فهرس الكتاب

إرشاد الساري - باب القراءة في الفجر

باب الْقِرَاءَةِ فِي الْفَجْرِ
.

     وَقَالَتْ  أُمُّ سَلَمَةَ: قَرَأَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِالطُّورِ.

( باب القراءة في) صلاة ( الفجر) .

( وقالت أم سلمة) مما وصله المؤلّف في الحج: طفت وراء الناس، ( قرأ النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بالطور) لكن ليس فيه تعيين صلاة الصبح.
نعم، روى المؤلّف الحديث من طريق يحيى بن أبي زكريا الغساني، عن هشام بن عروة عن أبيه، أن أم سلمة شكت إلى النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: إني أشتكي الحديث، وفيه فقال: إذا أقيمت الصلاة للصبح فطوفي.

وأما حديث ابن خزيمة وهو يقرأ في العشاء فشاذ.


[ قــ :750 ... غــ : 771 ]
- حَدَّثَنَا آدَمُ قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ: حَدَّثَنَا سَيَّارُ بْنُ سَلاَمَةَ قَالَ: "دَخَلْتُ أَنَا وَأَبِي عَلَى أَبِي بَرْزَةَ الأَسْلَمِيِّ، فَسَأَلْنَاهُ عَنْ وَقْتِ الصَّلَوَاتِ فَقَالَ: كَانَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يُصَلِّي الظُّهْرَ حِينَ تَزُولُ الشَّمْسُ، وَالْعَصْرَ وَيَرْجِعُ الرَّجُلُ إِلَى أَقْصَى الْمَدِينَةِ وَالشَّمْسُ حَيَّةٌ، وَنَسِيتُ مَا قَالَ فِي الْمَغْرِبِ.
وَلاَ يُبَالِي بِتَأْخِيرِ الْعِشَاءِ إِلَى ثُلُثِ اللَّيْلِ، وَلاَ يُحِبُّ النَّوْمَ قَبْلَهَا وَلاَ الْحَدِيثَ بَعْدَهَا، وَيُصَلِّي الصُّبْحَ فَيَنْصَرِفُ الرَّجُلُ فَيَعْرِفُ جَلِيسَهُ.
وَكَانَ يَقْرَأُ فِي الرَّكْعَتَيْنِ أَوْ إِحْدَاهُمَا مَا بَيْنَ السِّتِّينَ إِلَى الْمِائَةِ".

وبه قال: ( حدّثنا آدم) بن أبي إياس: ( قال: حدّثنا شعبة) بن الحجاج ( قال: حدّثنا سيار بن سلامة) زاد الأصيلي: هو ابن المنهال ( قال: دخلت أنا وأبي على أبي برزة) بفتح الموحدة، نضلة بن عبيد ( الأسلمي، فسألناه عن وقت الصلوات) المكتوبات، ولأبي ذر والأصيلي: عن وقت الصلاة، بالإفراد ( فقال: كان النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يصلّي الظهر حين تزول الشمس و) يصلّي ( العصر، ويرجع الرجل إلى أقصى) آخر ( المدينة والشمس حيّة) أي باقٍ حرّها لم تتغير، قال أبو النهال: ( ونسيت ما قال) أبو برزة ( في المغرب، ولا يبالي) عليه الصلاة والسلام ( بتأخير العشاء إلى ثلث الليل) عطف على قوله:

يصلّي، كقوله ( ولا يحب النوم قبلها، ولا الحديث بعدها) ، أي العشاء، ( ويصلّي الصبح فينصرف) وللأصيلي وأبي ذر: وينصرف ( الرجل فيعرف جليسه) أي مجالسه ( وكان يقرأ في الركعتين) اللتين هما الصبح ( أو) في ( إحداهما ما بين الستين إلى المائة) من آيات القرآن.

