فهرس الكتاب

إرشاد الساري - باب موعظة الإمام النساء يوم العيد

باب مَوْعِظَةِ الإِمَامِ النِّسَاءَ يَوْمَ الْعِيدِ
( باب موعظة الإمام النساء يوم العيد) إذا لم يسمعن الخطبة مع الرجال.


[ قــ :949 ... غــ : 978 ]
- حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ نَصْرٍ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي عَطَاءٌ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: سَمِعْتُهُ يَقُولُ: [قَامَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَوْمَ الْفِطْرِ فَصَلَّى، فَبَدَأَ بِالصَّلاَةِ ثُمَّ خَطَبَ.
فَلَمَّا فَرَغَ نَزَلَ فَأَتَى النِّسَاءَ فَذَكَّرَهُنَّ وَهْوَ يَتَوَكَّأُ عَلَى يَدِ بِلاَلٍ، وَبِلاَلٌ بَاسِطٌ ثَوْبَهُ يُلْقِي فِيهِ النِّسَاءُ الصَّدَقَةَ]
.
.

قُلْتُ لِعَطَاءٍ: زَكَاةَ يَوْمِ الْفِطْرِ؟ قَالَ: لاَ، وَلَكِنْ صَدَقَةً يَتَصَدَّقْنَ

حِينَئِذٍ: تُلْقِي فَتَخَهَا وَيُلْقِينَ.
قُلْتُ: أَتُرَى حَقًّا عَلَى الإِمَامِ ذَلِكَ وَيُذَكِّرُهُنَّ؟ قَالَ إِنَّهُ لَحَقٌّ عَلَيْهِمْ، وَمَا لَهُمْ لاَ يَفْعَلُونَهُ؟
وبالسند قال قال: ( حدّثني) بالإفراد، للأصيلي وابن عساكر: حدّثنا ( إسحاق بن إبراهيم بن نصر) السعدي البخاري، وسقط للأصيلي: ابن إبراهيم بن نصر ( قال: حدّثنا عبد الرزاق) بن همام صاحب المسند والمصنف ( قال: حدّثنا) وللأربعة: أخبرنا ( ابن جريج) عبد الملك بن عبد العزيز ( قال: أخبرني) بالإفراد ( عطاء) هو: ابن أبي رباح ( عن جابر بن عبد الله) الأنصاري، رضي الله عنه ( قال: سمعته يقول) :
( قام النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يوم) عيد ( الفطر، فصلّى، فبدأ بالصلاة، ثم خطب.
فلما فرغ)
من الخطبة ( نزل) أي انتقل، كما مرّ في باب: المشي والركوب إلي صلاة العيد والصلاة قبل الخطبة، ( فأتى النساء فذكرهن) بتشديد الكاف ( وهو يتوكأ على يد بلال، وبلال باسط ثوبه) نصب على المفعولية وجوّز إضافة باسط ( يلقي فيه النساء الصدقة) وللأصيلي: صدقة.

قال ابن جريج بالإسناد السابق: ( قلت لعطاء) أكانت الصدقة ( زكاة يوم الفطر) ؟ ولأبي ذر: زكاة، بالرفع أي: أهي زكاة الفطر؟ ( قال) عطاء: ( لا ولكن) كانت ( صدقة) ويجوز الرفع خبر مبتدأ محذوف، أي: ولكن هي صدقة ( يتصدقن حينئذ) بها، ( تلقي) النساء، بضم المثناة الفوقية وسكون اللام وكسر القاف، من الإلقاء ( فتخها) بفتح الفاء والمثناة والمعجمة، منصوبًا على المفعولية، لتلقي، ولأبي ذر عن الحموي والمستملي، فتختها، بفتحات وزيادة تاء التأنيث، والفتخة: حلقة من فضة لا فصّ لها، ( ويلقين) كل نوع من حليهن، وكرر الإلقاء لإفادة العموم.

قال ابن جريح بالإسناد المذكور: ( قلت) لعطاء: ( أترى) بضم التاء، كما في اليونينية، وضبطه البرماوي بفتحها ( حقًّا على الإمام ذلك؟) إشارة إلى ما ذكر من أمرهن بالصدقة ( ويذكرهن) ولأبي ذر: يذكرهن بغير واو وللأصيلي: يأتيهن ويذكرهن؟
( قال) ابن جريج: ( إنّه لحق عليهم، وما لهم لا يفعلونه) ؟



[ قــ :950 ... غــ : 979 ]
- قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ: وَأَخْبَرَنِي الْحَسَنُ بْنُ مُسْلِمٍ عَنْ طَاوُسٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ -رضي الله عنهما- قَالَ: "شَهِدْتُ الْفِطْرَ مَعَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ -رضي الله عنهم- يُصَلُّونَهَا قَبْلَ الْخُطْبَةِ، ثُمَّ يُخْطَبُ بَعْدُ، خَرَجَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَيْهِ حِينَ يُجْلِسُ بِيَدِهِ.
ثُمَّ أَقْبَلَ يَشُقُّهُمْ حَتَّى جَاءَ النِّسَاءَ مَعَهُ بِلاَلٌ فَقَالَ: " { يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا جَاءَكَ الْمُؤْمِنَاتُ يُبَايِعْنَكَ} " الآيَةَ.
ثُمَّ قَالَ حِينَ فَرَغَ مِنْهَا: «آنْتُنَّ عَلَى ذَلِكَ»؟ قَالَتِ امْرَأَةٌ وَاحِدَةٌ -مِنْهُنَّ لَمْ يُجِبْهُ غَيْرُهَا- نَعَمْ.
لاَ يَدْرِي حَسَنٌ مَنْ هِيَ.
قَالَ: «فَتَصَدَّقْنَ» فَبَسَطَ بِلاَلٌ ثَوْبَهُ ثُمَّ قَالَ: "هَلُمَّ، لَكُنَّ فِدَاءٌ أَبِي وَأُمِّي.
فَيُلْقِينَ الْفَتَخَ وَالْخَوَاتِيمَ فِي ثَوْبِ بِلاَلٍ".
قَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ: الْفَتَخُ: الْخَوَاتِيمُ الْعِظَامُ كَانَتْ فِي الْجَاهِلِيَّةِ.


( قال ابن جريج: وأخبرني الحسن بن مسلم) هو ابن يناق المكي، أي: بالإسناد المذكور، وللأصيلي، وابن عساكر، وأخبرني حسن، عن طاوس: هو: ابن كيسان ( عن ابن عباس رضي الله عنهما قال) : ( شهدت الفطر) أي صلاته ( مع النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، وأبي بكر، وعمر، وعثمان، رضي الله عنهم) فكلهم كانوا ( يصلونها) أي: صلاة الفطر ( قبل الخطبة، ثم يخطب) بضم المثناة التحتية وفتح الطاء، مبنيًّا للمفعول، أو: بالفتح والضم للفاعل، أي: يخطب كل منهم ( بعد) مبنيًّا على الضم لقطعه عن الإضافة، أي: بعد الصلاة.

قال ابن عباس: ( خرج النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) ، وقيل: أصله: وخرج بالواو المقدّرة، وفي تفسير سورة
الممتحنة، من وجه آخر عن ابن جريج، فنزل نبي الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، ولابن عساكر، ثم يخطب، بعد خروج النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، أي: بعد الوقت الذي كان يخرج فيه ( كأني أنظر إليه حين يجلس) بضم أوله وسكون الجيم، من الإجلاس، ولأبي ذر: يجلس بفتح الجيم وتشديد اللام من التجليس، أي: يجلس الرجال ( بيده) أي: يشير بيده يأمرهم بالجلوس، لينتظروه حتى يفرغ مما يقصده، ثم ينصرفوا جميعًا ( ثم أقبل) عليه الصلاة والسلام ( يشقهم) أي: صفوف الرجال الجالسين ( حتى أتى النساء) ، والذي في اليونينية: حتى جاء النساء ( معه بلال) جملة حالية بغير واو ( فقال) عليه الصلاة والسلام تاليًا هذه الآية: { يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا جَاءَكَ الْمُؤْمِنَاتُ يُبَايِعْنَكَ} [الممتحنة: 1] ليذكرهن البيعة التي وقعت بينه وبين النساء لما فتح مكة على الصفا، وذكر لهن وما ذكر في هذه الآية ( ثم قال) عليه الصلاة والسلام ( حين فرغ منها) أي: من قراءة الآية.

( أنتنّ على ذلك) بكسر الكاف.

قال في المصابيح: وهذا مما وقع فيه ذلك بالكسر موقع، ذلكن، والإشارة إلى ما ذكر في الآية.

( قالت امرأة) ولأبي ذر، فقالت امرأة واحدة ( منهن، -لم يجبه غيرها- نعم.
)
نحن على ذلك.

( لا يدري حسن) هو: ابن مسلم، الراوي عن طاوس، ( من هي) المجيبة.
قيل:
يحتمل أنها: أسماء بنت يزيد، لرواية البيهقي: أنها خرجت مع النساء، وأنه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، قال: "يا معشر النساء إنكن أكثر حطب جهنم".
قالت: فناديت، يا رسول الله، -وكنت عليه جريئة- لِمَ يا رسول الله؟ قال: "لأنكن تكثرن اللعن، وتكفرن العشير"، الحديث.
لأن القصة واحدة، فلعل بعض الرواة ذكر ما لم يذكره الآخر، فالله أعلم.

( قال) عليه الصلاة والسلام: ( فتصدقن) الفاء، يجوز أن تكون للسببية، وأن تكون في جواب شرط محذوف، أي: إن كنتن على ذلك فتصدقن.


( فبسط بلال ثوبه، ثم قال) : ( هلم لكنّ فداء) بكسر الفاء مع المد والقصر والرفع، خبر لقولهن: ( أبي وأمي) عطف عليه، والتقدير: أبي وأمي فداء لكن، ويجوز النصب.
( فيلقين) بضم الياء، من الإلقاء، أي: يرمين ( الفتخ والخواتيم في ثوب بلال) .

( قال عبد الرزاق: الفتخ: الخواتيم العظام كانت في الجاهلية) قال ثعلب: إنهن كن يلبسنها في أصابع الأرجل.