فهرس الكتاب

إرشاد الساري - باب سكرات الموت

باب سَكَرَاتِ الْمَوْتِ
( باب سكرات الموت) جمع سكرة وهي شدته الذاهبة بالعقل.


[ قــ :6172 ... غــ : 6510 ]
- حَدَّثَنِى مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدِ بْنِ مَيْمُونٍ، حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ، عَنْ عُمَرَ بْنِ سَعِيدٍ قَالَ: أَخْبَرَنِى ابْنُ أَبِى مُلَيْكَةَ أَنَّ أَبَا عَمْرٍو ذَكْوَانَ مَوْلَى عَائِشَةَ أَخْبَرَهُ أَنَّ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - كَانَتْ تَقُولُ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهَ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَانَ بَيْنَ يَدَيْهِ رَكْوَةٌ -أَوْ عُلْبَةٌ- فِيهَا مَاءٌ، يَشُكُّ عُمَرُ فَجَعَلَ يُدْخِلُ يَدَيْهِ فِى الْمَاءِ فَيَمْسَحُ بِهِمَا وَجْهَهُ وَيَقُولُ: «لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ إِنَّ لِلْمَوْتِ سَكَرَاتٍ»، ثُمَّ نَصَبَ يَدَهُ فَجَعَلَ يَقُولُ: «فِى الرَّفِيقِ الأَعْلَى» حَتَّى قُبِضَ وَمَالَتْ يَدُهُ.

وبه قال: ( حدثني) بالإفراد ولأبي ذر حدّثنا ( محمد بن عبيد بن ميمون) التبان المدني قال: ( حدثني عيسى بن يونس) بن أبي إسحاق أحد الأعلام ( عن عمر بن سعيد) بضم العين في الأولى وكسرها في الثانية ابن أبي حسين المكي أنه ( قال: أخبرني) بالإفراد ( ابن أن مليكة) هو عبد الله بن عبد الرَّحمن بن أبي مليكة واسمه زهير ( أن أبا عمرو) فتح العين ( ذكوان) بفتح الذال المعجمة ( مولى عائشة أخبره أن عائشة -رضي الله عنها- كانت تقول: إن رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كان بين
يديه)
في مرض موته ( ركوة) بفتح الراء إناء صغير من جلد متخذ للشرب ( أو علبة) بضم العين المهملة وسكون اللام بعدها موحدة قدح من خشب ضخم يحلب فيه قاله ابن فارس في المجمل ( فيها ماء يشك) بلفظ المضارع، ولأبي ذر شك بلفظ الماضي ( عمر) بن سعيد المذكور هل قال: ركوة أو علبة ( فجعل) -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ( يدخل يديه في الماء فيمسح بهما) بالتثنية فيهما وللحموي والمستملي يده فيمسح بها ( وجهه يقول) :
( لا إله إلا الله إن للموت سكرات) نصب بالكسرة أي شدائد وكان ذلك تكميلاً لفضائله ورفعة لدرجاته ( ثم نصب) عليه الصلاة والسلام ( يده) بالإفراد ( فجعل يقول: في الرفيق) أي أدخلني في جملة الرفيق ( الأعلى) أي اخترت الموت ( حتى قبض ومالت يده) وقد وصف الله تعالى شدة الموت في أربع آيات { وجاءت سكرة الموت بالحق} [ق: 19] { ولو ترى إذ الظالمون في غمرات الموت} [الأنعام: 93] .
و { إذا بلغت الحلقوم} [الواقعة: 83] و { كلاًّ إذا بلغت التراقي} [القيامة: 26] .
وفي حديث جابر بن عبد الله عند ابن أبي شيبة في سننه مرفوعًا: إن طائفة من بني إسرائيل أتوا مقبرة من مقابرهم فقالوا: لو صلينا ركعتين وسألنا الله تعالى يخرج لنا بعض الأموات يخبرنا عن الموت قال: ففعلوا فبينما هم كذلك إذ أطلع لهم رجل رأسه من قبره أسود اللون خلا شيء بين عينيه من أثر السجود فقال: يا هؤلاء ما أردتم إليّ لقد من منذ مائة سنة فما سكنت عني مرارة الموت إلى الآن.
وفي الحلية عن مكحول عن واثلة مرفوعًا: "والذي نفسي بيده لمعاينة ملك الموت أشد من ألف ضربة بالسيف" الحديث، فالموت هو الخطب الأفظع، والأمر الأشنع، والكأس التي طعمها أكره وأبشع.

