فهرس الكتاب

إرشاد الساري - باب مناقب عمر بن الخطاب أبي حفص القرشي العدوي رضي الله عنه

باب مَنَاقِبُ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ أَبِي حَفْصٍ الْقُرَشِيِّ الْعَدَوِيِّ -رضي الله عنه-
( باب مناقب عمر بن الخطاب) بن نفيل بضم النون وفتح الفاء آخره لام مصغرًا ابن عبد العزى بن رياح بكسر الراء وفتح التحتية وبعد الألف حاء مهملة ابن عبد الله بن قرط بضم القاف بن رزاح بفتح الراء والزاي وبعد الألف مهملة ابن عدي بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر واسمه قريش بن مالك بن النضر ( أبي حفص) كناه بها النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كما عند ابن إسحاق في السيرة، ولقبه الفاروق لقبه به النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كما رواه ابن أبي شيبة في تاريخه، وقيل لقبه به أهل الكتاب قاله الزهري فيما رواه ابن سعد وقيل جبريل رواه البغوي ( القرشي) نسبه إلى جده الأعلى فهر ( العدوي) نسبه إلى عدي المذكور ( -رضي الله عنه-) استخلفه أبو بكر فأقام عشر سنين وستة أشهر وأربع ليال، وقتله أبو لؤلؤة فيروز غلام المغيرة بن شعبة، وسقط لفظ باب لأبي ذر فمناقب رفع.


[ قــ :3509 ... غــ : 3679 ]
- حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ الْمَاجِشُونُ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُنْكَدِرِ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ -رضي الله عنهما- قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «رَأَيْتُنِي دَخَلْتُ الْجَنَّةَ، فَإِذَا أَنَا بِالرُّمَيْصَاءِ امْرَأَةِ أَبِي طَلْحَةَ، وَسَمِعْتُ خَشَفَةٌ فَقُلْتُ مَنْ هَذَا؟ فَقَالَ: هَذَا بِلاَلٌ.
وَرَأَيْتُ قَصْرًا بِفِنَائِهِ جَارِيَةٌ فَقُلْتُ: لِمَنْ هَذَا؟ فَقَالَ: لِعُمَرَ.
فَأَرَدْتُ أَنْ أَدْخُلَهُ فَأَنْظُرَ إِلَيْهِ، فَذَكَرْتُ غَيْرَتَكَ.
فَقَالَ عُمَرُ: بِأَبِي وَأُمِّي يَا رَسُولَ اللَّهِ.
أَعَلَيْكَ أَغَارُ»؟.
[الحديث 3679 - طرفاه في: 5226، 7024] .

وبه قال: ( حدّثنا حجاج بن منهال) بكسر الميم وسكون النون السلمي الأنماطي قال: ( حدّثنا عبد العزيز بن الماجشون) بكسر الجيم وضم الشين المعجمة المدني نزيل بغداد ونسبه لجده أبي سلمة الماجشون وإلاّ فاسم أبيه عبد الله وسقط لأبي ذر لفظ ابن فالماجشون حينئذٍ مرفوع لقب لعبيد العزيز قال: ( حدّثنا محمد بن المنكدر عن جابر بن عبد الله) الأنصاري ( -رضي الله عنهما-) أنه ( قال: قال النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) :
( رأيتني) بضمير المتكلم وهو من خصائص أفعال القلوب أي رأيت نفسي في المنام ( دخلت الجنة فإذا أنا بالرميصاء) بضم الراء وبالصاد المهملة ممدودًا مصغرًا سهلة بنت ملحان الأنصارية ( امرأة أبي طلحة) زيد بن سهل الأنصاري، والرميصاء صفة لها لرمص كان بعينها ( وسمعت خشفة) بخاء مفتوحة وشين ساكنة معجمتين وفاء مفتوحة، وفي اليونينية بفتح الشين أي صوتًا ليس شديدًا وهو حركة وقع القدم ( فقلت: من هذا؟ فقال) جبريل أو غيره من الملائكة ( هذا
بلال)
ويحتمل أن يكون القائل هذا بلال بلالاً نفسه ( ورأيت) فيها ( قصرًا) زاد الترمذي من حديث أنس من ذهب ( بفنائه) بكسر الفاء والمدّ ما امتدّ خارجه من جوانبه ( جارية فقلت: لمن هذا؟) القصر ( فقال) أي الملك ولأبي ذر عن الكشميهني فقالوا أي الملائكة وفي نسخة بالفرع وأصله وصحح عليه فقالت أي الجارية ( لعمر) بن الخطاب ( فأردت أن أدخله فأنظر إليه) بنصب أنظر ( فذكرت غيرتك) بفتح الغين المعجمة وفي الرواية التي في النكاح فأردت أن أدخله فلم يمنعني إلا علمي بغيرتك ( فقال عمر) : أفديك ( بأبي وأمي يا رسول الله أعليك أغار) الأصل أعليها أغار منك فهو من باب القلب.

