فهرس الكتاب

إرشاد الساري - باب ما يجوز من ذكر الناس، نحو قولهم: الطويل والقصير

باب مَا يَجُوزُ مِنْ ذِكْرِ النَّاسِ نَحْوَ قَوْلِهِمُ الطَّوِيلُ وَالْقَصِيرُ
وَقَالَ النَّبِىُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «مَا يَقُولُ ذُو الْيَدَيْنِ وَمَا لاَ يُرَادُ بِهِ شَيْنُ الرَّجُلِ».

( باب ما يجوز من ذكر) أوصاف ( الناس نحو قولهم الطويل والقصير، وقال النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ما يقول ذو اليدين) فذكره باللقب للتعريف، وهذا التعليق طرف من حديث وصله المؤلّف في باب تشبيك الأصابع في المسجد بلفظ: أكما يقول، ولمسلم ما يقول بلفظ الترجمة ( و) في جواز ( ما لا يراد به شين الرجل) كالأعرج والأعمش بل تمييز عن غيره وإن أراد تنقيصه حرم وإن كان مما يعجب الملقب ولا إطراء فيه مما يدخل في نهي الشرع فهو جائز أو مستحب.


[ قــ :5727 ... غــ : 6051 ]
- حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ، عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ صَلَّى بِنَا النَّبِىُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الظُّهْرَ رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ سَلَّمَ ثُمَّ قَامَ إِلَى خَشَبَةٍ فِى مُقَدَّمِ الْمَسْجِدِ وَوَضَعَ يَدَهُ عَلَيْهَا وَفِى الْقَوْمِ يَوْمَئِذٍ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ فَهَابَا أَنْ يُكَلِّمَاهُ وَخَرَجَ سَرَعَانُ النَّاسِ فَقَالُوا: قَصُرَتِ الصَّلاَةُ وَفِى الْقَوْمِ رَجُلٌ كَانَ النَّبِىُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَدْعُوهُ ذَا الْيَدَيْنِ فَقَالَ: يَا نَبِىَّ اللَّهِ أَنَسِيتَ أَمْ قَصُرَتْ؟ فَقَالَ: «لَمْ أَنْسَ وَلَمْ تَقْصُرْ» قَالَ: بَلْ نَسِيتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: «صَدَقَ ذُو الْيَدَيْنِ» فَقَامَ فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ سَلَّمَ، ثُمَّ كَبَّرَ فَسَجَدَ مِثْلَ سُجُودِهِ أَوْ أَطْوَلَ ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ وَكَبَّرَ ثُمَّ وَضَعَ مِثْلَ سُجُودِهِ أَوْ أَطْوَلَ ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ وَكَبَّرَ.

وبه قال: ( حدّثنا حفص بن عمر) بن الحارث بن سخبرة الحوضي قال: ( حدّثنا يزيد بن إبراهيم) التستري أبو سعيد قال: ( حدّثنا محمد) هو ابن سيرين ( عن أبي هريرة) -رضي الله عنه- أنه ( قال: صلّى بنا النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) أي أمَّنَا وفي رواية لنا باللام بدل الموحدة ( الظهر ركعتين ثم سلّم ثم قام إلى خشبة) وكانت جذعًا من نخل ( في مقدّم المسجد ووضع يده) بالإفراد، ولأبي ذر عن الكشميهني يديه ( عليها وفي القوم يومئذ أبو بكر وعمر) -رضي الله عنهما- ( فهابا أن يكلماه) في سبب تسليمه من الركعتين وروي فهاباه بإثبات المفعول وحذفه فإن يكلماه بدل من ضمير المفعول في هاباه وأن هي المصدرية الناصبة وعلامة النصب في يكلماه حذف النون، والجملة كلها في الحقيقة مفسرة لمعنى قوله: وفي القوم أبو بكر وعمر لأنه لو لم يقل فهاباه لقيل فما منعهما وهما أقرب من غيرهما وأدل عليه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ( وخرج) بلفظ الماضي، وللحموي والمستملي: ويخرج ( سرعان الناس) بفتح السين المهملة والراء أوائلهم جمع سريع، وحكى المنذري تجويز كسر السين وسكون الراء عن بعضهم، وحكى ابن سيده عن ثعلب أنه إذا كان السرعان وصفًا في الناس فالتحريك أفصح من التسكين ( فقالوا: قصرت الصلاة) بفتح القاف وضم الصاد المهملة مبنيًا للفاعل وبضم القاف وكسر الصاد للمفعول.
أي قال بعضهم لبعض لما رأوا من فعله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وأداة الاستفهام مقدرة ( وفي القوم رجل) اسمه الخرباق بكسر الخاء المعجمة وسكون الراء بعدها موحدة فألف فقاف ( وكان النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يدعوه ذا اليدين) لطولهما ( فقال: يا نبي الله أنسيت) الركعتين ( أم قصرت) ؟ بفتح القاف وضم الصاد للفاعل وللمفعول أيضًا ( فقال) عليه الصلاة والسلام:
( لم أنس) في ظني ( ولم تقصر) بفتح أوّله وضم ثالثه أو مبنيًّا للمفعول وأم حرف عطف
متصلة لأنها جاءت على شرطها من تقدم الاستفهام والسؤال بأي والجواب بأحد الشيئين المستفهم عنهما أو الأشياء، وجملة لم أنس ولم تقصر محكية بالقول، وجزم أن بحذف الألف وتقصر بالسكون ولما كانت أم هنا المتصلة لم يحسن في الجواب لا أو نعم ( قالوا: بل نسيت يا رسول الله) لأنه لما نفى الأمرين وكان قد تقرر عندهم أن السهو غير جائز في الأمور البلاغية جزموا بوقوع النسيان لا القصر، وقوله بل بسكون اللام ( قال: صدق ذو اليدين فقام فصلّى ركعتين) بانيًا على ما سبق بعد أن تذكر أنه لم يتمها إذ لم يطل الفصل ( ثم سلّم ثم كبّر فسجد) للسهو سجودًا ( مثل سجوده أو أطول) منه بالشك من الراوي ( ثم رفع رأسه) من السجود ( وكبّر ثم وضع) رأسه فكبّر فسجد سجودًا ( مثل سجوده أو أطول) منه ( ثم رفع رأسه) من السجود ( وكبّر) .

ومطابقة الحديث في قوله يدعوه ذا اليدين لأنه إنما كان يعرف بذلك.

والحديث سبق في الصلاة.