وحديث الباب مختصر من حديث مرّ في المغازي وزاد أبو ذر والوقت عن المستملي قال أبو عبد الله أي البخاري: العلبة متخذة من الخشب والركوة من الأدم، وقال اللغوي أبو هلال الحسن بن عبد الله بن سهل في كتابه التلخيص مما وجدته في التذكرة: والعلبة قدح الأعراب مثل العس يتخذ من جنب جلد البعير والجمع علاب، وقيل أسفله جلد وأعلاه خشب مدوّر.




[ قــ :6173 ... غــ : 6511 ]
- حَدَّثَنِى صَدَقَةُ، أَخْبَرَنَا عَبْدَةُ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: كَانَ رِجَالٌ مِنَ الأَعْرَابِ جُفَاةً يَأْتُونَ النَّبِىَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَيَسْأَلُونَهُ مَتَى السَّاعَةُ؟ فَكَانَ يَنْظُرُ إِلَى أَصْغَرِهِمْ فَيَقُولُ: «إِنْ يَعِشْ هَذَا لاَ يُدْرِكْهُ الْهَرَمُ حَتَّى تَقُومَ عَلَيْكُمْ سَاعَتُكُمْ».
قَالَ هِشَامٌ، يَعْنِى مَوْتَهُمْ.

وبه قال: ( حدثني) بالإفراد ولأبي ذر: حدّثنا ( صدقة) بن الفضل المروزي قال: ( أخبرنا عبدة) بفتح المهملة وسكون الموحدة ابن سليمان ( عن هشام عن أبيه) عروة بن الزبير ( عن عائشة) -رضي الله عنها- أنها ( قالت: كان رجال من الأعراب) أي أعرف أسماءهم ( جفاة) بالجيم والنصب في اليونينية خبر كان ولأبي ذر: حفاة بالحاء المهملة والرفع لعدم اعتنائهم بالملابس، وقال في الفتح؛ بالجيم للأكثر لأن سكان البوادي يغلب عليهم خشونة العيش فتجفو أخلاقهم غالبًا ( يأتون النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فيسألونه متى الساعة) تقوم ( فكان) عليه الصلاة والسلام ( ينظر إلى أصغرهم) أحدثهم
سنًّا كما في مسلم بمعناه، وفي مسلم أيضًا من حديث أنس وعنده غلام من الأنصار يقال له محمد وفي أخرى له وعنده غلام من أزد شنوءة وفي أخرى له غلام للمغيرة بن شعبة وكان من أقراني.
قال في الفتح: ولا تغاير في ذلك وطريق الجمع أنه كان من أزد شنوءة وكان حليفًا للأنصار وكان يخدم المغيرة، وقوله: وكان من أقراني في رواية له من أتراب يريد في السن، وكان سن أنس حينئذ نحو سبع عشرة سنة ( فيقول) عليه الصلاة والسلام:
( إن يعش هذا) الأحدث سنًّا ( لا يدركه الهرم) بجزم يدركه جواب الشرط ( حتى تقوم عليكم ساعتكم قال هشام) : هو ابن عروة راوي الحديث بالسند السابق إليه ( يعني) بقوله ساعتكم ( موتهم) لأن ساعة كل إنسان موته فهي الساعة الصغرى لا الكبرى التي هي بعث الناس للمحاسبة، ولا الوسطى التي هي موت أهل القرن الواحد.
وقال الداودي مما نقله في الفتح: هذا الجواب من معاريض الكلام لأنه لو قال لهم لا أدري ابتداء مع ما هم فيه من الجفاء وقبل تمكّن الإيمان في قلوبهم لارتابوا فعدل إلى إعلامهم بالوقت الذي ينقرضون فيه، ولو كان الإيمان تمكّن في قلوبهم لأفصح لهم بالمراد، وقال في الكواكب: هذا الجواب من باب أسلوب الحكيم أي دعوا السؤال عن وقت القيامة الكبرى فإنه لا يعلمها إلا الله، واسألوا عن الوقت الذي يقع فيه انقراض عصركم فهو أولى لكم لأن معرفتكم به تبعثكم على ملازمة العمل الصالح قبل فوته لأن أحدكم لا يدري من الذي يسبق الآخر.