وهذا الحديث أخرجه مسلم في الفضائل والنسائي في المناقب.




[ قــ :3510 ... غــ : 3680 ]
- حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ أَخْبَرَنَا اللَّيْثُ قَالَ حَدَّثَنِي عُقَيْلٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ أَخْبَرَنِي سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه- قَالَ: «بَيْنَا نَحْنُ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِذْ قَالَ: بَيْنَا أَنَا نَائِمٌ رَأَيْتُنِي فِي الْجَنَّةِ، فَإِذَا امْرَأَةٌ تَتَوَضَّأُ إِلَى جَانِبِ قَصْرٍ، فَقُلْتُ: لِمَنْ هَذَا الْقَصْرُ؟ قَالُوا: لِعُمَرَ، فَذَكَرْتُ غَيْرَتَهُ فَوَلَّيْتُ مُدْبِرًا.
فَبَكَى عمر.

     وَقَالَ : أَعَلَيْكَ أَغَارُ يَا رَسُولَ اللَّهِ»؟.

وبه قال: ( حدّثنا سعيد بن أبي مريم) هو سعيد بن الحكم بن محمد بن سالم بن أبي مريم الجمحي مولاهم المصري قال: ( أخبرنا الليث) بن سعد الإمام ( قال: حدّثني) بالإفراد ( عقيل) بضم العين ابن خالد ( عن ابن شهاب) محمد بن مسلم الزهري أنه ( قال: أخبرني) بالإفراد ( سعيد بن المسيب أن أبا هريرة -رضي الله عنه- قال: بينا) بغير ميم ( نحن عند رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إذ قال: بينا) بغير ميم أيضًا ( أنا نائم رأيتني) أي رأيت نفسي ( في الجنة فإذا امرأة تنوضأ إلى جانب قصر) وضوءًا شرعيًا ولا يلزم أن يكون على جهة التكليف أو يؤول بأنها كانت محافظة في الدنيا على العبادة أو لغويًا لتزداد وضاءة وحسنًا، وهذه المرأة هي أم سليم وكانت حينئذٍ في قيد الحياة ( فقلت: لمن هذا القصر؟ فقالوا) : أي الملائكة ( لعمر فذكرت غيرته) بفتح الغين المعجمة مصدر قولك غار الرجل على أهله ( فوليت مدبرًا فبكى عمر) لما سمع ذلك سرورًا به وتشوقًا إليه وثبت قوله عمر لأبوي ذر والوقت ( وقال: أعليك أغار يا رسول الله) .

وهذا الحديث سبق في باب ما جاء في صفة الجنة.




[ قــ :3511 ... غــ : 3681 ]
- حَدَّثَنا مُحَمَّدُ بْنُ الصَّلْتِ أَبُو جَعْفَرٍ الْكُوفِيُّ حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ عَنْ يُونُسَ عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ: أَخْبَرَنِي حَمْزَةُ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «بَيْنَا أَنَا نَائِمٌ شَرِبْتُ -يَعْنِي اللَّبَنَ- حَتَّى أَنْظُرُ إِلَى الرِّيِّ يَجْرِي فِي ظُفُرِي -أَوْ فِي أَظْفَارِي- ثُمَّ نَاوَلْتُ عُمَرَ.
قَالُوا: فَمَا أَوَّلْتَهُ يَا رسول الله، قَالَ: الْعِلْمَ».

