فهرس الكتاب

إرشاد الساري - باب حب الأنصار

باب حُبُّ الأَنْصَارِ من الإيمان
( باب حب الأنصار من الإيمان) سقط لفظ الباب لأبي ذر فتاليه رفع.


[ قــ :3607 ... غــ : 3783 ]
- حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ: حدَّثني عَدِيُّ بْنُ ثَابِتٍ قَالَ: سَمِعْتُ الْبَرَاءَ -رضي الله عنه- قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَوْ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «الأَنْصَارُ لاَ يُحِبُّهُمْ إِلاَّ مُؤْمِنٌ، وَلاَ يُبْغِضُهُمْ إِلاَّ مُنَافِقٌ.
فَمَنْ أَحَبَّهُمْ أَحَبَّهُ اللَّهُ، وَمَنْ أَبْغَضَهُمْ أَبْغَضَهُ اللَّهُ».

وبه قال: ( حدّثنا حجاج بن منهال) بكسر الميم الأنماطي البصري قال: ( حدّثنا شعبة) بن الحجاج أبو بسطام العتكي أمير المؤمنين في الحديث ( قال: أخبرني) بالإفراد ولأبي ذر حدّثني بالإفراد أيضًا ( عدي بن ثابت) الأنصاري ثقة لكنه قاضي الشيعة وإمام مسجدهم بالكوفة ( قال: سمعت البراء) بن عازب ( -رضي الله عنه- قال: سمعت النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أو قال قال النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) :
( الأنصار) الأوس والخزرج ( لا يحبهم) كلهم ( إلا مؤمن) كامل الإيمان ( ولا يبغضهم) كلهم من جهة نصرتهم للرسول عليه الصلاة والسلام ( إلا منافق) وفي مستخرج أبي نعيم من حديث البراء: "من أحب الأنصار فبحبي أحبهم ومن أبغض الأنصار فببغضي أبغضهم" وهو يؤيد ما مرّ من تقدير من جهة نصرتهم الخ.
والتقييد بكلهم مخرج لمن أبغض بعضهم لمعنى يسوغ البغض له ( فمن أحبهم أحبه الله ومن أبغضهم أبغضه الله) وإنما خصوا بذلك لما فازوا به دون غيرهم من القبائل من إيوائه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ومواساته بأنفسهم وأموالهم، فكان صنيعهم لذلك موجبًا لمعاداتهم جميع الفرق الموجودين إذ ذاك من عرب وعجم والعداوة تجر البغض، ثم إن ما اختصوا به موجب للحسد والحسد يجر إلى البغض أيضًا، فمن ثم حذر -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- من بغضهم ورغب في حبهم حتى جعله من الإيمان والنفاق تنويهًا بفضلهم، وهذا جار باطراد في أعيان الصحابة لتحقق الاشتراك في الإكرام لما لهم من حسن الغناء في الدين، وإن من بعضهم لبعض بغض بسبب الحروب الواقعة بينهم فذاك من غير هذه الجهة لما طرأ من المخالفة، ومن ثم لم يحكم بعضهم على بعض بالنفاق وإنما حالهم في ذلك حال المجتهدين في الأحكام للمصيب أجران وللمخطئ أجر واحد.

وهذا الحديث أخرجه مسلم في الإيمان، والترمذي والنسائي في المناقب، وابن ماجه في السُّنّة.




[ قــ :3608 ... غــ : 3784 ]
- حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَبْرٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ -رضي الله عنه- عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «آيَةُ الإِيمَانِ حُبُّ الأَنْصَارِ، وَآيَةُ النِّفَاقِ بُغْضُ الأَنْصَارِ».

وبه قال: ( حدّثنا مسلم بن إبراهيم) الفراهيدي قال: ( حدّثنا شعبة) بن الحجاج ( عن عبد الرحمن) كذا في الفرع وأصله لكنه ضبب عليه وقال: في الهامش عن عبد الله بدل عبد الرحمن وهو الصواب ( ابن عبد الله بن جبر) بفتح الجيم وسكون الموحدة وقيل جابر بن عتيك الأنصاري ( عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- عن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) أنه ( قال) :
( آية الإيمان) أي علامته ( حب الأنصار وآية النفاق بُغض الأنصار) وقد وقع في إعراب الحديث لأبي البقاء العكبري أنه الإيمان بهمزة مكسورة ونون مشدّدة وهاء، والإيمان مرفوع وأعربه فقال: إن للتأكيد والهاء ضمير الشأن والإيمان مبتدأ وما بعده خبر، ويكون التقدير إن الشأن الإيمان حب الأنصار وهذا تصحيف وفيه نظر من جهة المعنى لأنه يقتضي حصر الإيمان
في حب الأنصار وليس كذلك.

فإن قلت: واللفظ المشهور أيضًا يقتضي الحصر.
أجيب: بأن العلامة كالخاصة تطرد ولا تنعكس وإن أخذ من طريق المفهوم فهو مفهوم لقب لا عبرة به.
سلمنا الحصر لكنه ليس حقيقيًا بل ادّعائيًّا للمبالغة أو هو حقيقة، لكنه خاص بمن أبغضهم من حيث النصرة كما مرّ أو يقال: إن اللفظ خرج على معنى التحذير فلا يراد ظاهره، ولذا لم يقابل الإيمان بالكفر الذي هو ضده بل قابله بالنفاق إشارة إلى الترغيب والترهيب، والترهيب إنما خوطب به من يظهر الإيمان أما من يظهر الكفر فلا لأنه مرتكب ما هو أشد من ذلك.

وهذا الحديث قد مرّ في كتاب الإيمان.