والحديث من أفراده ومطابقته للترجمة غير ظاهرة.
نعم قيل يحتمل أن تكون من قوله موتهم لأن كل موت فيه سكرة.




[ قــ :6174 ... غــ : 651 ]
- حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، حَدَّثَنِى مَالِكٌ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَلْحَلَةَ، عَنْ مَعْبَدِ بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ، عَنْ أَبِى قَتَادَةَ بْنِ رِبْعِىٍّ الأَنْصَارِىِّ أَنَّهُ كَانَ يُحَدِّثُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مُرَّ عَلَيْهِ بِجِنَازَةٍ فَقَالَ: «مُسْتَرِيحٌ وَمُسْتَرَاحٌ مِنْهُ»، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا الْمُسْتَرِيحُ وَالْمُسْتَرَاحُ مِنْهُ؟ قَالَ: «الْعَبْدُ الْمُؤْمِنُ يَسْتَرِيحُ مِنْ نَصَبِ الدُّنْيَا وَأَذَاهَا إِلَى رَحْمَةِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَالْعَبْدُ الْفَاجِرُ يَسْتَرِيحُ مِنْهُ الْعِبَادُ وَالْبِلاَدُ وَالشَّجَرُ وَالدَّوَابُّ».
[الحديث 651 - طرفه في: 6513] .

وبه قال: ( حدّثنا إسماعيل) بن أبي أويس قال: ( حدثني) بالإفراد ( مالك) إمام الأئمة ( عن محمد بن عمرو بن حلحلة) بفتح العين، وحلحلة بحاءين مهملتين مفتوحتين ولامين أولاهما ساكنة ( عن معبد بن كعب بن مالك) بفتح ميم معبد وسكون عينه بعدها موحدة الأنصاري ( عن أبي قتادة) الحارث ( بن ربعي) بكسر الراء وسكون الموحدة بعدها عين مهملة مكسورة ( الأنصاري أنه كان يحدث أن رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مرّ عليه بجنازة) بضم ميم مر وتشديد رائها ( فقال) :
( مستريح ومستراح منه) قال في النهاية: يقال أراح الرجل واستراح إذا رجعت إليه نفسه بعد الإعياء.
اهـ.
والواو في قوله ومستراح بمعنى أو فهي تنويعية أي لا يخلو ابن آدم عن هذين
المعنيين فلا يختص بصاحب الجنازة ( قالوا: يا رسول الله ما المستريح والمستراح منه) ؟ وفي رواية الدارقطني إعادة ما ( قال) -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: ( للعبد المؤمن) التقي خاصة أو كل مؤمن ( يستريح من نصب الدنيا) تعبها ومشقتها ( وأذاها) ذاهبًا ( إلى رحمة الله) عز وجل.
قال مسروق: ما غبطت شيئًا لشيء كمؤمن في لحده أمن من عذاب الله، واستراح من الدنيا وعطف الأذى من عطف العام على الخاص ( والعبد الفاجر) الكافر أو العاصي ( يستريح منه العباد) لما يأتي به من المنكر لأنهم إن أنكروا عليه آذاهم وإن تركوه أثموا أو لما يقع لهم من ظلمه ( والبلاد) بما يأتي به من المعاصي فإنه يحصل به الجدب فيقتضي هلاك الحرث والنسل أو لما يقع له من غصبها ومنعها من حقها ( والشجر) لقلعه إياها غصبًا أو غصب ثمرها، وفي شرح المشكاة: وأما استراحة البلاد والأشجار فإن الله تعالى بفقده يرسل السماء عليكم مدرارًا ويحيي به الأرض والشجر والدواب بعدما حبس بشؤم ذنوبه الأمطار، لكن إسناد الراحة إليها مجاز إذ الراحة إنما هي لمالكها ( والدواب) لاستعماله لها فوق طاقتها وتقصيره في علفها وسقيها.