وبه قال: ( حدّثني) بالإفراد، ولأبي ذر: حدّثنا ( محمد بن الصلت) بفتح الصاد المهملة وبعد
اللام الساكنة فوقية ( أبو جعفر الكوني) الأسدي قال: ( حدّثنا ابن المبارك) عبد الله ( عن الزهري) محمد بن مسلم أنه قال: ( أخبرني) بالإفراد ( حمزة) بالحاء المهملة والزاي ( عن أبيه) عبد الله بن عمر بن الخطاب ( أن رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال) :
( بينا) بغير ميم ( أنا نائم شربت) وفي باب فضل العلم من كتاب العلم بينا أنا نائم أتيت بقدح لبن فشربت ( يعني اللبن حتى أنظر) بالرفع مصححًا عليه في الفرع وأصله لأبي ذر أنظر بالنصب "إلى الري" بكسر الراء وتشديد الياء التحتية حال كونه ( يجري في ظفري) بالإفراد ( أو) قال: ( في أظفاري) ورؤية الري على طريق الاستعارة كأنه لما جعل الري جسمًا أضاف إليه ما هو من خواص الجسم وهو كونه مرئيًّا، قاله في الفتح ( ثم ناولت عمر) وفي العلم ثم أعطيت فضلي عمر بن الخطاب ( قالوا: فما أولته) أي عبرته ولأبوي ذر والوقت فما أولت بإسقاط الضمير ( يا رسول الله؟ قال) : أولته ( العلم) وذلك من جهة اشتراك العلم واللبن في كثرة النفع فاللبن للغذاء البدني والعلم للغذاء المعنوي، ويأتي مزيد فوائد في باب التعبير إن شاء الله تعالى بعون الله تعالى وفضله وكرمه.




[ قــ :351 ... غــ : 368 ]
- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بِشْرٍ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو بَكْرِ بْنُ سَالِمٍ عَنْ سَالِمٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ -رضي الله عنهما- أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «أُرِيتُ فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَنْزِعُ بِدَلْوِ بَكْرَةٍ عَلَى قَلِيبٍ، فَجَاءَ أَبُو بَكْرٍ فَنَزَعَ ذَنُوبًا أَوْ ذَنُوبَيْنِ نَزْعًا ضَعِيفًا وَاللَّهُ يَغْفِرُ لَهُ.
ثُمَّ جَاءَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ فَاسْتَحَالَتْ غَرْبًا، فَلَمْ أَرَ عَبْقَرِيًّا يَفْرِي فَرِيَّهُ، حَتَّى رَوِيَ النَّاسُ وَضَرَبُوا بِعَطَنٍ».
قَالَ ابْنُ جُبَيْرٍ: الْعَبْقَرِيُّ عِتَاقُ الزَّرَابِيِّ.
.

     وَقَالَ  يَحْيَى: الزَّرَابِيُّ الطَّنَافِسُ لَهَا خَمْلٌ رَقِيقٌ.
{ مَبْثُوثَةٌ} [الغاشية: 16] كَثِيرَةٌ.

وبه قال: ( حدّثنا محمد بن عبد الله بن نمير) بضم النون آخره راء مصغرًا الهمداني الكوفي قال: ( حدّثنا محمد بن بشر) بكسر الموحدة وسكون المعجمة العبدي أبو عبد الله الكوفي قال: ( حدّثنا عبيد الله) بضم العين مصغرًا ابن عمر العمري ( قال: حدّثني) بالإفراد ( أبو بكر بن سالم) وثقه العجلي وليس له في البخاري إلا هذا الموضع ( عن) أبيه ( سالم عن) أبيه ( عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- أن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال) :
( رأيت) بضم الهمزة وكسر الراء ( في المنام أني أنزع بدلو بكرة) بإسكان الكاف مصححًا عليه في الفرع وحكى الفتح ودلو مضاف إلى بكرة.
وقال في الفتح: بكرة بفتح الموحدة والكاف على المشهور، وحكى بعضهم تثليث الموحدة ويجوز إسكان الكاف على أن المراد نسبة الدلو الى الأنثى من الإبل وهي الشابة أي الدلو التي يستقى بها، وأما بالتحريك فالخشبة المستديرة التي يعلق فيها الدول ( على قليب) بقاف مفتوحة فلام مكسورة وبعد التحتية الساكنة موحدة بئر لم تطو ( فجاء أبو بكر) الصديق ( فنزع) أي أخرج من ماء القليب ( ذنوبًا أو ذنوبين) دلوا أو دلوين والشك من
الراوي ( نزعًا ضعيفًا) أوّل بقصر مدة خلافته ( والله يغفر له) ضعفه ( ثم جاء عمر بن الخطاب فاستحالت) أي تحولت الدلو في يده ( غربًا) دلوًا عظيمًا ( فلم أر عبقريًّا) بفتح العين المهملة وسكون الموحدة وفتح القاف وبعد الراء المكسورة تحتية مشددة ( يفري فريه) بالفاء الساكنة بعد فتح في الأولى وبالمفتوحة في الثانية ( حتى روي الناس وضريوا بعطن) فيه إشارة إلى طول مدة خلافة عمر وكثرة انتفاع الناس بها.

