيان { ابن مريم} صفة لعيسى على أن عيسى خبر مبتدأ محذوف، وإنما قيل ابن مريم والخطاب لها تنبيهًا على أنه يولد من غير أب إذ الأولاد تنسب إلى الآباء ولا تنسب إلى الأم إلا إذا فقد الأب ( إلى قوله) تعالى: { كن فيكون} عقب الأمر من غير مهلة، وثبت قولها { إن الله يبشرك} إلى آخر ( فيكون) لأبي ذر، وقال غيره بعد ( { يا مريم} ) إلى قوله ( { فإنما يقول له كن فيكون} ) [مريم: 35] ( { يبشرك} ) مشددة ( وبشرك) مخففة ( واحد) في المعنى والثاني قراءة حمزة والكسائي والآخر قراءة الباقين.
( { وجيهًا} ) أي ( شريفًا) في الدنيا بالنبوة وفي الآخرة بالشفاعة.

( وقال إبراهيم) النخعي فيما وصله سفيان الثوري في تفسيره: ( المسيح الصدّيق) بكسر الصاد والدال المهملتين المشددتين، وقال غيره هو فعيل بمعنى فاعل فحوّل مبالغة فقيل لأنه يمسح الأرض بالسياحة أي يقطعها، وقيل لأنه يمسح ذا العاهة فيبرأ، وقيل بمعنى مفعول لأنه مسح بالبركة واللام فيه للغلبة.

( وقال مجاهد) فيما وصله الفريابي ( الكهل) في قوله تعالى { ويكلم الناس في المهد وكهلاً} [آل عمران: 46] هو ( الحليم) باللام وهذا فيه شيء، فقد قال أبو جعفر النحاس: إنه لا يعرف في اللغة.
وقال في اللباب: الكهل من بلغ سن الكهولة، وأوّلها ثلاثون أو اثنتان وثلاثون أو ثلاث وثلاثون أو أربعون وآخرها خمسون أو ستون، ثم يدخل في سن الشيخوخة، فلعل مجاهدًا فسّره بلازمه الغالب لأن الكهل غالبًا يكون فيه وقار وسكينة، وهل كهلاً نسق على وجيهًا أو حال من الضمير في يكلم أي يكلمهم حال كونه طفلاً وكهلاً كلام الأنبياء من غير تفاوت؟ قال في الفتح: وعلى الأول يتجه تفسير مجاهد.

( والأكمه) في قوله { وأبرئ الأكمه} [آل عمران: 49] ( من يبصر بالنهار ولا يبصر بالليل) قاله مجاهد فيما وصله الفريابي وهو قول شاذ، والمعروف أن ذلك هو الأعشى.
( وقال غيره) : غير مجاهد الأكمه ( من يولد أعمى) وهذا قول الجمهور، وقال ابن عباس: من ولد مطموس العين، وقال عكرمة: الأعمش.


[ قــ :3276 ... غــ : 3433 ]
- حَدَّثَنَا آدَمُ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ قَالَ: سَمِعْتُ مُرَّةَ الْهَمْدَانِيَّ يُحَدِّثُ عَنْ أَبِي مُوسَى الأَشْعَرِيِّ -رضي الله عنه- قَالَ: «قَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: فَضْلُ عَائِشَةَ عَلَى النِّسَاءِ كَفَضْلِ الثَّرِيدِ عَلَى سَائِرِ الطَّعَامِ.
كَمَلَ مِنَ الرِّجَالِ كَثِيرٌ، وَلَمْ يَكْمُلْ مِنَ النِّسَاءِ إِلاَّ مَرْيَمُ بِنْتُ عِمْرَانَ وَآسِيَةُ امْرَأَةُ فِرْعَوْنَ».

وبه قال: ( حدّثنا آدم) بن أبي إياس قال: ( حدّثنا شعبة) بن الحجاج ( عن عمرو بن مرة) المرادي الأعمى أنه ( قال: سمعت مرة) بن شراحيل ( الهمداني) بفتح الهاء وسكون الميم وبالدال المهملة الكوفي ( يحدث عن أبي موسى) عبد الله بن قيس ( الأشعري -رضي الله عنه- قال: قال النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) :
( فضل عائشة) بنت الصديق ( على النساء) أي نساء هذه الأمة ( كفضل الثريد) بالمثلثة ( على سائر الطعام) لأنه أفضل طعام العرب لنفعه والشبع منه وسهولة مساغه والالتذاذ به وتيسر تناوله ( كمل) بفتح الميم وتضم وتكسر ( من الرجال كثير ولم يكمل) بضم الميم ( من النساء إلا مريم بنت عمران) أم عيسى ( وآسية امرأة فرعون) احتج القائلون بنبوتهما بالحصر في قوله: ولم يكمل من النساء إلا مريم وآسية في كلام سبق في باب قول الله تعالى: { وضرب الله مثلاً للذين آمنوا} واحتج المانعون بقوله تعالى: { وما أرسلنا من قبلك إلا رجالاً} .
وأجاب المجوزون بأنه لا حجة فيه لأن المدعي النبوّة لا الرسالة.




[ قــ :377 ... غــ : 3434 ]
- وَقَالَ ابْنُ وَهْبٍ أَخْبَرَنِي يُونُسُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ: حَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: «نِسَاءُ قُرَيْشٍ خَيْرُ نِسَاءٍ رَكِبْنَ الإِبِلَ: أَحْنَاهُ عَلَى طِفْلٍ، وَأَرْعَاهُ عَلَى زَوْجٍ فِي ذَاتِ يَدِهِ».
يَقُولُ أَبُو هُرَيْرَةَ عَلَى إِثْرِ ذَلِكَ: وَلَمْ تَرْكَبْ مَرْيَمُ بِنْتُ عِمْرَانَ بَعِيرًا قَطُّ.

تَابَعَهُ ابْنُ أَخِي الزُّهْرِيِّ وَإِسْحَاقُ الْكَلْبِيُّ عَنِ الزُّهْرِيِّ.
[الحديث 3434 - طرفاه في: 508، 5365] .

( وقال ابن وهب) عبد الله المصري فيما وصله مسلم ( أخبرني) بالإفراد ( يونس) بن يزيد الأيلي ( عن ابن شهاب) محمد بن مسلم الزهري أنه ( قال: حدثني) بالإفراد ( سعيد بن المسيب أن أبا هريرة) -رضي الله عنه- ( قال: سمعت رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يقول) :
( نساء قريش) مبتدأ خبره ( خير نساء ركبن الإبل) كناية عن نساء العرب ( أحناه على طفل) أي أحنى هذا الجنس يعني أشفقه على ولد بحسن التربية وغيرها، والأصل أن يقول: أحناهن، لكن قالوا: إن العرب لا تتكلم في مثله إلا مفردًا ( وأرعاه على زوج في ذات يده) أي في ماله المضاف إليه بالأمانة وحسن التدبير في النفقة وغيرها.

( يقول أبو هريرة على إثر ذلك) : بكسر الهمزة وسكون المثلثة أي عقبه ( ولم تركب مريم بنت عمران بعيرًا قط) فلم تدخل في الموصوفات بركوب الإبل فهي أفضل النساء مطلقًا.
( تابعه) أي تابع يونس الإيلي ( ابن أخي بالزهري) محمد بن عبد الله بن مسلم المدني فيما وصله ابن عدي في كامله ( وإسحاق) بن يحيى ( الكلبي) فيما وصله الذهلي في الزهريات ( عن الزهري) محمد بن مسلم بن شهاب.