فهرس الكتاب

إرشاد الساري - باب من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا

باب مَنْ قَاتَلَ لِتَكُونَ كَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا
( باب) فضل ( من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا) .


[ قــ :2682 ... غــ : 2810 ]
- حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ عَمْرٍو عَنْ أَبِي وَائِلٍ عَنْ أَبِي مُوسَى -رضي الله عنه- قَالَ: "جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: الرَّجُلُ يُقَاتِلُ لِلْمَغْنَمِ، وَالرَّجُلُ يُقَاتِلُ لِلذِّكْرِ، وَالرَّجُلُ يُقَاتِلُ لِيُرَى مَكَانُهُ، فَمَنْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ؟ قَالَ: مَنْ قَاتَلَ لِتَكُونَ كَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا فَهُوَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ".

وبه قال: ( حدّثنا سليمان بن حرب) الواشحي قال: ( حدّثنا شعبة) بن الحجاج ( عن عمرو) بفتح العين وسكون الميم هو ابن مرة ( عن أبي وائل) شقيق بن سلمة ( عن أبي موسى) عبد الله بن قيس ( رضي الله عنه) أنه ( قال: جاء رجل) هو لاحق بن ضميرة الباهلي كما عند أبي موسى المديني
في الصحابة ( إلى النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فقال: الرجل يقاتل للمغنم والرجل يقاتل للذكر) بين الناس ويشتهر بالشجاعة ( والرجل يقاتل ليُرَى) بضم الياء وفتح الراء مبنيًّا للمفعول ( مكانه) بالرفع نائب عن الفاعل أي مرتبته في الشجاعة، وفي رواية الأعمش عن أبي وائل الآتية إن شاء الله تعالى في التوحيد ويقاتل رياء، وزاد في رواية منصور عن أبي وائل السابقة في العلم والأعمش ويقاتل حمية وفي رواية منصور ويقاتل غضبًا فتحصل أن أسباب القتال خمسة طلب المغنم وإظهار الشجاعة والرياء والحمية، والغضب ( فمن في سبيل الله؟ قال) عليه الصلاة والسلام:
( من قاتل لتكون كلمة الله) أي كلمة التوحيد ( هي العليا) بضم العين المهملة ( فهو) المقاتل ( في سبيل الله) عز وجل لا طالب الغنيمة والشهرة ولا مُظهِر الشجاعة ولا للحميّة ولا للغضب فلو أضاف إلى الأوّل غيره أخلّ بذلك.
نعم لو حصل ضمنًا لا أصلاً ومقصودًا لا يخل وقد روى أبو داود والنسائي من حديث أبي أمامة بإسناد جيد قال: جاء رجل فقال يا رسول الله أرأيت رجلاً غزا يلتمس الأجر والذكر ما له؟ قال: لا شيء له.
فأعادها ثلاثًا كل ذلك يقول لا شيء له.
ثم قال رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "إن الله تعالى لا يقبل من العمل إلا ما كان له خالصًا وابتغي به وجهه".
وقال ابن أبي جمرة: ذهب المحققون إلى أنه إذا كان الباعث الأول قصد إعلاء كلمة الله لم يضره ما انضاف إليه اهـ.

وفي جوابه عليه الصلاة والسلام بما ذكر غاية البلاغة والإيجاز فهو من جوامع كلمه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لأنه لو أجابه بأن جميع ما ذكره ليس في سبيل الله احتمل أن يكون ما عداه في سبيل الله وليس كذلك فعدل إلى لفظ جامع عدل به عن الجواب عن ماهية القتال إلى حالة المقاتل فتضمن الجواب وزيادة، وقد يفسر القتال للحمية بدفع المضرّة والقتال غضبًا بجلب المنفعة والذي يرى منزلته أي في سبيل الله فتناول ذلك المدح والذمّ فلذا لم يحصل الجواب بالإثبات ولا بالنفي قاله في فتح الباري.

وهذا الحديث أخرجه أيضًا في الخمس والتوحيد، وسبق في العلم في باب: من سأل وهو قائم عالمًا جالسًا.