( قال ابن جبير) : بالجيم سعيد فيما وصله عبد بن حميد ولأبي ذر ونسبها في الفتح للأصيلي وكريمة وبعض النسخ عن أبي ذر قال ابن نمير: بنون وميم مصغرًا قيل هو محمد بن عبد الله بن نمير شيخ المولف.
قال البرماوي كالكرماني: وهو أولى لأنه راوي الحديث ( للعبقري عتاق الزرابي) .
بكسر العين حسانها ( وقال يحيى) : قال في الفتح: هو ابن زياد الفراء كما في معاني القرآن له وقال: الكرماني هو يحيى بن سعيد القطان لأنه أيضًا راوي الحديث كما سبق في مناقب أبي بكر ( الزرابي) هي ( الطنافس) جمع طنفسة بكسر الطاء وفتح الفاء وهي البساط ( لها خمل) بفتح الخاء المعجمة والميم وفي الفرع كأصله بسكون الميم أي أهداب ( رقيق مبثوثة) أي ( كثيرة) وهذا الذي قاله في العبقري هو معناه في اللغة، وأما المراد هنا فسيد القوم وغير ذلك مما سبق.




[ قــ :3513 ... غــ : 3683 ]
- حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ صَالِحٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ أَخْبَرَنِي عَبْدُ الْحَمِيدِ أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ سَعْدٍ أَخْبَرَهُ أَنَّ أَبَاهُ قَالَ: ح.
حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ صَالِحٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عَبْدِ الْحَمِيدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ زَيْدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: «اسْتَأْذَنَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَعِنْدَهُ نِسْوَةٌ مِنْ قُرَيْشٍ يُكَلِّمْنَهُ وَيَسْتَكْثِرْنَهُ، عَالِيَةً أَصْوَاتُهُنَّ عَلَى صَوْتِهِ فَلَمَّا اسْتَأْذَنَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ قُمْنَ فَبَادَرْنَ الْحِجَابَ، فَأَذِنَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فَدَخَلَ عُمَرُ وَرَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَضْحَكُ؛ فَقَالَ عُمَرُ: أَضْحَكَ اللَّهُ سِنَّكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَقَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: عَجِبْتُ مِنْ هَؤُلاَءِ اللاَّتِي كُنَّ عِنْدِي، فَلَمَّا سَمِعْنَ صَوْتَكَ ابْتَدَرْنَ الْحِجَابِ، قَالَ عُمَرُ: فَأَنْتَ أَحَقُّ أَنْ يَهَبْنَ يَا رَسُولَ اللَّهِ.
ثُمَّ قَالَ عُمَرُ: يَا عَدُوَّاتِ أَنْفُسِهِنَّ، أَتَهَبْنَنِي وَلاَ تَهَبْنَ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-؟ فَقُلْنَ: نَعَمْ، أَنْتَ أَفَظُّ وَأَغْلَظُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.
فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «إِيهًا يَا ابْنَ الْخَطَّابِ، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، مَا لَقِيَكَ الشَّيْطَانُ سَالِكًا فَجًّا قَطُّ إِلاَّ سَلَكَ فَجًّا غَيْرَ فَجِّكَ».

