فهرس الكتاب

إرشاد الساري - باب خروج النساء لحوائجهن

باب خُرُوجِ النِّسَاءِ لِحَوَائِجِهِنَّ
( باب خروج النساء لحوائجهن) قال في القاموس: الحاجة معروفة والجمع حاج وحاجات وحوج وحوائج غير قياسي أو مولدة أو كأنهم جمعوا حائجة.
زاد الجوهري فقال: وكأن من الأصمعي ينكره وإنما أنكره لخروجه عن القياس إلا فهو كثير في كلام العرب وينشد:
نهار المرء أمثل حين ... يقضي حوائجه من الليل الطويل
وحينئذ فقول الداودي في هذا الجمع نظر لأن جمع الحاجة حاجات وجمع الجمع حاج ولا يقال حوائج لا يخفى ما فيه.


[ قــ :4959 ... غــ : 5237 ]
- حَدَّثَنَا فَرْوَةُ بْنُ أَبِي الْمَغْرَاءِ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: خَرَجَتْ سَوْدَةُ بِنْتُ زَمْعَةَ لَيْلًا فَرَآهَا عُمَرُ فَعَرَفَهَا فَقَالَ: إِنَّكِ وَاللَّهِ يَا سَوْدَةُ مَا تَخْفَيْنَ عَلَيْنَا، فَرَجَعَتْ إِلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَذَكَرَتْ ذَلِكَ لَهُ وَهْوَ فِي حُجْرَتِي يَتَعَشَّي، وَإِنَّ فِي يَدِهِ لَعَرْقًا فَأُنْزِلَ عَلَيْهِ
فَرُفِعَ عَنْهُ وَهُوَ يَقُولُ: «قَدْ أَذِنَ لَكُنَّ أَنْ تَخْرُجْنَ لِحَوَائِجِكُنَّ».

وبه قال: ( حدّثنا) ولأبي ذر: حدّثني بالإفراد ( فروة بين أبي المغراء) بالفاء والواو المفتوحتين بينهما راء ساكنة وفتح ميم المغراء ورائها بينهما غير معجمة ساكنة ممدود الكندي الكوفي قال: ( حدّثنا علي بن مسهر) بالسين المهملة أبو الحسن الكوفي الحافظ ( عن هشام عن أبيه) عروة بن الزبير ( عن عائشة) -رضي الله عنها- أنها ( قالت: خرجت سودة بنت زمعة) أم المؤمنين -رضي الله عنها- بعد الحجاب ( ليلًا) للبراز.
زاد في تفسير سورة الأحزاب: وكانت امرأة جسيمة لا تخفى على من يعرفها ( فرآها عمر) -رضي الله عنه- ( فعرفها فقال: إنك والله يا سودة ما تخفين علينا) حرصًا على أن أمهات المؤمنين لا يبدين أشخاصهن أصلًا ولو كنّ مستترات.
وقالت عائشة ( فرجعت) سودة ( إلى النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فذكرت ذلك) الذي قاله لها عمر ( له وهو في حجرتي يتعشى وإن في يده لعرقًا) بفتح العين وسكون الراء بعدها قاف عظم عليه لحم واللام للتأكيد ( فأنزل) بضم الهمزة مبنيًّا للمفعول ولأبي ذر: فأنزل الله ( عليه) الوحي ( فرفع عنه) ما كان فيه من الشدة بسبب نزول الوحي ( وهو يقول) :
( قد أذن الله لكنّ) أمهات المؤمنين ( أن تخرجن لحوائجكن) أي للبراز دفعًا للمشقة ورفعًا للحرج، وقد تمسك به القاضي عياض فقال: فرض الحجاب مما اختصصن به فهو فرض عليهن بلا خلاف في الوجه والكفين فلا يجوز لهن كشف ذلك في شهادة ولا غيرها ولا إظهار شخوصهن وإن كن مستترات إلا ما دعت إليه ضرورة من براز، ثم استدلّ بما في الموطأ أن حفصة لما توفي عمر سترها النساء عن أن يرى شخصها وأن زينب بنت جحش جعلت لها القبة فوق نعشها، وتعقبه في الفتح فقال: ليس فيما ذكره دليل على ما ادّعاه من فرض ذلك عليهن وقد كنّ يحججن ويطفن ويخرجن إلى المساجد في عهد النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وبعده وكان الصحابة ومن بعدهم يسمعون منهن الحديث وهن مستترات الأبدان لا الأشخاص.

وهذا الحديث قد مرّ في سورة الأحزاب من التفسير.