فهرس الكتاب

إرشاد الساري - باب قوله: {إن في خلق السموات والأرض واختلاف الليل والنهار لآيات لأولي الألباب}

باب قَوْلِهِ: { إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلاَفِ اللَّيلِ والنَّهَارِ لآيَاتٍ لأُِولِي الأَلْبَابِ}
( باب قوله) تعالى: ( { إن في خلق السماوات} ) من الارتفاع والاتساع وما فيها من الكواكب السيارات والثوابت وغيرها ( { والأرض} ) من الانخفاض والكثافة والاتضاع وما فيها من البحار والجبال والقفار والأشجار والنبات والحيوان والمعادن وغيرها ( { واختلاف الليل والنهار} ) في الطول والقصر وتعاقبهما ( الآيات) لدلالات واضحات على وجود الصانع ووحدته وكمال قدرته، واقتصر على هذه الثلاثة في هذه الآية لأن الاستدلال هو التغير وهذه معرّضة لجملة أنواعه فإنه إنما يكون في ذات الشيء كتغير الليل والنهار أو جزئه كتغير العناصر بتبدل صورتها أو الخارج عنه كتغير الأفلاك بتبدل أوضاعها قاله في الأنوار.
وقال في المفاتح ما حاصله: إن السالك إلى الله لا بد له في أوّل الأمر من تكثير الدلائل وبعد كمال العرفان يميل إلى تقليل الدلائل ومن اشتغاله بها كالحجاب له عن استغراق القلب في معرفة الله تعالى، ثم إنه سبحانه حذف هنا الدلائل الأرضية واستبقى الدلائل السماوية لأنها أقهر وأبهر والعجائب فيها أكثر وانتقال القلب منها إلى عظمة الله وكبريائه أشدّ ( { لأولي الألباب} ) [آل عمران: 190] لذوي العقول الصافية الذين يفتحون بصائرهم للنظر والاستدلال والاعتبار لا ينظرون إليها نظر البهائم غافلين عما فيها من عجائب مخلوقاته وغرائب مبتدعاته وسقط لغير أبي ذر قوله واختلاف الليل والنهار إلى آخره وقالوا الآية بعد قوله والأرض.


[ قــ :4316 ... غــ : 4569 ]
- حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي شَرِيكُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي نَمِرٍ، عَنْ كُرَيْبٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ -رضي الله عنهما- قَالَ: بِتُّ عِنْدَ خَالَتِي مَيْمُونَةَ فَتَحَدَّثَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مَعَ أَهْلِهِ سَاعَةً ثُمَّ رَقَدَ فَلَمَّا كَانَ ثُلُثُ اللَّيْلِ الآخِرُ قَعَدَ فَنَظَرَ إِلَى السَّمَاءِ فَقَالَ: " { إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ} " ثُمَّ قَامَ فَتَوَضَّأَ وَاسْتَنَّ فَصَلَّى إِحْدَى عَشْرَةَ رَكْعَةً، ثُمَّ أَذَّنَ بِلاَلٌ فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ خَرَجَ فَصَلَّى الصُّبْحَ.

وبه قال: ( حدّثنا سعيد بن أبي مريم) قال: ( أخبرنا) ولأبي ذر: حدّثنا ( محمد بن جعفر) هو ابن أبي كثير ( قال: أخبرني) بالإفراد ( شريك بن عبد الله بن أبي نمر) بفتح النون وكسر الميم ( عن كريب) بضم الكاف وفتح الراء ( عن ابن عباس -رضي الله عنهما-) أنه ( قال: بت عند خالتي ميمونة) ولأبي ذر بت في بيت ميمونة ( فتحدّث رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مع أهله ساعة ثم رقد فلما كان ثلث الليل الآخر) رفع صفة للثلث وفي كتاب الوتر من طريق مخرمة بن سليمان عن كريب فنام حتى انتصف الليل أو قريبًا منه فلعله قام مرتين ( قعد فنظر إلى السماء فقال { إن في خلق السماوات والأرض واختلاف الليل والنهار لآيات لأولي الألباب} ) العشر الآيات إلى آخرها ( ثم قام) عليه الصلاة والسلام ( فتوضأ) زاد في الوتر فأحسن الوضوء ( واستنّ) أي استاك ( فصلى
إحدى عشرة ركعة)
وهي أكثر الوتر عند الشافعية كما مرّ في موضعه بمباحثه ( ثم أذن بلال) للصبح ( فصلّى) النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ( ركعتين) سنة الصبح في بيته ( ثم خرج) إلى المسجد ( فصلّى الصبح) زاد في نسخة بالناس.