وبه قال: (حدّثنا علي بن عبد الله) المديني قال: (حدّثنا يعقوب بن إبراهيم قال: حدّثني) بالإفراد (أبي) إبراهيم بن سعد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف (عن صالح) هو ابن كيسان (عن ابن شهاب) محمد بن مسلم الزهري أنه قال: (أخبرني) بالإفراد (عبد الحميد) بن عبد الرحمن بن زيد بن الخطاب (أن محمد بن سعد) بسكون العين (أخبره أن أباه) سعد بن أبي وقاص (قال): وسقط لأبي ذر من قوله حدّثنا علي بن عبد الله إلى قوله أن أباه قال: (حدّثني)
بالإفراد، ولأبي ذر: حدّثنا (عبد العزيز بن عبد الله) الأويسي المدني قال: (حدّثنا إبراهيم بن سعد) بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف (عن صالح) هو ابن كيسان (عن ابن شهاب) الزهري (عن عبد الحميد بن عبد الرحمن بن زيد) أي ابن الخطاب (عن محمد بن سعد بن أبي وقاص عن أبيه) -رضي الله عنه- (قال: استأذن عمر بن الخطاب) -رضي الله عنه- وسقط لأبي ذر ابن الخطاب (على رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وعنده نسوة من قريش يكلمنه) هن من أزواجه لقوله (ويستكثرنه) أي يطلبن منه أكثر مما يعطيهن وفي مسلم أنهن يطلبن النفقة حال كونهن (عالية أصواتهن على صوته) قبل النهي عن رفع الصوت على صوته أو كان ذلك من طبعهن قاله ابن المنير ومن قبله القاضي عياض، وفي الفرع وأصله عالية بالرفع أيضًا على الصفة (فلما استأذن عمر بن الخطاب) سقط ابن الخطاب لأبي ذر (قمن فبادرن الحجاب) أسرعن إليه (فأذن له رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فدخل عمر ورسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يضحك) من فعلهن (فقال عمر: أضحك الله سنّك يا رسول الله) مراده لازم الضحك وهو السرور لا الدعاء بالضحك (فقال النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-):
(عجبت من هؤلاء) النسوة (اللاتي كن عندي) يرفعن أصواتهن (فلما سمعن صوتك ابتدرن الحجاب فقال ولأبي ذر: قال (عمر: فأنت أحق أن يهبن) بفتح الأول والثاني من الهيبة يوقرن (يا رسول الله ثم قال عمر): لهن (يا عدوات أنفسهن أتهبنني ولا تهبن رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-؟ فقلن: نعم أنت أفظ وأغلظ من رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) بمعجمة فيهما من الفظاظة والغلظة بصيغة أفعل التفضيل المقتضية للشركة في أصل الفعل، لكن يعارضه قوله تعالى: { ولو كنت فظًّا غليظ القلب لانفضوا من حولك} [آل عمران: 159] وأجيب: بأن الذي في الآية يقتضي نفي وجود ذلك له صفة لازمة له فلا يستلزم ما في الحديث بل مجرد وجود الصفة له في بعض الأحوال كإنكار المنكر مثلاً، وقد كان عليه الصلاة والسلام لا يواجه أحدًا بما يكره إلا في حق من حقوق الله عز وجل، وكان عمر مبالغًا في الزجر عن المكروهات مطلقًا وفي طلب المندوبات كلها فمن ثم قال النسوة له ذلك.
(فقال له رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِيهًا يا ابن الخطاب) بكسر الهمزة وسكون التحتية منونًا منصوبًا قال في الفتح: وهي روايتنا أي لا تبتدئنا بحديث، ولأبوي الوقت وذر: إيه بالكسر والتنوين أي حدّثنا ما شئت فكأنه يقول: أقبل على حديث نعهده منك أو على أي حديث كان، وأعرض عن الإنكار عليهن.

وحكى السفاقسي إيه بكسرة واحدة في الهاء وقال: معناه كلف عن لومهن.
وقال في القاموس: إيه بكسر الهمزة والهاء وفتحها وتنون المكسورة كلمة استزادة واستنطاق، وإيه بإسكان الهاء جر بمعنى حسبك وإيه مبنية على الكسر فإذا وصلت نونت، وايهًا بالنصب وبالفتح أمر بالسكوت اهـ.

وقال في المصابيح: فإن قلت: قد صرحوا بأن ما نون من أسماء الأفعال نكرة وما لم ينون منها معرفة، فعلى كونها معرفة فمن أي أقسام المعارف هي؟ وأجاب: بأن ابن الحاجب في إيضاحه
على المفصل قال: إنه ينبغي إذا حكم بالتعريف أن تكون أعلامًا مسمياتها الفعل الذي هي بمعناه فتكون علمًا لمفعوليته وإذا حكم بالتنكير أن تكون لواحد من آحاد الفعل الذي يتعدد اللفظ به، واختلف حينئذٍ المعنى بالاعتبارين فصه بدون تنوين كأسامة وبالتنوين كأسد.
وقال في شرح المشكاة: لا شك أن الأمر بتوقيره -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مطلوب لذاته تجب الاستزادة منه فكان قول رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إيه استزادة منه في طلب توقيره، وتعظيم جانبه، ولذلك عقبه بما يدل على استرضاء ليس بعده استرضاء إحمادًا منه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لفعاله كلها لا سيما هذه الفعلة حيث قال:
(والذي نفسي بيده ما لقيك الشيطان سالكًا فجًّا) بفتح الفاء والجيم المشددة أي طريقًا واسعًا (قط إلا سلك فجًّا غير فجك) أي لشدة بأسه خوفًا من أن يفعل به شيئًا فهو على ظاهره أو هو على طريق ضرب المثل، وأن عمر فارق سبيل الشيطان وسلك سبيل السداد فخالف كل ما يحبه الشيطان قاله عياض.
والأول أولى، وهذا لا يقتضي عصمته لأنه ليس فيه إلا فرار الشيطان منه أن يشاركه في طريق يسلكها ولا يمنع ذلك من وسوسته له بحسب ما تصل قدرته إليه.

