فهرس الكتاب

إرشاد الساري - باب {أم كنتم شهداء إذ حضر يعقوب الموت إذ قال لبنيه} [البقرة: 133] الآية

باب { أَمْ كُنْتُمْ شُهَدَاءَ إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ} -إِلَى قَوْلِهِ- { وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ} [البقرة: 133]
هذا ( باب) بالتنوين في قوله تعالى: ( { أم كنتم شهداء إذ حضر يعقوب الموت} ) أم هي المنقطعة والمنقطعة تقدر ببل وهمزة الاستفهام، وبعضهم يقدرها ببل وحدها ومعنى الإضراب انتقال من شيء إلى شيء لا إبطال له، ومعنى الاستفهام الإنكار والتوبيخ فيؤول معناه إلى النفي.
أي: بل أكنتم شهداء يعني لم تكونوا حاضرين إذ حضر يعقوب الموت وقال لبنيه ما قال فلم تدعون اليهودية عليه، أو متصلة بمحذوف تقديره: أكنتم غائبين أم كنتم شهداء؟ وقيل: الخطاب للمؤمنين أي ما شهدتم ذلك وإنما علمتموه من الوحي، وقوله: إذ حضر منصوب بشهداء على أنه ظرف لا مفعول به أي شهداء وقت حضور الموت إياه وحضور الموت كناية عن حضور أسبابه ومقدماته { إذ قال لبنيه} [البقرة: 133] ( الآية) إذ بدل من الأولى أو ظرف لحضر.
قال عطاء: إن الله لم يقبض نبيًّا حتى يخيره بين الموت والحياة فلما خير يعقوب قال: أنظرني حتى أسأل ولدي وأوصيهم ففعل ذلك به وجمع ولده وولد ولده وقال لهم: قد حضر أجلي فما تعبدون من بعدي؟ قالوا: نعبد إلهك وإله آبائك إبراهيم وإسماعيل وإسحاق، والعرب تجعل العم أبًا كما تسمي الخالة أمًا قال القفال: وقيل إنه قدم ذكر إسماعيل على إسحاق لأن إسماعيل كان أسنّ من إسحاق.
وقوله: إذ قال لبنيه الخ ... ثابت لأبي ذر ساقط لغيره وقالوا بعد قوله ( { إذ حضر يعقوب الموت} ) إلى قوله: ( { ونحن له مسلمون} ) أي مذعنون مخلصون.


[ قــ :3220 ... غــ : 3374 ]
- حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ سَمِعَ الْمُعْتَمِرَ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه- قَالَ: «قِيلَ لِلنَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: مَنْ أَكْرَمُ النَّاسِ؟ قَالَ: أَكْرَمُهُمْ أَتْقَاهُمْ.
قَالُوا: يَا نَبِيَّ اللَّهِ لَيْسَ عَنْ هَذَا نَسْأَلُكَ.
قَالَ: فَأَكْرَمُ النَّاسِ يُوسُفُ نَبِيُّ اللَّهِ ابْنُ نَبِيِّ اللَّهِ ابْنِ نَبِيِّ اللَّهِ ابْنِ خَلِيلِ اللَّهِ.
قَالُوا: لَيْسَ عَنْ هَذَا نَسْأَلُكَ.
قَالَ: فَعَنْ مَعَادِنِ الْعَرَبِ تَسْأَلُونِني؟ قَالُوا: نَعَمْ.
قَالَ: فَخِيَارُكُمْ فِي الْجَاهِلِيَّةِ خِيَارُكُمْ فِي الإِسْلاَمِ إِذَا فَقِهُوا».

وبه قال: ( حدّثنا إسحاق بن إبراهيم) بن راهويه أنه ( سمع المعتمر) بن سليمان بن طرخان ( عن عبيد الله) بضم العين مصغرًا ابن عمر بن حفص بن عاصم بن عمر بن الخطاب ( عن سعيد بن أبي سعيد المقبري عن أبي هريرة -رضي الله عنه-) أنه ( قال: قيل للنبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- من أكرم الناس) ؟ عند الله ( قال) عليه الصلاة والسلام:
( أكرمهم أتقاهم) أي أشدهم لله تقوى ( قالوا: يا نبي الله ليس عن هذا نسألك.
قال)
:
( فأكرم الناس يوسف نبي الله ابن نبي الله) إسحاق ( ابن خليل الله) إبراهيم والمراد أنهم أكرم الناس أصلاً لأنهم سلسلة النبوة ( قالوا: ليس عن هذا نسألك قال فعن) ولأبي ذر: أفعن ( معادن العرب) أي أصولها التي ينسبون إليها "تسألوني"؟ ولأبي ذر تسألونني بنونين فتحتية ( قالوا: نعم.
قال فخياركم في الجاهلية خياركم)
بالكاف فيهما ( في الإسلام إذا فقهوا) بضم القاف ولأبي ذر فقهوا بكسرها وفيه فضل الفقه وأنه يرفع صاحبه على من نسبه أعلى منه.

وهذا الحديث سبق في باب قوله تعالى: { واتخذ الله إبراهيم خليلاً} .