فهرس الكتاب

إرشاد الساري - باب قول الرجل للشيء: ليس بشيء، وهو ينوي أنه ليس بحق

باب قَوْلِ الرَّجُلِ لِلشَّىْءِ لَيْسَ بِشَىْءٍ وَهْوَ يَنْوِى أَنَّهُ لَيْسَ بِحَقٍّ
وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: قَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: لِلْقَبْرَيْنِ: "يُعَذَّبَانِ بِلاَ كَبِيرٍ وَإِنَّهُ لَكَبِيرٌ".

( باب قول الرجل للشيء) الموجود ( ليس بشيء وهو) أي والحال أنه ( ينوي أي ليس بحق.
وقال ابن عباس)
-رضي الله عنهما- مما وصله المؤلّف في كتاب الطهارة ( قال النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- للقبرين: يعذبان) بفتح الذال المعجمة المشدّدة ( بلا كبير) نفي ( وإنه لكبير) إثبات فكأنه قال لشيء ليس بشيء وهذا التعليق ثابت لأبوي الوقت وذر ساقط لغيرهما.


[ قــ :5884 ... غــ : 6213 ]
- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلاَمٍ، أَخْبَرَنَا مَخْلَدُ بْنُ يَزِيدَ، أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، قَالَ ابْنُ شِهَابٍ: أَخْبَرَنِى يَحْيَى بْنُ عُرْوَةَ، أَنَّهُ سَمِعَ عُرْوَةَ يَقُولُ: قَالَتْ عَائِشَةُ سَأَلَ أُنَاسٌ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَنِ الْكُهَّانِ، فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «لَيْسُوا بِشَىْءٍ» قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَإِنَّهُمْ يُحَدِّثُونَ أَحْيَانًا بِالشَّىْءِ يَكُونُ حَقًّا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «تِلْكَ الْكَلِمَةُ مِنَ الْحَقِّ يَخْطَفُهَا الْجِنِّىُّ فَيَقُرُّهَا فِى أُذُنِ وَلِيِّهِ قَرَّ الدَّجَاجَةِ، فَيَخْلِطُونَ فِيهَا أَكْثَرَ مِنْ مِائَةِ كَذْبَةٍ».

وبه قال: ( حدّثنا) ولأبي ذر بالإفراد ( محمد بن سلام) السلمي مولاهم البخاري البيكندي قال: ( أخبرنا مخلد بن يزيد) بفتح الميم واللام بينهما خاء معجمة ساكنة ويزيد من الزيادة الحرّاني قال: ( أخبرنا ابن جريج) عبد الملك بن عبد العزيز ( قال ابن شهاب) محمد بن مسلم الزهري ( أخبرني) بالإفراد ( يحيي بن عروة) بن الزبير بن العوّام ( أنه سمع) أباه ( عروة يقول: قالت عائشة)
-رضي الله عنها- ( سأل أناس) ذكر في مسلم ممن سأل معاوية بن الحكم السلمي ( رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عن الكهان) بضم الكاف وتشديد الهاء جمع كاهن وهو من يدعي علم الأخبار المستقبلة ( فقال لهم رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) :
( ليسوا بشيء) فيما يتعاطونه من علم الغيب أي ليس قولهم بصحيح يعتمد عليه كما يعتمد قول النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الذي يخبر عن الوحي ( قالوا: يا رسول الله فإنهم يحدثون أحيانًا بالشيء) من الغيب ( يكون حقًّا فقال رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: تلك الكلمة من الحق يخطفها) بكسر الطاء في الفرع مصلحة والمشهور فتحها وفي اليونينية كشط الخفضة ولم يضبط الطاء أي يأخذها ( الجني) بسرعة ( فيقرها) بفتح التحتية وضم القاف مصححًا عليها في الفرع كأصله وبتشديد الراء أي يصوّت بها ( في أذن وليه) الكاهن ( قرّ الدجاجة) بتثليث الدال المهملة حكاه ابن معين الدمشقي وابن مالك وغيرهما، وقرّ الدجاجة صوتها إذا قطعته ويروى بالزاي بدل الدال واختارها التوربشتي وردّ رواية الدال.
قال في شرح المشكاة: لا ارتياب أن قرّ الدجاجة مفعول مطلق وفيه معنى التشبيه فكما يصح أن يشبه إيراد ما اختطفه من الكلام في أذن الكاهن بصب الماء في القارورة يصح أن يشبه ترديد كلام الجني في أذن الكاهن بترديد الدجاجة صوتها في أذن صواحبها كما نشاهد الذيكة إذا وجدت شيئًا فتقرّ وتسمع صواحبها فيجتمعن عليها وباب التشبيه باب واسع لا يفتقر إلا إلى العلاقة على أن الاختطاف هاهنا مستعار للكلام من خطف الطير فتكون الدجاجة أنسب من القارورة لحصول الترشيح في الاستعارة.
قال: ويؤيد ما ذهبنا إليه قول ابن الصلاح أن الأصل قرّ الدجاجة بالدال فصحف إلى قرّ الزجاجة بالزاي ( فيخلطون فيها) في الكلمة التي سمعها استراقًا من الوحي ( أكثر من مائة كذبة) بفتح الكاف وسكون المعجمة وقوله فيخلطون جمع بعد الإفراد نظرًا إلى الجنس.

والحديث مرّ في باب الكهانة من الطب.