فهرس الكتاب

إرشاد الساري - باب الثياب البيض

باب الثِّيَابِ الْبِيضِ
( باب الثياب البيض) .


[ قــ :5512 ... غــ : 5826 ]
- حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْحَنْظَلِىُّ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بِشْرٍ.
حَدَّثَنَا مِسْعَرٌ عَنْ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِيهِ عَنْ سَعْدٍ قَالَ: رَأَيْتُ بِشِمَالِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَبِيَمِينِهِ رَجُلَيْنِ عَلَيْهِمَا ثِيَابٌ بِيضٌ يَوْمَ أُحُدٍ مَا رَأَيْتُهُمَا قَبْلُ وَلاَ بَعْدُ.

وبه قال: ( حدّثنا) ولأبي ذر: حدّثني بالإفراد ( إسحاق بن إبراهيم) بن راهويه ( الحنظلي) بالحاء المهملة والظاء المعجمة المفتوحتين بينهما نون ساكنة قال: ( أخبرنا محمد بن بشر) بالموحدة والمعجمة العبدي قال: ( حدّثنا مسعر) بكسر الميم وبالسين الساكنة والعين المفتوحة المهملتين آخره راء ابن كدام الكوفي ( عن سعد بن إبراهيم عن أبيه) إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف ( عن سعد) بن أبي وقاص أنه ( قال: رأيت بشمال النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ويمينه) ملكين تشكلا بشكل ( رجلين) وهما جبريل وميكائيل وقول الكرماني أو إسرافيل، تعقبه في الفتح بأن زاعم ذلك لم يصب كذا قال ولم يذكر لتعيين ميكائيل دون إسرافيل مستندًا هنا فالله أعلم ( عليهما ثياب بيض يوم) وقعة ( أُحُد ما رأيتهما قبل ولا بعد) بالبناء على الضم فيهما لقطعهما عن الإضافة أي قبل ذلك ولا بعده، ومراده من الحديث قوله ثياب بيض وأن البياض كان لباس الملائكة الذين نصروه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يوم أُحُد وغيره، واكتفى بذلك لكونه فيما يظهر لم يثبت عنده على شرطه في ذلك شيء صريح، وفي حديث سمرة
المروي عند الإمام أحمد والسنن وصححه الحاكم مرفوعًا: "عليكم بالثياب البيض فالبسوها فإنها أطيب وأطهر وكفنوا فيها موتاكم".
قال في شرح المشكاة: وإنما كانت أطهر لأن البيض أكثر تأثرًا من الثياب الملوّنة فتكون البيض أكثر غسلاً منها.

وحديث الباب سبق في غزوة أُحُد.




[ قــ :5513 ... غــ : 587 ]
- حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ، عَنِ الْحُسَيْنِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُرَيْدَةَ، عَنْ يَحْيَى بْنِ يَعْمَرَ حَدَّثَهُ أَنَّ أَبَا الأَسْوَدِ الدِّيلِىَّ حَدَّثَهُ أَنَّ أَبَا ذَرٍّ - رضى الله عنه - حَدَّثَهُ قَالَ: أَتَيْتُ النَّبِىَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَعَلَيْهِ ثَوْبٌ أَبْيَضُ وَهْوَ نَائِمٌ ثُمَّ أَتَيْتُهُ وَقَدِ اسْتَيْقَظَ فَقَالَ: «مَا مِنْ عَبْدٍ قَالَ: لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ ثُمَّ مَاتَ عَلَى ذَلِكَ إِلاَّ دَخَلَ الْجَنَّةَ».
قُلْتُ: وَإِنْ زَنَى وَإِنْ سَرَقَ؟ قَالَ: «وَإِنْ زَنَى وَإِنْ سَرَقَ».
قُلْتُ: وَإِنْ زَنَى وَإِنْ سَرَقَ؟ قَالَ: «وَإِنْ زَنَى وَإِنْ سَرَقَ».
قُلْتُ: وَإِنْ زَنَى وَإِنْ سَرَقَ؟ قَالَ: «وَإِنْ زَنَى وَإِنْ سَرَقَ عَلَى رَغْمِ أَنْفِ أَبِى ذَرٍّ».
وَكَانَ أَبُو ذَرٍّ إِذَا حَدَّثَ بِهَذَا قَالَ: وَإِنْ رَغِمَ أَنْفُ أَبِى ذَرٍّ.
قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: هَذَا عِنْدَ الْمَوْتِ أَوْ قَبْلَهُ إِذَا تَابَ وَنَدِمَ.

