فهرس الكتاب

إرشاد الساري - باب بيع المزايدة

باب بَيْعِ الْمُزَايَدَةِ
وَقَالَ عَطَاءٌ: أَدْرَكْتُ النَّاسَ لاَ يَرَوْنَ بَأْسًا بِبَيْعِ الْمَغَانِمِ فِيمَنْ يَزِيدُ.

( باب بيع المزايدة.
وقال عطاء) هو ابن أبي رباح مما وصله أبو بكر بن أبي شيبة ( أدركت الناس لا يرون بأسًا ببيع المغانم فيمن يزيد) ويلتحق بها غيرها للاشتراك في الحكم وكأنه خرج مخرج الغالب فيما يعتادون فيه البيع مزايدة وهي الغنائم والمواريث، وقد أخذ بظاهره الأوزاعي وإسحاق فخصّا الجواز ببيع المغانم والمواريث.


[ قــ :2057 ... غــ : 2141 ]
- حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ مُحَمَّدٍ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ أَخْبَرَنَا الْحُسَيْنُ الْمُكْتِبُ عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ -رضي الله عنهما-: "أَنَّ رَجُلاً أَعْتَقَ غُلاَمًا لَهُ عَنْ دُبُرٍ فَاحْتَاجَ، فَأَخَذَهُ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: مَنْ يَشْتَرِيهِ مِنِّي؟ فَاشْتَرَاهُ نُعَيْمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بِكَذَا وَكَذَا، فَدَفَعَهُ إِلَيْهِ".
[الحديث 2141 - أطرافه في: 2230، 2321، 2403، 2415، 2534، 6716، 6947، 7186] .

وبه قال: ( حدّثنا بشر بن محمد) بكسر الموحدة وسكون الشين المعجمة أبو محمد قال: ( أخبرنا عبد الله) بن المبارك قال: ( أخبرنا الحسين) بن ذكوان المعلم ( المكتب) بسكون الكاف من الإكتاب، ولأبي ذر: المكتب بفتح الكاف وتشديد الفوقية من التكتيب هو المعروف ( عن عطاء بن أبي رباح عن جابر بن عبد الله) الأنصاري ( -رضي الله عنهما- أن رجلاً) هو أبو مذكور الأنصاري كما في مسلم ( أعتق غلامًا له) اسمه يعقوب كما في مسلم والنسائي ( عن دبر) بضم الدال المهملة والموحدة أي قال له أنت حر بعد موتي ( فاحتاج) الرجل إلى ثمنه ( فأخذه النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فقال) :
( من يشتريه مني) فعرّضه للزيادة ليستقصي فيه للمفلس الذي باعه عليه وهذا يردّ على الإسماعيلي حيث قال: ليس في قصة المدبر بيع المزايدة فإن بيع المزايدة أن يعطي به واحد ثمنًا ثم يعطي به غيره زيادة.
( فاشتراه نعيم بن عبد الله) بضم النون وفتح العين النحام بفتح النون والحاء المهملة المشددة العدوي القرشي، ووصف بالنحام لأن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال: "دخلت الجنة فسمعت نحمة نعيم فيها".
والنحمة: السعلة أسلم قديمًا وأقام بمكة إلى قبيل الفتح وكان قومه يمنعونه من الهجرة لشرفه فيهم لأنه كان ينفق عليهم فقالوا: أقم عندنا على أيّ دين شئت.
ولما قدم على النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- اعتنقه وقبّله واستشهد يوم اليرموك سنة خمس عشرة.
( بكذا وكذا) ثمانمائة درهم ( فدفعه إليه) أي

دفع عليه الصلاة والسلام الثمن الذي بيع به المدبر المذكور لمدبره أو دفع المدبر لمشتريه نعيم وقول العيني أي دفع الثمن إلى الرجل وهو نعيم بن عبد الله سهو لا يخفى، وقد وقع في رواية مسلم وأبي داود والنسائي من طريق أيوب عن أبي الزبير ما يعين أن الضمير للثمن ولفظه فاشتراه نعيم بن عبد الله بثمانمائة درهم فدفعها إليه.
وفي رواية مسلم والنسائي من طريق الليث عن أبي الزبير فدفعها إليه ثم قال: ابدأ بنفسك فتصدق عليها.
وفي رواية النسائي من وجه آخر عن إسماعيل بن أبي خالد ودفع ثمنه إلى مولاه، وأما ما وقع في رواية الترمذي فمات ولم يترك مالاً غيره فهو مما نسب فيه ابن عيينة إلى الخطأ ولم يكن سيده مات كما وقع مصرّحًا به في الأحاديث الصحيحة وفيه جواز بيع المدبر وهو قول الشافعي وأحمد، وذهب أبو حنيفة ومالك إلى المنع وتأتي إن شاء الله تعالى مباحث ذلك في موضعه بحول الله وقوته.

وهذا الحديث أخرجه المؤلّف في الاستقراض، وكذا أخرجه مسلم وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجة.