فهرس الكتاب

إرشاد الساري - باب: تقضي الحائض المناسك كلها إلا الطواف بالبيت، وإذا سعى على غير وضوء بين الصفا والمروة

باب تَقْضِي الْحَائِضُ الْمَنَاسِكَ كُلَّهَا إِلاَّ الطَّوَافَ بِالْبَيْتِ وَإِذَا سَعَى عَلَى غَيْرِ وُضُوءٍ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ
هذا ( باب) بالتنوين ( تقضي الحائض المناسك كلها إلا الطواف بالبيت) للمنع الوارد فيه ( و) فيما ( إذا سعى على غير وضوء بين الصفا والمروة) .



[ قــ :1579 ... غــ : 1650 ]
- حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ -رضي الله عنها- أَنَّهَا قَالَتْ "قَدِمْتُ مَكَّةَ وَأَنَا حَائِضٌ، وَلَمْ أَطُفْ بِالْبَيْتِ وَلاَ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ قَالَتْ: فَشَكَوْتُ ذَلِكَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: افْعَلِي كَمَا يَفْعَلُ الْحَاجُّ غَيْرَ أَنْ لاَ تَطُوفِي بِالْبَيْتِ حَتَّى تَطْهُرِي".

وبالسند قال: ( حدّثنا عبد الله بن يوسف) التنيسي قال: ( أخبرنا مالك) إمام دار الهجرة ( عن عبد الرحمن بن القاسم) بن محمد بن أبي بكر الصديق ( عن أبيه عن عائشة -رضي الله عنها- أنها قالت: قدمت مكة وأنا حائض ولم أطف بالبيت ولا بين الصفا والمروة) لتوقفه على سبق الطواف وإن كان يصح بغير طهارة.
وقولها: ولا بين الصفا والمروة عطف على النفي قلبه على تقدير ولم أسع وهو من باب:
علفتها تبنًا وماء باردًا.

ويجوز أن يقدر ولم أطف بين الصفا والمروة على طريق المجاز، وإنما ذهبوا إلى هذا التقدير دون الانسحاب لئلا يلزم استعمال اللفظ الواحد حقيقة ومجازًا في حالة واحدة.
( قالت:) عائشة ( فشكوت ذلك إلى رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال) :
( افعلي كما يفعل الحاج) من الوقوف بعرفة وغيره ( غير لم لا تطوفي بالبيت) لا زائدة ( حتى تطهري) بسكون الطاء وضم الهاء كذا فيما وقفت عليه من الأصول، وضبطه العيني كالحافظ ابن حجر بتشديد الطاء والهاء على أن أصله أي حتى ينقطع دمك وتغتسلي، ويؤيده رواية مسلم حتى تغتسلي وهو ظاهر في نهي الحائض حتى ينقطع دمها وتغتسل.




[ قــ :1580 ... غــ : 1651 ]
- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ.
ح.

     وَقَالَ  لِي خَلِيفَةُ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ حَدَّثَنَا حَبِيبٌ الْمُعَلِّمُ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ -رضي الله عنهما- قَالَ "أَهَلَّ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- هُوَ وَأَصْحَابُهُ بِالْحَجِّ، وَلَيْسَ مَعَ أَحَدٍ مِنْهُمْ هَدْيٌ غَيْرَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَطَلْحَةَ.
وَقَدِمَ عَلِيٌّ مِنَ الْيَمَنِ -وَمَعَهُ هَدْيٌ- فَقَالَ: أَهْلَلْتُ بِمَا أَهَلَّ بِهِ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.
فَأَمَرَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَصْحَابَهُ أَنْ يَجْعَلُوهَا عُمْرَةً وَيَطُوفُوا ثُمَّ يُقَصِّرُوا وَيَحِلُّوا، إِلاَّ مَنْ كَانَ مَعَهُ الْهَدْيُ.
فَقَالُوا نَنْطَلِقُ إِلَى مِنًى وَذَكَرُ أَحَدِنَا يَقْطُرُ! فَبَلَغَ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: لَوِ اسْتَقْبَلْتُ مِنْ أَمْرِي مَا اسْتَدْبَرْتُ مَا أَهْدَيْتُ، وَلَوْلاَ أَنَّ مَعِي الْهَدْيَ لأَحْلَلْتُ.
وَحَاضَتْ عَائِشَةُ -رضي الله عنها- فَنَسَكَتِ الْمَنَاسِكَ كُلَّهَا، غَيْرَ أَنَّهَا لَمْ تَطُفْ بِالْبَيْتِ، فَلَمَّا طَهُرَتْ طَافَتْ بِالْبَيْتِ، قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، تَنْطَلِقُونَ بِحَجَّةٍ وَعُمْرَةٍ وَأَنْطَلِقُ بِحَجٍّ! فَأَمَرَ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ أَبِي بَكْرٍ أَنْ يَخْرُجَ مَعَهَا إِلَى التَّنْعِيمِ، فَاعْتَمَرَتْ بَعْدَ الْحَجِّ".


وبه قال ( حدّثنا محمد بن المثنى) المعروف بالزمن قال: ( حدّثنا عبد الوهاب) بن عبد الحميد الثقفي قال المؤلّف: ( ح) .

( وقال لي خليفة) بن خياط أي على سبيل المذاكرة إذ لو كان على سبيل التحمل لقال: حدّثنا ونحوه والمسوق هنا لفظ حديثه.
وأما لفظ حديث محمد بن المثنى فسيأتي إن شاء الله تعالى في باب عمرة التنعيم.

( حدّثنا عبد الوهاب) الثقفي قال: ( حدّثنا حبيب المعلم) بكسر اللام المشددة من التعليم ( عن عطاء) هو ابن أبي رباح ( عن جابر بن عبد الله) الأنصاري ( -رضي الله عنهما- قال: أهل النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) أي أحرم ( هو وأصحابه بالحج) فيه دليل على أنه عليه الصلاة والسلام كان مفردًا وإطلاق لفظ الأصحاب محمول على الغالب لما يأتي إن شاء الله تعالى، ( وليس مع أحد منهم هدي غير النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وطلحة) بنصب غير على الاستثناء ولأبي ذر غير بجرها صفة لأحد قال أبو حيان ولا يجوز الرفع ( وقدم علي) هو ابن أبي طالب ( من اليمن ومعه هدي) وفي رواية: وقدم علي من سعايته بكسر السين أي من عمله في السعي في الصدقات، لكن قال بعضهم: إنما بعثه أميرًا إذ لا يجوز استعمال بني هاشم على الصدقة.

وأجيب: بأن سعايته لا تتعين للصدقة فإن مطلق الولاية يسمى سعاية.
سلمنا لكن يجوز أن يكون ولاه الصدقات محتسبًا أو بعمالة من غير الصدقة.
وقوله: ومعه هدي جملة اسمية حالية.
وفي رواية أنس السابقة في باب: من أهل في زمن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فقال بما أهللت؟ ( فقال: أهللت بما أهل به النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) ولم يذكر في هذا الحديث جواب النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حين قال له ذلك كقوله بما أهللت.
وفي رواية أنس المذكورة فقال أي النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لولا أن معي الهدي لأحللت-.
وزاد محمد بن بكر عن ابن جريج قال: فأهل وامكث حرامًا كما أنت وهذا غير ما أجاب به أبا موسى فإنه قال له كما في الصحيحين بما أهللت.
قال: بإهلال النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.
قال: هل سقت الهدي؟ قال: لا.
قال: فطف بالبيت وبالصفا والمروة ثم أحل الحديث.
وإنما أجابه بذلك لأنه ليس معه هدي فهو من المأمورين بفسخ الحج بخلاف عليّ فإن معه هديًا وفيه صحة الإحرام المعلق على ما أحرم به فلان وينعقد ويصير محرمًا بما أحرم به فلان، وأخذ بذلك الشافعي فأجاز الإهلال بالنية المبهمة ثم له أن ينقلها إلى ما شاء من حج أو عمرة.

( فأمر النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أصحابه) ممن ليس معه هدي ( أن يجعلوها) أي الحجة التي أهلوا بها ( عمرة) وهو معنى فسخ الحج إلى العمرة ( ويطوفوا) هو من عطف المفصل على المجمل مثل توضأ وغسل وجهه، والمراد بالطواف هنا ما هو أعم من الطواف بالبيت والسعي بين الصفا والمروة قال تعالى: { فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا} [البقرة: 158] أو اقتصر على الطواف بالبيت لاستلزامه السعي بعده، والتقدير فيطوفوا ويسعوا فحذف اكتفاء على أنه قد جاء في رواية التصريح بهما، ( ثم يقصروا
ويحلوا)
بفتح أوّله وكسر الحاء أي يصيروا حلالاً ( إلا من كان معه الهدي) استثناء من قوله فأمر أصحابه ( فقالوا) : أي المأمورون بالفسخ ولغير أبي ذر: قالوا ( ننطلق) أي أننطلق فحذف همزة الاستفهام التعجبي ( إلى منى وذكر أحدنا يقطر منيًّا) هو من باب المبالغة أي أنه يفضي بنا إلى مجامعة النساء، ثم نحرم بالحج عقب ذلك فنخرج وذكر أحدنا لقربه من الجماع يقطر منيًّا وحالة الحج تنافي الترفه وتناسب الشعث فكيف يكون ذلك، ( فبلغ ذلك) أي قولهم هذا وليس في اليونينية لفظ ذلك ( النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) بنصب النبي على المفعولية وفي رواية فما ندري أشيء بلغه من السماء أم شيء من قبل الناس.
( فقال) -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-:
( لو استقبلت من أمري ما استدبرت) يجوز أن تكون "ما" موصولة أي الذي أو نكرة موصوفة أي شيئًا وأيًّا كان فالعائد محذوف أي استدبرته أي لو كنت الآن مستقبلاً زمن الأمر الذي استدبرته، ( ما أهديت) ما سقت الهدي "ولولا أن معي الهدي لأحللت" أي بالفسخ لأن وجوده مانع من فسخ الحج إلى العمرة والتحلل منها والأمر الذي استدبره -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- هو ما حصل لأصحابه من مشقة انفرداهم عنه بالفسخ حتى أنهم توقفوا وترددوا وراجعوه، أو المعنى: لو أن الذي رأيت في الآخر وأمرتكم به من الفسخ عنّ لي فى أوّل ما سقت الهدي لأن سوقه يمنع منه لأنه لا ينحر إلا بعد بلوغه محله يوم النحر.

وقال في المعالم: إنما أراد عليه الصلاة والسلام تطييب قلوب أصحابه لأنه كان يشق عليهم أن يحلوا وهو محرم ولم يعجبهم أن يرغبوا بأنفسهم ويتركوا الاقتداء به قال ذلك لئلا يجدوا في أنفسهم وليعلموا أن الأفضل في حقهم ما دعاهم إليه، ولا يقال: إن الحديث يدل على أن التمتع أفضل لأنه عليه الصلاة والسلام لا يتمنى إلا الأفضل لأنا نقول: التمني هنا ليس لكونه أفضل مطلقًا بل لأمر خارج فلا يلزم من ترجيحه من وجه ترجيحه مطلقًا كما ذكره ابن دقيق العيد.

فإن قلت: قد ورد عنه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ما يقتضي كراهة قول "لو" حيث قال عليه الصلاة والسلام: لو تفتح عمل الشيطان.

أجيب: بأن المكروه استعمالها في التلهف على أمور الدنيا إما طلبًا كقوله: لو فعلت كذا حصل لي كذا وإما هربًا كقوله لو كان كذا وكذا لما بي كذا وكذا لما في ذلك من صورة عدم التوكل ونسبة الأفعال إلى غير القضاء والقدر، أما تمني القربات كما في هذا الحديث فلا كراهة لانتفاء المعنى المذكور.

( وحاضت عائشة -رضي الله عنها- فنسكت المناسك كلها) أتت بأفعال الحج كلها ( غير أنها لم تطف بالبيت) أي ولم تسع بين الصفا والمروة وحذفه لأن السعي لا بد من تقديم طواف عليه فيلزم من نفيه نفيه فاكتفي بنفي الطواف، ( فلما طهرت) بفتح الهاء وضمها ( طافت بالبيت) أي وسعت بين الصفا والمروة ( قالت: يا رسول الله تنطلقون) أي أتنطلقون فحذفت همزة الاستفهام ( بحجة وعمرة)

أي العمرة التي فسخوا الحج إليها والحجة التي أنشؤوها من مكة ( وانطلق بحج!) مفرد بلا عمرة مفردة كما وقع لهم، ( فأمر) النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ( عبد الرحمن بن أبي بكر) الصديق -رضي الله عنهما- ( أن يخرج معها إلى التنعيم) لتعتمر منه ( فاعتمرت بعد الحج) .

وهذا الحديث أخرجه أبو داود، وفيه التحديث والعنعنة والقول، وذكر الإسناد من طريقين ورواته كلهم بصريون إلا عطاء فمكي.




[ قــ :1581 ... غــ : 165 ]
- حَدَّثَنَا مُؤَمَّلُ بْنُ هِشَامٍ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ حَفْصَةَ قَالَتْ "كُنَّا نَمْنَعُ عَوَاتِقَنَا أَنْ يَخْرُجْنَ، فَقَدِمَتِ امْرَأَةٌ فَنَزَلَتْ قَصْرَ بَنِي خَلَفٍ، فَحَدَّثَتْ أَنْ أُخْتَهَا كَانَتْ تَحْتَ رَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَدْ غَزَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ثِنْتَىْ عَشْرَةَ غَزْوَةً، وَكَانَتْ أُخْتِي مَعَهُ فِي سِتِّ غَزَوَاتٍ.
قَالَتْ: كُنَّا نُدَاوِي الْكَلْمَى، وَنَقُومُ عَلَى الْمَرْضَى.
فَسَأَلَتْ أُخْتِي رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَتْ: هَلْ عَلَى إِحْدَانَا بَأْسٌ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا جِلْبَابٌ أَنْ لاَ تَخْرُجَ؟ قَالَ: لِتُلْبِسْهَا صَاحِبَتُهَا مِنْ جِلْبَابِهَا وَلْتَشْهَدِ الْخَيْرَ وَدَعْوَةَ الْمُؤْمِنِينَ.
فَلَمَّا قَدِمَتْ أُمُّ عَطِيَّةَ -رضي الله عنها- سَأَلْنَهَا! أَوْ قَالَتْ: سَأَلْنَاهَا -فَقَالَتْ: وَكَانَتْ لاَ تَذْكُرُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِلاَّ قَالَتْ: بِأَبِي- فَقُلْنَا: أَسَمِعْتِ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ كَذَا وَكَذَا؟ قَالَتْ: نَعَمْ بِأَبِي فَقَالَ: لِتَخْرُجِ الْعَوَاتِقُ ذَوَاتُ الْخُدُورِ -أَوِ الْعَوَاتِقُ وَذَوَاتُ الْخُدُورِ- وَالْحُيَّضُ فَيَشْهَدْنَ الْخَيْرَ وَدَعْوَةَ الْمُسْلِمِينَ، وَيَعْتَزِلُ الْحُيَّضُ الْمُصَلَّى.
فَقُلْتُ: آلْحَائِضُ؟ فَقَالَتْ: أَوَ لَيْسَ تَشْهَدُ عَرَفَةَ وَتَشْهَدُ كَذَا وَتَشْهَدُ كَذَا؟ ".