والحديث أخرجه مسلم والنسائي في الجنائز.




[ قــ :6175 ... غــ : 6513 ]
- حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ عَبْدِ رَبِّهِ بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَلْحَلَةَ، حَدَّثَنِى ابْنُ كَعْبٍ، عَنْ أَبِى قَتَادَةَ عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «مُسْتَرِيحٌ وَمُسْتَرَاحٌ مِنْهُ الْمُؤْمِنُ يَسْتَرِيحُ».

وبه قال: ( حدّثنا مسدد) هو ابن مسرهد قال: ( حدّثنا يحيى) بن سعيد القطان ( عن عبد ربه بن سعيد) الأنصاري ( عن محمد بن عمرو بن حلحلة) أنه قال: ( حدثني) بالإفراد ( ابن كعب) هو معبد بن كعب بن مالك ( عن أبي قتادة) الحارث بن ربعي ( عن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) أنه ( قال) لما مُرّ عليه بجنازة:
( مستريح ومستراح منه المؤمن يستريح) أي من نصب الدنيا كما مرّ، وقد أورده مختصرًا لم يذكر السؤال والجواب.
فإن قلت: ما وجه مناسبة هذا الحديث وسابقه للترجمة؟ أجيب: بأن الميت لا يعدو أحد القسمين إما مستريح أو مستراح منه وكل منهما يجوز أن يشدد عليه عند الموت وأن يخفف، والأول هو الذي يحصل له سكرات الموت ولا يتعلق ذلك بتقواه ولا فجوره، بل إن كان متقيًا ازداد ثوابًا وإلاّ فيكفر عنه بقدر ذلك ثم يستريح من أذى الدنيا الذي هو خاتمته.


( تنبيه) :
وقع هنا في رواية أبي ذر عن شيوخه الثلاثة الحموي والمستملي والكشميهني يحيى وهو ابن سعيد عن عبد ربه بن سعيد، وفي مسلم عن يحيى بن عبد الله بن سعيد بن أبي هند قال الغساني: عبد ربه بن سعيد وهم، والصواب المحفوظ عبد الله، وكذا رواه ابن السكن عن الفربري فقال في روايته: عبد الله بن سعيد هو ابن أبي هند، والحديث محفوظ له لا لعبد ربه قال
في الفتح، وقال: إن التصريح بابن أبي هند لم يقع في شيء من نسخ البخاري والله الموفق.




[ قــ :6176 ... غــ : 6514 ]
- حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِىُّ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِى بَكْرِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ سَمِعَ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «يَتْبَعُ الْمَيِّتَ ثَلاَثَةٌ فَيَرْجِعُ اثْنَانِ، وَيَبْقَى مَعَهُ وَاحِدٌ يَتْبَعُهُ أَهْلُهُ وَمَالُهُ وَعَمَلُهُ، فَيَرْجِعُ أَهْلُهُ وَمَالُهُ وَيَبْقَى عَمَلُهُ».