وهذا الحديث سبق في باب صفة إبليس وجنوده.




[ قــ :3514 ... غــ : 3684 ]
- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا قَيْسٌ قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: "مَا زِلْنَا أَعِزَّةً مُنْذُ أَسْلَمَ عُمَرُ".
[الحديث 3684 - طرفه في: 3863] .

وبه قال: ( حدّثنا محمد بن المثنى) العنزي الزمن البصري قال ( حدّثنا يحيى) بن سعيد القطان ( عن إسماعيل) بن أبي خالد أنه قال: ( حدّثنا قيس) هو ابن أبي حازم ( قال: قال عبد الله) هو ابن مسعود -رضي الله عنه- ( ما زلنا أعزة) في الدين ( منذ) بالنون ( أسلم عمر) بن الخطاب -رضي الله عنه-، وكان إسلامه بعد حمزة بثلاثة أيام بدعوته -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "اللهم أعز الإسلام بأبي جهل أو بعمر بن الخطاب".
وعند الترمذي من حديث ابن عمر بإسناد صحيح وصححه ابن حبان "اللهم أعز الإسلام بأحب الرجلين إليك بأبي جهل أو بعمر" قال: فكان أحبهما إليه عمر، وعند ابن أبي شيبة من حديث ابن مسعود كان إسلام عمر عزًا وهجرته نصرًا وإمارته رحمة، والله ما استطعنا أن نصلي حول البيت ظاهرين حتى أسلم عمر، وعند ابن سعد من حديث صهيب قال: لما أسلم عمر قال المشركون: انتصب القوم منا.

وحديث الباب أخرجه أيضًا في إسلام عمر.




[ قــ :3515 ... غــ : 3685 ]
- حَدَّثَنَا عَبْدَانُ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ سَعِيدٍ عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ أَنَّهُ سَمِعَ ابْنَ عَبَّاسٍ يَقُولُ: "وُضِعَ عُمَرُ عَلَى سَرِيرِهِ، فَتَكَنَّفَهُ النَّاسُ يَدْعُونَ وَيُصَلُّونَ قَبْلَ أَنْ يُرْفَعَ -وَأَنَا فِيهِمْ- فَلَمْ يَرُعْنِي إِلاَّ رَجُلٌ آخِذٌ مَنْكِبِي، فَإِذَا عَلِيٌّ بْن أَبِي طَالِب، فَتَرَحَّمَ عَلَى عُمَرَ،.

     وَقَالَ : مَا خَلَّفْتَ أَحَدًا أَحَبَّ إِلَىَّ أَنْ أَلْقَى اللَّهَ بِمِثْلِ عَمَلِهِ مِنْكَ.
وَايْمُ اللَّهِ إِنْ كُنْتُ لأَظُنُّ أَنْ يَجْعَلَكَ اللَّهُ مَعَ صَاحِبَيْكَ، وَحَسِبْتُ أَنِّي كُنْتُ كَثِيرًا أَسْمَعُ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: ذَهَبْتُ أَنَا وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ، وَدَخَلْتُ
أَنَا وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ، وَخَرَجْتُ أَنَا وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ".

وبه قال: ( حدّثنا عبدان) هو لقب عبد الله بن عثمان بن جبلة قال: ( أخبرنا عبد الله) بن المبارك قال: ( حدّثنا عمر بن سعيد) بكسر العين ابن أبي حسين النوفليّ القرشي المكيّ ( عن ابن أبي مليكة) هو عبد الله بن أبي مليكة بضم الميم مصغرًا ( أنه سمع ابن عباس يقول: وضع عمر على سريره) بعد أن مات ( فتكنفه الناس) بنون مشددة ثم فاء أي أحاطوا به من جميع جوانبه حال كونهم ( يدعون) له ( ويصلون) عليه ( قبل أن يرفع) من الأرض ( وأنا فيهم فلم يرعني) أي لم يفزعني ويفجأني ( إلا رجل آخذ) بمد الهمزة بوزن فاعل، ولأبي ذر عن الكشميهني: أخذ بصيغة الماضي ( منكبي) بالإفراد ( فإذا) هو ( عليّ) ولأبي ذر: عليّ بن أبي طالب ( فترحم على عمر) - رضي الله تعالى عنهما - ( وقال) : مخاطبًا لعمر ( ما خلفت أحدًا أحب إليّ) بنصب أحب في الفزع صفة لأحد ويجوز الرفع خبر مبتدأ محذوف ( أن ألقى الله بمثل عمله منك) فيه أنه كان لا يعتقد أن لأحد عملاً في ذلك الوقت أفضل من عمل عمر ( وايم الله إن كنت لأظن أن يجعلك الله) مدفونًا ( مع صاحبيك) يريد رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وأبا بكر -رضي الله عنه- في الحجرة الشريفة أو في الجنة ( وحسبت أني كنت كثيرًا أسمع النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يقول) : بفتح همزة أني مفعول حسبت وبالكسر استئناف تعليلي أي كان على حساب أن يجعلك الله مع صاحبيك سماعي قول رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-:
( ذهبت أنا وأبو بكر وعمر، ودخلت أنا وأبو بكر وعمر، وخرجت أنا وأبو بكر وعمر) .

