فهرس الكتاب

إرشاد الساري - باب ما يذكر في الذات والنعوت وأسامي الله

باب مَا يُذْكَرُ فِى الذَّاتِ وَالنُّعُوتِ وَأَسَامِى اللَّهِ
وَقَالَ خُبَيْبٌ: وَذَلِكَ فِى ذَاتِ الإِلَهِ فَذَكَرَ الذَّاتَ بِاسْمِهِ تَعَالَى.

( باب ما يذكر) بضم أوّله وفتح ثالثه ( في الذات) الإلهية ( والنعوت) أي والصفات القائمة بها ( وأسامي الله) عز وجل.

قال القاضي عياض: ذات الشيء نفسه وحقيقته، وقد استعمل أهل الكلام الذات بالألف واللام وهم النحاة وجوزه بعضهم لأنها ترد بمعنى النفس وحقيقة الشيء وجاء في الشعر ولكنه شاذ، واستعمال البخاري لها على ما تقدم من أنّ المراد بها نفس الشيء على طريقة المتكلمين في حق الله تعالى ففرق بين النعوت والذوات.
وقال ابن برهان: إطلاق المتكلمين الذات في حق الله من جهلهم لأن ذات تأنيث ذو، وهو جلّت عظمته لا يصح له إلحاق تاء التأنيث قال وقولهم الصفات الذاتية جهل منهم أيضًا لأن النسب إلى ذات ذويّ.
وأجيب: بأن الممتنع استعمالها بمعنى صاحبة أما إذا قطعت عن هذا المعنى واستعملت بمعنى الاسمية فلا محذور، كقوله تعالى: { إنه عليم بذات الصدور} [الأنفال: 43] أي بنفس الصدور.

( وقال خبيب) بضم الخاء المعجمة وفتح الموحدة ابن عدي الأنصاري ( وذلك في ذات الإله فذكر الذات) متلبسًا ( باسمه تعالى) أو ذكر حقيقة الله تعالى بلفظ الذات قال في الفتح: ظاهر لفظه أن مراده أنه أضاف لفظ ذات إلى اسم الله تعالى وسمعه النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فلم ينكره فكان جائزًا وقد ترجم البيهقي في الأسماء والصفات ما جاء في الذات، وأورد حديث أبي هريرة المتفق عليه في ذكر إبراهيم عليه السلام إلا ثلاث كذبات اثنتين في ذات الله، وحديث ولا تفكروا في ذات الله، ومعنى ذلك من أجل أو بمعنى حق، فالظاهر أن المراد جواز إطلاق لفظ ذات لا بالمعنى الذي أحدثه المتكلمون ولكنه غير مردود إذ عرف أن المراد به النفس لثبوت لفظ النفس في القرآن.


[ قــ :7007 ... غــ : 7402 ]
- حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ، أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِىِّ أَخْبَرَنِى عَمْرُو بْنُ أَبِى سُفْيَانَ بْنِ أَسِيدِ بْنِ جَارِيَةَ الثَّقَفِىُّ - حَلِيفٌ لِبَنِى زُهْرَةَ، وَكَانَ مِنْ أَصْحَابِ أَبِى هُرَيْرَةَ - أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ قَالَ: بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَشْرَةً مِنْهُمْ خُبَيْبٌ الأَنْصَارِىُّ فَأَخْبَرَنِى عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عِيَاضٍ أَنَّ ابْنَةَ الْحَارِثِ أَخْبَرَتْهُ أَنَّهُمْ حِينَ اجْتَمَعُوا اسْتَعَارَ مِنْهَا مُوسَى يَسْتَحِدُّ بِهَا، فَلَمَّا خَرَجُوا مِنَ الْحَرَمِ لِيَقْتُلُوهُ قَالَ خُبَيْبٌ الأَنْصَارِىُّ:
وَلَسْتُ أُبَالِى حِينَ أُقْتَلُ مُسْلِمًا ... عَلَى أَىِّ شِقٍّ كَانَ لِلَّهِ مَصْرَعِى
وَذَلِكَ فِى ذَاتِ الإِلَهِ وَإِنْ يَشَأْ ... يُبَارِكْ عَلَى أَوْصَالِ شِلْوٍ مُمَزَّعِ
فَقَتَلَهُ ابْنُ الْحَارِثِ فَأَخْبَرَ النَّبِىُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَصْحَابَهُ خَبَرَهُمْ يَوْمَ أُصِيبُوا.

وبه قال: ( حدّثنا أبو اليمان) الحكم بن نافع قال: ( أخبرنا شعيب) هو ابن أبي حمزة ( عن الزهري) محمد بن مسلم أنه قال: ( أخبرني) بالإفراد ( عمرو بن أبي سفيان) بفتح العين ( ابن أسيد بن جارية) بفتح الهمزة وكسر السين وجارية بالجيم ( الثقفي) بالمثلثة ( حليف) بالحاء المهملة ( لبني زهرة) بضم الزاي أي معاهد لهم ( وكان من أصحاب أبي هريرة أن أبا هريرة) -رضي الله عنه- ( قال: بعث رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) لما قدم بعد أُحُد رهط من عضل والقارة فقالوا يا رسول الله إن فينا إسلامًا فابعث معنا نفرًا من أصحابك يفقهوننا ( عشرة منهم خبيب الأنصاري) فلما كانوا بالهدأة ذكروا لبني لحيان فنفروا لهم قريبًا من مائتي رجل، فلما رأوهم لجؤوا إلى فدفد أي رابية فأحاط بهم القوم ورموهم بالنبل وقتلوا عاصمًا أميرهم في سبعة من العشرة ونزل إليهم ثلاثة منهم خبيب وابن دثنة وعبد الله بن طارق فأوثقوهم بأوتار قسيهم وباعوا خبيبًا وابن دثنة بمكة، فاشترى خبيبًا بنو الحارث بن عامر بن نوفل بن عبد مناف، فلبث خبيب عندهم أسيرًا.
قال ابن شهاب الزهري ( فأخبرني) بالإفراد ( عبيد الله) بضم العين ( ابن عياض) بكسر العين آخره ضاد معجمة القاريّ من القارة ( أن ابنة الحارث) زينب ( أخبرته أنهم حين اجتمعوا) أي لقتله ( استعار) ولأبي ذر عن الحموي والمستملي فاستعار ( منها موسى يستحد بها) يحلق بها شعر عانته لئلا يظهر عند قتله ( فلما خرجوا) به ( من المحرم ليقتلوه) في الحل ( قال خبيب الأنصاري) :
( ولست أبالي) ولأبي الوقت والأصيلي ما أبالي ( حين أقتل مسلمًا على أيّ شق) بكسر المعجمة ( كان لله مصرعي) أي مطرحي على الأرض.

( وذلك في ذات الإله) في طلب ثوابه ( وإن يشأ يبارك على أوصال شلو) بكسر المعجمة وسكون اللام أي أوصال جسد ( ممزع) بضم الميم الأولى وفتح الثانية والزاي المشددة بعدها عين مهملة أي مقطع مفرق ( فقتله ابن الحارث) عقبة بالتنعيم وصلبه ثم ( فأخبر النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أصحابه خبرهم يوم أصيبوا) .

والحديث سبق في الجهاد بأتم من هذا في باب هل يستأسر الرجل.