قال الحافظ ابن حجر: وهذه الزيادة تفرد بها شعبة عن أبي المنهال، والشك فيها منه، وقدّرها في رواية الطبراني بالحاقة ونحوها.

وفي رواية لمسلم أنه عليه الصلاة والسلام: قرأ فيها بالصافات، وللحاكم: بالواقعة، وللسراج بسند صحيح: بأقصر سورتين في القرآن.
وهذا الاختلاف وغيره بحسب اختلاف الأحوال.

وقد أشار البرماوي، كالكرماني، إلى أن القياس أن يقول: ما بين الستين والمائة، لأن لفظة بين تقتضي الدخول على متعدد، ويحتمل أن يكون التقدير: ويقرأ ما بين الستين وفوقها، فحذف لفظ: فوقها لدلالة الكلام عديه.




[ قــ :751 ... غــ : 77 ]
- حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي عَطَاءٌ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه- يَقُولُ: "فِي كُلِّ صَلاَةٍ يُقْرَأُ، فَمَا أَسْمَعَنَا رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَسْمَعْنَاكُمْ، وَمَا أَخْفَى عَنَّا أَخْفَيْنَا عَنْكُمْ.
وَإِنْ لَمْ تَزِدْ عَلَى أُمِّ الْقُرْآنِ أَجْزَأَتْ، وَإِنْ زِدْتَ فَهُوَ خَيْرٌ".

وبه قال: ( حدّثنا مسدد) هو ابن مسرهد ( قال: حدّثنا إسماعيل بن إبراهيم) بن علية ( قال: أخبرنا ابن جريج) بضم الجيم الأولى، عبد الملك ( قال: أخبرني) بالإفراد ( عطاء) هو ابن أبي رباح ( أنّه سمع أبا هريرة رضي الله عنه يقول: في كل صلاة يقرأ) القرآن وجوبًا، سواء كان سرًا أو جهرًا، ويقرأ بالبناء للمفعول.

وللأصيلي وابن عساكر: نقرأ بالنون المفتوحة مبنيًّا للفاعل، أي نحن نقرأ، كذا هو موقوف، لكن روي مرفوعًا عند مسلم من رواية أبي أسامة عن حبيب بن الشهيد، بلفظ: لا صلاة إلا بقراءة.
إلا أن الدارقطني أنكره على مسلم وقال: إن المحفوظ عن أبي أسامة وقفه كما رواه أصحاب ابن جريج.

وكذا رواه أحمد عن يحيى القطان وأبي عبيد الحداد، كلاهما عن حبيب المذكور، موقوفًا.

وأخرجه أبو عوانة من طريق يحيى بن أبي الحجاج عن ابن جريج، كرواية الجماعة، لكن زاد في آخره: وسمعته يقول: لا صلاة إلاّ بفاتحة الكتاب، فظاهره أن ضمير سمعته للنبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فيكون مرفوعًا بخلاف رواية الجماعة.

نعم، قوله: ( فما أسمَعَنا رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، أسمعناكم، وما أخفى عنا أخفينا عنكم) يشعر بأن جميع ما ذكر متلقى عن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فيكون للجميع حكم الرفع.
وسقط لفظ عنكم للأربعة، وزاد مسلم في روايته عن أبي خيثمة وغيره من إسماعيل: فقال له الرجل: وإن لم أزد؟ قال: ( وإن لم تزد

على أم القرآن أجزأت)
من الإجزاء.
وهو الأداء الكافي، لسقوط التعبد.
وللقابسي: جزت بغير همز ومفهومه أن الصلاة بغير الفاتحة لا تجزئ، فهو حجة على الحنفية.
( وإن زدت) عليها ( فهو خير) لك.

ورواة هذا الحديث خمسة، وفيه التحديث والإخبار والسماع والقول، وأخرجه مسلم، وقد تكلم يحيى بن معين في حديث إسماعيل بن علية عن ابن جريج خاصة، لكن تابعه عليه جماعة، فقوي والله المعين.