وهذا الحديث سبق قريبًا في مناقب أبي بكر.




[ قــ :3516 ... غــ : 3686 ]
- حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ حَدَّثَنَا سَعِيدٌ بْنِ أَبِي رَوْيَةَ.
.

     وَقَالَ  لِي خَلِيفَةُ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَوَاءٍ وَكَهْمَسُ بْنُ الْمِنْهَالِ قَالاَ حَدَّثَنَا سَعِيدٌ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ -رضي الله عنه- قَالَ: «صَعِدَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِلَى أُحُدٍ وَمَعَهُ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ وَعُثْمَانُ، فَرَجَفَ بِهِمْ، فَضَرَبَهُ بِرِجْلِهِ.

     وَقَالَ : اثْبُتْ أُحُدُ، فَمَا عَلَيْكَ إِلاَّ نَبِيٌّ أَوْ صِدِّيقٌ أَوْ شَهِيد».

وبه قال: ( حدّثنا مسدد) هو ابن مسرهد قال: ( حدّثنا يزيد بن زريع) بضم الزاي وفتح الراء مصغرًا قال: ( حدّثنا سعيد) بكسر العين ولأبي ذر سعيد بن أبي عروبة ( قال) : أي البخاري ( وقال لي خليفة) : هو ابن خياط أحد مشايخه مذاكرة ( حدّثنا محمد بن سواء) بفتح السين وتخفيف الواو ممدود الضرير السدوسي المتوفى سنة سبع وثمانين ومائة ( وكهمس بن المنهال) بفتح الكاف وسكون الهاء وفتح الميم بعدها سين مهملة، والمنهال بكسر الميم وسكون النون السدوسي أيضًا ( قالا: حدّثنا سعيد) هو ابن أبي عروبة المذكور وسقط قوله وقال لي خليفة الخ في رواية أبي ذر في بعض النسخ واقتصر على طريق يزيد بن زريع كما نبه عليه في الفتح ( عن قتاة) بن دعامة ( عن أنس بن مالك -رضي الله عنه-) أنه ( قال: صعد النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إلى أُحد) ولأبي ذر أُحدًا بإسقاط إلى ( ومعه أبو بكر وعمر وعثمان فرجف) أي اضطرب ( بهم) أحد ( فضربه) -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ( برجله) وفي اليونينية
وفرعها علامة السقوط من غير عزو على فضربه برجله ( قال) ولأبي ذر: وقال:
( أثبث أحد) أي يا أحد وسقط لفظ أحد لأبي ذر ( فما عليك إلا نبي أو صديق أو شهيد) بالألف والواو فيهما فقيل أو بمعنى الواو لقوله في مناقب الصديق: فإنما عليك نبي وصديق وشهيدان، فيكون لفظ أو شهيد بالألف هنا بالإفراد للجنس، ولأبي ذر: وصديق بالواو أو شهيد بالألف قبل الواو فقيل أو بمعنى الواو أيضًا، وقيل تغيير الأسلوب للإشعار بمغايرة الحال لأن النبوّة والصديقية حاصلتان بخلاف الشهادة فإنها لم تكن وقعت حينئذٍ فالأوّلان حقيقة والثالث مجاز وفي نسخة عليها علامة السقوط لأبي ذر بالفرع وأصله شهيدان بالتثنية.

وهذا الحديث قد سبق في مناقب الصديق.