     وَقَالَ : لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ غُفِرَ لَهُ.

وبه قال: ( حدّثنا أبو معمر) بفتح الميمين وسكون العين المهملة بينهما عبد الله بن عمرو بن أبي الحجاج المقعد البصري قال: ( حدّثنا عبد الوارث) بن سعيد بن ذكوان التيمي مولاهم البصري التنوري ( عن الحسين) بضم الحاء ابن ذكوان المعلم البصري الثقة ( عن عبد الله بن بريدة) بضم الموحدة ابن الحصيب الأسلم التابعي قاضي مرو وعالمها ( عن يحيى بن يعمر) بفتح التحتية والميم بينهما عين مهملة ساكنة قاضي مرو التابعي أيضًا ( حدّثه أن أبا الأسود الديلي) بكسر الدال المهملة بعدها تحتية ساكنة ولأبي ذر الدؤلي بضم الدال بعدها همزة مفتوحة التابعي الكبير قاضي البصرة ( حدّثه أن أبا ذر) جندب بن جنادة ( -رضي الله عنه- حدّثه قال: أتيت النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وعليه ثوب أبيض وهو نائم ثم أتيته وقد استيقظ) .
قال الكرماني: وفائدة ذكر الثوب والنوم تقرير التثبيت والإتقان فيما يرويه في آذان السامعين ليتمكن في قلوبهم ( فقال) -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-:
( ما من عبد قال لا إله إلا الله ثم مات على ذلك إلا دخل الجنة) قال أبو ذر ( قلت) يا رسول الله ( وإن زنى وإن سرق؟ قال) -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: ( وإن زنى وإن سرق) لأن الكبيرة لا تسلب اسم الإيمان ولا تحبط الطاعة ولا تخلد صاحبها في النار بل عاقبته أن يدخل الجنة.
قال أبو ذر ( قلت: وإن زنى وإن سرق؟ قال) صلوات الله عليه وسلامه: ( وإن زنى وإن سرق) قال أبو ذر ( قلت: وإن زنى وإن سرق؟ قال) عليه الصلاة والسلام: ( وإن زنى وإن سرق على رغم أنف أبي ذر) من رغم إذا لصق بالرغام وهو التراب ويستعمل مجازًا بمعنى كره أو ذلّ إطلاقًا لاسم السبب على المسبب، وتكرير أبي ذر قوله وإن زنى وإن سرق استعظامًا لشأن الدخول مع اقتراف الكبائر وتعجبه من ذلك، وتكرير النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ذلك لإنكاره استعظامه وتحجيره واسعًا فإن رحمة الله تعالى واسعة ( وكان أبو ذر إذا حدّث بهذا) الحديث ( قال) ولأبي ذر يقول بلفظ المضارع ( وإن رغم)
بكسر المعجمة وتفتح ذل ( أنف أبي ذر) وأبدى صاحب الكواكب سؤالاً فقال: فإن قلت: مفهوم الشرط أن من لم يزن لم يدخل الجنة، وأجاب: بأن هذا الشرط للمبالغة والدخول له بالطريق الأولى نحو نعم العبد صهيب لو لم يخف الله لم يعصه.

( قال أبو عبد الله) المصنف مفسرًا للحديث ( هذا) الذي قاله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وهو: ما من عبد قال لا إله إلا الله ... الخ ... إنما يكون ( عند الموت أو قبله إذا تاب) من الذنوب ( وندم) عليها ( وقال: لا إله إلا الله غفر له) .
وأدخل الجنة.
قال السفاقسي: وهذا الذي قاله مخالف لظاهر الحديث إذ لو كانت التوبة شرطًا لم يقل وإن زنى وإن سرق، والحديث على ظاهره أنه إذا مات مسلمًا دخل الجنة قبل النار أو بعدها وهذا في حقوق الله تعالى باتفاق أهل السُّنّة، أما حقوق العباد فلا بدّ من ردّها عند الأكثر أو أن الله تعالى يرضى صاحب الحق بما شاء وأما من مات مصرًّا على الذنب من غير توبة فمذهب أهل السُّنَّة أنه في مشيئة الله إن شاء عاقبة إن شاء عفا عنه لا يسأل عما يفعل أسأله العفو والعافية وأستعيذ بوجهه الكريم من النار إنه جوّاد كريم رؤوف رحيم.

وهذا الحدث أخرجه مسلم في الإيمان.