فهرس الكتاب

إرشاد الساري - باب لا يطرق أهله ليلا إذا أطال الغيبة، مخافة أن يخونهم أو يلتمس عثراتهم

باب لاَ يَطْرُقْ أَهْلَهُ لَيْلًا إِذَا أَطَالَ الْغَيْبَةَ، مَخَافَةَ أَنْ يُخَوِّنَهُمْ أَوْ يَلْتَمِسَ عَثَرَاتِهِمْ
هذا ( باب) بالتنوين ( لا يطرق) أي الرجل الغائب ( أهله ليلًا) تأكيد لأن الطروق لا يكون إلا ليلًا.
نعم قيل إنه يقال أيضًا في النهار ( إذا أطال الغيبة) قيد في الحكم المذكور ( مخافة أن يخوّنهم) بفتح الخاء المعجمة وكسر الواو المشدّدة أي لأجل خوف تخوينه إياهم أي بنسبهم إلى الخيانة فنصب مخافة على التعليل وأن مصدرية ( أو يلتمس) أي يطلب ( عثراتهم) بالمثلثة بعد العين أي زلاّتهم قال السفاقسي: الصواب يتخونهن وزلاتهم بالنون فيهما.
قال في الفتح: بل ورد في
الصحيح بالميم فيهما في صحيح مسلم وغيره وتوجيهه ظاهر كذا قال، ولم يبين وجهه إلا من جهة المروي وهو وإن كان قويًّا في الحجة لكن يبقى الوجه في العربية، ويحتمل أن يكون المراد بالأهل أعم من الزوجة فيشمل الأولاد مثلًا فعبّر بالميم تغليبًا.


[ قــ :4965 ... غــ : 5243 ]
- حَدَّثَنَا آدَمُ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ حَدَّثَنَا مُحَارِبُ بْنُ دِثَارٍ قَالَ: سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ -رضي الله عنه- قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَكْرَهُ أَنْ يَأْتِيَ الرَّجُلُ أَهْلَهُ طُرُوقًا.

وبه قال: ( حدّثنا آدم) بن أبي إياس قال: ( حدّثنا شعبة) بن الحجاج قال: ( حدّثنا محارب بن دثار) بكسر الدال المهملة وتخفيف المثلثة السدوسي قاضي الكوفة ( قال: سمعت جابر بن عبد الله) الأنصاري ( -رضي الله عنهما- قال: كان النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يكره أن يأتي الرجل أهله طروقًا) بضم الطاء إتيانًا في الليل من سفر أو غيره على غفلة.
وفي حديث أنس عند مسلم أن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كان لا يطرق أهله ليلًا وكان يأتيهم غدوة أو عشية، والعلة في ذلك أنه ربما يجد أهله على غير أهبة من التنظيف والتزين المطلوب من المرأة فيكون ذلك سببًا للنفرة بينهما أو يجدها على غير حالة مرضية والستر مطلوب بالشرع.




[ قــ :4966 ... غــ : 544 ]
- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُقَاتِلٍ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ أَخْبَرَنَا عَاصِمُ بْنُ سُلَيْمَانَ عَنِ الشَّعْبِيِّ أَنَّهُ سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «إِذَا أَطَالَ أَحَدُكُمُ الْغَيْبَةَ، فَلاَ يَطْرُقْ أَهْلَهُ لَيْلًا».

وبه قال: ( حدّثنا محمد بن مقاتل) المروزي قال: ( أخبرنا عبد الله) بن المبارك المروزي قال: ( أخبرنا عاصم بن سليمان) الأحول البصري ( عن الشعبي) عامر بن شراحيل ( أنه سمع جابر بن عبد الله) الأنصاري رضي الله عنهما ( يقول قال رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) :
( إذا أطال أحدكم الغيبة) عن أهله في سفر أو غيره ( فلا يطرق أهله ليلًا) سبق أن ليلًا تأكيد والتقييد بطول الغيبة يفيد عدم النهي في قصيرها كمن يخرج لحاجة مثلًا نهارًا ويرجع ليلًا إذ لا يتأتى فيه ما في طويلها إذ هو مظنة وقوع المكروه فيما ذكر غالبًا، وفي رواية وكيع عن سفيان الثوري عن محارب عن جابر قال: نهى رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أن يطرق الرجل أهله ليلًا يتخوّنهم أو يطلب عثراتهم، رواه مسلم، لكن اختلف في هذه الزيادة هل هي مدرجة؟ ومن ثم اقتصر البخاري على القدر المتفق على رفعه وساق الباقي في الترجمة، وقد أخرجه بهذه الزيادة النسائي من رواية أبي نعيم عن سفيان، ومسلم من رواية عبد الرحمن بن مهدي عن سفيان به، لكنه قال في آخره قال سفيان: لا أدري هذا في الحديث أم لا.
والمعنى أنه إذا طرقهم ليلًا وهو وقت خلوة وانقطاع مراقبة الناس بعضهم لبعض كان ذلك سببًا لسوء ظن أهله به، وكأنه إنما قصدهم ليلًا ليجدهم على ريبة حتى توخى وقت غرتهم وغفلتهم، وعند أحمد والترمذي من طريق أخرى عن الشعبي عن جابر: لا تلجوا على المغيبات فإن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم، وعند أبي
عوانة في صحيحه من حديث محارب عن جابر أن عبد الله بن رواحة أتى امرأته ليلًا وعندها امرأة تمشطها فظنها رجلًا فأشار إليها بالسيف، فلما ذكر ذلك للنبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- نهى أن يطرق الرجل أهله ليلًا.
وأخرج ابن خزيمة عن ابن عمر قال: نهى رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أن يطرق النساء ليلًا فطرق رجلان كلاهما وجد مع امرأته ما يكره، وأخرج من حديث ابن عباس نحوه وقال فيه: فكلاهما وجد مع امرأته رجلًا.

وفي الحديث فوائد لا تخفى على متأمل، وأخرجه المؤلّف أيضًا ومسلم وأبو داود في الجهاد والنساني في عِشرة النساء.