[ قــ :3517 ... غــ : 3687 ]
- حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ: حَدَّثَنِي ابْنُ وَهْبٍ قَالَ: حَدَّثَنِي عُمَرُ هُوَ ابْنُ مُحَمَّدٍ أَنَّ زَيْدَ بْنَ أَسْلَمَ حَدَّثَهُ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: "سَأَلَنِي ابْنُ عُمَرَ عَنْ بَعْضِ شَأْنِهِ -يَعْنِي عُمَرَ- فَأَخْبَرْتُهُ، فَقَالَ: مَا رَأَيْتُ أَحَدًا قَطُّ بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مِنْ حِينَ قُبِضَ كَانَ أَجَدَّ وَأَجْوَدَ حَتَّى انْتَهَى مِنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ".

وبه قال: ( حدّثنا يحيى بن سليمان) الجعفي الكوفي سكن مصر ( قال: حدّثني) بالإفراد ( ابن وهب) عبد الله المصري ( قال: حدّثني) بالإفراد أيضًا ( عمر هو ابن محمد) أي ابن زيد بن عبد الله بن عمر بن الخطاب ( أن زيد بن أسلم حدثه عن أبيه) أسلم مولى عمر بن الخطاب ( قال: سألني ابن عمر) بن الخطاب ( عن بعض شأنه يعني) عن بعض شأن أبيه ( عمر) -رضي الله عنه- ( فأخبرته فقال) : أي ابن عمر ( ما رأيت أحدًا قط بعد رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) في هذه الخصال ( من حين قبض) عليه الصلاة والسلام بفتح نون حين في الفرع مصححًا عليها على البناء لإضافته إلى مبني وليس البناء هنا متحتمًا وإنما هو أولى من الإعراب قاله في المصابيح ( كان أجدّ) بفتح الجيم وتشديد الدال المهملة أفعل تفضيل من جدّ إذا اجتهد في الأمور ( وأجود) أفعل من الجود بالأموال ( حتى انتهى) إلى آخر عمره ( من عمر بن الخطاب) أي في مدة خلافته لا قبلها.




[ قــ :3518 ... غــ : 3688 ]
- حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ ثَابِتٍ عَنْ أَنَسٍ -رضي الله عنه-: «أَنَّ رَجُلاً سَأَلَ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَنِ السَّاعَةِ فَقَالَ: مَتَى السَّاعَةُ؟ قَالَ: وَمَاذَا أَعْدَدْتَ لَهَا؟ قَالَ: لاَ شَىْءَ، إِلاَّ أَنِّي أُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.
فَقَالَ: أَنْتَ مَعَ مَنْ أَحْبَبْتَ.
قَالَ أَنَسٌ: فَمَا فَرِحْنَا بِشَىْءٍ فَرَحَنَا بِقَوْلِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنْتَ مَعَ مَنْ أَحْبَبْتَ.
قَالَ أَنَسٌ: فَأَنَا أُحِبُّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَأَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ، وَأَرْجُو أَنْ أَكُونَ مَعَهُمْ بِحُبِّي إِيَّاهُمْ، وَإِنْ لَمْ أَعْمَلْ بِمِثْلِ أَعْمَالِهِمْ».
[الحديث 3688 - أطرافه في: 6167، 6171، 7153] .

وبه قال: ( حدّثنا سليمان بن حرب) الواضحي قال: ( حدّثنا حماد بن زيد) أي ابن درهم
الجهضمي ( عن ثابت) البناني ( عن أنس -رضي الله عنه- أن رجلاً) هو ذو الخويصرة وقيل أبو موسى الأشعري ( سأل النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عن الساعة فقال: متى الساعة؟) تقوم ( قال) عليه الصلاة والسلام له:
( وماذا أعددت لها) قال: الطيبي: سلك مع السائل أسلوب الحكيم لأنه سأل عن وقت الساعة ( قال) الرجل ( لا شيء إلا أني أحب الله ورسوله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) سقطت التصلية لأبي ذر ( فقال) ولأبي ذر قال عليه الصلاة والسلام له: ( أنت مع من أحببت) .
يحسن نيتك من غير زيادة عمل في الجنة أي بحيث يتمكن كل واحد منهما من رؤية الآخر وإن بعد المكان لأن الحجاب إذا زال شاهد بعضهم بعضًا وإذا أرادوا الرؤية والتلاقي قدروا على ذلك هذا هو المراد من هذه المعية لا كونهما في درجة واحدة.

( قال أنس: فما فرحنا بشيء) بكسر الراء بصيغة الماضي ( فرحنا) بفتح الراء والحاء مصدر أي كفرحنا وانتصابه بنزع الخافض ( بقول النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: أنت مع من أحببت.
قال أنس: فأنا أحب النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وأبا بكر وعمر وأرجو أن أكون معهم بحبي إياهم وإن لم أعمل بمثل أعمالهم)
.