فهرس الكتاب

إرشاد الساري - باب بيع المدبر

باب بَيْعِ الْمُدَبَّرِ
( باب بيع المدبر) وهو المعلق عتقه بموت سيده كأن يقول لعبده إذا من فأنت حرّ.


[ قــ :2144 ... غــ : 2230 ]
- حَدَّثَنَا ابْنُ نُمَيْرٍ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ عَنْ سَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ جَابِرٍ -رضي الله عنه- قَالَ: "بَاعَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الْمُدَبَّرَ".

وبه قال: ( حدّثنا ابن نمير) محمد بن عبد الله قال: ( حدّثنا وكيع) هو ابن الجراح الرؤاسي قال: ( حدّثنا إسماعيل) بن أبي خالد ( عن سملة بن كهيل) بضم الكاف مصغرًا الحضرمي ( عن عطاء) هو ابن أبي رباح ( عن جابر) هو ابن عبد الله الأنصاري ( -رضي الله عنه-) أنه ( قال: باع النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) يعقوب ( المدبر) الذي أعتقه سيده أبو مذكور عن دبر وكان عليه دين ولم يكن له مال غيره من نعيم النحام بثمانمائة درهم.
وعند أبي داود من طريق هشيم عن إسماعيل بسبعمائة أو تسعمائة على الشك فدفعها إليه وقال له كما في مسلم وغيره ابدأ بنفسك فتصدّق عليها.
وعند النسائي من طريق الأعمش عن سلمة بن كهيل فأعطاه وقال اقضِ دينك، وقد اتفقت الروايات كلها على أن بيعه كان في حياة الذي دبره إلا ما رواه شريك عن سلمة بن كهيل أن رجلاً مات وترك مدبرًا ودينًا فأمرهم النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فباعوه في دينه بثمانمائة درهم أخرجه الدارقطني.
ونقل عن شيخه أبي بكر النيسابوري أن شريكًا أخطأ فيه، والصحيح ما رواه الأعمش وغيره عن سلمة وفيه ودفع ثمنه إليه، وللنسائي من وجه آخر عن إسماعيل بن أبي خالد ودفع ثمنه إلى مولاه وقد كان شريك تغير حفظه لما ولي القضاء والتدبير تعليق عتق بصفة، وفي قول وصية للعبد يعتقه فلو باعه السيد ثم ملكه لم يعد التدبير ولو رجع عنه بقول كأبطلته أو فسخته أو رجعت فيه صح إن قلنا إنه وصية وإلا فلا يصح وهل التدبير عقد جائز أم لازم؟ فمن قال لازم منع التصرف فيه إلا بالعتق فلا يصح بيعه، ومن قال جائز أجاز بيعه، وبالأول قال مالك والكوفيون، وبالثاني قال الشافعي وأهل الحديث لحديث الباب، ولأن من أوصى بعتق شخص جاز بيعه بالاتفاق فيلحق به بيع المدبر لأنه في معنى الوصي.
وأجاب الأول بأنها واقعة عين لا عموم لها فتحمل على بعض الصور وهو اختصاص الجواز بما إذا كان عليه دين وهو مشهور قول أحمد.

وهذا الحديث قد سبق في باب بيع المزايدة وفي إسناده ثلاثة من التابعين إسماعيل وسلمة وعطاء، وأخرجه أبو داود في العتق، والنسائي فيه وفي البيوع والقضاء وابن ماجة في الأحكام.





[ قــ :144 ... غــ : 31 ]
- حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَمْرٍو سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ -رضي الله عنهما- يَقُولُ: "بَاعَهُ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-".

وبه قال: ( حدّثنا قتيبة) بن سعيد قال: ( حدّثنا سفيان) بن عيينة ( عن عمرو) هو ابن دينار وفي مسند الحميدي حدّثنا عمرو بن دينار أنه ( سمع جابر بن عبد الله) الأنصاري ( -رضي الله عنهما- يقول: باعه رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) زاد ابن أبي شيبة في مصنفه يعني المدبر.

3 و 33 - حَدَّثَنِي زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ حَدَّثَنَا أَبِي عَنْ صَالِحٍ قَالَ: حَدَّثَ ابْنُ شِهَابٍ أَنَّ عُبَيْدَ اللَّهِ أَخْبَرَهُ أَنَّ زَيْدَ بْنَ خَالِدٍ وَأَبَا هُرَيْرَةَ رضي الله عنهما أَخْبَرَاهُ أَنَّهُمَا سَمِعَا رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يُسْأَلُ عَنِ الأَمَةِ تَزْنِي وَلَمْ تُحْصَنْ، قَالَ: اجْلِدُوهَا، ثُمَّ إِنْ زَنَتْ فَاجْلِدُوهَا، ثُمَّ بِيعُوهَا بَعْدَ الثَّالِثَةِ أَوِ الرَّابِعَةِ".