وبه قال: ( حدّثنا الحميدي) عبد الله بن الزبير قال: ( حدّثنا سفيان) بن عيينة قال: ( حدّثنا عبد الله بن أبي بكر بن عمرو بن حزم) بفتح عين عمرو وحاء حزم المهملتين وسكون الزاي أنه ( سمع أنس بن مالك) -رضي الله عنه- ( يقول: قال رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) :
( يتبع الميت) بسكون الفوقية وفتح الموحدة ولأبي ذر يتبع بتشديد الفوقية وكسر الموحدة وله عن الكشميهني المؤمن وعن المستملي المرء بدل قوله الميت وهذه هي المشهورة ( ثلاثة فيرجع اثنان) منها ( ويبقى معه واحد يتبعه أهله) حقيقة ( وماله) كرقيقه ( وعمله) غالبًا فرب ميت لا يتبعه أهل ولا مال ( فيرجع أهله وماله) إذا انقضى أمر الحزن عليه سواء أقاموا بعد الدفن أم لا ( ويبقى عمله) فيدخل معه القبر، وفي حديث البراء بن عازب عند أحمد ويأتيه رجل حسن الوجه حسن الثياب حسن الريح فيقول: أبشر بالذي يسرك.
فيقول: من أنت؟ فيقول: أنا عملك الصالح، وقال في حق الكافر: ويأتيه رجل قبيح الوجه فيقول: أنا عملك الخبيث الحديث.

قيل ومطابقة الحديث للترجمة في قوله يتبع الميت لأن كل ميت يقاسي سكرة الموت كما سبق.

والحديث أخرجه مسلم والترمذي في الزهد والنسائي في الرقائق والجنائز.




[ قــ :6177 ... غــ : 6515 ]
- حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «إِذَا مَاتَ أَحَدُكُمْ عُرِضَ عَلَيْهِ مَقْعَدُهُ غُدْوَةً وَعَشِيًّا، إِمَّا النَّارُ وَإِمَّا الْجَنَّةُ، فَيُقَالُ: هَذَا مَقْعَدُكَ حَتَّى تُبْعَثَ».

وبه قال: ( حدّثنا أبو النعمان) محمد بن الفضل السدوسي يقال له عارم قال: ( حدّثنا حماد بن زيد عن أيوب) السختياني ( عن نافع) مولى ابن عمر ( عن ابن عمر -رضي الله عنهما-) أنه ( قال: قال رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) :
( إذا مات أحدكم عرض عليه) بضم العين وكسر الراء ( مقعده) ولأبي ذر عن الحموي والمستملي على مقعده من باب القلب نحو عرض الناقة على الحوض، والأولى هي الأصل وهذا العرض يقع على الروح حقيقة على ما يتصل به من البدن الاتصال الذي يمكن به إدراك التنعيم أو التعذيب ( غدوة) بضم الغين المعجمة أول النهار ( وعشيا) آخره بالنسبة إلى أهل الدنيا ولأبي ذر وعشية ( إما النار وإما الجنة) بكسر الهمزة فيهما ( فيقال) له ( هذا مقعدك حتى تبعث) زاد
الكشميهني إليه وحينئذٍ فيزداد المؤمن غبطة وسرورًا والكافر حسرة وثبورًا أسأل الله العفو والعافية.

والحديث من أفراده.




[ قــ :6178 ... غــ : 6516 ]
- حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ الْجَعْدِ، أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: قَالَ النَّبِىُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «لاَ تَسُبُّوا الأَمْوَاتَ فَإِنَّهُمْ قَدْ أَفْضَوْا إِلَى مَا قَدَّمُوا».

وبه قال: ( حدّثنا) بالجمع ولأبي ذر: حدثني ( علي بن الجعد) بفتح الجيم وسكون العين المهملة الجوهري البغدادي قال: ( أخبرنا شعبة) بن الحجاج ( عن الأعمش) سليمان بن مهران الكوفي ( عن مجاهد) هو ابن جبر ( عن عائشة) -رضي الله عنها- أنها ( قالت: قال النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لا تسبوا الأموات فإنهم قد أفضوا) أي وصلوا ( إلى) جزاء ( ما قدّموا) من أعمالهم من الخير والشر.

ومناسبة الحديث هنا لكونه في أمر الأموات الذين ذاقوا سكرات الموت، ومضى في آخر الجنائز في باب ما ينهى عن سب الأموات.