وبه قال: ( حدّثنا مؤمل بن هشام) بميم مضمومة فهمزة فميم مشددة مفتوحتين آخر لام اليشكري البصري قال: ( حدّثنا إسماعيل) ابن علية ( عن أيوب) السختياني ( عن حفصة) بنت سيرين ( قالت: كنا نمنع عواتقنا) نصب مفعول نمنع والعواتق جمع عاتق وهي التي لم تفارق بيت أهلها إلى زوجها لأنها عتقت عن آبائها في الخدمة والخروج إلى الحوائج، وقيل غير ذلك مما مرّ في باب شهود الحائض العيدين عند ذكر الحديث ( أن يخرجن) أي من خروجهن في العيدين ( فقدمت امرأة) لم تسم ( فنزلت قصر بني خلف) جد طلحة الطلحات وكان بالبصرة ( فحدثت أن أختها) هي أم عطية فيما قيل أو غيرها ( كانت تحت رجل) لم يسم ( من أصحاب رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، قد غزا مع رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- اثنتي عشرة غزوة) قالت المرأة المحدّثة: ( وكانت أختي معه) أي مع زوجها أو مع النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ( في ست غزوات قالت) أي الأخت: ( كنا نداوي الكلمى) بفتح الكاف وسكون اللام وفتح الميم الجرحى ( ونقوم على المرضى فسألت أختي رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فقالت: هل على إحدانا بأس) أي إثم ( إن لم يكن لها جلباب أن لا تخرج) ؟ إلى مصلّى العيد ( فقال) : عليه الصلاة والسلام:
( لتلبسها صاحبتها) بكسر اللام وضم الفوقية وسكون اللام وكسر الموحدة وجزم السين والفاعل صاحبتها ( من جلبابها) بكسر الجيم خمار واسع كالملحفة تغطي به المرأة رأسها وصدرها أي:

لتعرها جلبابًا لا تحتاج إليه، ( ولتشهد الخير) أي مجالسه ( ودعوة المؤمنين) .

وفي باب: شهود الحائض العيدين ودعوة المسلمين ( فلما قدمت أم عطية) نسيبة ( -رضي الله عنها-) البصرة ( سألنها-) بنون بعد اللام الساكنة ثم هاء من غير ألف أي حفصة والنسوة معها ( أو قالت-) حفصة ( سألناها) بألف بعد النون، ولأبي الوقت: سألتها، ولأبي ذر: فقال بالتذكير أي قال أيوب عن حفصة سألناها ( فقالت) ولأبي الوقت: قالت ( وكانت لا تذكر رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إلا) ولأبوي ذر والوقت: أبدًا إلا ( قالت بأبي) بهمزة بين موحدتين مكسورتين أي أفديه، وللكشميهني: بأبا بقلب التحتية ألفا فتفتح الموحدة الأخيرة وللمستملي: بيبا بإبدال الهمزة ياء وقلب الياء المضافة إليها ألفًا ( فقلنا) : ولأبي ذر: قلنا ( أسمعت رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يقول كذا وكذا) كناية عن الشيء، والكاف حرف تشبيه، وذا للإشارة أي ما ذكر ( قالت: نعم) سمعته ( بأبي) ولأبي ذر: بيبا بإبدال الهمزة ياء وقلب الياء المضافة إليها ألفًا ( فقال) :
( لتخرج العوائق ذوات) ولأبي ذر: وذوات ( الخدور) بالخاء المعجمة والدال المهملة أي البيوت صفة للعواتق ( أي العواتق وذوات الخدور) وسقط لأبي ذر: أو العواتق وذوات الخدور ( والحيض) بتشديد الياء جمع حائض عطف على العواتق ( فيشهدن) ولأبي ذر وليشهدن ( الخير ودعوة المسلمين ويعتزل الحيض المصلّى) وجوبًا ( فقلت: آلحائض؟) بمد الهمزة استفهام تعجبي من إخبارها بشهود الحائض وليس في اليونينية مد على الهمزة ( فقالت) : أم عطية ( أو ليس تشهد) الحائض ( عرفة) أي يومها ( وتشهد كذا) نحو المزدلفة ومنى ورمي الجمار ( وتشهد كذا؟) كصلاة الاستسقاء.

وموضع الترجمة منه قولها: أوليس تشهد عرفة وتشهد كذا وتشهد كذا؟ وهذا موافق لقول جابر؛ فنسكت المناسك كلها غير أنها لم تطف بالبيت، وكذا قولها يعتزل الحيض المصلّى فإنه يناسب قوله وإن الحائض لا تطوف بالبيت لأنها إذا أمرت باعتزال المصلّى كان اعتزالها للمسجد بل للمسجد الحرام للكعبة من باب أولى قاله في الفتح.