وبه قال: ( حدّثني) بالإفراد ( زهير بن حرب) بضم الزاي مصغرًا وحرب بفتح الحاء المهملة وبعد الراء الساكنة موحدة قال: ( حدّثنا يعقوب) قال: ( حدّثنا أبي) إبراهيم بن سعد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف القرشي الزهري ( عن صالح) هو ابن كيسان أنه ( قال: حدّث ابن شهاب) محمد بن مسلم وحدّث فعل ماضٍ بدون ضمير المفعول وابن فاعل وفي النسخة المقروءة على الميدومي حدّثت ابن شهاب بتاء الفعل وصحح عليها وضبب وابن نصب على المفعولية ولم يظهر لي توجيهها وفي الهامش حدّثنا بنون الجمع ( أن عبيد الله) مصغرًا ابن عبد الله بن عتبة بن مسعود أحد الفقهاء السبعة ( أخبره أن زيد بن خالد) الجهني ( وأبا هريرة -رضي الله عنهما- أخبراه أنهما سمعا رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يسأل) بتحتية مضمومة فسين ساكنة ثم همزة مفتوحة، وللحموي والمستملي: سئل بسين مضمومة فهمزة مكسورة مبنيًّا للمفعول فيهما ( عن الأمة تزني ولم تحصن) بالتزويج وتحصن بضم أوله وفتح ثالثه بإسناد الإحصان إلى غيرها ويجوز كسر الصاد على إسناد الإحصان إليها ( قال) عليه الصلاة والسلام:
( اجلدوها) أي نصف ما على الحرائر من الحد قال تعالى: { فإذا أحصن فإن أتين بفاحشة فعليهن نصف ما على المحصنات من العذاب} [النساء: 5] والرجم لا يتنصف فدلّ على عدم رجم الأمة ( ثم إن زنت) أي في الثانية ( فاجلدوها ثم بيعوها) بعد الجلد إذا زنت ( بعد الثالثة أو) قال بعد ( الرابعة) شك من الراوي.

وهذا الحديث قد سبق في باب بيع العبد الزاني، واستشكل إدخاله في بيع المدبر.
وأجاب الحافظ ابن حجر: بأن وجه دخوله هنا عموم الأمر ببيع الأمة إذا زنت فيشمل ما إذا كانت مدبرة أو غير مدبرة فيؤخذ منه جواز بيع المدبر في الجملة، وتعقبه العيني بأنه أخذ بعض كلامه هذا من الكرماني وزاد عليه من عنده وهو كله ليس بموجه، لأن الأمة المذكورة في الحديث إنما أمرهم عليه

الصلاة والسلام ببيعها لأجل تكرر زناها، والأمة المدبرة يجوز بيعها عندهم سواء تكرر الزنا منها أم لم يتكرر أم لم تزن.
قال وقوله ويؤخذ منه جواز بيع المدبر في الجملة كلام واهٍ لأن الأخذ الذي ذكره لا يكون إلا بدلالة من اللفظ في أقسام الدلالة الثلاثة، ولا يصح أيضًا على رأي أهل الأصول فإن الذي يدل لا يخلو إما أن يكون بعبارة النص أو بإشارته أو بدلالته فأيّ ذلك أراد هذا القائل انتهى.




[ قــ :146 ... غــ : 34 ]
- حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: أَخْبَرَنِي اللَّيْثُ عَنْ سَعِيدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه- قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: «إِذَا زَنَتْ أَمَةُ أَحَدِكُمْ فَتَبَيَّنَ زِنَاهَا فَلْيَجْلِدْهَا الْحَدَّ وَلاَ يُثَرِّبْ عَلَيْهَا، ثُمَّ إِنْ زَنَتْ فَلْيَجْلِدْهَا الْحَدَّ وَلاَ يُثَرِّبْ، ثُمَّ إِنْ زَنَتِ الثَّالِثَةَ فَتَبَيَّنَ زِنَاهَا فَلْيَبِعْهَا وَلَوْ بِحَبْلٍ مِنْ شَعَرٍ».

وبه قال: ( حدّثنا عبد العزيز بن عبد الله) الأويسي ( قال: أخبرني) بالإفراد ( الليث) بن سعد الإمام ( عن سعيد عن أبيه) أبي سعيد كيسان المقبري ( عن أبي هريرة) -رضي الله عنه- أنه ( قال: سمعت النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يقول) :
( إذا زنت أمة أحدكم فتبين) أي ظهر ( زناها) بالبينة أو الحمل أو الإقرار ( فليجلدها) سيدها ( الحد) نصف حدّ الحرة وقوله فليجلدها بسكون اللام الأولى وكسر الثانية ( ولا يثرب عليها) بالمثلثة المفتوحة وبعد الراء المشددة المكسورة موحدة أي لا يوبخها ولا يقرعها بالزنا بعد الجلد أو المعنى لا يقتصر على التثريب بل يقام عليها الحد ( ثم إن زنت) أي الثانية ( فليجلدها الحد ولا يثرب) زاد أبو ذر هنا عليها وهي ثابتة في الأولى اتفاقًا ( ثم إن زنت الثالثة فتبين زناها فليبعها) بعد الجلد ( ولو بحبل من شعر) وفي باب بيع العبد الزاني ولو بضفير وهذا مبالغة في التحريض على بيعها وليس من باب إضاعة المال هذا.