فهرس الكتاب

إرشاد الساري - باب من كانت له مظلمة عند الرجل فحللها له، هل يبين مظلمته

باب مَنْ كَانَتْ لَهُ مَظْلَمَةٌ عِنْدَ الرَّجُلِ فَحَلَّلَهَا لَهُ هَلْ يُبَيِّنُ مَظْلَمَتَهُ؟
( باب من كانت له مظلمة) بكسر اللام وحكي فتحها ( عند الرجل) وفي رواية عند رجل ( فحللها له هل يبين مظلمته) حتى يصح التحليل منها أم لا.


[ قــ :2344 ... غــ : 2449 ]
- حَدَّثَنَا آدَمُ بْنُ أَبِي إِيَاسٍ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ حَدَّثَنَا سَعِيدٌ الْمَقْبُرِيُّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «مَنْ كَانَتْ لَهُ مَظْلَمَةٌ لأَحَدٍ مِنْ عِرْضِهِ أَوْ شَىْءٍ فَلْيَتَحَلَّلْهُ مِنْهُ الْيَوْمَ قَبْلَ أَنْ لاَ يَكُونَ دِينَارٌ وَلاَ دِرْهَمٌ، إِنْ كَانَ لَهُ عَمَلٌ صَالِحٌ أُخِذَ مِنْهُ بِقَدْرِ مَظْلَمَتِهِ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ حَسَنَاتٌ أُخِذَ مِنْ سَيِّئَاتِ صَاحِبِهِ فَحُمِلَ عَلَيْهِ».

قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ قَالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي أُوَيْسٍ: إِنَّمَا سُمِّيَ الْمَقْبُرِيَّ لأَنَّهُ كَانَ نَزَلَ نَاحِيَةَ الْمَقَابِرِ.
قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: وَسَعِيدٌ الْمَقْبُرِيُّ هُوَ مَوْلَى بَنِي لَيْثٍ، وَهُوَ سَعِيدُ بْنُ أَبِي سَعِيدٍ، وَاسْمُ أَبِي سَعِيدٍ كَيْسَانُ.
[الحديث 2449 - طرفه في: 6534] .

وبه قال: ( حدّثنا آدم بن أبي إياس) عبد الرحمن العسقلاني الخراساني الأصل قال: ( حدّثنا ابن أبي ذئب) محمد بن عبد الرحمن قال: ( حدّثنا سعيد المقبري عن أبي هريرة -رضي الله عنه-) أنه ( قال: قال رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) :
( من كانت له مظلمة) بكسر اللام وفي الرقاق من رواية مالك عن المقبري من كانت عنده مظلمة ( لأحد) ولأبي ذر: لأخيه ( من عرضه) بكسر العين المهملة موضع الذم والدح منه سواء كان في نفسه أو أصله أو فرعه ( أو شيء) من الأشياء كالأموال والجراحات حتى اللطمة وهو من عطف العام على الخاص ( فليتحلله منه اليوم) نصب على الظرفية والمراد من اليوم أيام الدنيا لمقابلته بقوله ( قبل أن لا يكون دينار ولا درهم) فيؤخذ منه بدل مظلمته وهو يوم القيامة، والمراد بالتحلل أن يسأله أن يجعله في حلٍّ وليطلبه ببراءة ذمته.
وقال الخطابي: معناه يستوهبه ويقطع دعواه عنه لأن ما حرم الله من الغيبة لا يمكن تحليله وجاء رجل إلى ابن سيرين فقال: اجعلني في حِلٍّ فقد اغتبتك.
فقال: إني لا أحل ما حرم الله ولكن ما كان من قبلنا فأنت في حلٍّ ولما قال قبل أن لا يكون دينار ولا درهم كأنه قيل فما يؤخذ منه بدل مظلمته؟ فقال: ( إن كان له) أي الظالم ( عمل صالح أخذ منه) أي من ثواب عمله الصالح ( بقدر مظلمته) التي ظلمها لصاحبه ( وإن لم يكن له حسنات أخذ من سيئات صاحبه) الذي ظلمه ( فحمل عليه) أي على الظالم عقوبة سيئات المظلوم.

قال المازري: زعم بعض المبتدعة أن هذا الحديث معارض لقوله تعالى: { ولا تزر وازرة وزر أخرى} [الأنعام: 164] وهو باطل وجهالة بيّنة لأنه إنما عوقب بفعله ووزره فتوجه عليه حقوق لغريمه فدفعت إليه من حسناته فلما فرغت حسناته أخذ من سيئات خصمه فوضعت عليه فحقيقة العقوبة مسببة عن ظلمه ولم يعاقب بغير جناية منه.


( قال أبو عبد الله) المؤلّف ( قال إسماعيل بن أبي أويس) هو شيخ المؤلّف ( إنما سمي) أي أبو سعيد المذكور في السند ( المقبري لأنّه كان نزل) ولأبي ذر: ينزل ( ناحية المقابر) بالمدينة الشريفة،
وقيل: لأن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- جعله على حفر القبور بالمدينة وهو تابعي.

( قال أبو عبد الله) البخاري ( وسعيد المقبري هو مولى بني ليث) كان مكاتبًا لامرأة من أهل المدينة من بني ليث بن بكر بن عبد مناة بن كنانة ( وهو سعيد بن أبي سعيد واسم أبي سعيد كيسان) بفتح الكاف ومات سعيد المقبري في أول خلافة هشام.
وقال ابن سعد مات سنة ثلاث وعشرين ومائة واتفقوا على توثيقه.
قال محمد بن سعد: كان ثقة كثير الحديث لكنه اختلط قبل موته بأربع سنين، وقد سقط قوله قال أبو عبد الله قال إسماعيل الخ في غير رواية الكشميهني وثبت فيها والله أعلم.